أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - طَيْشُ الكَلَامِ














المزيد.....

طَيْشُ الكَلَامِ


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8037 - 2024 / 7 / 13 - 19:45
المحور: الادب والفن
    


إيهٍ صَاحُ...
إنِّي رأيتُ الوَجدَ قد حَبِّذَ واستَطعِمَ ما في الزُّبرِ من بيانٍ بتَمام، حينَ نَبَذَ التَّهتُرَ وانفَصَمَ مِن اللغوِ ومن طَيْشَ الكَلام. وإنَّما ضبطُ ما يَلفِظُ اللسانُ يا صاحُ وما يَحتَنكُهُ من دِقَّةٍ في الكلامِ بانتِظام، لهوَ السَّبيلُ الحميدُ الوحيدُ لفَهمِي لمعانيَ الكلامِ، ولجَنيَ ثَمَراتِ الضَّادِ في الأكمام، وَلَئِنْ فَعَلَها الوَجدُ لَيَكُونَنَّ إذاً وافِرَ اللِّبِّ نافِرَ الجُّبِّ هُمَام.
وإذ لَمحتُ في وسائلِ التَّواصلِ تساؤلاً لطيفاً باهتِمام، وإذ كانَ موجَّهاً لضَليعٍ في الضَّادِ ورُبَما في سوحِهِ عَلًّام، إذ سألهُ سَائلٌ باستِعلامٍ واستِفهام؛ "لمَ قالَ النَّبيُّ القَسيمُ الوَسيمُ ﷺ؛ "بَاعَ مِن أخِيهِ بَيعًا" بإكرَام، ولمْ يقلْ ﷺ "باع لأخيهِ بيعاً"، رُغمَ أنَّهُ ﷺ الفَصيحُ المليحُ، وهوَ خيرُ الأنام. فأجابَ الضَّليعُ السَّائلَ بما قد سَطَّرتهُ في المَعاجمِ الأقلامُ، بيدَ انِّي لم أستلذّ الإجابةَ باستِجمام، وشَعرتُ كأنَّها إجابةُ تلميذٍ حفظَ ما في المنهَاج من أقسام، حفظاً غيرَ ذي فَهمٍ باستِلهامٍ وإحكام، فكتبتُ ردِّي مِن فوري للمتسائِل باحْتِدَام، ثم رحْتُ مِن بَعدُ أبحَثُ عن شَرحٍ شَافٍ للحَديثِ الشَّريفِ باستِهمَام، مُتَصَفّحاً ما في سِجلاتِ آبائيَ الأولينَ باستِلهام، فما وجدتُ ما يشفي الغَليلَ مِن أحكام، رُبَما لأنَّ فهمَ ذا التَّعبيرِ هوَ لدَى الآباءِ بَدِيهةٌ بالهام. وَلَمَّا ٱسۡتَیۡـَٔسْتُ مِنَ البحثِ سَمَحتُ لخَافِقي أن يقعدَ بينَ القَاعدينَ بانضِمام، لحظةَ نُطقِ النَّبيِّ ﷺ بكلمتِهِ الشَّريفةٍ بانسِجام، كي يَعيشَ النَّبضُ في جَوِّ البَيان حينئذٍ باستِسلام، وأحسبُ أنِّي قد فَهِمتُ الحديثَ فهماً لَطيفاً بلا جهالةٍ وبلا أوهام، وهاكَ ما استَلهمتُهُ وفَهِمتُهُ بلا ابهام؛
"إنَّ ثَمَّةَ عروةٌ وثقى تَأْصِرُ المُسلمَ على المُسلمِ هي الإسلام، قد جَعَلَتْ منَ المُحال أن يتسلَّلَ الغِشُّ لسُوقِهم في خضمِّ البيعِ وسطَ الزَّحام، أو أن يتَخَلَّلَ تجارَتَهُمُ مراءٌ وحلفٌ باختصام. وعلى البَائعِ أن يُعطيَ أخَاهُ مِمَّا لدَيهِ مِن بضاعةٍ طلبَها بوِئام، (يُعطيهُ) إيَّاهَا باسترحامٍ وليس (يبيعُهُ) إيَّاها بتفذلكٍ والتِحام، فآصرةُ العُروةِ الوُثقى تأبى وقدِ ارتقَت بهما حتى جَعلت لسانَيهما يَستَحيانِ لفظَتي "البَيعِ والشِّراءِ" بإلجام، فأبدَلَتهُما بالعَطاءِ تزكيةً للذَّاتِ وتودُّداً فيما فيهِ يَتَداولانِ بانتظام، رَغمَ أنَّ لفظَتَي "البَيعِ والشِّراءِ" لا رَيبَ فيهما ولا زَللَ، ولا فيهما عَيبٌ ولا خَللٌ ولا استِعجام، لكنِ الأمرُ ههُنا لمَّا كانَ رَهيناً بتَجَنبِ الغِشِّ في التِّجارةِ بإلزامٍ وإلجام، فقد أتَى الفَصيحُ المَليحُ ﷺ بحَرفِ الجَرِّ "مِن" لِتَضمينِ الفعلِ "باعَ" مَعنَيي "الأخذ والعَطاء" في البيعِ والشِّراءِ مَعاً بالتقاءٍ، وسَويةً باستواءِ واتِّسام، وكأنِّي بالحَديثِ يشبهُ مَعنى الآيةِ المُباركةِ "وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا" وليس "على القَومِ" أي: أنجيناهُ مِنَ الْقَوْمِ وَنَصَرْنَاهُ عليهم "نجاةً ونصراً" بإكرام، وذلكَ ليُعَلِّمَ النبيُّ ﷺ البائِعَ المُسلمَ ويُشعرُهُ أنَّهُ لا يَبيعُ لأخيهِ بل يُعطيه بابتِسام، وأنَّ أخاهُ المُسلمَ لا يشتَري منهُ بل يأخذُ باحترام، ثُمَّ يُناوِلُهُ ثَمناً مُقدَّراً كي يتمكنَ البائعُ من مُواصلةِ مِهنتهِ في السُّوقِ على الدَّوام، فلا يُفلسُ فيقعدُ على رصيفِ فَقرٍ مٌنقَعِرٍ، ولنَصيفِ درهمٍ مُفتقِرٍ بإيلام.
وها قدِ انتهى رَدِّي على ذاكَ السائِلِ باستِعلام. رُبَما كانَ صواباً، رَبَّما كانَ الرَّدُ حُطاماً من حطام؟ غيرَ أنَّهُ لأمرٌ لطيفٌ أن يُعيدَ أُسْتَاذُ اللغةِ نَشرَ رَدِّي على صفحَتِهِ الشَّخصيةِ باحترام، وبلا اعتراضٍ منهُ ولا إحجامٍ بلِ باهتِمام، وذلك هو شأنُ أهلِ العِلمِ الحَقِّ وليسَ العِلمُ الزَّقُّ بانصِرَام، فاطْمَأَنَّ قلبي لمَا أجبتُ وكتَبتُ ردَّاً بانسجام، وما زَادَني نَشْرُ إجابَتي مِعشارَ فَخْرٍ لأنِّي عليمٌ بجهالَتي في علومِ الضَّادِ بإضرَام. جَهالةٍ لمْ تزلْ قائِمةً ولن تزولَ بانفصامٍ ولا انهزام، وإنَّما النَّشرُ قد زادَني يقيناً أنَّ ضبطَ ما يَلفِظُ لساني وما يَحتَنكُهُ من دِقَّةٍ في الكلامِ بانتِظام، وأنَّ سَمعَ ما تَنفضُ بهِ ألسنةُ الأنامِ وما تَشتَبِكُ بهِ برِقَّةٍ واهتِمام، لهوَ السَّبيلُ الوحيدُ والحميدُ لفَهمِي لمعانيَ الكلامِ، ولجَنيَ ثَمَراتِ الضَّادِ في الأكمام.
فحَذارِ حَذارِ ياصاحُ مِن الهَذَرِ المَذَرِ، وحَذارِ من طَيشِ الكَلام، وخُذْ آيةَ "مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" بقوةٍ واهتمام وهيام، واربطِ التَّصريحَ في لسَانِكَ، واضبطِ التَّلميحَ في وجدَانِكَ بينَ الأنَام، وتَذَكَّرْ أنَّ التَذَوَّقَ لثَمَراتِ رَحْو المَعانيَ في الكلامِ لا يَسْتَلْزِمُ التَّفوّقَ في غَمَراتِ نَحْوِ المَباني أحكامِ بتَمام.
دَعْكَ يا ذا عزٍّ مِن طَيْشِ الكَلام ..
دَعكَ منه!



