أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيع نعيم مهدي - ثلاثُ سبعٍ عجاف















المزيد.....

ثلاثُ سبعٍ عجاف


ربيع نعيم مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8037 - 2024 / 7 / 13 - 21:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في البدء اود الإشارة والتأكيد على ان ما سيرد في الأسطر التالية يتعلق بمسألة وطن، فقط، فقد تجلب هذه السطور تهمة بالتطبيل لنظام أحمق، كان في وجوده ضرورة، ضرورة لإنتاج الحماقات وقتل شعب لا ذنب له سوى انه حي، وربما سيوصف قلمي بأنه يدور بعيداً عن فُلك المنتفعين، فأرجو ان لا يؤخذ الكلام على غير محمله.
"١"
بعيداً عن الماضي المتخم بالشعارات وأعراس الدم، تقف مسألة العراق فيما بعد ٢٠٠٣ أمام الناظر وكأنها لغز صعب، ففي عصر ثقافة التطبيل أطلق على العراق تسمياتٍ مختلفة، كانت إحداها تلك التي وصفته بـ "بوابة العرب الشرقية"، والتي يقف على اعتابها أعداء كثيرون، احدهم صنعته ماكنة بريطانيا في الشرق، وأعادت الولايات المتحدة رسم صورته ليكون ذلك الشرطي أو العفريت الذي يستطيع لعب دورٍ رسمت معالمه إدارات البيت الابيض، والتي تحرس نظاماً تربع على إحدى مقدسات العالم الإسلامي.
اليوم، وبعد أكثر من عقدين على زوال حكم "القائد الضرورة"، صرت أعتقد ان احتلال العراق كان كارثة على منطقة الشرق الأوسط برمتها، فالقوة التي امتلكها نظام البعث حتى في فترات ضعفه كانت كفيلة بإحداث نوع من الموازنة الباهظة الثمن - وهذا ما تؤكده حتى اقلام من كان يُطلقون على انفسهم معارضة عراقية-.
وبالرغم من ان هذا النظام "السابق" كان في حقيقته ماكنة شمولية للقمع، إلا ان سياساته الحمقاء انتجت للبلاد مركزاً اقليمياً، يتسم بكونه صانعاً للتوتر، وسبباً في موازنة القوى في ذات الوقت، وربما كان ضحايا هذا النظام هم الثمن الذي كان لا بد من دفعه.
"2"
ان إسقاط ذلك النظام على يد حفنة من لصوص السياسة في الغرب، لم يكن في حقيقته استجابة للشعارات التي رددتها ماكيناتهم الإعلامية، في ان زواله سيعزز السلام في المنطقة، وسيسهم في إيجاد نوع من الاستقرار الهش، ... إلخ، بل كان أشبه ما يكون بصفقة مربحة دفعت ثمنها منطقة الشرق الأوسط بأسرها، فالحرب أعادت للولايات المتحدة ما خسرته من امتيازات النفط في ظل الصراع مع الكتلة الاشتراكية، وحققت لبعض المسؤولين الامريكان مكاسب وثروات قد يحتاج أحدهم ان يعيش ألف سنة لتحقيقها، ناهيك عن ان ابناء العم سام كسبوا باحتلالهم للعراق ورقة ضغط على طاولة القمار السياسي تمثلت في كونه خزان للنفط تصلح أراضيه لتصفية الحسابات مع الخصوم.
ومن جانب آخر فان الحديث عن سياسة ابناء العم سام في عراق ما بعد 2003 قد يطول ويتشعب، لكنه في الغالب يحمل في طياته إشاراتٍ الى ان السياسة الأمريكية تناغمت مع الطموحات الإيرانية في المنطقة، والعداء المعلن منذ اربعة عقود تقريباً بين الملالي والشيطان الأكبر ليس سوى مسرحية سيئة الإعداد لإخفاء التعاون الذي جمعهما في إسقاط حكم طالبان في افغانستان وحكم حزب البعث في العراق.
"3"
ان حجم النفوذ الايراني الذي تزايد بعد ٢٠٠٣ لم يكن ليحصل لولا غياب ذلك النظام، وسياسة استغلال الطائفية لم تكن لتحقق أهدافها حتى في أيام ضعفه، ففي كل الأحوال كان عدواً تُخشى ضربته إن كان في الصدر أو في الظهر، حتى مع وجود مقاربات وانتماءات مذهبية كان النفوذ الايراني محدوداً في ظل وجود البعث، ونحن هنا لا نتحدث عن العراق فقط، ففي لبنان لم يكن كل الشيعة تبعاً لحزب الله، فقيادات حركة أمل فضلت ان تدور في فُلك النظام السوري حتى في احلك فترات الحرب الأهلية، ذلك النظام الذي دفع ثمن التسهيلات التي قدمها للتنظيمات الارهابية في السنوات الأولى لاحتلال العراق، فالمقاتلين الذين تدربوا وانتقلوا عبر الأراضي السورية كانوا ذاتهم من أوقد نيران القتال وتدمير البلاد.
"4"
