أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - بائعةُ الثّعابين














المزيد.....

بائعةُ الثّعابين


أسماء غريب

الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 16:21
المحور: الادب والفن
    


حينما زُرْتَني
قال أهلي قد تكونُ: ملاكاً حارساً
أو وليّاً صالحاً
أو جنّيّاً عاشقاً
أو طارقاً بخَيْر.
كان لا بدَّ أن تمرَّ خمسون سنة
لكي أفهمَ أنّكَ أنتَ
وحدكَ مَن كان ولمْ يزل يزورني
ولا أعتقدُ أنّ أحداً
له اعتراضٌ على ذلكَ
فلا يوجَدُ دستور
يمنع حبيباً من زيارة حبيبتِه،
وَحْدَهُم أشباهُ العرفاء يعترضون
وَحْدَهُم يُنْكِرون أنّني النّقطة والحانة
وأنَّ كلَّ ما أراهُ أو أسمعُهُ: أنتَ؛
ذابتْ عيني وانصهرتْ أُذُني
مِن صُوَركَ العجيبة وأصواتكَ الغريبة
وهُمْ مازالوا لليوم يسألون بأيّةِ عيْن أراكَ،
وبأيّة أُذُنٍ أسمعُكَ
بل بأيّ جسدٍ أُسَافِر إليكَ؟!
فهل أبوح يا مولاي،
هل أقولُ إنّني ....
فالوجدُ الّذي كتبَ عنه الدّراويشُ لليوم،
لا يعنيني في شيءٍ
هُم قرأوا عن العُشّاق وما جرَّبوا العشقَ
أعني الموتَ الحقَّ الّذي لا هزل فيه؛
قرأوا عن جلال الدّين الرّومي والنّفريّ
وعن ابن سبعين والحلّاج وابن عربي
فاعتقدوا أنّ العشقَ مجرّدَ شريعة
يكفي أن تُؤمنَ بها لتُكتبَ في زُمرة الواصلين
لأجل هذا فأنا لا أؤمن بعشقِ المساكين المخبولين
ولا أحبُّ سِيَرَ العرفان المسطورة في الأسفار الرّكيكة
وطريقي ستبقى إلى يوم الدّين لا شأنَ لهَا بطريق الموهومين:
طريقهُم فيها النّور والحور العين والفراديس
وطريقي فيها العتمة الشّديدة والحروب الطّاحنة
لذا فلا أحد يقوى على مرافقتي في الخلوات ولا في الفلوات
فأنا عارفةٌ تبيع الأفاعي والثّعابين
ولا درويش في الجوار يستطيعُ أنْ يُدخل يدَهُ في أكياسي
فلا يلدغانه أفعى أو ثعبان مُبين
فإيّاكَ أن تقتربَ أيُّها الدّرويش
وإلّا رميتُكَ بأفاعي العشقِ القاتلة
وحرّكتُ بسُمِّها لواعج قلبكَ المسكين
فالعشقُ ليس سهماً ولا قُبْلةً ولا عيناً برزخيّة ترى
العشقُ قلبٌ قنّاصٌ حرٌّ شجاع
ينزلُ إلى الأقبية المُظلِمَة
ويدخلُ إلى سَقرَ الّتي لا تُبقي ولا تذر
قلبٌ يبحثُ عن الضّائعين والحزانى أهل التيه الأزليِّ
والتّعساء النّائمين في الخمرة والعسل المصفّى
قلبٌ يُخْرِجُ الحيَّ من الميتِ،
والميتَ من الحَيّ ويركبُ الأخطار والأهوال
ويضيع... يضيع ...يضيعُ في الفيافي ولا يعود
سائح سرمديٌّ بأسمال خُضْرٍ، لا يروي عطشَه أحد
فهل تقوى على هذا أيّها الدّرويش؟
مُدَّ يدكَ إذن فقد حان وقت النّزول إلى سَقَر
فَمن يدري لربّما غداً تصبحُ مثلي
عطّاراً يبيع الأفاعي والثّعابين!
مُدَّ يدكَ فوحدكَ لنْ تَجدَ بلاط الحبيب
مهما سجدتَ طويلاً في اللّيالي الباردة الحالكة
مُدَّ يدكَ فأنا كلمةُ السّرّ
وقصرُ الحبيب لن ينفتحَ لكَ إلّا بي
على الرّغم من انشغالي بزلازل رأسي
وإغماءات جسدي.
حاول معي، وسوف ترى
فأنا شريكتُكَ ورفيقة دربكَ
ودليلةُ أصحاب القلق والأرقِ المستديم
أنا الخِضرُ وأنتَ موسى
أنا إيزيس وأنتَ أوزوريس
أنا عشتار وأنتَ تمّوز
أنا مرّاكشُ وأنتَ بغداد
أنا اللُّغزُ وأنتَ السِّحْر العظيم
وأنا النّقطةُ التي تظهر بلباس السّلاطين
فتعال لأكشفَ لكَ الأسرار
تعال ودعني أُشَكِّلْ في قلبكَ الرّؤى والأحلام
تعال وناديني بِاسْمِي
تعال فقد حان وقتُ دخولكَ إلى الحانة الملكيّة
وجُلوسكَ فوق البساط الأخضر
وصعودكَ فوق الفرس البيضاء
تعال فاليوم عرشكُ من حروف وأرقام
وصولجانكَ عشقٌ وهيام
ومفتاحُكَ وبُعْدُكَ السرّيُّ أنا
ولا تتواضعْ بعد اليوم لأحدٍ أيّها الدّرويشُ
تلكَ كانت كذبة كُبْرى
سُطِّرتْ للإيقاع بكَ في شراكِ الوهم
عليكَ أن تعلم هذا؛
فلا تواضُع لعارف بلاطُ القيّوم مسكنه
اكسر قيود الماضي
واعلم أنّ الواصلَ من حطّم أغلال الضّعة
وتمرّد على المادّة في وحدته.
أدِرْ ظهركَ إذن لكلّ شيء
واسمع كلام هذه الدّرويشة المفتاح
التي أصبحتْ وحشاً نقيّاً تقيّاً
جارحًا خطيراً بدائيّاً في عزلتها
وتذكّرْ أنَّ من يريدُ القمّة لا ينحني
يحتضنُ الإله ولا يُصاحبُ سواه.
أتعلمْ، إنْ فعلتَ مثلي فمسكنكَ الجحيم!
لا تبكِ، فأنتَ من أردتَ أن تكون مِن أصحاب الطّاووس الأبيَض المهيب
أفقْ، فتلْكَ الجنّة التي ظلتَ تحلمُ بها يا صاحبي مكرٌ إلهيّ محض
خُلِقَتْ لمن يحلمُ بالقداسة العفنة
تأمّل في كلمات الإله عنها، غُص في أعماقها
وستجدها استدراجاً عجيباً للموهومين
إلامَ؟ هذا ما لا أعرفه.
لا تواضُعَ لعارفٍ باللّه
رفضَ الجنّة وأراد أن يقيمَ في الجحيم
استيقظ إذن وتعال أنْزلكَ إلى حيث الحبيب
أقربُ إليكَ من حبل الوريد!
استيقظ، فأنا الحاوية صاحبة الكساء الأخضر
أمشي في الطّرقات
وجِرابُ الثّعابين فوقَ ظهري
أبحثُ عن الغرقى في ظلمات النّسيان،
عن الدّراويش الّذين حلّوا الحزامَ
وَرَموا عصا الاختيار وخِرقة القرار،
عن أولئكَ الّذين هَجروا الرَّقْصَ والسّعيَ والهيام
وعنكَ أيّها العارفُ صاحب السُّهد الأزرقِ والدّمع الأحمر،
وعِطر الوَرْدِ والبخور في اللّيالي السُّود الطِّوال.
أنا الحاوية المسافِرة في الآفاق الفسيحة
متى ما دخلتُ سوقاً
فرشتُ فيها كسائي وعزفتُ أنشودة العشق والغرام
أنتظرُ ظهور الدّراويش أهل النُّبوءات والرّؤى والأحلام،
فلا تخَفْ من جنوني أيّها العابدُ الوقور
فأنا نجمتُكَ القُطبيّة
وفستاني طَرَّزَتْهُ بِالهُو أناملُ شمس تبريز
فتعالَ لأُلْبِسْكَ تنّورة النّقطة البيضاء
تعال لنرقُصَ معاً وأَنْزَعَ عنكَ خوفكَ العتيق
تعالَ واختم فؤادكَ بِعشقي
واجعل اسمي عنواناً لكُلّ الأغنيّات والأسفار،
فأنا الحاوية التي تمشي في الطرقات
وتنادي، هل من درويش أيّها الناس،
فقدَ كلَّ شيءٍ وحَلَّ الحزام؟!



