أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأديبة آمال الشاذلي دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم د. عبير خالد يحيي















المزيد.....



جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأديبة آمال الشاذلي دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم د. عبير خالد يحيي


عبير خالد يحيي

الحوار المتمدن-العدد: 8028 - 2024 / 7 / 4 - 01:08
المحور: الادب والفن
    


مقدمة إغنائية:
" الفن ليس تصويرًا لشيء جميل، وإنما تصوير جميل لشيء ما، كيفما كان هذا الشيء"
أمانويل كانط
فلا يشترط بالفن، بأنواعه، أن يُعنى بتجسيد الجمال؛ لأن أي شيء يمكن أن يكون موضوعًا للتمثّل الفني، حتى لو كان قبيحًا.
هنا يبرز مفهوم "جماليات القبح" : على أنه معالجة شيء أو فكرة أو ظاهرة أو إحساس ما بأسلوب فني ولغة بصرية لها جمالياتها ودلالاتها العميقة التي تعطيها القدرة وتمكّنها من التأثير على المتلقي، وما يجعل عملًا إبداعيًّا جميلًا أو غير جميل لا علاقة له بالشكل الخارجي أو تفكيرنا النمطي اتجاهه، وإنما هو مقدار ما التزم به هذا العمل من صدق وقدرة على التعبير عما يتناوله.
البؤرة الثابتة:
هذا ما فعلته آمال الشاذلي في هذا المخطوط الروائي المعنون ب " العالقون"، وضعت المتلقي في مواجهة قاسية مع كل مظاهر القبح التي طالت إنسانية شخوص الرواية، الفقر، الجوع، الجهل، القمع السياسي، الحروب المدمرة، الفساد الأخلاقي، فساد المنظومة القضائية والقانونية، الانهيارات المجتمعية، التنمّر، الإرهاب، القتل للانتقام أو لغسل العار، التحرش الجنسي وزنا المحارم، والمتاجرة بالقاصرات تحت مسمى الزواج العرفي وهو غطاء شرعي مقنّع لزنا حقيقي، والشذوذ الجنسي واللواط بالغلمان، تخلّي الوالدين عن أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، تكميم الأفواه والاعتقالات السياسية والإرهاب الممارس على المعتقلين،.... وكلها مظاهر (ديستوبيا) تترك تأثيراتها على الإنسان في كافة النواحي، النفسية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية، والفكرية، وحتى البيئية، نجحت الكاتبة في طرحها كمواضيع متنوعة وكثيرة تخدم فيها الثيمة العامة لنوع الأدب السردي الذي اختارت الكتابة به.
الخلفية الأخلاقية:
إن الهدف الذي يحفز الأديب للكتابة بهذا النوع من الأدب- أدب الديستوبيا أو أدب المدينة الفاسدة أو أدب القبح- هو الخوف من تزايد انتشار الفساد في مجتمعه، لذلك يعمد الأديب إلى تناول علاقة الإنسان بالمدينة، وبالمجتمع، وهذا ما يدخله في نطاق سوسيولوجية الأدب، كما نجحت الكاتبة في التنبيه إلى الخطورة المحيقة بهذه المدن أو المجتمعات من انتشار هذا الفساد القبيح، كما نجحت بالتدليل على الأمل بإمكانية قلب هذا الواقع الديستوبي للوصول إلى اليوتوبيا المفقودة، عن طريق الثورة الاحتجاجية الرافضة لهذا الواقع القبيح، ومحاكمة المسؤولين لأنفسهم أولًا عن هذا الواقع الكابوسي، ثم محاكمة المجتمع لهم.
تجنيس العمل:
نص أدبي سردي تنطبق عليه كل مميزات النص الأدبي السبعة:( السبك Cohesion - التماسك الدلالي -Coherence - القصدية Intentionality - المقبولية Acceptability- الإخبارية Informativity - الموقفية Situationality - التناص Intertextuality )، من جنس الرواية، باكتمال كل عناصر البناء الفني الهيكلي والبناء البلاغي والجمالي للرواية، من نوع أدب الديستوبيا.
والديستوبيا هو المكان الفاسد، أو أدب المدينة الفاسدة، وهو مصطلح يُعنى بالمجتمعات التي تمتلئ بالغموض والشر، ويعيش فيها الناس تحت ظل حكومات طاغية مستبدة، ويُعنى أيضًا بمظاهر الدمار والخوف، وتشظي الذات، والحروب، والفوضى واللاإنسانية، والكوارث المجتمعية التي تهدد الإنسان في الوقت الراهن، أو تتنبأ بما سيحدث له في المستقبل.