واذا نظرنا الى اسرائيل فالمفارقة ستكون واضحة المعالم، فبالرغم من العداء المستحكم بينها وبين النظام السابق، إلا انها فقدت بسقوط صدام حاجزاً كان يمثل للإيرانيين خطراً يفوق ما يمثله اليهود، واصبحت العمليات العسكرية لمواجهة أتباع الملالي من أحزاب ومليشيات أشبه ما تكون بكرنفالات من الدم تقام بين فترة وأخرى.
"5"
أما دول الخليج فحالها ينبئ بأن الأضرار التي رافقت وجود حكم البعث كانت اقل بكثير من تبعات الاستنزاف الذي تتعرض له نتيجة لمحاولاتها كبح الجماح الفارسي في مد نفوذه الى أرض الجزيرة العربية، ناهيك عن معاناتها من ابتزازات الغرب المستمرة.
"6"
وإذا نظرنا فقط الى حال العراق بعد ٢٠٠٣ فإن قائمة الخسائر ستكون صعبة الحصر، ونحن هنا لا نقصد تمجيد نظام البعث بقدر تأكيدنا على حاجة العراق لنظام يتمتع بنوع من القوة لمعالجة كل المشاكل التي ارتبطت بحكم البعث وأتباع الملالي والمتملقين، فنظام الحكم الحالي والذي اتسم بغلبة حزب الدعوة على رئاسة سلطته التنفيذية، لم يستطع ان يجد له مكاناً بين نظامين ينتميان لنفس الجذور، بل يمكن القول ان سياسيي حزب الدعوة كانوا شركاء لإخوان الأتراك وللملالي في ايران في تدمير البلاد، فعلى سبيل المثال، لم نجد سياسة رادعة في زمن حزب الدعوة وتوابعه تجاه التجاوز على حصص المياه وتغيير مجرى روافد الأنهار ، بل لم نجد حتى خطاباً دبلوماسياً يواجه هذه الخروقات، وكذلك الحال في الجانب الاقتصادي فالحدود مفتوحة لاستنزاف موارد البلاد في تجارة يغيب عنها مفهوم التبادل، ربما لأن بعض المتأسلمين شركاء ومتورطين في هذه التجارة كوسيلة من وسائل غسيل الأموال أو باعتباره إحدى وسائل الاحتيال لتمويل أنشطة وفصائل لن أصفها بالإرهاب، حتى المؤسسة العسكرية لم تسلم من آثار سياسة القوى الإسلامية في الحكم، وقد تكون عمليات "الدمج" في الجيش أحدى الوسائل التي أسهمت في تأخير إعادة بناء مؤسسة أنهكتها الحروب والأيادي الملوثة بالفساد.
وما تقدم ليس سوى أمثلة لملفات كثيرة قد يكون من الصعب حصرها في هذه السطور.
"7"
وهنا أقف عند السلطة التي نشأت في العراق فيما بعد 2003، والتي إذا سُرِدَت سيرتها سنجد أنفسنا أمام فوضى من الحكايا، وكأن العراق في زمن الإسلاميين تحول الى مادة قصصية عن العجائب التي تحدث على أرضٍ أنتجت للعالم حضارات لا تُنسى، فالفوضى التي نتحدث عنها تحكي عن وجود آلاف العمائم التي تحاول تجهيل المجتمع لتسهيل السيطرة عليه، وتحكي أيضاً عن اغتيال ممنهج للثقافة، وهذا ربما لأن الممسك بالسلطة يدرك مدى خطورة المثقف على تجارة الجهل، والتي لا زالت تنتج جماعاتٍ - الله وحده يعلم غايات مؤسسيها – كجماعة المهدي المزعوم "ناصر محمد اليماني"، ومن قبلها جماعة "جند السماء"، وربما ستأتي الأيام بجماعاتٍ أخرى تتلاعب بقول العراقيين، والذين لا زال الكثير منهم يقع ضحية الخطابات الطائفية التي يصدرها المتأسلمين، سواء أكانوا شيعة أم سنة.
وهذه الفوضى تحكي أيضاً عن وجود قوى مسلحة يُعلن بعض قادتها صراحة طبيعة انتماءاتهم الفكرية وولاءاتهم السياسية، في ظل أجواء من الديموقراطية سمحت للشعب العراقي بقبول التوافق الأمريكي – الإيراني على شخص رئيس مجلس الوزراء، بغض النظر عن الموقف الانتخابي، فرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي تسلم المنصب مدعوماً بـ 4 آلاف صوت من أصوات الناخبين، وكذلك الحال مع رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني مع إختلاف بسيط في الأرقام.
"8"
ان فوضى الحكايا لا تنتهي عن العراق المعاصر، فأغلب القوى والشخصيات السياسية تعاني من إشكالية واضحة في مواجهة الواقع، فغياب الإرادة المستقلة له انعكاساته، وعدم القدرة على مكافحة مافيات الفساد، والسكوت عن تزايد صفة الكفاءات المزيفة، ... إلخ، كلها أمور ساهمت في صناعة بلد يكاد يحتضر، والأغرب من كل ما تقدم، هو تعاطي الممسكين بالسطلة مع الواقع بأساليب عفى عليها الزمن، فلا زلت ماكينات الإعلام والجيوش الرقمية من صفحات وحسابات للتطبيل تعمل على تجميل صورة الحاكم وتبرير إخفاقاته خلال 21 سنة، والتي تُنبئ بمجملها بأن التغيير قادم لا محالة.



