أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس فكرية وأدبية 233















المزيد.....

هواجس فكرية وأدبية 233


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8042 - 2024 / 7 / 18 - 01:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الكثير من المثقفين العرب لم يحسموا مواقفهم من العلمانية، من الواقع المعاصر، من التراث.
إن المثقف شبه ضائع، نصفه في الماضي، ونصف الأخر في اللا حاضر.
إنه كائن مغترب، يعيش بين بين، بين الحنين إلى الماضي الدافئ الجميل كما هو متخيل أو خيل إليه، وبين الواقع الصادم القاسي الذي يطلب منه أن يشمر عن ساعديه ويبدأ الحفر في التراث، وتفكيك المقدس لاستخلاص الحقائق، بين ما كان في الواقع، وما كان في الواقع الوهمي.
إن التوفيق بين التراث والمعاصرة، مرض خطير، هو هزيمة وجودية مدمرة، هو حيرة.
والحيرة أخطر الأمراض التي تصيبنا، بهذا المرض سنبقى في مكاننا، جامدين لا نعرف ماذا نفعل.
الزمن لا يرحم، تحرك، لا تبق في مكانك.
الوهم لا يمكن أن ينتج حضارة.

في الدولة الديمقراطية أنت مواطن لك حقوق، عندما تعتز بانتماءك إلى الماضي الذي تجاوزته الحداثة، وتتبناه عبر الرموز أو الإشارات، فإن وجودك في هذه الدولة سيكون مرهقا لك، لأنك بهذه الحالة ستضيع بين انتمائين متضادين، لا سقف بينهما يربط جدرانه.
حدد موقفك، انتماءك، وعش على الأرض الصلبة التي تتقاطع مع تفكيرك وعقلك وقلبك.
لا منطقة وسطى بين الجنة والنار، ما بيصير نصف مؤمن أو نصف علماني، أما علماني خالص قطع شوطًا طويلًا مع الماضي، وأصبح وراءه، أو متدين، يعتز بتراثه وتاريخه ورموزه، وعلى مسافة كبيرة مع العلمانية، ووضعها وراءه ولا تعنيه شيئًا.
خليك منسجم مع نفسك، لا تتذبذب، ولا تتردد ولا تكن انتهازيًا.
خذ قرارك الصائب كما تراه وتؤمن به، وامش.

الكثير من الدول ترفض العلمانية لأن بنيتها تهتز بقبولها.
العلمانية تعترف بالهوية الدينية والقومية لجميع الناس، والمساواة بين أبناء الشعب الواحد من خلفيات دينية أو قومية، وتؤمن بحق الجميع بالمساواة القانونية والسياسية تحت قبة الدولة، ولا تميز بين زيد وعبيد.
الدولة الدينية ترفض العلمانية من موقع أيديولوجي، لأنها تقدس الصنم، الدين، وترفض الحركة والنشاط والحيوية وحق الأخر في المساواة.
هذا الفكر القميء يسمح لنفسه أن يذهب إلى دول العالم المتقدم والمطالبة بحقوقه السياسية والاجتماعية والإنسانية، ويرفضها لإنسان وطنه، لاعتقاده أنه الأحق بكل شيء، لأن الله، الصنم منحه هذا التقديس له، لنفسه ودينه وعقله.
الزمن المعاصر نراه يفتت كل صنم، كل حجر صلب، كل مقام كبير، أننا في زمن تسونامي عالمي، يكتسح كل واقف أو نائم أو متحرك.
يجب أن يدور الناس مع دائرة الزمن، وإلا سيصبح واقفًا في مكانه، ميتًا دون قبر.

