أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - تسعة شهور مضت والغدُ بظهر الغيب















المزيد.....

تسعة شهور مضت والغدُ بظهر الغيب


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 8036 - 2024 / 7 / 12 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مضت تسعة شهور منذ بدء الحرب الاسرائيلية الدموية على غزة وما زال بعض رؤساء العالم حين يتحدثون عن نتائجها المروّعة يؤكدون، في السياق ذاته، على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها. هكذا فعلت يوم الاثنين الفائت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأمريكي، في مقابلة صحفية أبدت فيها تفهمها لمشاعر المحتجين المتضامنين مع فلسطين لأنهم "يظهرون بالضبط ما ينبغي أن تكون عليه المشاعر الانسانية كردّ فعل على غزة" لكنها أكّدت، في المقابلة نفسها، على انها والرئيس الأمريكي كانا "متفقين ومتسقين منذ البداية على حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها" وأضافت: "لقد قتل عدد كبير للغاية من الفلسطينيين الأبرياء".
من المؤسف أن نسمع هذه التصريحات بعد أن ثبت بشكل قطعي أن هدف هذه الحرب الاسرائيلية يتعارض مع جميع المبادئ الانسانية والقانونية والسياسية والعسكرية المتعارف عليها دوليًا، ولا يمكن، بأي حال من الأحوال، ادراجه تحت تعريف الدفاع المشروع عن النفس.
سيبقى مصير غزة مرهونًا بعدد من المعطيات وما تخطط له وتعكف إسرائيل وحلفاؤها في المنطقة وفي العالم، على إنجازه وفرضه كواقع جديد من شأنه أن يؤثر على مستقبل وشكل الدولة الفلسطينية العتيدة، وربما على صورة المنطقة برمتها.
وإذا تركنا مسألة "اليوم التالي" جانبًا، نستطيع أن نسجّل بعض الملاحظات حول انعكاسات هذه الحرب على أكثر من جبهة وساحة، وما أفضت اليه وكشفت عنه في تلك الساحات.
في غزة، اتَضح أن فلسطين اليوم هي فعليا اثنتان، ذلك رغم ما تدّعيه الفصائل الفلسطينية الوطنية والحركات الاسلامية وفي طليعتها حركة حماس التي تتصرف في مواجهتها العسكرية مع إسرائيل وخلال عمليات التفاوض الجارية حيال قضيتي المخطوفين ومن سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب، كصاحبة الحق الوحيدة والشرعية بعيدًا عن واجبها أو حاجتها لإشراك منظمة التحرير الفلسطينية، التي انشئت كي تكون "ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني"، على ما عناه وما زال يعنيه هذا الشعار وعلاقته بوحدة النضال الفلسطيني ومسيرة التحرر الوطنية واقامة الدولة الديمقراطية المستقلة. لست بصدد سرد تاريخ اشكالية العلاقة بين حركتي فتح وحماس، وانتقاله كصراع شامل حول فلسطين وحلفائها وأعدائها وانعكاسات هذه الازمة على مكانة منظمة التحرير؛ فمهما كانت ادعاءات الأطراف تبقى أولوياتها في الراهن الفلسطيني هامشية، إذ ما دام الانقسام الخطير قائما وآخذًا بالاتساع والتعقيد، يبقى الشعب الفلسطيني هو المتضرر المباشر منه، وتبقى مصالحه وآماله في كنس الاحتلال وتحقيق الاستقلال مهددة بشكل حقيقي ووجودي.
في الضفة الغربية المحتلة، اتضح، بعد مرور هذه الأشهر، أن ما بدا في بدايات الحرب وكأنه وقفة محسوبة لاستيعاب محطة السابع من اكتوبر والهجمة الإسرائيلية الوحشية على غزة وهضمها، هو في الحقيقة عارض لحالة عجز مؤقتة مردّها خوف المواطنين والمؤسسات والقيادات الفلسطينية من ردة فعل الاحتلال الاسرائيلي المحتملة، التي قد تصل الى حدّ شروع الاحتلال بتنفيذ جرائم جماعية وعمليات تهجير قسرية واسعة. أمّا اليوم، بعد مرور هذه الشهور، اتضح ان هذا العجز لم يكن مجرد حالة عابرة ومؤقتة، بل هو واقع مؤسف ومتجذر وله أسبابه المتراكمة منذ سنوات داخل المجتمعات الفلسطينية وله دوافعه التاريخية التي اشتدت مع ترسيخ مظاهر الانقسام الحماسي-الفتحاوي وما خلّفه من عداوات عصبية بغيضة، من جهة، وبفشل قيادات السلطة الفلسطينية بالتحرر من صيغ العلاقات السائدة مع الطرف الاسرائيلي، لا سيما التحرر من قضية ما يسمى "بالتنسيق الأمني" خاصة في ظل تفاقم جرائم الاحتلال اليومية وانفلات قطعان المستوطنين واعتداءاتهم الوحشية على القرى والمدن الفلسطينية، وتنكّر الجانب الاسرائيلي لاستحقاقات اتفاقية أوسلو ودفنها عمليًا تحت جنازير الدبابات الاسرائيلية وبيوت البؤر الاستيطانية السرطانية المتزايدة، من جهة ثانية.
