أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - التحولات الهادئة واللامرئية : من النشطاء إلى الفاعلين العاديين














المزيد.....


التحولات الهادئة واللامرئية : من النشطاء إلى الفاعلين العاديين


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 14:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يكثر الحديث هذه الأيام، عن دور النخب التونسية و المثقّفين العضويين" في إحداث التغيير المنشود إذ أنّ بإمكان هؤلاء أو هكذا نتوقّع منهم، أن يمارسوا الضغط وأن ينتقدوا الأوضاع وأن يتخذوا مواقف جريئة وأن ينتظموا وفق تشكلات جديدة وأن ينتجوا خطابات مبتكرة تتلاءم مع السياق الذي تمرّ به البلاد، وكذلك مع السياق العالمي بعد حرب إبادة الشعب الفلسطيني. وهذا الحديث الذي يتّخذُ النخب التونسية موضوعا للدردشة الفايسبوكية و"المحاكمة" أو التحليل يتراوح بين نقد صريح ل غياب المثقفين/ات وصمتهم وانتقاد شديد لارتهان فئة منهم للمركزية الغربية الذي بلغ حدّ انتظار الآخر حتى يُحدث التغيير بالنيابة، وبين شتم الجميع "على بكرة أبيهم" ولعنهم وسحلهم فايسبوكيا...

ويعكس الموقف من النخب تصوّرا تقليديا يتبناه أغلب الناس الذين مازالوا متعلقين بفكرة التغيير من فوق، أي الدور المنوط بعهدة المخلّصين والقيادات الثورية المنتمية إلى طبقة امتلكت امتيازات وتموقعت من خلال سلطة المعرفة أو امتياز الطبقة. وبما أنّ المسار قد أثبت أنّ التعويل على القيادات السياسية في النهوض بدور فعّال لم يعد في الغالب، ممكنا وأنّ الثقة في بروز تشكلات حزبية أو عمالية قد انعدمت فإنّ الحلّ يكمن، حسب هؤلاء، في استعادة المثقّف فاعليته وتحمّله المسؤولية التاريخية.
غير أنّ الذين يوكلون إلى النخب مهمّة تحقيق التغيير الاجتماعي بالنيابة عن الجميع، يعبّرون عن غير قصد، عن خلط بين الجامعي والمثقف وعن تمثلاتهم لدور المثقف/ة الذي لابدّ أن يتحوّل، في نظرهم، إلى فاعل سياسي يُخطط وينجز... فالمطلوب منه أن لا يحلّل ولا يفتح النقاش ولا يعرض الأسئلة المهمّة ولا يُنظّر... بل يمتلك القوّة على مواجهة سياسات الدولة والقدرة على الفعل في الواقع. ويتناسى هؤلاء أنّ التعويل على النخب يقيم الدليل على الاستمرار في تهميش دور الفاعلين "العاديين" الذين يعبّرون عن عدم رضاهم عن سياسات الدولة من خلال أفعال يومية ويقاومون بنى الاضطهاد واللاعدالة والتمييز من خلال أفعال بسيطة تبدو لامرئية. فربّات البيوت مثلا ما عدن يجدن حرجا في التعبير عن غضبهن من النتائج المترتبة عن غلاء المعيشة، وبتن يتعاملن مع الكاميرا بأريحية فيسردن تفاصيل حياتهن اليومية وهن يبحثن عن حلول عملية ولا ينتظرن خدمات من الدولة. إنّ سرديات النساء الباحثات عن الماء أو المواد الأساسية أو المتكبدات لآثار التغيرات المناخية تثبت أنّ علاقتهن بالدولة متوترة فهنّ لا يعتصمن أمام مقرات السلطة بل يقاومن فرديا أو ضمن المجموعات التي تشبههن وتتقاسم معهن الهموم والمشاعر والطموحات...إنّهن يبتكرن أشكالا من النضال والتضامن تسترعي الانتباه. ولا نعدم أمثلة أخرى عن نساء ورجال يقاومون بوسائلهم البسيطة في قطاعات أخرى كالفلاحة و المصانع...
إنّها أشكال حضور في الفضاء العامّ وأفعال مقاومة "مدنيّة" وسلمية وهادئة تتحدى الأطر التقليدية لفهم الفاعلية وتحليلها، ولتحديد الفاعلين وضبط جغرافية النشاطية. كما أنّها تربك المقاربات المألوفة التي تركّز على النخب وتهمّش بقية الفاعلين/ات لأنّ هؤلاء لا يمتلكون بلاغة التعبير عن تصوراتهم ولا أناقة الحضور في المنابر الإعلامية وفنادق ال5 نجوم...
إنّ هذه التحولات الاجتماعية مهمّة في تقديرنا، لأنّها تشير إلى أنّ اللاحركات الاجتماعية التي تمارس سياسة الشارع (على حدّ عبارة المفكّر الإيراني آصيف بيات) وفنّ الحضور في الأحياء والأسواق وغيرها من الأفضية، هي بصدد العمل على تغيير الواقع بنسق هادئ وهي تتجاور مع الحركات الاجتماعية التقليدية وتستفزّ من يدافعون عن التوجهات الليبرالية ويؤمنون بأنّ التغيير لا يتمّ إلاّ من فوق وعلى يد النخب أو بفضل "التدخل الأجنبي".
إنّ هذه الجماعات أو التكتلات غير المهيكلة وغير المنظمة وغير المنضبطة لا تؤمن بالقيادات والزعامات بل بالعمل الدؤوب من أجل تحسين ظروف العيش المتشابهة ولا تحرّكها الرغبة في السلطة ولا الصراعات الأيديولوجية أو الحسابات الضيقة بل "الخير العام" وجلّ ما تطمح إليه هو تحسين أوضاعها وضمان الحقّ في الماء الزلال من العيون وفي الكسرة وفي مكان يأويهم وأدوية تعالجهم...إنّه الحق في الخدمات الأساسية التي تضمن البقاء على قيد الحياة بكرامة. ..فاتركو الثقفوت لحالهم و النخب الفاشلة وتوقّفوا عند التجارب اليومية للناس البسطاء والعاديين وتعلّموا منهم إرادة الحياة وإرادة التغيير وفعل المقاومة لأنّ التاريخ يكتب أيضا من الأسفل".