التقديس هو وباء الشرق، به يخرج من العقل ويذهب إلى الوهم.
تقنيات الإخضاع في الغرب أشرس وأكثر ديمومة.
منذ العام 1968 جرى السهر على هندسة الإنسان وإنتاج جيل مدجن جاهل بعيد عن عالمه ومحيطه.
يدخل الطفل في الآلة ليخرج قالب نمطي متشابه كالبنيان المرصوص. انتهى زمن ألبير كامو وجون بول سارتر وميشيل فوكو.
أما في البلدان الاستبدادية فيتم تلقينه بحب القائد في الروضة والمدرسة عبر الأناشيد والأغاني، يجري السهر على بناء طفل مشبع بقيم القائد الفاسد مضمونًا، الجميل شكلًا، هذا التناقض بين المظهر والجوهر خدعة تتسرب إلى عقل الصغير وتستقر في عقله الباطن.
السلطة على مستوى العالم كله عبر الدولة تتوافق وتعمل على إنتاج البناء الهش للأجيال القادمة.
بنظرة سريعة سنرى صورة ماو تسي تونغ تتصدر الشوارع، أو عائلة كيم آيل سونغ الملمعة أو عائلة حافظ الأسد، كأن هناك إشراف أممي على إسكات الأصوات التي تطالب بتحديث الدولة أو زرع الوعي في التفكير.
انتهى زمن إنتاج المبدعين في الجانب الفلسفي والفكري والسياسي، والفني والأدبي القائم على محاولة توعية المجتمع وإنتاج أجيال مدركة ما يحدث لها.

الايديولوجيات كتبت تاريخاً مزورًا وصنعت تاريخاً على مقاسها.
تاريخ الايديولوجيات مغموس بالدم.
كل من يتعصب لايديولوجية يلغي ذاته وإنسانيته، وينتقل إلى موقع ليس موقعه.
إنه يخون نفسه ويقدم ولاءه إلى عبوديته.
الايديولوجية صنم، سكون وجمود وتدمير ممنهج للحياة والإنسان.
لا تقدم ولاءك لفكر لا يقدم لك شيئًا ملموسًا.
كن مع نفسك، حبها حتى تستطيع أن تحب الحياة.

أوهمونا أن الخليج أصبح مستقلًا عن السياسة الأمريكية، وأن هناك اتجاه نحو قطع العلاقة مع الدولار، والاتجاه نحو التعامل مع اليوان الصيني.
وإن ابن سلمان رجل قوي ورافض للسياسة الامريكية القائمة، وأنه لن يخضع لها ولن يضخ المزيد من النفط.
كلمات بسيطة من بايدن كشفت أنه السيد والمقرر، ومعه حزمة أفكار ومشاريع ستنفذ بإرادة امريكا وشروطها.
الغريب أن الهدنة بين السعودية واليمن يعود فضلها للولايات المتحدة كما فهمت من تصريح بايدن، وأن السعودية ستقدم مساعدات غذائية لليمن الذي يبدو أن هذا جاء بضغط من بايدن، وأن هناك ثمانية عشرة اتفاقية سيوقع بينهما، وأن هناك ملفات سياسية وأمنية كبيرة ستتناول مصر والخليج والعراق، وربما سيتم تفعيل المشروع الإبراهيمي بينهم وبين إسرائيل.
اتمنى سماع خطاب بايدن، أنه مهم، يتكلم كالأب الذي عاد إلى زوجته وأطفاله الصغار الضالين، ليوجه خطاهم قبل أن يشردوا أو يضيعوا في خضم السياسات العالمية القائمة.
تريد الولايات أن تعود، بل عادت إلى الشرق الأوسط بحزمة من الأفكار والمشاريع الجديدة المختلفة عن السابقة.
ربما سيعفي بايدن ابن سلمان عن الجريمة التي ارتكبها بحق الفلتة التاريخي الخاشقجي، بيضة القبان في الميزان المختلس.
الغريب أنه ركز على الجيل الخامس والسادس للنت، الذي منعته عن العالم لأنه كان صناعة صينية، اليوم ستبيعه عبر شركاتها، ولن تمنع الصين من المنافسة.

