أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - أمي وذلك العشيق .. تبصر وإبصار بقلم الناقد إسماعيل إبراهيم عبد















المزيد.....

أمي وذلك العشيق .. تبصر وإبصار بقلم الناقد إسماعيل إبراهيم عبد


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8037 - 2024 / 7 / 13 - 00:08
المحور: الادب والفن
    


في بدء الحديث عن قصص (أمي وذلك العشيق) أود الاشارة بسرعة الى المنظومة العامة لاشتغال الكاتبة (فوز حمزة) , خاصة تلك المتعلقة بتقنيات الكتابة ومحتواها ومهيمنتها الفكرية . ان الكاتبة عبر المجموعات الأربع السابقة , وهذه المجموعة الخامسة , تؤكد مشروعها (التقني ـ الثقافي) . تطرح أبعاده بطريقة طريفة أكاد ألخصها بـ (متعة الأدب ؛ بلغته أولاً , ومحتواه ثانياً , وأغراضه البعيدة ثالثاً).ولو تابعنا هذا التلخيص فسنجد ما قبله عملا كبيرا وفعلا سرديا مغامرا , بل توجد مؤهلات فطرية وصناعية لا يمكن توفرها لغير الفعل المثابر والتدرب اليومي الجهيد.
ان قصص (أمي وذلك العشيق) عمل يتم مشروع الكاتبة بطوره الخامس , يطرح رؤى خاصة بالكاتبة ؛ رؤى تتيح لها الدخول ـ بلا تردد ـ الى عالم السرد الرصين . لندخل وإياها بعالمها القصصي ؛ عبر المنظومة الخامسة الآتية :
أولاً : تحولات الشخوص
يرد في (الصفحة11) من المجموعة القصصية ما يشير الى النموذج الخاص بتحول حال الشخوص , بقصة النموذج (الرسول) ؛ وهي قصة مشحونة بالفكر والشجن على الرغم من ان تقنياتها اعتيادية ؛ ما بين الحديث والتقليدي . ستمر الشخصية المحورية بأربعة تحولات , هي:
1 ـ الشخصية ألية مباغتة : تبدأ الكاتبة بتوصيل طاقة السرد للقارئ عبر شخصية (وهم) اسمه (زائري) ؛ يكون شخصية آلية , مباغته , شبحية . دليلنا قول الكاتبة فوز في /
[زائري هذا الصباح كان مختلفاً , غير متوقع , لم يطرق باب المنزل ولم يستخدم النوافذ, مع انها كانت مشرعة]( )
2ـ الشخصية شبيهة الواقع : هنا يكون فعل الشخصية معقداً جداً ؛ إذ ان فاعل الحدث يتعايش مع الموقف العام (للبطلة ـ الراوية) بواقعية مقنعة , وتعامله ككائن ضيف , او ساعي بريد معروف لديها ومحترم , مثلما يرد في /
[استقبلته بالرضا هذه المرة وابتسامة عريضة , أشرتُ له الى مكان الكرسي الهزاز وأخبرتُهُ بإمكانه الجلوس عليه . جلس ضيفي ملتفاً بعباءته السوداء. اعترف , لم يكن ودوداً] ـ القصة ذاتها , ص11
3 ـ الشخصية وهم مجرد : يتبين من متابعة القصة ثمة وجود غير مرئي للبطل ؛ فاعل الأحداث , لا ملامح له , لا حركة بائنة منه ؛ كأننا أمام وهم مجرد من الصفات كلها , عدا كونه صورة ناقلة لمحتوى . يقتحم خلوة البطلة ـ الند له , من جنبة الرتبة السردية . هذا الضيف (الرسول) لا يُلمس , مسموع الصوت بلا فم ولا لسان . انه مجرد وهم .. أكيد! , بدلالة المقطع الآتي : [نظرت اليه ... , هل أقتله كما أفعل في كل مرة يزورني بها؟ . أعرف ان هذا السؤال غبي , فكلما قتلته عاد أشد قوة وأكثر وحشية , بعد كل قتلة يعود شامخاً هازئاً مني !ْ] ـ القصة ذاتها , ص11
* ربما تحتاج هذه الجزئية من القص الى شيء من التوضيح لذا نقول : ان الوهم هو الرديف الأساسي للوجود البشري , وهو ذاته الذي كلما نحاول قتله نحييه , وهو ذاته من يشتم ويهزأ ... إذاً هو كائن غير منطقي , قوي متوحش ..
4 ـ الشخصية اسطورية : ان الشخصية الآلية التي تحولت الى شخصية شبه واقعية , ثم تصيّرت وهماً مجرداً من أية ملامح ؛ ها هي تتحول مرة رابعة الى شخصية اسطورية , لها قدرة على تغيير هيأتها من طبيعتها كوهم الى طبيعة الفاعل المهيمن , المتعاظم , البديل عن القوى المحيطة به كلها . انه يجمع بفعله بين العناصر المادية وغير المادية مثل جميع الأساطير التي خلقها الخيال المتعاظم للبشرية. لننقل بعضاً من حوار البطلين :