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أَيْنَ اخْتَفَتِ الكَلبَةُ الهَارِبَة؟!
- تَحريفُ الحَياةِ بِتَخريف
- إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار
- بَغْلُ الدِّيرَة
- شُعاعٌ حَذوَ مِحرَابِ الإيمان
- لا تَثريبَ على حَيوانِ -الكَسول-
- مِن حِوَاري مع صَديقتيَ النَّملةِ
- قَرفَصَةُ الهِّرَّةِ الحَامِل
- عِلمُ مِيكانيكا المِسْبَحَة
- وإنَّما زينَةُ الحَواجبِ العَوَجُ
- بَقيةٌ مِن سِيجار
- همسةٌ في رمضانَ معَ -أبي عدنانَ-
- اسبينوزا الحَنين
- الصحافة بظرافة
- [ إنتخاباتٌ بينَ الشَّاةِ والفتاتِ ]
- بَغداديات؛ تَحْتَ مَوْسِ -عَادِلَ- الحَلاق
- النبي الأمين وغزة فلسطين
- رَقيُّ ديجيتالٌ رَقميٌّ
- عن رحيلِ -كريم العراقي-
- [ أنَا وَصَدَّامُ وَمُظَفرُ النُّواب ]


المزيد.....




- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
- فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
- فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال ...
- اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة ...
- كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك ...
- الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي ...
- وفاة النجم الأمريكي الشهير تيتو جاكسون
- مصر.. استعدادات لعرض فيلم -إيلات- الوثائقي في ذكرى نصر أكتوب ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - طَيْشُ الكَلَامِ