المستوى البصري:
العنوان: العالقون
أولى العتبات البصرية الدلالية، و"العالقون" جمع "عالق" ومعناها أن الموصوفين بهذه الصفة دخلوا مكانًا ولم يستطيعوا الخروج منه، فالإسناد إلى جمع سالم من الناس، والإحالة إلى فعل الدخول إلى مكان وتعذّر الخروج منه. والدخول يحتمل أن يكون فعلًا إراديًّا أو إجباريًّا، لكن المؤكّد أن رغبة الخروج هي رغبة إرادية ومبتغاة، عنوان مكثف جدًّا لحكاية طويلة جدًّا، هي حكاية الإنسان مع حياته وأقداره، الأقدار التي قد يكون مخيّر في بعضها ومسيّر في أغلبها، ورغبته الجامحة بالوصول إلى مخارجها، وصراعه مع ذاته، ومع من حوله للخلاص من رحلة المتضادات.
الإهداء:
إلى العالقين
بين اليأس والأمل
بين مرافئ الوجود ودوامات العدم.
إهداء خاص لأهل الصفة، عتبة داخلية كاشفة لعتبة العنوان، ومُحدِّدة لطرفَي التضّاد، العالقين بين المدخل والمخرج.
المتن الروائي:
اعتمدت الكاتبة تقسيمات خاصة للمتن السردي، لم ترقمها ولم تعنونها بسابقة ( فصل)، وإنما أدرجت ألفاظ مثل: بداية، تمهيد، تمهيد أول، تمهيد ثاني، تنويه، تنويه أول، تنويه ثاني، استئناف،..... ولا غرابة في ذلك إذا علمنا أن الساردة معلّمة مدرسة، تتعامل مع روايتها كأنها دفتر أو " كشكول"، أي بمهنية المدرّسة، وحتى الفصول التي حاكمت فيها بعض شخوص الرواية، اعتمدت مصطلحات أو ترويسات تستخدم بمحاضر المحكمة، وهذا إيهام بالواقعية يُحسب للكاتبة، وما عدا ذلك، كان عبارة عن عناوين زمانية أو تأريخ مرتبط بحادثة، مثل : منتصف فبراير 1980 حادثة رامي رشيد، كما تكرر عنوان سقوط الأقنعة، وبشكل عام معظم العناوين كانت عناوين زمانية.
المستوى اللساني :
التكوين البلاغي :
ثمّة جماليات كثيرة ومتنوّعة معشّقة في النسيج السردي لهذا العمل، نحن، أمام هذا المتن السردي، أشبه ما نكون أمام لوحة من قماش البروكار الدمشقي الفاخر المحاك بخيوط الذهب والفضّة والحرير الطبيعي، كيف استطاعت الكاتبة أن ترشق على نسيج لوحتها كل هذه الألوان البرّاقة والقاتمة في آن؟! كيف استطاعت أن توظّف تقنيات أسلوبية كثيرة، تتعدّد فيها الصور البلاغية والجمالية، وتوازيها، مع جماليات القبح؟! لنرى كيف فعلت ذلك:
على مستوى الألفاظ :
وظفت الكاتبة تقنيات علم البديع :
الطباق: الجمع بين الشيء وضده في الكلام ( الكلمة وضدها )
- ولا نعرف إن كان الموت استثنى أحدًا، منتصرًا كان أم مهزومًا
- ليس لأنها شيطان وأنا ملاك.
- فهي أحالته من إعراض إلى إقبال، ومن رفض إلى إيجاب.
- تلعنها سرًّا وجهرًا.
- لا يفارق صحوها ومنامها.

المقابلة: يؤتى بمعنيين أو أكثر ثم يؤتى بما يقابل ذلك على الترتيب.
- يقابل جمالها الظاهري قبح باطني
- البعض سلاحه السيف والبعض أعزل.
- فلا يثورون إن جاعوا، ولا يتطلعون إن شبعوا.
جمال الطباق والمقابلة يكمن في إثارة الانتباه إلى الفكرة، ورسوخها في نفس المتلقي، وإبراز المعنى وتوكيده.

السجع: توافق الفاصلتين (الحرفين الأخيرين) في الجملتين المتجاورتين
في الحرف الأخير.
- فلا نظرات فلحتْ، ولا رسائل نفعتْ.
جمال السجع أنه يعطي نغمة موسيقية جميلة، ترتاح لها الأذن وتطرب لها النفس.