[ ـ ثمة رسائل لكِ عندي ...
ـ اقرئيها , تمعني فيها...
سألته : من أرسلها؟
اجابني بينما جسده يتحرك بقوة الكرسي الهزاز ومعه الكون يتحرك :
ـ لا اعلم , انا رسول فقط] ـ القصة ذاتها , ص12.
* يمكننا ان نبرر حال التأسطر هنا بالقول : لا يوجد من يحرك الكون سوى القدر الأُسطوري , منطلقاً من هزات الكرسي الى أعلى هزة وحركة ارضية الى اعلى هزة عند بوابات السماء!.
ومن طريف الثيم الرديفة بتحولات الشخصية ؛ ان البطلة تقرأ الرسائل فتجد انها مصائرها التي وضعها لها القدر , كونها فواصل للعمر الزمني منقولة عبر تأملها لعمرها من البدء حتى لحظة انجاز ذهانها لذلك الوهم , بدلالة انها عندما أتمت قراءة الرسائل وجدت الكرسي فارغاً.
وثمة فعل سردي محذوف يقول : طالما انتهت رسالة العمر , إذاً ليمضي العمر بالرحلة نحو السماء بهدوء ورضا!
ثانياً : البث والتأثيث
اننا نفهم بأن بُنى القصة ـ بعد اكتمالها ـ يكون مظهراً تدوينياً أخيراً لها , بينما البث السردي لجمل القصة قد مرّ بعدة مراحل للتأثيث البنائي ؛ ومثالنا في قصة شجرة العشق سيوضح هذا النموذج من البث والتأثيث. لنتابع ذلك عبر الخطوات الآتية :
أ ـ الأشياء
وهي ثلاثة أنواع ؛ أشياء كبرى , أشياء صغرى , أشياء لا مادية.
يمكننا تحديدها على النحو الآتي :
1 ـ الأشياء الكبرى : وتبدأ بالعنوان (شجرة) , ثم الإلهة الكبرى , ثم كوكب ابنادوسي. 2 ـ الأشياء الصغرى : تشمل جمر الاقحوان , ثم ماء النهر , ثم زورق النجاة.
3 ـ الاشياء غير المادية : تشمل نور العشق , ونور القلب, وصوت العاشق , وزاد النور.
* ان وظيفة الأشياء الكبرى ان تقوم بصناعة الحدث الأكبر والأهم بصفتها كوجود غير عاقل. اما الأشياء الصغرى فوظيفتها ان تساعد على انجاز الحدث الأكبر برعاية الشخوص وتمكينهم من البث القولي لمجمل القول . بينما وظيفة الأشياء غير المادية فهي تبيين طبيعة ومحتوى وتركيب نفسية الشخوص وتوجيه قولهم نحو الدلالة الكبرى للقيمة الأهم في القص.
ب ـ الشخوص
هم مجموعة الأدوات السردية ـ بيد الكاتبة ـ التي تستعيض بهم عن نفسها متوزعة الأفكار والرؤى , تنفذ بهم خطة السرد كله بعد تأثيث مكان السرد .
سنركز على الشخوص الأساس فقط . ان أول الشخوص هي الإلهة الكبرى شبيهة عشتار , ثم النبي شبيه كلكامش , ثم الرسام الصعلوك العاشق الثمل , ثم شجرة العشق.
* نلاحظ ان الشخوص كلهم افتراضيين , وهو ما يوسع مساحة التخيل ثم التمتع بأجواء غريبة , تثير أكثر من سؤال يؤدي لأكثر من زاوية معرفية للمتعة الفنية. * نلاحظ ان عمليات التحول في طبيعة ووظائف الشخوص في المحور أولاً ؛ يستمر في هذا المحور أيضاً بالتقاسم لسلطة الهيمنة الفكرية بين الاسطورة المتخيلة والامنيات البشرية لمستقبل الكون.
* والأمر الآخر ؛ هو ان الشخوص كلهم منذهلون بالوجد والوجود , بما فيه وما فيهم من حيوية (الماء والنار), ولا استثناء لشجرة العشق نفسها.
ج ـ المكان
هو الآخر من خلق الكاتبة , صُنِع بما يتعاضد مع الرومانس الجديد المتفرد , اذ هو سماء وشمس وماء وحديقة وشجرة. ويبدو ان ليس للسماء ولا للماء ولا للشمس سوى المساعدة في الاقناع ؛ بأن فعل نزول الإلهة الكبرى جاء بحتمية وجود أماكن اخرى غيرها. هذا الوجود الغيري هو الحديقة. وماذا في الحديقة لتكون بهذه الأهمية؟.
ان الإلهة الكبرى والنبي جوارها سارا على الأرض لمدى ساعة فوجدا :
[وصلا حديقة غناء , قال لها :
ـ انظري إليهم , هذا يرقص , ذاك يحتسي وآخر يتأمل , وهذا الذي قرب النبع مزهو بنفسه , يعتقد أنه عثر على الحقية.
ـ إذاً ؛ عثر على نفسه!
في طرف الحديقة صعلوك يرسم على الجدار ملامح امرأة , ما ان رآها , حتى تجلى له شيء في الافق, قال لها ونظرة عينيه توهجت بشكل غريب .
...
ـ من أنت
ـ انا صعلوك المكان] ـ قصة شجرة العشق , ص112.
