أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الوهم .














المزيد.....

مقامة الوهم .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8041 - 2024 / 7 / 17 - 22:15
المحور: الادب والفن
    


مقامة الوهم : ( تثنية ) .

(( تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ
وَلمَنْ يُغالِطُ في الحَقائِقِ نفسَهُ وَيَسومُها طَلَبَ المُحالِ فتطمَعُ )) .

تحكي الأساطير عن رجل شاهد الوباء وسأله إلى أين ؟ قال : إلى قرية كذا , فقد أمرت بخمسة آلاف منهم , وحينما عاد الوباء رآه الرجل في الطريق وقال له : لقد حصدت خمسين ألفاً ؟ فرد الوباء بأنه حصد خمسة آلاف أما البقية فقد حصدهم الوهم , حين ترى الناس يتساقطون حولك تبدأ الأسئلة والشكوك والاحتمالات وما لم يكن في النفس قوة وثقة , وفي القلب شجاعة وجرأة , وفي العقل يقظة وملاحظة , فربما سقط صريع الوهم من لم يسقط صريع الوباء.

تقول ألهام المجيد : (( فلكل قلب في الهوى أسباب نعاني من شوقنا المرتاب, و من قيد البعاد والاقتراب , من الخريف , من الشتاء , من الوداع بلا إياب , من الأحرف التي نهرب منها , من الأسرار المطوية في أطراف كتاب , نعاني من الوجوه التي تسكننا , و من طرقة الوهم على الأبواب )) , نمر هذه الأيام ومعنا دولتنا الخرفة بجدالات لا تبق للعقل منفذ نور , ترى هل يتحمل مفهوم الوهم ما يحصل مِن تمادٍ بالخرافة, أم هناك ما بعد الوهم وهمٌ؟ كثيرٌ من السلوكيّات والتصرّفات والأفكار , غير نابعةٍ من مُنطَلقٍ علمي أو فهمٍ واضح , بل مُنبعها في الحقيقةِ الهوسُ الديني والهيستيريا الجماعيةُ المُنتشرة , وبعضُ الأيديولوجيات الثقافيّة التي تتبعُ القطيع , دون تثبّت ولا مُحاولةِ معرفةٍ أو اطّلاع.

والوهم عند فولتير يحتل صدارة كلَّ المُتَعِ و أشكال السعادة , او كما يقول الحلاج : (( يا موضع الناظر من ناظري , ويا مكان السرّ من خاطـري , يا جملة الكلّ التي كلها أحبّ , من بعضي و من سائري , تراك ترثي للذي قلبه مُعَلَق في مخلبي طائر , مدَلَهٌ حيرانُ مستوحشٌ , يهرب من قفر إلى آخر , يسري و ما يدري و أسراره , تسري كلمح البارق النائر , كسرعة الوهم لِمَنْ وهمه على , دقيق الغامض الغابر , في لجّ بحر الفكر تجري به لطائف , من قدرة القدر )) .

لقد حارب الفلاسفة الوهم طويلا إلى أن انتهوا إلى أنه وسيلة للتأمل , ذلك أن الوهم لا يكون أبدا في الإدراك بل في الحكم الذي يتولّد عنه , سواء أكان صائبا أم خاطئا , فنقدُ الأفكار السّائدة والشكّ في القناعاتِ وغربلةُ الموروث , تجربةٌ ضروريةٌ لتحريرِ العقلِ من الأوهامِ والخُرافاتِ والأكاذيب , واقترابِه أكثر من الحقيقة , وبالرّغم من ذلك , يبدو أن الإنسانَ يحتاجُ إلى مجموعةٍ من الأوهام الفكريّة والثقافيةِ كوسائل تكيّف مع بعض الحقائقِ الصّادمة , من هنا جاء قول (دوستويفسكي): (( إن الحقيقةَ الصّادقة دائماً ما تكونُ غيـر قابلةٍ أن تُصدَّق , فإن شئتَ أن تجعلَ الحقيقة قابلةً أن تُصدَّق , عليك أن تُضيف إليها شيئاً من الكذب )) .

يقول نزار قباني : (( ثُوري, أحبّكِ أن تثُوري , ثُوري على شرق السبايا والتكايا والبخُورِ , ثُوري على التاريخ , وانتصري على الوهم الكبيرِ , لا ترهبي أحداً فإن الشمس مقبرةُ النسورِ , ثُوري على شرقٍ يراكِ وليمةً فوقَ السرير )) .

يقولُ الدكتور خالد أحمد توفيق : (( مساكينٌ نحنُ البشر, نُطارد الأوْهام في كلّ صوب , ثمّ نكتشفُ أنـّها أوهام , بعد ثوانٍ نرى أوهاماً جديدةً في الأُفق فنُطاردها)) , وأظنُّ أن السّبب يرجع إلى أن عقلَ الإنسان لا يحتملُ الحقيقة المُرّة , لذلك يخترعُ الوهْم اللذيذ ليعيشَ فيه,
ولما كانت الجماهيرُ أبداً عطشى للحقيقة , الا انهم أمامَ الحقائق التي تُزعجهم , يحوّلون أنظارَهم باتجاهٍ آخر, ويفضّلون تأليه الخطأ إذا ما جذَبهم الخطأ , فمن يعرفُ إيهامَهم يُصبِح سيّداً لهم , ومن يُحاول قشْعَ الأوهام عن أعينِهم يُصبُح ضحيةً لهم , وهكذا فنحن نختارُ تصديقَ الحقيقةَ الأجمل والأقرب إلى قلوبنا والأقلّ إزعاجاً لأنفسنا , وبهذا تكون ما نسمّيه الحقيقةَ أقربَ إلى الوهْم , فمن المُفزع والمُدهِش , أن نصطدمَ ببعض الحقائقِ حول كثيرٍ من قناعاتِنا وأفكارِنا وسلوكيّاتنا وأمورٍ كنا نأخذها كمُسلّمات, وعليه يقول رينيه ديكارت: (( من أجل البحث عن الحقيقة , من الضّروري مرةً واحدةً في مسارِ حياتنا , أن نشكّ -قدرَ الإمكان- في كلّ شيء )) .

قم يا صريع الوهم واسأل بالنهى ما قيمة الإنسان ما يعليه
واسمع تحدّثك الحياة فإنّها أستاذة التأديب و التّفقيه
وانصب فمدرسة الحياة بليغة تملي الدروس و جلّ ما تمليه
سلها وإن صمتت فصمت جلالها أجلى من التصريح و التنويه.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الحكمة .
- مقامة التطاول .
- مقامة قلم الكتابة الأحمر.
- مقامة ألأجازة .
- مقامة البلاغة .
- مقامة ألأيام التي لن تعود .
- مقامة الفجر الرصاصي .
- مقامة العطش ونقد النقد .
- مقامة الحسجة .
- مقامة الأمل و السعادة .
- مقامة ألأستشراق .
- مقامة الجواهري.
- مقامة كنكلي . الى الأستاذ محمد علي السعدي.
- مقامة الظل والضوء
- مقامة نيرون .
- مقامة الزماط .
- مقامة ألأساطير الصوفية .
- مقامة الأحفاد .
- مقامة جزيرة غوام .
- مقامة الباندورا .


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الوهم .