أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة العطش ونقد النقد .














المزيد.....

مقامة العطش ونقد النقد .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8033 - 2024 / 7 / 9 - 18:53
المحور: الادب والفن
    


لا ندري لمن نميل , لنجاح أبراهيم الكاتبة ؟ أم للمندلاوي الجميل الذي عصر روايتها (عطش الإسفيدار ) , ثم نشرها للهواء بطريقة أحترافية تستشف وتعوض وتضيف , تعودنا ان نشرياته تنعش في النفس روح المطاولة , فهو شخصية مركبة تحمل ثقافات وأفكار شتى من الطيبة والنقاء , فنقف مندهشين أمام هذا الفيض المضئ والجميل بكل شيء , انسان يحمل قلب طفل مشاغب بما يملك من براءة واضحة ضمن سلوكيات ايجابية وثقافة هائلة من الخبرة في اللغة والبلاغة , ويرينا كيف الإنسان يحمل تلك الطاقات والقدرات المتميزة والشاملة والتي يستطيع من خلالها ان يستميل قارئه نحو آفاق مضيئة .

ولو عدنا للرواية وكاتبتها التي اعجيت مندلاوينا الجميل , فمعلوم ان الأبداع الأدبي مرتبط إرتبلطا وثيقا بحياة الأنسان ومنذ أقدم العصور , كحاجة روحية تعيد للأنسان توازنه , وحتى قبل أن يعرف الكتابة , كان يرسم ويقرأ مدلولات صوره على الأحجار وفي داخل الكهوف وعلى جذوع الأشجار , حيث يبدو الفن في طفولة البشرية كوسيلة سحرية لتلبية حاجات مادية وروحية أنسانية , ترتبط بالطبيعة وفيما ورائها .
يقول نيتشه : (( تتألف الاستراتيجية التي يستخدمها كاتب النثر الجيد من عملية اختيار لوسائله التي تجعله يقترب من الشعر )) , وها نحن نقرأ نقدا كأنه شعرا , او كما يقول أمين جياد : ((أَرى أنوارَ وَجْهِ خَلْفَ عرجونِ القمر, تُصَلّي )).

يذكرني ألأسفديار وعطشه وهو الصفصاف المحتضن للماء , بقول سابق للكاتبة ورد بصورة معاكسة لمعناه هنا حين وصف ابن بطوطة جنة المشرق ( دمشق ) : ((بأنها ارض سئمت كثرة الماء حتى اشتاقت الى الظمأ)) , هنا تتبدى البراعة في الوصف والتي لفتت وأسرت أنتباه الناقد , كما أَسَّرَها يوسف في نفسه, وتُسِّرُها أنت , وأُسِّرُهُا أنا , حتى تستقيم الحياة .

تتناول الرواية في سردها حال بلادنا التي تحولت إلى مقبرة لوأد الأحلام , وتمنياتنا لو تمنحنا الحياة فرصة أخرى لترميم ما تهدم , ما دامت المواقف هي المرايا التي ننظر من خلالها لأنفسنا, وما دمنا نغمض العيون حين تفاجئنا الاحداث , فتستكبنا وجعاً , ونسقط مغشيا علينا خلف دهاليز عزلتنا , و (العابرون إلى أحلامِهم أبدًا لم يستطع وصفَهم فقرٌ ولا ترفُ) .

من أشهر الجمل الحوارية في مسرحية (دكتور فاوست) التي تواترت وتناقلت عبر الحضارات المختلفة , هي تلك التي صرَّح بها أحد كبار الشياطين (ميفيستوفيليس) , حينما قال: (( ما يبث الرَّاحة في قلوب التعساء هو صحبة أشباههم )) , وتم تحوير هذه الجملة إلى أن أصبحت مثل إنجليزي دارج ترجمته : ( التعاسة تعشق الصحبة) , هكذا نرى ابطال الرواية كلهم تعساء ( غالية و مزيد و عصام ).