#أسماء_غريب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشّجرةُ الشّافيّة (حكاية فلاديمير ميغري وأناستازيا)
- حلمٌ هيروغليفيّ: شارل بودلير وأقماره السّودُ
- جثّة في المرآة: بول فيرلين وآرثر رامبو: قراءة عرفانية جديدة ...
- جُثّةٌ في المرآة / بول فيرلين وآرثر رامبو: قراءة عرفانيّة جد ...
- رأسي في الدّلو
- الهدهد يبني ويهدم: ميتاسرديّات الخاتم السّليمانيّ في رواية ( ...
- سَفَر على بساط الفِكْر في مملكة سليمان (ع): قراءة في رواية ( ...
- أنا النّقطة (رواية)
- العارفة الأخيرة (رواية)
- السيّدة كُركُم (رواية)
- أكلتُ الشّمس (قراءات في روايات صقليّة) (2)
- أكلتُ الشّمسَ (قراءات في روايات صقليّة) 1
- قراءات عرفانيّة في فكر عبد الجبّار الرّفاعي
- في الشرّ وقضاياه
- تجليات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين / الفصول الأخيرة
- تجليات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين / الفصلان الثاني وا ...
- ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (3)
- تجليات الجمال والعشق عند أديب كمال الدين / الفصل الأول (2)
- ترجمة (عشق سرّي / حكاية إينيسّا ولينين) لريتانّا أرميني (2)
- تجلّيات الجمال والعشق عند أديب كمال الدّين / المقدمة (1)


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسماء غريب - بائعةُ الثّعابين