|
هواجس ثقافية وسياسية ـ 228 ـ
آرام كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 8037 - 2024 / 7 / 13 - 16:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اتمنى أن يعلم البسطاء أن الدولة هي الدولة، وأن الديمقراطية لا يعني أنها ضعيفة. في الأزمات الخطيرة ستنقلب الدولة على نفسها وعلى ديمقراطيتها وتتحول إلى وحش يفتك بالأخضر واليابس.
عندما تبني كنيسة أو جامع أو أي معبد هذا حقك، لكن المنظر بالنسبة لي منفر. في اليوم الواحد أسمع مدح وثناء على الدين والأنبياء آلاف المرات من قبل عشرات الأقنية، أقرف، لكني اعتبر هذا حق طبيعي للأخر أن يعبر عن نفسه. لكن عندما يحرق القرآن أو الأنجيل أو التوراة أو أي كتاب أخر اعتبر هذا حق مشروع للأخر أن يعبر عن قناعاته. لهذا: أنا أدين تغيير الدستور السويدي ليصبح على مقاس الأديان والمتدينين، على مقاس الغائبين عن الوعي.
أنا أكره الأبنية الدينية الجامع والكنيسة والكنيس والمعابد الهندوسية والبوذية. هذه المعابد تسبب لي الكآبة والقرف، هذه حقيقة. شو لأزم أعمل؟ لا يهمني مشاعر الجاهل، ويجب أن يخضع الجميع للقانون كما خضعنا ونخضع للقانون في الدول الإسلامية الذي ميز المسلم عن المسيحي. وإن المسلم كان أعلى مرتبة ومنزلة من المسيحي أو غيره. المسلم يعتقد نفسه أنه سيد والأخرين عبارة عن عبيد، وأن الله اصطفاه من بين خلقه أن يصبح مسلمًا مؤمنًا محتكرًا للجنة، في وسط قطيع من الكفار الذين سيذهبون حتما الى النار. هذا يجب أن يكسر، وعلى المسلم أن يقتنع أنه مواطن في الدولة الأوروبية، وأن إيمانه بدينه شأن خاص به، وان هذا البلد بدأ فيه التمايز الديني منذ مجيء طويلي العمر بعد العام 2014. أنا استغرب من هذا العقل في هذا العصر. بكره سيطلبون عدم نقد الدين، وسيطلبون سن قانون ازدراء الأديان، وسيطلبون سجن المثقف، وربما يعتدون على من يكتب. هل نضمن أن الإسلاميين لن يجبروا الدولة على إجبار المرأة على ارتداء الثياب المحتشمة، النقاب؟ بالأخر هذه النماذج عبارة عن عقل بدائي يجب أن يوقفوا عند حدهم بالقانون. علينا أن لا ننسحب أمامهم. لقد انسحب العلمانيون من المعركة إرضاء للدولارات القادمة من عزمي بشارة المناضل العتيد، يجب مواجهته
التحالفات الدولية على المحك اليوم بغياب عدو معتبر. والتحالفات القديمة مهزوزة تمامًا ربما تتفكك في أية لحظة. لم يعد هناك ضرورة عملية لحلف الناتو سياسيًا أو عسكريًا. وإن الابتزاز الأمريكي لأوروبا لن يدوم طويلًا. إن الولايات المتحدة تريد تشغيل المصانع الحربية الأمريكية بالمال الأوروبي، وهذا لن يتم على الأطلاق. كما أن التحالفات الاقتصادية لن تبقى كما كانت. وسيبحث كل طرف عن مصالحه الخاصة في المكان الذي يلبي متطلبات أمنه وقوته واقتصاده. إن الضغط الأمريكي سينتج عنه ترتيب البيت الأوروبي ـ الأسيوي، ويدفع باتجاه اوروبا الاعتماد على نفسها عسكريًا وفتح خط مع الصين وروسيا والهند. لا يعرف المرء كيف يمكن تفكيك الاقتصاد المتداخل بين أوروبا والولايات المتحدة وإلى أين ستسير الأمور في نهاية المطاف؟ العالم السياسي عاري تمامًا، لا أيديولوجية مقنعة فيه، ولا مرونة اقتصادية كما كان بالأمس. النظام الدولي الجديد لم يولد إلى اليوم ويبدو أنه لن يولد في ظل التوحش في السيطرة على الثروات والهيمنة والسيطرة. ولا حروب أيضًا أننا على مفترق طرق.
