أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - حروف الروح















المزيد.....

حروف الروح


عايد سعيد السراج

الحوار المتمدن-العدد: 8037 - 2024 / 7 / 13 - 23:25
المحور: الادب والفن
    


هو الآنَ أطولُ من رصاصة ٍ وأوسع من سماءْ
نائم ٌ كمنقار عصفور ٍ
يتثاءب كومضة برق ٍ
شاهد ٌ على منابع الورد
ومبتهجٌ كحقول ِ الزعفران
مليء ٌ بوهجــِه ِ وريحانِهِ
ومعطر ٌ بلغة الحروف
يسابقُ الريحَ قبلَ أنْ تسبقـَه ُ الريح ُ
ملموم ٌ كزمن ٍ متشرد ٍ في الغابات ِ البعيدة ِ
واحد ٌ ووحيدٌ ومعَهُ جيوشُ المظلومين
يَتَلَمّسُ أعماق َ البحار
يُلَيــِّـلُ في الليل ِ على أنين السرو ِ
قيعانه أشجارُ أرْز ٍ
هو الممدودُ كألسنةِ المحيطاتِ
والمتماثل مع ذاته ِ كليل ٍ طويل ٍ
لا تسبقـُه الدموع ُ إلاّ إلى حبر ِ القصيدة ِ
نصوصه ُمفتوحة ٌ على السماء ْ
راهبٌ ,ٌ ومرهوبُ الجانب ِ كالنسورْ
ليس سيداً للملامات ِ والملاذاتِ حيث تتعاشق ُ الطرقُ وتلملم ُ أطرافـَهَا في الأودية ,
كلّما قالَ لقوس ِ قزح ٍ كن ْ لطيفاً بالعباد ِ
تناوَشَتَه ُ الوهاد ُ
يتراشقُ مع الملائكةِ بالصحائف ,
"تسجرُ" تنورَها بينَ يديه الضفاف ُ
كم سبّحتْ له شجيراتُ الموز ؟
وكم قَلّمتْ أظافـَره ُ أعواد ُ الريحان ؟
وعلى مقاسات ِ صباه كان الحبق ُ
هو عاشقُ الوردِ , ومختبئٌ بين تويجاته ,
وعلى أطرافِ لسانِهِ , تلم ُّ تعبَهَا أحرف ُ النسور .
صديقٌ هو للقلم ِ , وصديقٌ للحلم ِ الطويل ِ
تتراجَفُ على حِبْره ِ فراخ ُ البط ِّ, وأوزّاتُ المساء ِ
كان دافئاً في تصُّوره ِ, وحزيناً في تَفَردِهِ
وعلى يديه , تـُدار ُ الشَموع ُ
لم تغرِّبْهُ الشآم أمُّ العواصم ِ؛ بل غرّبَهُ الأهل ُ وأحْزَنَهُ القريبُ الغريبُ
شادياً كان في صمته وفي محرقة ِ الوطنْ
هي الأرضُ محمومة ٌ كي تراه
مُتسَام ٍجلالـُه
أزاحتْ له الجبالَ النوارسُ
ولم " تبال "ِ بدمع ِ الصغار ِ
هي الأرضُ من ماء ٍ ونار ٍ
لم يكن ليله ُ أحدبَ الأمنيات ِ
كان ليلاً رجيماً يَضُجُّ حياة ً
حين نادى المنادي , اجتمعَ الأهل ُ والصّحب ُ
قال : الأرضُ التي ليس فيها محبة ٌ , ليس فيها حياة ٌ
فأفرغ َ الناس ُ أحمالهم وأدبارهم , وقالوا : الخيرُ وجهتـُه ُ
, وقالوا : صالح ٌ منّا وفينا , وشاهد ٌ على ذلَّنا , ونحنُ نُساقُ نعاجاً تحتَ ألوية ِ الطغاة ِ
أَمِنَ الناس ُ له , وأَمِنَ لَهمُ , وكان أميناً على سِرَّهِم , ورحيماً بأسمائهم , وطري ّ التلمس لأنفاسهم , يُكْثرُ الشموع التي تُـنار في زوايا محبّتهم , ولم يكن ْ قائماً , ولم يكن ْ نائماً , هي الأحلام ُ تُراودهُ , ويُغطي عذاباتِهم بملاحف الشمس والأمنياتِ
هكذا هو دائماً يطير حيث يسير,
ويعرف المسار
نام حتى جنون ِ المودة ِ , وغفت بحضنه بلاد ُ الشام
نام الشهيد نام
نام الأمير
وأفترش الأرض والورد والتحف َ السماء َ ,
وظل يدندن ما تقوّلته فيروزُ, عن ياسمين الشآم
ظل ّ عنيداً في نومه , إلى أنْ فَرّخَتْ على كتفيه ِ طيورُ اليمام ,
وظل قاسيون سابحاً على جانبيه ,
وتنفّس َ جَبَلُ الشيخ ليُقــْرِأَهُ السلام ْ
نام كثيراً من مطلع الشمس إلى غاية الأمنياتْ,
وظل ّ عنيداً مُتَجَمْهـِرَاً بالحياة