الإسلام دين ودولة، هكذا ردد الإخوان المسلمون هذا الكلام، والكثير من الناس السذج صفقوا وما زالوا يصفقون لهذا الكلام، ويصدقون هذه الترهات الفارغة.
الإسلام دين، هذا لا شك فيه، له حقله المعرفي والثقافي والفكري، وهو شأن أو علاقة بين الإنسان المؤمن وربه، وهي علاقة خاصة جدًا.
الدولة شأن أخر مختلف تمامًا
إن تحديد المفاهيم والحدود بدقة، ضرورة فكرية وبحثية ومعرفية مهم جدًا ويجب أن نضع كل مفهوم أو مصطلح أو حد في سياقه، في مكانه الصحيح حتى لا تختلط علينا الأمور، المسألة ليست شوربة عندما تخاطب العقول. إنه المدخل للمعرفة والحوار والانفتاح على الدولة والمجتمع والحياة.
الدين عمومًا كان أيديولوجية الدولة في الأزمان السابقة على الرأسمالية، ولنقل أنه منظومة أفكار.
والأيديولوجية المعاصرة متحركة، تعبر عن واقع اجتماعي سياسي في مرحلة زمنية قصيرة، ربما يتناغم أو يقترب من الواقع، ويرفعه إلى الأعلى، وربما يحط به إلى الدرك الاسفل، وهذا يتم حسب قدرة الفاعلين في الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي في دولة ما.
وهذه الأديولوجية تفعل فعلها في البلدان الاستبدادية لغياب مؤسسات الدولة العلمانية الحقيقية، كالسلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية وفصلها
الدولة مفهوم سياسي حديث، يعتمد في ممارساته على المؤسسات القائمة فيه، كالسلطة التشريعة والقضائية والتنفيذية، ويمارس الناس حياتهم في ظلها لأنها تحتكر القوة والعنف والسيطرة والقانون.
وأهم ركائز الدولة ككيان مستقل عن المجتمع هو الدعائم الثلاث، الأيديولوجية والسياسة والاقتصاد.
إذا، الأيديولوجية جزء مهم جدًا من مهمام الدولة ومن ركائزها.
والدولة هي كيان قائم على إدارة مصالح النخب.

المسلمون في أغلب بلدان العالم، وخاصة الغرب، مصممين أن يدافعوا عن الحجاب كرمز.
لنتساءل، إلى ماذا يشير هذا الرمز؟
هل هذا الرمز يشير إلى الحاضر أو الماضي، إلى حرية المرأة، إلى سويتها النفسية والعقلية، ومكانتها عبر التاريخ الإسلامي؟
هل يرمز إلى انتصاراتها في معارك الحرية والاستقلال والكرامة الشخصية والعامة، او إلى نجاحاتها في ميادين الحياة، أو يشير إلى الحرملك، وقصور الفجور والقهر في أحضان الخلفاء والخصيان المسلمين تحت أسم الخلفاء؟
هل يشير إلى انتصارات المسلمين في غزواتهم على الشعوب المغلوب على أمرها؟
في الدفاع عن الحجاب، رمز العبودية والقهر، يتساوى اليساري مع المؤمن في الدفاع عنه، لماذا؟
هل هناك خلل في الرؤية، أم تأكيد على أننا أمة مهزومة، وندافع عن هزيمتنا في كل مكان، ونطالب الأخرين أن يعترفوا بنا كمهزومين؟
أيها السادة، إن عقدة الاضطهاد والدونية لن ترفعنا، ترفعكم من دونيتكم. عليكم بالعمل، بالبحث عن أفضل الطرق للدخول في الحداثة، كما فعل اليهود، الصينيون، الهنود، والكثير من الشعوب.
لا تفكروا بردود الأفعال، ولا بعقدة النقص والغيرة من الأخرين، ابدأوا بالعمل، بالأفعال، غيروا ما بأنفسكم حتى تنتقلوا نقلات حضارية تكونوا فيها موضع احترام لأنفسكم ولغيركم.
وقتها لن تحتاجوا إلى هذه الخرقة السوداء البالية