الجناس بأنواعه: يتشابه ويتفق اللفظان في النطق ويختلفان في المعنى.
- أتقلّب في فراشي وما بفراشي
- فلا تفيض وتريحني، أو تغيض وتجف في مآقيها
وجماله في أنه يشيع في الكلام نغمة موسيقية نابعة من التشابه في اللفظ.

الازدواج : وهو التوازن الموسيقى بين الفقرات من غير اتفاق في الحرف الأخير.
- يطوينا النوم بغتة، ويخترق الصباح أجفاننا بغتة، وما بينهما سلسلة من المفاجآت.
جماله في إحداث تأثير موسيقى هادئ يطرب الأذن.

الترادف: وهو اتفاق كلمتين أو أكثر في المعنى مع الاختلاف في اللفظ .
- كأنها " هارموني" ربة الانسجام والتناغم .
- لا أمان ولا عهد لها.
جمال الترادف يكمن في تأكيد المعنى عن طريق تكراره بلفظ جديد.
وغيرها من التقنيات الأسلوبية اللفظية المفرداتية.

على مستوى الجمل والتراكيب:
استخدمت الكاتبة علم البيان ( التشبيه – الاستعارة – الكناية – المجاز المرسل).
عبر توظيف تقنية اللغة المجازية Figurative language بأنواعها، وقد حفل المتن الروائي به، نذكر مثالًا على كل نوع:
التشبيه Simile:
- طفرت دموعي بغزارة كأن سدًّا انهار أمام فيضان عاتٍ .
سر جمال التشبيه يكمن في التوضيح أو التشخيص أو التجسيم.
الاستعارة/ الكناية Metaphor:
نجده بكثرة، وخصوصًا أن الكاتبة أعطت الجمادات والأشياء حياة، مثلًا لقد أولت الشوارع اهتمامًا خاصًا، شخصنت الجمادات، وبثّت فيها أرواحًا وحالات مزاجية، تقول:
- تقنّعت الشوارع بقناع البهجة الذي سرعان ما يتبدّل بآخر متجهّم بانتهاء الأيام الثلاث ( أيام العيد).
- الشوارع كائن حي يمتلك عدد من الأقنعة، تتدرّج من قاتمة، وهي الحالة السائدة، إلى حالكة، إذا ألمّت بها كارثة، أخرى وقورة للجنازات وليالي الشتاء الباردة والممطرة ...
- لأوّل مرة يمنحنا جمال المدينة نفسه، لأول مرة تتودّد لنا شوارعها التي كنت أشبّهها بامرأة جميلة لكن مطفأة الروح....
- الشوارع ساكنة تتلقى طعنات شمس قاسية في صمت وكبرياء.
كما أنها جسّمت الأشياء والظواهر بصفات سلطة طاغية، وأخرى مهزومة:
- تودّدت للنوم لعلّه يضمّني إلى مملكته ورعاياه، فلم أجد منه إلا الجفاء، فانصرفت عنه أقتفي همس الحيطان وعصير الألم؛ فلولا الألم لخلت الأرفف من الكتب.
- ارتخت قبضة النهار وزحف المساء متّئدًا.
سر جمال الاستعارة يكمن في التوضيح أو التشخيص أو التجسيم.
المجاز المرسل Synecdoche:
كلمة لها معنى أصلي لكنها تستعمل في معنى آخر، على أن يوجد علاقة بين المعنيين دون أن تكون علاقة مشابهة، وتعرف تلك العلاقة من المعنى الجديد المستخدمة فيه الكلمة .
- نعم من الاسكندرية؛ تلك المدينة التي تترفق بالغريب أكثر من قاطنيها، وتقدّم له افضل ما لديها، بينما تؤجل البهجة لأبنائها حتى إذا ما فرغت من ضيوفها؛ منحتنا الدفء في كؤوس من برد ومطر.
وسر جمال المجاز الإيجاز والدقة في اختيار العلاقة مع المبالغة Hyperbole المقبولة.
المحاكاة الصوتية Onomatopoeia:
المحاكاة الصوتية هي لغة تسمّي شيئًا أو فعلًا عن طريق تقليد الصوت المرتبط به، يضيف هذا الأمر بعض الواقعية إلى الكتابة كما في المثال التالي:
" أخيرًا ترامى إلى مسامعي دمدمة وزمجرة؛ كأن حيوانًا خرافيًّا يساق إلى الجحيم، هرولت الجموع نحوه، صعدتُ القطار بقوة الدفع...".