إذاً المكان ـ الحديقة ـ هو /
1ـ حاوٍ لكل من ؛ شجرة العشق والأبطال كلهم
2ـ عنده يقع الحدث الأكبر والأحداث الرئيسة والمساعدة.
3ـ فيه تبدل الإلهة عاشقها ومكانها ومصيرها .
4ـ فيه يتشكل عالم خليط من الآلهة والبشر والسعادة الأرضية .
5ـ تفقد الآلهة سيطرتها على المنتسبين لها فضلا عن خروج البشر على سلطة الآلهة. د ـ فنتازيا هادئة
تتميز فكرة القصة بكونها فنتازيا هادئة تختلف عن مجمل نتاج القصص بمجموعة (أمي وذلك العشيق) , بكونها تعالج حدثاً غير واقعي تماماً , تخلق له ظرفاً مقنعاً من الفنتازيا الهادئة , تعبر به نحو الأماني التي يحلم بها العقل البشري منذ بداية صرخات العقل الانساني لبيكون وكانت. تلك الصرخة تكررها الكاتبة الانثى الباحثة عن معنى المصير ولا جدوى منه ان لم يخلق بشراً آلهة او آلهة بشراً ؛ لهم سعادة كبرى يختارونها بحرية تامة.
هـ ـ الحدث الأوحد
في القصة حدث واحد هو (نزول الالهة الكبرى) شبيهة عشتار من السماء الى الارض , وله حدث مساعد وحيد هو الحلول بحديقة الناس. وجرى في الحديقة ثلاثة أحدات تابعة ؛ هي : (قيام الصعلوك برسم الإلهة , وعشق الإلهة للصعلوك , وبقاء الإلهة في الأرض. لقد اوحى هذا الحدث بأهم فعل مستقبلي ؛ ألا وهو " اننا نخلد الآلهة ونسعدها بقدر ما تعطينا وتسعدنا"
وـ فلسفة القصة
لعلها قصة الأسئلة الوجودية الأهم لقصص المجموعة كلها فعندما يريد النبي ان يحرج الالهة يقول لها ـ ذما بالبشر ـ: (ستكثرين من طرح الأسئلة , ص116) . تجيب الالهة بما يشبه الافتتان بأسئلة المعرفة كونها هي روح الوجود , فتقول : ... الآن فقط عرفت (كيف للروح ان تنساب بالجسد.. ـ ص116)
ثمة خاتمة تفعل ذات الفعل الذي تنورت به الالهة, تقول الخاتمة :أبصر الوهج يتسلل من الشجرة ويملأ المكان . ابتسم بحزن وهو يتذكر كلمات إلاهته .
*بظني ان فلسفة القصة تلخص بالآتي :
(لا خلود ولا سعادة ولا جمال في أي مكان خارج الأرض. ولا زمن ولا وجود غير وجود ارضنا وزمن حياتنا).



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس
- يوم آخر .. يوم أخير
- هلوسات ندى
- معطف الغياب
- مطاردة من الماضي
- محطة وقود
- أين أختفى؟
- لم يقل لي أحبك
- خلوة كاتب أحمق
- قصة غير متوقعة
- خيط حرير
- حلم المنتصف
- حدث فجرًا
- تنازل
- العاصفة
- الحسناء جارتي ( حوارية )
- قارب في البعيد
- ليست قصة
- عين وساق
- الأعمى


المزيد.....




- الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
- فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
- -رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
- فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
- فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال ...
- اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة ...
- كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك ...
- الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي ...
- وفاة النجم الأمريكي الشهير تيتو جاكسون
- مصر.. استعدادات لعرض فيلم -إيلات- الوثائقي في ذكرى نصر أكتوب ...


المزيد.....

- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق
- البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان ... / زوليخة بساعد - هاجر عبدي
- التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى / نسرين بوشناقة - آمنة خناش
- تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة / كاظم حسن سعيد
- خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي ... / أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - أمي وذلك العشيق .. تبصر وإبصار بقلم الناقد إسماعيل إبراهيم عبد