أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجلولي - الشعب البوليفي يحبط محاولة انقلابية















المزيد.....

الشعب البوليفي يحبط محاولة انقلابية


علي الجلولي

الحوار المتمدن-العدد: 8040 - 2024 / 7 / 16 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يوم 26 جوان لم يكن يوما عاديا في بوليفيا وفي عاصمتها "لاباز" وتحديدا في "ساحة موريو" المتاخمة للقصر الرئاسي أين تقابلت إرادتان، إرادة "زونيغا" قائد الجيش الذي تمت قالته قبل يوم على خلفية تصريحات سياسية استهدفت الرئيس السابق "ايفو موراليس" بتوجيه تهديد علني له باعتقاله إن شارك في الانتخابات الرئاسية المبرمجة العام المقبل، وإرادة الشعب البوليفي الذي لم يتردد ثانية أمام محاولة الانقلاب العسكري إذ نزلت الجماهير الواسعة إلى الشوارع وأعلنت المركزية النقابية الأكبر في البلاد الإضراب العام المفتوح، فيما توجه الرئيس "آرسي" إلى قائد الانقلاب لمواجهته بصدر عار موجها له الأمر بالانسحاب من القصر الرئاسي وتنفيذ الأوامر. وقد نقلت شاشات التلفزيون أجمل الصور التي تقابل الإرادتين لذلك لم يستمر الانقلاب أكثر من ثلاثة ساعات كانت كافية لإحباطه وإيقاف قادته من عسكريين ومدنيين. وفيما لاقى الانقلاب إدانة واسعة من أغلب بلدان العالم فان الولايات المتحدة لازمت الصمت، بل كتمت أنفاسها لساعات تراقب تطور الأوضاع على الميدان والتي انتهت بتوجيه صفعة لها ولزبانيتها وأدواتها الذين لا يترددون في لعب أقذر الأدوار كما لعبها قائد الجيش البوليفي السابق.
ـ لماذا بوليفيا ولماذا الجيش؟
لئن طلت أمريكا الجنوبية في نظر الجار الشمالي مجرد حديقة خلفية يفعل فيها ما يريد كيفما يريد، فان شعوب جنوب القارة فرضت في السنوات الأخيرة منطقا آخر يتجه أثر نحو استقلالية القرار الوطني بوصول حركات اجتماعية وذنية إلى الحكم بعد فرض انتخابات تعددية وديمقراطية بعد تحكم في المسارات السياسية لمدة عشرات السنين من قبل الامبريالية الأمريكية، وقد أوصل التيار الاستقلالي حكاما ذوي جرأة مثل "هوقو شافيز" في فنزويلا و"ايفو موراليس" في بوليفيا، كما أوصلت "لولا ديسيلفا" إلى كرسي حكم البرازيل، ومنذ عامين "غوستاف بيترو" في كولومبيا التي ظلت لعقود ثكنة لوكالة المخابرات الأمريكية. لقد شكل وصول هؤلاء إلى حكم بلدانهم ضربة موجعة للهيمنة الأمريكية التي بدأت في التراجع اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وأمنيا، ويشكل استمرار حكم "الحركة من أجل الاشتراكية " في بوليفيا مسا من المصالح الإستراتيجية الأمريكية، فبوليفيا تحتوي في باطن أرضها ثروة هامة خاصة من معدن "الليثيوم" الذي يعتبر أساسيا في اشتغال كل أنواع البطاريات وفي صناعة الزجاج والسيراميك، وأصبح هذا المعدن ذي قيمة أعلى في السنوات الأخيرة بعد توجه عديد الدول إلى صنع واستعمال السيارات الكهربائية. وقد تلقت الشركات الاحتكارية الأمريكية وحليفتها المحلية ضربة موجعة حين قامت دولة بوليفيا سنة 2009 إبان حكم "موراليس" بتعديل الدستور واعتبار مجمل الثروات الباطنية ملكية وطنية، لقد ضرب تأميم ثروات البلاد مصالح رأس المال الأمريكي خاصة وأن بوليفيا تمتلك صحبة الشيلي والأرجنتين ما بين 50 إلى 70% من احتياطيات هذا المعدن، وهو أكبر احتياطي في العالم. لذلك
صرحت مديرة القيادة الجنوبية "لورا ريتشاردسون" في شهر مارس2023 أن "مثلث الليثيوم" (أي بوليفيا والأرجنتين وتشيلي) يعد "مشكلة أمن قومي في الساحة الخلفية للولايات المتحدة".