#ربيع_نعيم_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطابٌ أموي بلسان علَويّ
- نوري المالكي والوزير ابن بقية
- مجرد مدينتين
- أمالي عبد الحميد مصطفى - 3-
- جناية العمامة
- أمالي عبد الحميد مصطفى - 2-
- أمالي عبد الحميد مصطفى
- أسماء الرئيس الحسنى
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام – 2 -
- الجريمة المنظمة في صدر الاسلام - 1 -
- دكانة الشطري - شيخ الوراقين
- تشرين
- اقتصاديات الجنس
- رسالة في أخبار الجنّ عند العرب
- من غرائب الأخبار في تاريخ العرب
- دكانة الشطري – 6 -
- شامٌ بلا بعضِ الشام
- البغاء الرقمي
- بتكوين لله
- يجب ان يرحل!!


المزيد.....




- بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي ...
- الجيش الأمريكي يكمل انسحابه من النيجر بعد حوالي سنة من انسحا ...
- لحظة واحدة أنقذت ترامب.. فوهة البندقية كشفت ريان ويسلي روث
- الجيش الأميركي يعلن اكتمال انسحابه من النيجر
- البيت الأبيض يعلق على منشور إيلون ماسك المحذوف عن بايدن وهار ...
- -ديلي ميل-: بريطانيا غير جاهزة على الإطلاق لتصعيد الصراع مع ...
- إصابات في حادث انقلاب حافلة سياحية عائدة من موقع -ماتشو بيتش ...
- الكابينيت الإسرائيلي يعتمد إعادة سكان الشمال لمناطقهم أحد أه ...
- هل عادت خطة تخفيف الأحمال في الكهرباء بمصر؟ -الإدارة المحلية ...
- بايدن يجري محادثة هاتفية مع ترامب بعد محاولة الاغتيال


المزيد.....

- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ربيع نعيم مهدي - ثلاثُ سبعٍ عجاف