" القطار يقعقع مترنحًا..."
تقنية التوازي: Parallelism
هو عندما تكون العبارات في الجملة لها نفس البنية النحوية أو المتشابهة، مع الاختلاف بكلمة واحدة في كل عبارة عن أخرى، وفي أبسط استخداماته، يوفّر التوازي عبارة تتّسم بالتوازن والوضوح، ويعمل التوازي أيضًا على إعطاء العبارات نمطًا وإيقاعًا راقيًا، على سبيل المثال:
"... كأن لسان حاله يقول: أنا الله فاعبدوني كما أنا، أنا المانح وأنا المانع، أنا الكمال وإن كنت ناقصًا، وأنا الجمال والقبح أنتن، أنا التمام والنقصان أنتن".
أما على مستوى علم الجمال :
فقد وظّفت الكاتبة تقنية التصوير اللغويImagery :
هي اللغة التي تصف شيئًا ما بالتفصيل، باستخدام الكلمات لتحلّ محلّ الفرشاة بالرسم، والعدسة بالتصوير وذلك من خلال التحفيز الحسي، بما في ذلك الصور المرئية والصور الصوتية، وهذا مانسميه الرسم بالكلمات، أمثلة:
" البحر خلفي وديع بشوش مكتنز ببهجة الخريف، على رماله أرخت الشمس ضفائرها المذهبة، ورصّعه الموج المرتحل بزبده".
أما على مستوى جماليات القبح:
إن البنية الوصفية عند الكاتبة هي بنية ثنائية القطب، متجاذبة بفعل قطبيها السالب والموجب، قد تتكوّن تلك البنية من ملامح إيجابية للمكان المحيط بالسارد، توازيها انفعالات نفسية سلبية تنهش ذات السارد، هنا يمكن أن يكون المكان علامة سيميائية مثيرة أو محفزة لثوران بركان يستعد لإطلاق مقذوفاته:
تستهل الكاتبة روايتها بهذا التوظيف الفريد لجماليات القبح:
" أقتطع موضع قدم من كوكب يهيم في مجرّة تحتوي على ملايين الكواكب والنجوم، بينما جوفه مثل صدري يمور باللّهب".
تصف الساردة الأشياء الخاصة بها، وتقرنها بدواخلها بصورة جمالية لا يمكن أن يخطئها المتلقي، رغم سوداويتها:
" الحقيبة لا تضم الكثير، بينما قلبي مثقل بالانكسارات، وعقلي يضطرب بالهواجس والظنون..."
" كم كنت أودّ أن أهمس لأمي بأن البرد يجزّ روحي، ويمزق أحشائي على مدار الفصول، وأن الربيع لم يزرني قط..."
تبثّ الكاتبة في جماد الأمكنة حياة، تتخلّقُ في داخلها أرواح تنبض بالقبح والبشاعة، ترمي في نفوس ساكنيها طاقاتها السلبية التي تسحب منها كل ما هو إنساني:
" الكُتّاب الذي اضطرني أبي إليه لا يعدو عن جحيم وعذاب مقيم؛ كل ما فيه عفش، أرضه الباردة القاسية، جدرانه القبيحة كما كل الجدران في القرى، سقفه الذي تسبح فيه البراص وينام على أغصانه الجافة البعوض آمنًا، وأعفش ما فيه شيخه الفظ الطباع، حاد اللسان، يعايرنا بفقرنا على فقره، وبقبح خلقتنا على قبحه!".
تصوّر الكاتبة قبح حياة الأرصفة، وتوظّف تقنية الصورة الأدبية التي تعتمد جذب حواس المتلقي، وتستهدف الصور المكتوبة حاسة التذوّق أو الشمّ أو السمع أو البصر، من خلال أوصاف حيّة:
" ... فمن خبر حياة الأرصفة تقوى حواسه ككلب مدرب، فاللص له رائحة، والقوّاد له رائحة، وفتاة الليل لها رائحة، كما للشرفاء رائحة..".
أطلقت الكاتبة لقلمها حرية التجريب، فنقشت بين فراغات المتن السردي العديد من الخواطر والنصوص المفتوحة، وقصائد النثر، والقصائد المغنّاة....
المستوى المتحرك :
أدرس في هذا المستوى توظيف الكاتبة ل تقنية هيكليّة البناء السردي :Structure

وكل العناصر الديناميكية الطارئة التي يمكن رصد حركتها في هذا البناء، إضافة إلى الاحتمالات المرجأة التي يمكن التكهّن بها وفق الدلالات المطروحة في النص.