أول البارحة، اتصلت ديالا بشارة بي، سألتني:
ـ هل لديك عدة التبولة، بقدونس بندورة، فليفلة، بصل اخضر، ليمون؟
ـ لا. ليس لدي ما ذكرتي.
ـ هل لديك تون سردين؟
ـ نعم، لدي.
حسنًا، أنا جاي.
جلبت معها عدة التبولة، وقنينة نبيذ لا أعرف اسمه، ومستلزمات القعدة، وكاتو وبسكويت صنع يدها.
تعال ساعدني، أغسل الخضار، بدأت بالفرم، جهزت الطاولة.
ـ هل تأكل معي؟
ـ لا، أنا شبعان، بله متخم.
فرشت الطاولة وملأت الكأس بالنبيذ لوحدها:
ـ هل أصب لك كأس؟
ـ لا، كما تعلمين أنا لا أحب المشروب.
ـ تعال أجلس معي. تناول بعض من التبولة، أنها طيبة وشهية. تبولة فقط.
ـ حسنًا سأفعل، أكلت معها التبولة، وتحدثنا، ثم أوصلتها إلى البيت، بيتها. وفي اليوم الثاني سافرنا معا إلى مدينة أخرى في زيارة.
نحن تركنا بعضنا كزوجين، منذ سبعة أعوام وما زال بيننا الود والمحبة، تحولنا إلى صديقين، نحمي بعضنا في هذه الغربة الصعبة.
العلاقة بين الرجل والمرأة ليس بالضرورة أن يكون بينهما جنس، ممكن جدا أن يكونا صديقين، خاصة في الغربة

الرأسمالية كبنية ونظام، داست برجلها ومؤخرتها ويديها على كل الهويات الدينية والقومية وما زالت مستمرة في إنجاز مهامها ومشاريعها الكونية.
وكل الأفكار والأيديولوجيات والثورات والكبوات والتراجعات والتقدم والتأخر والفنون والأدب والحب والكره والسعادة والحزن يصب محصلته في غلتها.
لقد حولت هذا الكوكب الجميل إلى مجرد سوق للبيع والشراء، وحولت البشر إلى مجرد عبيد آليين، يذهبون إلى الآلة لإنتاج آلة جديدة وهم سعداء يغمر وجوههم الفرح.
إن محاولة استعادة الهوية في بلداننا محال لأنه يسير على عكس حركة التاريخ الذي نعيش فيه، في الوقت الذي تذوب فيه الهوية في البلدان الغربية العريقة.
وسنشهد بعد مئة سنة قادمة على ذوبان السويد والنروج والدنمارك وفلندا وهولندا وبلجيكا وبولونيا في هوية مختلطة نتيجة تدفق اللاجئين وتزاوج السكان الأصليين مع القادمين الجدد من الجيل الثاني والثالث والرابع.
الرأسمالية لا تقبل الهوية والخصوصية. إنها عالمية
الهوية والخصوصية ليستا جذريتان ولم تكونا جذريتان.
جذريتها واستمرارها كان سببه هو عطالة الدولة والمجتمع وآليتهما المعطلة، أما اليوم فليس لديهما القدرة على مجاراة خصم عالمي عملاق يأكل الأخضر واليابس.