يفتش الكثيرون عن المسؤول عن توصيل قضية فلسطين العادلة إلى قعر هذه الهاوية؛ ومعظم هؤلاء، من متابعين ومحللين، يكتفون ويصرون على تحميل كامل المسؤولية لقيادات السلطة الفلسطينية، ولا يتساءل معظمهم ولا يسألون أين وكيف ولماذا غابت سائر قيادات وكوادر العمل الوطني الفلسطيني؟ أو أين هي قيادات وجماهير ومؤسسات اليسار الفلسطيني؟ أو لماذا حيّدت النخب الواعية والمثقفين والمفكرين والمنظرين أنفسهم عن ساحات المواجهة ومواقع التأثير؟ أو أين هي مؤسسات المجتمع المدني والنقابات وأين وأين.. فلا يمكن اعفاء جميع هذه الأجسام وكوادرها، خاصة وأن بعضهم كان قد ساهم بتشكيل الحالة الفلسطينية الراهنة المترهلة وذلك اما بصمته أو بتواطئه أو بعزوفه الطوعي أو باحتمائه بعباءاته الأكاديمية وبخيرات مراكز الابحاث الغربية والعربية والاسلامية.
اخذوا يراقبون من بعيد عملية السقوط وينتقدون ويهاجمون السلطة بدون أي فعل ولا تأثير. لا يجوز اعفاء جميع هؤلاء واغفال دورهم في حدوث الفاجعة.
ستبقى قيادات منظمة التحرير ومعها قيادات السلطة الفلسطينية هي المسؤولة الأولى والمباشرة عما يجري، أو لا يجري، في الضفة المحتلة المحتلة تحديدًا، ولكن من يكتفي بكيل هذه التهمة والتوقف عندها وحصرها على أعتاب منافع السلطة الفلسطينية ورجالاتها، ويعفي سائر من ساهم في شرذمة الكل الفلسطيني، خاصة من استدفأوا بحضن الخليفة التركي مرة واستجاروا بعصا السعودية مرّة أو استهدوا بمال قطر حينا أو استعطفوا رضا الامارات حينا أو تلحّفوا برضا "الخواجات" حينا اخر - من يعفي جميع هؤلاء مما جرى ويجري لفلسطين، سيكون متجاهلا الواقع وما حدث وما زال يحدث فيها، ولا يطلب الخير لها ولمستقبل شعبها.
هنا في اسرائيل جرى الكثير من المتغيرات اللافتة والهامة؛ فقد اتضح أن ما بدأ كعملية تحظى بإجماع شعبي ومؤسساتي واسع ورغبة بأن ينجح الجيش بترميم هيبة الدولة واستعادة قوة ردعها التي نسفها هجوم السابع من أكتوبر، لن يحصل. لقد بدأت قطاعات يهودية واسعة تؤمن أن نتنياهو حوّل الحرب على غزة الى "لعبته" الشخصية وراح يلعب فيها من أجل ارضاء وزراء حكومته المتعطشين للتخلص من الفلسطينيين؛ ولإنقاذ نفسه مما ينتظره في المحاكم وأمام لجان التحقيق.
تشهد شوارع اسرائيل، منذ أسابيع، تظاهرات عارمة ضد الحكومة تطالبها بإعادة المخطوفين. بدأت شعارات هذه المظاهرات تتدحرج وتخرج عن نطاق الحرب في غزة ومسألة المخطوفين وتأخذ مناحي سياسية أوسع، حتى انها أفرزت مؤخرا قوة سياسية جديدة يسعى قادتها الى تأطيرها في حركة سياسية بدءا بعقد "مؤتمر اليسار الاسرائيلي" الذي حضره مؤخرًا ما يقارب السبعة آلاف شخص.
لا يستطيع أحد أن يراهن الامَ ستصبح اسرائيل في الاشهر القريبة القادمة، خاصة بعد أن خسرت، بسبب جرائمها في غزة وفي الضفة المحتلة، مكانتها "كالضحية المطلقة الوحيدة في العصر الحديث"؛ وصارت شعوب وحكومات كثيرة في العالم تعتبر ان الفلسطينيين هم الضحية الحقيقية في أيامنا .كل الاحتمالات واردة؛ فإما أن تنجح بعض القوى اليهودية التي بدأت تخاف على مصير دولتها باقتلاع حكومة نتنياهو وفكرها واستبعادها عن مقاود السلطة وبناء سلطة بديلة قادرة على تناول المسألة الفلسطينية وحلها، واما أن تنجح حكومة نتنياهو وفكرها بالبقاء، لا في الحكم وحسب، انما داخل أنفاس كل مواطن ومواطن وتكمل عملها كما فعلت جميع انظمة القمع الدكتاتورية في العالم.
ويبقى الغد في "ظهر الغيب "
في إسرائيل أيضا، اتضح ان معظم المواطنين الفلسطينيين قد تخطوا مرحلة الخوف "والصمت الناضج والمسؤول" الذي اختاروه بوعي بعد السابع من اكتوبر مباشرة؛ تخطوه ليعودوا الى حالة عجزهم "الطبيعية" حيث لا شيء لافت يحدث بينهم سوى استعار نار الجريمة ووقوع ضحاياها بشكل يومي، بينما هم ماضون في مراسم حياتهم بتلقائية مزعجة وسط غياب حالة قيادية قادرة على مواجهة المخاطر.
بعد هذه الشهور التسعة يتضح اذن، أن ليس لدى حكومة اسرائيل أي مخطط لإنهاء الحرب سوى الشروع في حرب أخرى، وأن اسرائيل ما زالت دولة السيف حتى لو برق لوهلة في سمائها "العقل والقلم". ويتضح أن غزة تغرق ببحور من الدماء والصمود والاماني، وأن مصيرها معلق بأعناق قادة حماس وما يدبرونه؛ وهيهات نعرف ما يدبرونه؟ ويتضح أن الفلسطينيين في الضفة ينامون بين لعنة ومستحيل: لعنة تنسيق أمني غير مفهوم، وتنسيق مع أصحاب غزة معدوم. ويتضح، أن غدنا، نحن المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل، معلق هو أيضا "بظهر الغيب" فهل يفيق "خيامنا" قبل فوات الأوان لأنه ليس "في طبع الليالي الأمان ".