تقنية الزمكانية :Setting
تبدأ أحداث هذه الرواية من العام 1986، عقب أحداث انتفاضة الأمن المركزي 25 فبراير 1986، حين تظاهر عشرات الآلاف من مجندي الأمن المركزي بسبب سوء أوضاعهم، والانفلات الأمني وحظر التجول الذي ترافق مع تلك الأحداث، وحتى العام 2010، أي إلى ما قبل ثورة 25 يناير2011، أي بين فترتين مشهودتين بالفوضى وفقدان الأمن والاستبداد السياسي وما بينهما من فساد مجتمعي، مع بعض الاسترجاعات الزمنية التي قد تذهب إلى الخمسينيات من القرن الماضي، هذا هو الزمن العام للرواية.
وهناك زمن خاص بكل حدث سردي قامت الكاتبة بتثبيته في عنوان الفصل.
أما المكان، فقد أجادت الكاتبة في وصف كل من الأمكنة الديستوبية والأمكنة المشرقة، دون أن تغفل الجانب النفسي لها، وكذلك عكست ديموغرافية المكان وجوانبه الثقافية، كما عكست التغيرات التي طرأت على البيئة المحيطة والأسباب والظروف التي أحالتها إلى حالتها الديستوبية الحالية، حدّدت الكاتبة مدن أحداث روايتها، فهي متناوبة بين مدينتَي الاسكندرية والاسماعيلية، ولم تفتها الإشارة إلى تاريخ المدينتَين، بأسلوب أدبي أيضًا، فوصفت الظروف التاريخية لنشأة الاسماعيلية كما وصفت ديموغرافيتها في تلك الحقبة:
".....، فإن الاسماعيلية هبة القناة، أفسحت لها موطئًا في صفحات التاريخ، خاصة حين وقع عليها اختيار الخديوي اسماعيل، وإليه يعود اسمها، ليشيد قصرًا منيفًا يستقبل فيه ملوك وملكات وأمراء وأميرات العالم في حفل افتتاح القناة، تبدّل مشهد، بؤس الفلاحين الذين سيقوا عنوة من قراهم لتسخيرهم في أعمال الحفر مقابل كسرات الخبز ورشفات الماء، بآخر يرفل رجاله ونساؤه في ثيابهم الفاخرة، .... أهيل التراب على المشهد الأول، وفُتح الستار على المشهد الثاني....."
وهناك الأماكن المغلقة، مثل سكن المغتربات وغرفة سكن المعلمات، والمدرسة، وبيت أهل الساردة، ثم شوارع ومعالم الاسكندرية، والأمثلة على كل ما ذكرت موجودة في النص بكثرة.
تقنية الموضوع أو الثيمة Theme:
هناك الكثير من المواضيع القضوية المطروحة في الرواية، وكلها تنضوي تحت الثيمة الفساد.
فمظاهر القبح طاغية على بنية الرواية فنيّا، كما كانت جمالياته وتجلياته طاغية على البنية الجمالية والأسلوبية، طرحت الكاتبة الكثير من القضايا الفاسدة التي تتجلّى فيها مظاهر القبح في بنية الرواية الفنية وعناصرها السردية، في زمكانية كل حدث سردي فيها، في المضامين والمواضيع، والشخوص، عبر سلوكياتهم، وفي دواخلهم، وعبر كل التقنيات السردية الكثيرة التي وظفتها الكاتبة، بما فيها محاولتها الجريئة عبر إتاحة الفرصة للشخوص لمواجهة نفسها ومحاسبتها والدفاع عنها والحكم عليها، فأسهمت في خلق مواجهة لأوجه القمع والألم النفسي والجسدي نتيجة العلوق في عنق أو قعر الزجاجة، لنفوس تبحث عن قيمتها الإنسانية، عن حريتها، بعضهم يحاول ضبط البوصلة وتغيير الواقع وتصحيح العوج والعوار، ليتحوّل القبح من قيمة سلبية مرفوضة إلى قيمة إيجابية لها دورها الفني المؤثّر في العمل السردي، وتغدو الرواية إسهام الكاتب في تغيير المجتمع وتصحيح مساره نحو الأفضل.