الموهبة هبة الطبيعة للإنسان، بيد أنها تحتاج إلى القوة والشجاعة للإنطلاق. هل تفعل الدوافع الجنسية والطاقات الجوانية المشتعلة في داخل المرء فعلها في تثمير وتثوير هذه الموهبة؟ الجنس هو وراء أغلب الدوافع في هذه الحياة، كالسلطة والسيطرة والزعامة والرغبة في تأكيد الفردانية العليا، وفي دوافع القتل والموت. الجنس، ليس ذلك الاتصال الوقتي السريع، أنما هو محاولة العودة للتعويض، للفقد الأول، ولأنه لا يستطيع الالتصاق الدائم مع ذاته في شريكه سوى لحظات، لهذا فإن الهاجس الذي في داخله، والرغبة في الالتحام معه يجعله قلقًا حزينًا وفي حالة ألم دائم إذا لم يتحقق. إن الدوافع السيكولوجية والوجودية للجنس أكبر بكثير مما نراه. إنه محرك ومحفز لكل العلاقات والطاقات، ولكل ما نراه من قلق وتوتر وحزن وفرح ومن صعود وهبوط. بالرغم من حضوره الطاغي إلا أنه لا يروي العطش. يبقى الإنسان قلقًا، مأسورًا، يقظًا خائفًا من الفقد. فقد الذات في الآخر. سيبقى الفقد قائمًا وسيبقى الإنسان مأسورًا دائخًا مهزومًا من الداخل. " ياربُ هل يرضيكَ هذا الظّما.... والماءُ ينسابُ أمامي زُلال "
لا يمكن أن تكون مبدعًا وفي داخلك نار خامدة، إنسان ميت، تحول إلى رماد منذ مئات السنين وربما آلاف. المتمرد هو الكائن المبدع، المملوء بالاسئلة الذاتية والعامة والوجودية، وفي داخله رفض كامل للواقع الاجتماعي الفلسفي الوجودي. هذه الاسئلة الكبيرة تختزن في داخله عقل، رأس يغلي بالأفكار الجديدة التي تبحث عن جواب، مركونة في طيات الواقع وتحتاج للخروج إلى الضوء. الإنسان المتمرد، هو الكائن الرافض لما هو قائم، داخله يعمل، يبحث من أجل الوصول إلى المعرفة. الإنسان المتمرد يفترض أن يكون عقلانيًا، يعتبر المنطق، العقل هو المصدر الاساس للمعرفة. الإنسان المؤمن كائن خامد، عقله خامد، المنطق لديه خامد، ولا تهمه المعرفة أو سواها، ولا يريد إرضاء ذاته أو عقله، وهو مسير، وكائن غير متمرد، يريد قطف الاشياء جاهزة، لا تعب فيها، لخدمته.
اتمنى أن أعرف الحكام الأوربيين من ماذا مصنوعين؟ أين أبحاثهم الأوروبيين الاقتصادية السياسية الاجتماعية، عندما يتعلق الأمر في قضية مصيرية مثلما يحدث اليوم على الساحة الدولية. فرضوا على روسيا آلاف العقوبات التي ارتدت على الشعوب الأوروبية سلبًا، وربما تؤدي إلى أزمات اجتماعية قاتلة، تسريح ملايين العمال والمهندسين والفنيين من وطائفهم. بل بدأت علامات الفقر تظهر في حياة الكثير من الشرائح الاجتماعية الأدنى، والأيام القادمة تنذر بالمزيد من الخراب. اليوم سعر ليتر الديزل في السويد ستة وعشرين كرونة وأكثر، أي ما يعادل ثلاثة دولارات، وهذا الارتفاع في الاسعار ينسحب على المواد الغذائية الاساسية، بحيث زاد على الضعف. من أجل من تحارب أوروبا، من أجل اوكرانيا الفاسدة، زيلنسكي الفاسد، صبي أمريكا، جيشه الذي لا يستطيع الصمود والقتال، ويتحجج بأنه يريد المزيد من السلاح؟ أم أن الولايات المتحدة تريد تدمير أوروبا بأدوات أوروبية كما حدث في الدول العربية، حيث توطأت الحكومات معها ضد الدولة والمجتمع في هذه الدول؟ اليوم رقبة أوروبا تتدلى يمينًا وشمالًا ولا أحد يعرف إلى أين تتجه أوروبا الحائرة المريضة. تقول الصحافة، أن الأموال التي قدمت لأوكرانيا كان بأمكان هذه الأموال أن تمول الناتو مدة أربعين سنة. وأغلب الخبراء العسكريين يقولون ان اوكرانيا مهزومة، ولا تستطيع الصمود أمام الآلة الروسية، ومنهم شخصيات مهمة، إلا جيك سولوفان، الهدهد تبع بايدن العاجز يقول ان روسيا لم تحقق أهدافها. في الحقيقة لا أعرف كيف يمكن لدولة لم تحقق أهدافها، وقد حازت على مساحة أكبر من 182 ألف كيلو متر مربع.