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توفيق زياد قائد ومثقف مختلف
- جامعة حيفا كمسرح متخيّل لمشهد اليوم التالي
- وقفة تفكر على عتبات محاكم الاحتلال العسكرية
- في الأضحى فلسطين هي الضحية
- يا غافلا وله في الدهر موعظة
- كل شيء قد تغيّر ، حتى الاحتلال صار وحشيًا
- نادي الأمل الفلسطيني
- فلسطين بين اسرائيل الصهيونية واسرائيل التوراتية
- الوحدة والمسؤولية قبل غزة وبعدها
- ما بعد بعد مدرسة مار متري..الطريق الى البطريركية
- محاولة اغلاق مدرسة -مار متري- منبه على صراع مستمر
- -يوم الاسير- قبل وبعد أكتوبر، يوم الوجع الفلسطيني
- حين كذّبت غزة شعار -معا سننتصر- واحترقت وحدها
- العرب في اسرائيل، بين محنة حاضرة ونعمة مشتهاة
- جنازة للعدل في حيفا
- لو أردنا وعملنا لنجونا
- من تراتيل اذار ، نار الحرية خالدة
- انتخابات المجالس المحلية في اسرائيل بين حربين: غزة وصناديق ا ...
- عندما خسرت القدس -شرقها-
- أفراح فلسطينية ملفعة بأكفان


المزيد.....




- على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا ...
- في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ ...
- بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل ...
- هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
- مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ ...
- مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
- حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
- دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با ...
- كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو ...
- طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - تسعة شهور مضت والغدُ بظهر الغيب