من الصعب أن نحدّد شخصية بطلة واحدة في هذه الرواية، لأن الكاتبة أعطت الأهمية الكبرى للحبك الفرعية، فجعلت لكل حبكة فرعية موضوع قضوي تتحمّل عبء طرحه شخصية مركزية تحمل سمات الشخصية البطلة، إذن ، نحن أمام شخصيات رئيسية كثيرة مشوّهة، تجسّد، إمّا قضية قبيحة فاسدة ( حمدي – فوزي – جمعة- عايدة - )، وإما قضية سلبية تكون فيها الشخصية ضحية ( أم وفاء- ريم- فيفيان- غادة )، إلى جانب الشخصيات النامية التي حملت حمولة التغيير، فتغيّرت من حالة الفساد الأخلاقي والسلوكي إلى الصلاح ( هدي زكي- نعناعة).
يصف حمدي صميدة نفسه وفوزي، بأقبح ما يمكن أن يكونه أطفال الشوارع، وأحقر ما يمكن أن يمتهنون من مهن، ابتداء من مسح الأحذية، مرورًا بتوفير البنات والغلمان لمن يدفع من أهل الرذالة والشذوذ، والمتاجرة بالأعضاء والدماء، ترويج مخدرات ومرشدين وناضورجية :
" أنا وفوزي وملايين مثلنا جزء من أسفلت الطريق، وعادم السيارات وبذاءة السكارى والعاطلين"
" أنا وفوزي جزء من الجرائم المروعة التي تحدث في شوارع القاهرة الكبرى، ظاهرنا ماسحو أحذية، وباطننا كل شيء، جلب بنات وغلمان الليل لمن يريد، توفير بائع لأعضائه ودمائه لمن يدفع، ترويج مخدرات، وأحيانًا مرشدون للبوليس، ومرّات ناضورجية للمجرمين، اليوم في شوارع القاهرة بألف عام في منافي الصعيد وجحيمها"
تطرح الكاتبة قضية زواج الصغيرات من كبار السن، بلا أدنى اعتبار لقانون التكافؤ، عبر نفس التقنية (جماليات القبح)، لكنها هنا تقنية سردية :
" سيقت القرنفلة المغسولة بقطرات الندى إلى نخلة عجفاء أزهق روحها قيظ الشمس، ونال منها زمهرير العوز"
كما طرحت موضوع الاغتصاب الجماعي، في ظل فساد أخلاقي وتربوي أسري، بين من يُفترض أنهم أخوة يعيشون في بيت واحد، حيث يتناوب ابنَي الزوجة( عايدة) على اغتصاب( ريم) بنت الزوج ( حمدي صميدة)، بغياب مدبّر ومقصود من الزوجة:
" ما هي إلا دقائق تلوّت في شرنقة الزمن حتى خلدت زهرة عباد الشمس للاوعي، أضحى جسدها الطاهر مجرد قطعة لحم دافئة بين أنياب ذئبين متلمّظين، انتهكا طهارتها وبراءتها..."
من ضمن القضايا المطروحة قضية فساد القضاء والدائرة القانونية، وقد حمل لواء هذه القضية المحامي (جمعة العبد) مزوّر شهادات الميلاد لأطفال الزواج العرفي، ومتعهد موضوع زواج أصحاب المال من القاصرات:
" قمتُ بتزوير شهادة ميلاد لوليدتها دون أدنى شعور بالعار..."
".... حرصتُ على توفير كافة الضمانات للفتاة الضحية، أحتفظ في مكتبي بنسخة من عقد الزواج وصورة من هوية الزوج وجواز السفر، إن كان ينتمي إلى جنسية أخرى، كما أشترط أن يفتح باسمها حسابًا في أقرب فرع بريد في محل سكنها لإيداع نصف المبلغ المتفق عليه في حسابها والربع لأسرتها والربع لي،... ولا أخجل من أن أشترط عليه استخدام الواقي الذكري، وأوعز إلى نعناعة بتوعية الفتاة كي تحتاط جيدًا من أن تصبح أمًّا من زواج عرفي".
تسترسل هدى زكي بنت نعناعة في شرح الموضوع وطقوس التحضير قائلة:
" تنهض أمي بمهمة تهيئة الضحية " غلام أو فتاة"، لو غلام يرسل لها جمعة رجلًا خمسينيًّا له باع في النخاسة يدعى " حمادة"، يقوم بتحميم الغلام وفرك جسده بالزيوت الخاصة منطقة الإليتين..."
" إن كانت فتاة تُفرك بالطين المغربي........ حين ينهي جمعة إجراءات الصفقة؛ يعطي الإشارة بتكفين الضحية في رداء أبيض، ثم تنثر المساحيق لتبدو أكثر إثارة، ولا ينقصها سوى الاستلقاء على المذبح خاضعة مستسلمة .."