إن هذا التصريح بهذا الوضوح وهذه الوقاحة إنما يعبر عن حقيقة الامبريالية وحقيقة رأس المال الاحتكاري العالمي الذي لا يرى في بلدان العالم وشعوبها إلا مصالحه الجشعة. إن هذه المعطيات الاقتصادية ظلت معطى ثابتا في السياسة الخارجية الأمريكية وعلى أساسها تبني تحالفاتها وتحدد تناقضاتها. لهذا الاعتبار حركت أدواتها المحلية ونظمت انقلابا ضد "موراليس" الحاكم الأكثر جذرية في تجارب وصول الحركات الاجتماعية الوطنية إلى الحكم في أمريكا الجنوبية، مستغلة تعديله للدستور للترشح لدورة خامسة، لكن الانتخابات السابقة لأوانها أوصلت حزبه ورفاقه في "الحركة من اجل الاشتراكية" إلى الأغلبية النيابية والى كرسي الرئاسة، وهاهي الولايات المتحدة تستبق تصويت الشعب البوليفي في العام القادم والتي عبر "موراليس" عن ترشحه إليها، وهو المسنود من قبل قطاع مهم من الشعب وخاصة من السكان الأصليين الذين ينتسب إليهم، حينها خرج قائد الجيش عن صمته وصرح أنه سيعتقل الرئيس الفارط إن تقدم للترشح، وهو ما قابلته السلطة بقرار عزله يوم 25 جوان الجاري، لكنه تحرك صحبة جزء من قيادة الجيش للانقلاب في حركة بهلوانية استحضرت مجمل تاريخ جنوب القارة وبوليفيا بالذات التي عاشت 190 انقلابا منذ استقلالها سنة 1852، لكن شعبها المتيقظ تحرك بالسرعة المطلوبة ومثلما أعاد شعب فنزويلا "شافيز" إلى الحكم قي ظرف ساعات بعد أن تم اختطافه من قبل عسكريين سنة ،هاهو الرئيس "آرسي" يبقى في مكانه محاطا بآلاف الجماهير التي تنادت إلى "ساحة موريو" وأجهضت انقلابا كان سيدخل البلاد في نفق جديد في ظل وضع اقتصادي صعب مست انعكاساته الاجتماعية القدرة الشرائية للشعب.
ـ الولايات المتحدة صانعة الانقلابات.