حوار
الرأسمالية كواقع موضوعي ستسحق الهويات أي دون محاولة مباشرة من قبلها، سواء بالقوة أو بوسائل أخرى. بمعنى نتيجة قوتها الموضوعية في فرض نفسها. أنظر إلى الهوية قبل مئة سنة واليوم. أنظر إلى الحماس للدفاع عن الهواية قبل ستين سنة واليوم، إلى الدفاع عن الاوطان في السابق واليوم. الا ترى معي ان هناك واقع يهلهل ويضعف الدولة والمجتمع في العالم. دع الشيوعية على طرف، أنا أرى الأمور كما أراها أنا. المواقع تبدلت. السويد دولة عدد سكانها عشرة ملايين وفيها ثلاث ملايين أجنبي، وكل يوم ودقيقة تسقبل لاجئين، وهكذا في بلدان أخرى, عندما الناس يحزمون حقائبهم وينتقلون يسبقهم التحضير النفسي للاندماج في مجتمعهم الجديد. أكيد للرأسمالية جوانب إيجابية وكثيرة جدً جدًا، أنها حيوية ديناميكية ثورية متحركة ومتحررة من القيود وتنطلق نحو المستقبل بثقة عالية. أنا شخصيا مع االهوية العالمية. لماذا هي الخصوصية؟ أنا أرى البشر يتجهون نحو تشكليل واقع ثقافي متقارب كتي في العالم. لنتخيل البشر قبل مئتين سنة من الأن، كيف كانوا وكيف أصبحوا، من الانغلاق على الثقافات الاخرى وكيف هم عليه من انفتاح.
الإسلام دين ودولة، هكذا ردد الإخوان المسلمون هذا الكلام، والكثير من الناس السذج صفقوا وما زالوا يصفقون لهذا الكلام، ويصدقون هذه الترهات الفارغة.
تحديد الحدود بدقة، ومعرفة كل حد ووضعه في سياقه هو المدخل للمعرفة والحوار والانفتاح على الدولة والمجتمع والحياة.
الإسلام دين، بمعنى أصح هو أيديولوجية أو منظومة أفكار.
والأيديولوجية متحركة، تعبر عن واقع اجتماعي سياسي في مرحلة زمنية معينة، ربما يناغم أو يقترب من الواقع ويرفعه إلى الأعلى، وربما يحط به إلى الدرك الاسفل، وهذا يتم حسب قدرة الفاعلين في الشأن السياسي والاجتماعي والاقتصادي في دولة ما.
أما الدولة فهو مفهوم سياسي حديث، يعتمد في ممارساته على المؤسسات القائمة فيه، كالسلطة التشريعة والقضائية والتنفيذية، ويمارس الناس حياتهم في ظلها لأنها تحتكر القوة والعنف والسيطرة والقانون.
وأهم ركائز الدولة ككيان مستقل عن المجتمع هو الدعائم الثلاث، الأيديولوجية والسياسة والاقتصاد.
إذا، الأيديولوجية جزء مهم جدًا من مهمام الدولة ومن ركائزها.
أما الدولة فهي كيان قائم على إدارة مصالح النخب.

قال:
" يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ ".
سألته
ـ لماذا تقول هذا يا أبتاه، لماذا تناقض نفسك بنفسك، فما دام لا يعرفون ماذا يفعلون، إذًا، لماذا أنت على خشبة الصليب؟
واضفت:
كما تعلم أن هذا الخشب قد قطع من الأشجار العارية على عجل، ولم يشذب أو يعرى؟
أجاب:
ـ الصليب، ومساميره لم يكونا السبب في الألم، وأنما النتوءات المنبثقة من الخشب الصلب القاسي الذي يحك جسدي ويدغدغه هو السبب.
قلت للمسيح:
ـ لماذا جئت، لماذا كل هذا الألم العجوز المنبثق منك؟ ما الغاية من مجيئك إذا لم تنجز مهمتك، وأبقيت كل شيء على حاله، وها أنت مصلوب حزين، تستجدي الله أن يفك أسرك، ولم تستطع أن تفكك أو تلغي القذارة الكامنة في النفس الإنسانية؟
قال لي وهو يتأوه من التعب، والحزن والحسرة والوجع. قال:
أنا عطشان احتاج إلى الماء، بضع نقاط من الماء أبلل ريقي يا بني.
أسرعت إلى النبع، وملأت المطرة بالماء وقدمتها له، وبعد أن أرتوا، التفت إلى اليمين ثم إلى اليسار، رأى الجنود مشغولين بتقطيع أرنب بري كبير ليشووه، قال:
ـ كله ملوث يا بني، لا مفر من بقاء كل شيء على حاله، حتى يبقى صوتي عاليًا مستمرًا.
بصوت مزمجر، ومرتجف، قلت:
ـ ولماذ جعلت أمك تبكي على جثمانك المصلوب ما دمت لم تمس هذه النفس الإنسانية المريضة، ولم تستطع تغييرها؟
لماذا فشلت في تقويم اعوجاج أبناءك، ولماذا الحزن عليهم ما دام رأيك فيهم على عكس ما تدعي؟
ـ الحياة تحتاج إلى الدهماء يا ولدي.
ـ آه منك يا أبتاه، صلبت نفسك من أجل الصلب، لتبقى عاريًا وتعرينا.
هذا اللطم على ذاتك النرجسية تذكير لنا على أن نفوسنا ميتة، وستبقى هكذا؟
ـ هذا هو الإنسان!
ـ تبًا لهذا التكوين العاجز، المختل.