أيضًا قضية نشأة ( الفتاة سيئة السمعة) هدى زكي :
" لست في عيون الناس سوى قطعة لحم أتت بها نعناعة النخاسة، قطعة لحم مستباحة لكل من تطالني يده، " مامتك وحشة" ... أذود عن نفسي بالضحك والصخب واللامبالاة ".
ظروف الاعتداء الجنسي المتكرر عليها من قبل الكفيل على طفولتها، طفلة يتيمة قاصر، تاجرت أمها بلحمها، وقدّمتها له لقاء أجر متفق عليه، مقبوض، هل هناك أمر أقبح من أن تبيع الأم لحم وشرف طفلتها؟:
"... بينما أمي تتظاهر بالهلع، أقول تتظاهر لأنه نما لدي شك بأن ما حدث تمّ بالتفاق بينهما وقد تقاضت الثمن..".
قضية الإجهاض الذي تُجبر عليه حال حملها منه، والذي تقوم به دائرة صحية فاسدة، ابتداء من الطبيب إلى العاملين، وكأنها شركة جزارة ربحية نتنة:
" سُقتُ إلى سلخانة صديقه طبيب النساء أو جزّار النساء، فهمتُ من ترحيب العاملين بهما أنهما يرتادان العيادة كثيرًا..".
ثمّ قضية الزيجات العرفية المتكرّرة للفتاة الواحدة، هو محور قبيح آخر تحكي فيه هدى زكي تجربتها، والبداية من نفس الدائرة الشرعية القانونية، جمعة العبد:
" باعني العرّاب ثلاث مرّات على مدار العام الواحد، البيعة الواحدة لا تدوم أكثر من شهر، أمي والعبد يقبضان النقود، وأنا أمتثل للصياد..."
موضوع القوادة، والظروف المعيشية القاهرة التي تجعل من طفلة صغيرة مشروع قوّادة أو نخّاسة، تخضع لاستغلال من هي بحاجته، من يسدّ عوزها بيساره، ويجعلها جاريته وملك يمينه، تتحمّل نعناعة مهمة الكلام عن هذا المحور، والمُدان فيه رجل القانون جمعة العبد:
" أنا عبدة هذا الرجل وجاريته، لا أعصي له أمرًا، فمن غيره مدّني بالخبز حين نهشني الجوع، من غيره ذاد عني حين تربّصت بي كلاب السكك تقايضني الخبز بلحمي؟ وحده الذي منحني الخبز والجدران والحماية".
موضوع جريمة الشرف وقتل الأهل لابنتهم المغرّر بها بقصد غسل العار، حمل هذا المحور فوزي عطية، الذي قام وهو طفل بقتل أخته امتثالًا لأمر أبيه:
" أمرني بجلب السكين الكبير، لم أكن أجرؤ على عصيان أوامره.. طعنتها مرغمًا، عاونته في هدم الفرن لمواراة جثتها تحت ثراه، ثم أعاد تشييده في اليوم التالي.. حين انتهينا لم يزد عن كلمتين كانتا آخر ما سمعته منه: غسلنا عارنا".
موضوع الفقر والأوبئة التي تفتك بقرى الصعيد، ومواسم فيضان النيل، ما يدفع الكثير من الصعايدة للهجرة إلى المدن بغاية اقتفاء طريق القوت، يحكي عنه حمدي صميدة:
" كل قرى الصعيد قُدّر عليها القحط، أغلبية أهل الصعيد يعانون من شحّ القوت، وغالبًا ما يضرب أهلها الأوبئة فيهلك الكثيرون".
قضية التنمّر، وتجنيد المأزومين في وانخراطهم مع الجماعات المتطرفة، قضية الفساد السلطوي، لبعض الشخصيات النافذة في السلطة وأجهزة الدولة، وتوسع سلطاتها ونفوذها إلى حدّ اعتقال أحد الشباب لمجرد نشره منشور على صفحة الفيسبوك، لتُلقي به سيارة، بعد أكثر من سنة على اعتقاله، أمام منزل أهله بشج بالرأس وجرح قطعي بالوجه وسحجات في أنحاء جسده، وتنتهي حياته في المستشفى:
" ما الجرم الذي اقترفه محمود؟! لماذا يموت شاب لمجرد أنه لمّح إلى فساد فرد؟ ولنفرض أنه تجاوز؛ ألا يكون الجزاء على قدر الخطأ؟ لماذا البعض فوق المساءلة ويحق لهم دهس القانون بل ودهس الوطن ذاته، بينما البعض لا يحق لهم حتى البوح بآلامهم؟ .