لا يختلف عاقلان في بوليفيا وفي العالم حول ضلوع الامبريالية الأمريكية في هذه المحاولة الانقلابية، فقبل عشرة أيام من المحاولة، استدعت السلطات البوليفية القائمة بالأعمال الأميركية في لاباز "ديبرا هيفيا"، إلى مقر وزارة الخارجية للتنبيه عليها ولفت انتباهها إلى أن تصرفات سفارتها تعتبر "تدخلاً في الشؤون الداخلية لبوليفيا". وفي 13 جوان الجاري وجه وزير الاقتصاد البوليفي اتهاما صريحا إلى سفارة الولايات المتحدة بالتحضير "لانقلاب ناعم" ضد حكومة " آرسي". والأكيد والواضح أن كلمة السر تحوم حول "الليثيوم"الذي يعتبر محور صراع بين الاحتكارات الأمريكية التي ظلت تضع يدها لعقود عليه وعلى مجمل الثروات الباطنية والطبيعية لبلدان أمريكا الجنوبية، وبين الاحتكارات الزاحفة من الشرق أي من روسيا والصين والتي تهدد جديا النفوذ الأمريكي في حديقته الخلفية. إنّ الصراع بين هذه الأقطاب أصبح يمسح كل مناطق العالم وخاصة التابع منه من أجل تأبيد الهيمنة أو تعويضها بأخرى. كما أن موقف نظام بوليفيا مثل أشقائه في فنزويلا وكولومبيا والشيلي من العربدة الصهونية و الإجراءات المتخذة ضد الكيان الصهيوني فضلا عن المواقف المشرفة في الفضاءات والمؤسسات الدولية، هي أيضا من بين أسباب الانتقام من هذه الأنظمة الوطنية.
إن مصلحة الشعب البوليفي لن تكون إلا بتمسكه بمكاسبه وتعميقها وضرب نفوذ الطبقات والأجهزة والدوائر الرجعية والتابعة، وذلك في اتجاه خيارات وطنية اجتماعية اشتراكية عميقة تستأصل الاستغلال والهيمنة والفساد وتقيم اقتصادا وطنيا مستقلا يوجه لخدمة الشعب وطبقاته التي عانت الحرمان لقرون.

3 جويلية 2024



#علي_الجلولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الرفيق فتحي فضل الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي الس ...
- الأنظمة العربية وفلسطين: الحقيقة عن التواطؤ واللامبالاة.
- بعد 110 يوما من حرب الإبادة: العدو ينهزم، المقاومة تنتصر.
- تجريم التطبيع بين شعبية المطلب وشعبوية التعاطي.
- المقاطعة كسلاح فعّال في النضال التحرري.
- في الذكرى 13 للثورة التونسية : أفكار حول الثورة والمسار الثو ...
- عام مضى وعام أتى وحال التونسيين يزداد تدهورا
- التطورات في النيجر و جنوب الصحراء: شعوب إفريقيا بين واقع الا ...
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ...
- الخطاب الشعبوي في تونس: آليات المغالطة وأهدافها
- ما أشبه اليوم بالبارحة
- مؤتمر البيئة والمناخ في مصر: الرأسمالية وحدها مسؤولة على تمد ...
- -مهسا ايميني- تتحول إلى أيقونة وحرائر إيران تصنعن التاريخ
- استفتاء بأي أهداف ودستور بأي مضامين؟ أو في تهافت حجج الداعمي ...
- دستور سعيد من التضليل إلى التلاعب: انه العبث يا مولاي..
- معركة الدستور تتواصل ضد كل شقوق الثورة المضادة.
- دستور 30جوان: كسوة جاهزة على قياس سيدنا الرئيس
- الشعبوية وضياع بوصلة بعض النخب
- سعيّد يدفع البلاد دفعا نحو الأسوأ
- أفكار حول ظاهرة العنف صلب المؤسسة التربوية وضدها.


المزيد.....




- مديرة جهاز الخدمة السرية الأمريكي: لن أستقيل من منصبي
- ماسك يتعهد بـ 45 مليون دولار شهريا لدعم ترامب
- باكستان.. مقتل 4 جنود و5 متمردين في هجوم مسلح على منشأة عسك ...
- مسيرة أوكرانية تستهدف مصنعا بمقاطعة كورسك غربي روسيا (فيديو) ...
- جندي فرنسي يتعرض لعملية طعن بسكين في العاصمة باريس (فيديو + ...
- هاريس تدعو مرشح ترامب لمنصب نائب الرئيس للمناظرة التلفزيونية ...
- ماسك يعلق على قرار ترامب ترشيح السيناتور جي دي فانس لمنصب نا ...
- ترشيح ترامب للسيناتور فانس لمنصب نائب الرئيس يتصدر عناوين ا ...
- انقلاب ناقلة نفط قبالة سواحل سلطنة عمان
- الحزب الجمهوري يتعهد بإقامة -القبة الحديدية- فوق الولايات ال ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي الجلولي - الشعب البوليفي يحبط محاولة انقلابية