عبد الله خطوري
الحوار المتمدن-العدد: 8030 - 2024 / 7 / 6 - 12:53
المحور:
الادب والفن
مُذْ خرجتُ من عملي والتذمر يأكلني .. لا يهم .. ماذا قلت .. عملي ..؟؟!!.. أقصدُ ذاكَ التجنيدَ الذي كنتُ غارقا في متاهاته تحت طائلة الأوامر والنواهي .. أضَعْتُ الشبابَ .. كلَّ الشباب هناك تحت إمْرة زعيقهم وتسلطهم .. لَمْ أناقشْ يوما أي شيء .. كنتُ أحترمُ الجميعَ لدرجة السماح في أبسطِ أبسطِ الحُقوقِ التي يمكن أن تُوَفَّرَ أو يَسْمحَ لي بها البرتكولُ العسكري .. نعم كنتُ جُنديا مُخلصا سافرتُ كجميع الجنود المُخلصين بين الكثبان والرمال ومُنعرجات الصحاري وحاربتُ وعانيتُ وقاومتُ وأرسلتُ الكثيرينَ الى جهنم أو الى الجِنان أو الى مصائب الدنيا .. سيان عندي الآن ..!!.. لم يكن يهمني شيء الا خدمتي وتنفيذ التعليمات بحرفيتها .. وها أنذا بعد كل هذا الاخلاص يُقْذَفُ بي خرقةً مُهَلهلَة لا تصلح حتى للمُهْمَلات بعد أنْ رمتني تلك الصاعقة التي أمطرتْ على حين غرة من السماء هوتْ علينا نحن صغار المُجَنَّدين أوْدَتْ بالكثيرين قتلى وتركتِ الباقي مثلي نفاياتٍ جرحى مَعطوبين لا حول لهم لا عون ... قالوا لي : شكرا .. ربتوا على كتفي ابتسموا جميعا التقطوا صوراً مُلونة وغير ملونة معي مُكَشِّرِينَ عن أسنانهم مُتعاطفين .. وأشفقوا لحالي ثم أودعوا في جيب سترتي المهترئة رزمةً من الدراهم و ... سَرَّحُوني لأنْعَمَ بالحرية التي طالما تُقْتُ اليها .. هكذا قالوا لي .. ليبيراسيونْ .. سَنُسَاندُكَ سنعتني بكَ .. سنتكفل بالعائلةِ الكريمةِ .. وصدقتهم بطبيعة الحال ناسيا ألمي وعجزي وإعاقتي .. وها أنذا الآن أحلمُ كمعتوه ببنات آوى تجتزئ ركبتي من مفصلها .. تعضني أنيابُها النتنة تعقر عمودَ الساق شراستُها وتقتات مِشْيَتِي لأمسي شبحا زاحفا مُقعيا كقرد بهلوان مُهْمَل التفاصيل مُجَمَّدا على هذا الكرسي الصفيق ...
_يتبع
#عبد_الله_خطوري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