ومن التفاصيل نفهم معادلة الضيزى : ان تعد له قلبا حانيا, فيرد بأن يحسسك بالفراغ , وتعود لتلتجيء اليه , هي لا تستطيع ان تجتثه فعندما استأصلت الجذور, جرى الماء من تحتها, يا مَن لَهُ كلُّ المَكان وليسَ يَملِكُ مِن مَكان ِ , لا أدري لماذا نصرّ على قاعدة كل شيء, أو لا شيء, فنفوز باللاشيء.
أمّا عن مناسبة قصيدة (أرى ماء وبي عطش شديد) , فيروى بأن الخليفة هارون الرشيد كان يحب جارية من جواريه حبًا شديدًا, وفي يوم من الأيام أراد أن يراودها عن نفسها , فقالت له : إن أباك كان يحبني , فتركها, ولم يقترب منها, وأخذ حبه لها يزيد حتى كاد أن يخرج على وجهه, فكان ينشد فيها متمثلًا بشعر ابنه الأمين, قائلًا: ((أرى ماءً وبي عَطَشٌ شديدٌ ولكن لا سبيلَ إلى الورودِ , أما يكفيكِ أنَّكِ تَملِكيني وأنّ الناسَ كلَّهُمُ عبيدي , وأنَّكِ لو قطعتِ يدي ورجلي لقلتُ من الرضا أحسنتِ زيدي ).
هذا هو التوظيف الجميل لرمزية العطش , وقديما قالها بشار بن برد ((فلا غَيْمُهَا يُجْلَى فَيَيْأس طَامِعٌ ولا غيثها يأتي فيروَى عطاشها)) , ونتسائل من قال أن العطش للماء فحسب ؟ أحيانًا نكون عطشَى لكلمة تجبر الخاطر وتواسي القلب أو عطشَى لبقعة صغيرة تشعرنا بالأمان في هذا العالم , أوعطشَى لبعض من العافية حين يتعبنا السقم , أو عطشىَ للوفاء للعرفان , لكلمة شكرا بكل حب ,عطشىَ للقاء طال أمده , ولأحبة غابت اصواتهم عنا ,
أو لإهتمام فقدناه ممن نحب , وياليت كل عطش يرويه قدح ماء, او كما يقول علي كمال : (أحتاج سقياك ).

لعمرك ماضاقت بلاد باهلها ولكن اخلاق الرجال تضيق
وكل كريم يتقى الدم بالقرى وللخير بين الصالحين طريق.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الحسجة .
- مقامة الأمل و السعادة .
- مقامة ألأستشراق .
- مقامة الجواهري.
- مقامة كنكلي . الى الأستاذ محمد علي السعدي.
- مقامة الظل والضوء
- مقامة نيرون .
- مقامة الزماط .
- مقامة ألأساطير الصوفية .
- مقامة الأحفاد .
- مقامة جزيرة غوام .
- مقامة الباندورا .
- المقامة الكلازية .
- مقامة نصف العلم لا أدري .
- مقامة صوفية .
- مقامة الأعياد .
- مقامة انا أبن جلا وطلاع الثنايا .
- مقامة الخيال الفائق : دانتي والمتنبي.
- مقامة حمال الأسية.
- مقامة حمال ألأسية.


المزيد.....




- نادي الشعر في اتحاد الأدباء يحتفي بمجموعة من الشعراء
- الفنانة المغربية لالة السعيدي تعرض -المرئي المكشوف- في -دار ...
- -الشوفار-.. كيف يحاول البوق التوراتي إعلان السيادة إسرائيل ع ...
- “المؤسس يواصل الحرب”.. موعد مسلسل قيامة عثمان الموسم السادس ...
- المسرح الجزائري.. رحلة تاريخية تجمع الفن والهوية
- بفعاليات ثقافية متنوعة.. مهرجان -كتارا- للرواية العربية ينطل ...
- حديقة مستوحاة من لوحة -ليلة النجوم- لفان غوخ في البوسنة
- عودة الأفلام الرومانسية إلى السينما المصرية بـ6 أعمال دفعة و ...
- عائلات وأصدقاء ضحايا هجوم مهرجان نوفا الموسيقي يجتمعون لإحيا ...
- كيف شق أمريكي طريقه لتعليم اللغة الإنجليزية لسكان جزيرة في إ ...


المزيد.....

- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة العطش ونقد النقد .