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تتحوّل النساء إلى أشياء؟
- تشكّلُ خطابات جديدة حول الأمومة
- الرجل لا يعيبه شيء!
- من الأدوار الجندرية إلى التشاركية.. هل ينجح الرجال؟
- اعتذار للفلسطينيات ....وهل ينفع الاعتذار؟
- النار في جسدهAaron Bushnellإضرام في التعاطي الإعلامي الأمريك ...
- المتقاعدون يحتجّون: -الحماية والرعاية من البداية للنهاية-
- المؤسسات الجامعية وإبادة الفلسطينيين
- موقع التونسيات في مسار الانتخابات 2023/2024
- الحرب على غزّة والمنعرج الجديد
- جنوب أفريقيا ودرس في إيطيقا المرافعة
- بعض من الأسئلة التي أثارتها حرب الإبادة على غزّة
- نداء إلى الحركات النسوية: -حياة الفلسطينيات مهمّة-
- المجتمع المدني والتعديل الذاتي
- ماذا بعد عنهجية الدولة المارقة وإبادة الفلسطينيين؟
- أزمة الرعاية المجتمعية
- قتل النساء وإشكالية التغطية الإعلامية
- «تسيّس الاتحاد الأوروبي»
- الانتخابات بين المركز والهامش
- قتل النساء لا يثير قلق التونسيين/ات


المزيد.....




- توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين مصر والكويت
- مشاهد من تحرير الجيش الروسي نوفوفاسيليفكا في جمهورية دونيتسك ...
- حريق مفاجئ في مطار رفيق الحريري من دون تسجيل إصابات
- الشرع يناقش مع ولي العهد السعودي تعزيز العلاقات ومستقبل سوري ...
- بوندسليغا.. ليفركوزن يفوز بعشرة لاعبين ويواصل مطاردة بايرن ا ...
- روبوت سداسي الأرجل صيني يؤدي مهمات في القطب الجنوبي
- بوتين: نخب أوروبا ستخضع لأوامر ترمب
- إيران تزيح الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو ...
- -تلفزيون سوريا-: ظهور شقيق للرئيس أحمد الشرع علنا في السعودي ...
- الرئيس البنمي يعلن إنهاء مشاركة بلاده في مبادرة الحزام والطر ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - التحولات الهادئة واللامرئية : من النشطاء إلى الفاعلين العاديين