فمن أسرى إليه, بما أنزل العصْف والعسْف والأمنيات ْ
هو رقيقٌ مطيعٌ أكثر مما يرغبُ الورد ُ
وأطرى وداعة ً من أصابع نهر الفراتْ
هو الآن ليّنٌ وجميلُ ووفي ٌ أكثر مما تعشقون الحياة ْ
نام الشهيد نام ْ
نام ألف ربيع
وترك لكم الجدل والخِصام ْ
هو الآن في نومةٍ هانئة ٍ
وفي غفوة لا يبددها الزَّحام

أيّها النائم قم الآن وأعقد ألوية المَرَاحم ِ, إذ ْ كما كنت َ كنّا ,
وأنت المُنَوِّرُ الوحيدُ , ونحن النيام ْ
لِمَن ِ الآنَ يستفيقُ الوجود ُويسْتظل َّالحمام ْ ؟ ذاهب ٌ هو الآن كما يــُريد
وأنتم مالذي تدّعون , وما تصنعون , وما تُعلنون , وما تضمرون, وما تتآمرون, أو تأمرون , فهو حيِّيٌ عليكم جميعاً , وأكثرصدقاً من براءة الشمس , وما يُظهرُ الليلُ من اختفاء القمر , هو الآن هكذا بسيط ٌ وواضح ٌ وجريح ٌ ,
فلا تُعلنوه ُ على الملأ الآن
إذ هو السُّر الكامن في الفضائح ,
والحب ُّ الطاعن في المعرفة
و المتجلي وحـْدَه ُ, حيث لا يـُرى
دَمُهُ جَوْهَرُ الطين ,
وكلماتُه ُ تفضح شمسهم والمغيب
والقلمُ باسمٌ , يضحك منكم عليكم , فلا تقتلوهُ
وَحْدَهُ الحبرُ يَعْرفُ تفاصيل النواح ,
دمه أخضر يرتاش على الطين ,
طين لازب ٌ كاخضرار دمك
أغصان زيتون تطير
وترّش ّ عليك وَجْدَ الحنين ْ
وأنتَ تلملم ياسمين الدماء
وتفتح للكون وجهة الشوق, والعشق, والأصدقاءْ
كل ٌ يحتفي كما له عليه , والكل تخرجُ بنفسجاتٌ باسقاتُ من يديه ْ
أزاحوا الصخور عنك قليلاً , ليخرج ما طهّرهُ الحبُّ والعشقُ وما جنتهُ الورود
أزاحوا جميعاً هذا المكان , وبنوا قصوراً لأحْبَار ِ دمك , من الورد والفل والريحان لتسقى بأكواب ٍ من جُمان ٍ , إذ كنت مصلوباً على الورد
ونظرت من عَل ٍ على الجناة الطغاة ,
وقلت : يا لبؤسهم سوف تستمر الحياة !! , فلا وطنَ في بلادك, للحاقدين, وللوافدين , بفكر الهزائم ,
ومن يكرهون الحياة
ويُطهِرُك بطيبه نهرُ الفرات
هو النهر إليك فزَّ والهاً وصفصافه ونيتوله والحنين
وأحنى إليك المودة , ومدّ إليك اليدين ,
ليخفض لك جناح الذل من الرحمة ,
وقلت : حينما أشحت برأسك , أنّك عاتب ٌ على الكارهين ْ
* ونحنُ " الغرباء" في بلادنا أضعنا الجهات ,
فلم نعد نجيد الغناء , إذ ْ شقوة العمر أمست تُخيّمُ, واستنبت الغيم شوكاً ,
واستوزر الأشرار في بلادنا, دويلات على حجم الفجيعة والرُّهَاب
وتسامت الأذناب
أيها " الشهيد " يا قيماً على الأعراف كالأمير ,
يا واهباً دمه, , يا هادياً أشلاءهُ رحمة بالكل
ومَا َرضِيتَ لها سوى , روائح الوطن المَطـِـير ,
يا سفيرنا إلى الرحمة والريحان ,
ياعالياً فوق أمْنـِنَا وواهب الحنان ِ ,
ياأيها الشهيد يا كرامة الإنسان