الكون قائم بذاته لا بداية له ولا نهاية
كانت الولايات المتحدة تحوز على 45 بالمئة من الناتج المحلي الأجمال الدولي في العام 1950 وبدأ بالانخفاض، في العام 1960 كان 40 بالمئة، وفي العام 2017 اصبح 19،4 بالمئة، بينما أصبح في العام 2019، 21،4 بالمئة، والاتحاد الأوروبي 18،7، والصين 14،1 بالمئة قلت مرات كثيرة أن هناك فارق نوعي بين الاستعمار الأوروبي المباشر والواضح وتحت النظر، وبين الاستعمار الأمريكية المخفي الباطني الذي جاء وجلب معه الانقلابات العسكرية النازية باتجاه الداخل، ودعمها من تحت الطاولة. جلب إلى السلطة في أغلب دول العالم الثالث الشخصيات الأكثر قذارة ودونية وباطنية. وقدم الدعم السياسي واللوجستي والاقتصادي للدكتاتوريات وحماها من السقوط العامودي والأفقي. اتمنى من كل قلبي أن يتراجع الدور الأمريكي السياسي والاستراتيجي على الصعيد العالمي، وعلى قيادة العالم، أن تجلس في الصفوف الأخيرة حتى تترك هذا العالم يقرر مصيره، فمؤشرات الناتج الأجمالي المحلي العالمي يشجع بهذا الاتجاه. إن تراجع الدور الأمريكي ربما يمكن العالم من العودة إلى نفسه وبناءه دوله بعيدًا عن الهمجية الأمريكية. هذه الدولة الأمريكية العملاقة أعادتنا إلى التوحش، إلى الخراب، لا اتكاء لها على ثقافة أو تراث أو قيم أو أخلاق. فقيم هذه الدولة هو المال الحاف، ضاربة عرض الحائط كل القيم الإنسانية كالتضامن والتكافل والتعاون. لا مشكلة لديها إذا خرب هذا العالم كله مقابل دخول دولار واحد إلى خزينتها
قبل مجيء ترامب إلى الحكم بفترة قصيرة كان هناك ملامح تغير كبير في السياسة الأمريكية. لم يعد وجود داعش يلبي الطموح السياسي للولايات المتحدة، فالاستثمار بهذه التجربة مكلفة على كل الصعد ونتائجه الاقتصادية بطيئة. بالإضافة إلى الجهود التي تبذلها في مراقبة حركة الأنشطة العسكرية للأطراف الداخلة في اللعبة الداعشية. لقد أعاد إلينا ترامب الشكل القديم الذي كان سائدًا وسماه سمير أمين، بنمط الإنتاج الخراجي، حيث تمركز السلطة هي مصدر الثروة، على عكس النظام الرأسمالي، حيث أن الثروة هي مصدر السلطة. اليوم يعمل ترامب وحكومته على فرض الخوة أو الخراج أو الجزية على العالم معتبرًا أن السلطة الأمريكية هي مصدر القوة والثروة. وعلى الآخرين كأوروبا واليابان والخليج وكندا واستراليا وغيرهم دفع المبالغ المالية العينية لدولته بالهيمنة والترويع. في السابق، تغاضى الحلفاء عن رعونة هتلر وتركوه يبلع النمسا سلميًا والسوديت ثم بولونيا عسكريًا ثم فرنسا وكاد أن يحتل العالم القديم كله لولا تغير موازين القوى. ماذا سيفعل العالم السياسي الدولي في مواجهة الولايات المتحدة؟ هل سيدفعون الخراج أو الجزية؟ ويتفرجون عليها تذلهم؟ أم يقفون في وجهها ويتحدوها؟ هذه الاسئلة أصبحت ملحة وخطيرة وتحتاج إلى إجابات في وقتنا الحاضر.
#آرام_كربيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هواجس ثقافية ـ 227 ـ
-
هواجس ثقافية 226
-
هواجس ثقافية وفكرية وسياسية 225
-
هواجس ثقافية ـ 224 ـ
-
هواجس ثقافية أدبية فكرية 223
-
هواجس ثقافية ـ 222 ـ
-
هواجس ثقافية 221
-
هواجس ثقافية ـ 220 ـ
-
هواجس ثقافية ـ 219 ـ
-
هواجس ثقافية وأدبية وسياسية ـ 218 ـ
-
هواجس ثقافية وفكرية وسياسية 217
-
هواجس فكرية وسياسية 216
-
هواجس ثقافية وسياسية وفكرية ـ 215 ـ
-
هواجس ثقافية وسياسية واجتماعية ـ 214 ـ
-
هواجس ثقافية وفكرية وسياسية وأدبية 213
-
هواجس ثقافية 212
-
هواجس ثقافية وسياسية وأدبية ـ 211 ـ
-
هواجس ثقافية وسياسية 210
-
هواجس ثقافية وسياسية وأدبية ــ 209 ــ
-
هواجس ثقافية وأدبية 208
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|