أنا دائم أركز على أن التربية في الغرب.
هذه التربية تتناول الإنسان من خارجه، بمعنى تعطيه القوة من الخارج ليبقى ضعيفا.
والمطلوب أن تمنحه القوة من داخله، أي الثقافة والمعرفة.
العملية مقصودة وخاضعة للدراسة.
لا يريدون إنسانًا واعيًا، وأنما كائن خاضع، ويتمتع بالقوة من خارجه.

قالت لي صديقة لي:
اعتقد أن الإنسان كائن غريب, جاء إلى الأرض من مكان ما, لهذا يكرهها, ووجهه دائما يتجه نحو السماء. يشعر أن مكانه فوق وليس في المكان الذي يقف عليه, لهذا هو في صراع دائم مع ذاته والأخر ولا يتأقلم أبدًا. إنه كائن غريب.
الإنسان هو الكائن الوحيد المتمرد على الطبيعة والله والزمن وذاته, ولا يرتاح ولا يريح, إلا إذا توقف قلبه وعقله عن النبض.

ليس حبًا به. إنه شماعة, مشجب النوايا المبيتة, يعلقون عليه خباياهم, زيفهم. كانوا وما زالوا يصنموه لتمرير رغباتهم الدنيئة. إنه متكئ الغايات والمرامي الخبيثة.
هذا الصنم يريدونه. صنعوه, ليفرغوا ما في دواخلهم من جيف وأمراض مستوطنة.

المرأة مثل البحر, كلما كانت بعيدة, كانت أجمل.
اكتشاف الإنسان لجمال جسده, كان مدخلاً إلى عصر التنوير. بعد أن نزل أو هبط الإله الجميل إلى الأرض, وودع السماء وأصبح منّا وفينا, ومن ذلك الحين بدأ الجمال الأرضي بالتآلق والسمو.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية وفكرية ـ 232 ـ
- هواجس ثقافية وسياسية ــ 231 ــ
- هواجس ثقافية ـ 230 ـ
- هواجس ثقافية ـ 229 ـ
- هواجس ثقافية وسياسية ـ 228 ـ
- هواجس ثقافية ـ 227 ـ
- هواجس ثقافية 226
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية 225
- هواجس ثقافية ـ 224 ـ
- هواجس ثقافية أدبية فكرية 223
- هواجس ثقافية ـ 222 ـ
- هواجس ثقافية 221
- هواجس ثقافية ـ 220 ـ
- هواجس ثقافية ـ 219 ـ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية ـ 218 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية 217
- هواجس فكرية وسياسية 216
- هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ـ 215 ـ
- هواجس ثقافية وسياسية واجتماعية ـ 214 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية وسياسية وأدبية 213


المزيد.....




- لماذا رحبت روسيا بموقف نائب ترامب تجاه أوكرانيا؟
- -العدل- الأمريكية توجه اتهامات لرجل-هدد بقتل- بايدن
- نصر الله لإسرائيل في يوم عاشوراء: تهديداتكم لن تخيفنا وجبهتن ...
- ميركل حصريا لـDW: سيعتاد الناس على أني لم أعد مستشارة!
- وجهة نظر: ميركل.. حاكمة من عالم آخر
- إطلاق سراح مستشار ترامب السابق من السجن
- لافروف: الضغوط التي تمارسها الدول الغربية على الهند غير مقبو ...
- العراق.. أمن إقليم كردستان يطيح بعصابة ابتزاز إلكتروني -عاب ...
- شاهد.. شرطة أمريكية تقتل مسلحا بسكاكين قرب المؤتمر الوطني لل ...
- موقع عبري نقلا عن مصادر عربية: تم نقل محمد الضيف إلى نفق تحت ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس فكرية وأدبية 233