نام نام مثل فرخ قطا أو حمام
فَر ِحاً بمراجيح السماء ,
يلعب مع الفراش و الغيوم , و يبني أعشاش اليمام ,
فهو وادع في النوم , وجليل يَتَشَهّاهُ الأنام

تَهمي لروحك كلّ ُ العصافير
كأنهن بتـْن بلا مصير,
وعلى غابتها , يُرِدْنَ الهجوع ,
وبصمت ٍ يَنُحْنَ بلا دموع
إذا ً من أيقظ الغاباتِ من سباتها ؟
ومن دَلّها على الطريق ؟
لتزحف بتؤدةٍ إليك حيث تنام !
وبسكون ٍ تهبط ُ في الظلام ,
وتلامس روحك والمكان
فالكون جهة واحدة لأجمل الغابات ,
روحك التي هي منبع الحياة
ولملم الفقراء ذواتهم وجاؤوك , عراة ً حفاة , يلهجون بكل اللغات
ينشدون نشيدك الأبدي ,
المجد لصُـنّاع الحياة ْ
المجد لصُنّاع الحياة ْ
والجليلاتُ أمهاتُ العـُرْف ِ والمعروف , يأتين حاملات جرارهنّ معتقات بالحنان, جئن إليك بلا نحيب ْ , مشْرِعات ٍ صدورهن ّ , وتفوح من أثوابهن نذر الوفاء , يُصَليّن لقداسة الدم المسفوح , كأنهن جميعاً أصبحن سيدة القيامة البتول , وقد صَبَغْنَ الجدائل بالحناء وتَجَمّلْنَ كأجمل ما يكن ّ من النساء ليحضرن عرسك في يوم زفّتـِكَ الأخيرة
و الأصدقاء يصنعون من تراب قبرك قلائد الجمان ,
وهم يـُقـْسمون بالحبر المكنون ,
والقلم وما يسطرون,
ليجعلوا من دمك فاتحة ً لهم في الصبح والمساء ,
ويطردون الشر من بلادك كما تشاء
يا أنت يأيها ضمائر الوطن ْ .
يا من أنرت في بلادنا الضميرْ
وأوقدت نارا ً في الظلام
وأضأتَ بلاد الشام ,
من أول الخليقة لآخر الكلام.
(نشرت سابقا)
سوريا / عام 2005



#عايد_سعيد_السراج (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شيخ عشيرة
- طيرٌ أوجعه ليل الصيادين
- الشيطان هو الإنسان
- الطاغية من هو؟
- لملم جراحك حين اصطفاك الألم
- الموسوسة ولاعب كرة السلة
- غيمة ٌ في فم أبي
- حوارية الموت والألم
- قلبي والصدق واحزاني
- الفنان كوكب حمزة
- المخبر
- ألف. النعناع
- لاشيء سوى الكذب
- موت الأطفال
- رواية فينيقيل والقضية الفلسطينية
- الحجر المسنن بالعذاب كروحي
- قصة الهوتة
- الجسر المعَلّق
- مفهوم الأدب الحديث.
- أسودٌ نهارنا


المزيد.....




- بجودة عالية..استقبال تردد قناة روتانا سينما على النايل سات و ...
- أجمل عبارات تهنئة عيد الفطر مكتوبة 2025 في الوطن العربي “بال ...
- عبارات تهنئة عيد الفطر بالانجليزي مترجمة للعربية 2025 “أرسله ...
- رحلات سينمائية.. كيف تُحول أفلام السفر إجازتك إلى مغامرة؟
- وفاة -شرير- فيلم جيمس بوند -الماس للأبد-
- الفنان -الصغير- إنزو يحسم -ديربي مدريد- بلمسة سحرية على طريق ...
- بعد انتقادات من الأعضاء.. الأكاديمية تعتذر للمخرج الفلسطيني ...
- “الحلم في بطن الحوت -جديد الوزير المغربي السابق سعد العلمي
- المدرسة النحوية مؤسسة أوقفها أمير مملوكي لتدريس علوم اللغة ا ...
- بعد تقليده بإتقان.. عصام الشوالي يرد على الممثل السوري تيم ح ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عايد سعيد السراج - حروف الروح