ثم تسترسل الكاتبة في استعراض مظاهر الفساد المستشري في مفاصل الدولة القيادية وضرورة مساءلة المسؤولين من وزراء ومحافظين، بعد أن حاكمت هي شخوص روايتها، فحاكمت فيهم كل المواطنين الفاسدين.
عقدت الكاتبة محكمة لمحاكمة كل شخصية مدانة بقبح أفعالها، وفساد سلوكها، قدّمت كل شخصية شهادتها ومرافعتها ودفاعها، ثم نطقت بالحكم، وهذه الطريقة في عرض الشخصيات تسمى الطريقة التمثيلية ، يمنح فيها الكاتب للشخصية حرية أكثر للتعبير عن نفسها، وعن ما يختلج بداخلها من أفكار وعواطف وميول مستخدمًا ضمير المتكلم، وفيها تتنحى شخصية الكاتب جانبًا، لتفسح المجال للشخصية الأدبية لتقوم بوظيفتها الفنية بعيدًا عن أية تأثيرات خارجية، عنونت الكاتبة فصول هذا العرض بعناوين المرافعات القضائية مثل:
البداية
} وفاء فوزي عطية{
تمهيد أخير
}رمزي الجارم{
هذه الشهادة حملت العاطفة والرومانسية والتي هي عنصر من العناصر الأربعة التي يُبنى منها الحدث السردي، ويمكننا ضمّه إلى نافذة مشرقة ثانية فتحتها الكاتبة على فضاء الأمل، حين جعلت رشاد ( والد الطفلين المصابين بمتلازمة دارون) يعقد العزم على إنشاء مدرسة تُعنى بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والعناية الفائقة التي أولتها لهما الجدّة مديرة المدرسة، في حين رفضتهما والدتهما كريمة فضل وتخلّت عن العناية بهما ساخطة على قدرها، هاربة إلى أهلها في الاسكندرية.
كنت أفضّل أن لا تكون تلك الشهادة ضمن المرافعات، ويمكن استدراك ذلك، بأن يوضع قبل شهادة وفاء فوزي عطية، هذا اقتراح.
أورد مع باقي الشهادات الأحكام الصادرة من الشخوص المعنية على نفسها:
استئناف (1)
}هدى زكي {
" دائرة الاتهام تتسع وتتسع حتى تشملنا جميعًا، وليس من يجرؤ ويرفع يده بالحجر؟ أقولها بملئ فيهي: أنا ضحية ولستُ مدانة".
استئناف (2)
}نعناعة متولي طه{
" لستُ مدانة، فإن كان ولا بد من جانٍ .. عليكم بالفقر.."
استئناف (3)
}جمعة العبد{
" لستُ مدانًا.. أنا أروّض عضّة الجوع في البطون، وأحول بين الضحايا والضباع".
استئناف (4)
}فوزي عطية{
" لم أكن رجلًا مستقيمًا، ولا أجرؤ على الدفاع عن نفسي، أنا مدان".
استئناف (5)
}حمدي صميده{
" أنا مذنب.. لكنني ابن شرعي للعوز والذل..".
أتاحت هذه التقنية للكاتبة الوقوف على الأحداث الفنية التي غابت عن علم السارد، وهي سارد مشارك، فوفاء لم تكن تعلم أن فوزي عطية لم يكن أباها، وإن كان لديها شكوك حيال ذلك.
تقنية وجهة النظر السردية Point-of-view
الرواية مسرودة من قبل شخصية مشاركة (شخص ثالث ) لا راوي عليم ولا راوي محدود، تراقب وتشارك بشكل مباشر، تتكلم بضمير المتكلم.
تقنية الحوار الخارجي Dialogue :
اعتنت الكاتبة بالحوارات الخارجية، فجاءت في مواضعها، وأدّت الوظائف المنوطة بها، حوارات خفيفة ومركّزة موجزة وسريعة عبّرت عن أفكار وآراء وحيوية أصحابها، بلغة تناوبت بين اللهجة العامية واللغة الفصحى الوسيطة، فقط لي ملاحظة على حوار وفاء مع غادة أم مع زوجة أبيها؟ التبس الأمر علي، لكن بكل الأحوال أجد سطوة واضحة من الكاتبة، فحتى غادة، بالنظر إلى صغر سنها وتواضع تعليمها من الصعب أن يصدر منها هكذا قول منمق :
"ليس في الحياة مأساة تفوق مأساة رجل عاجز وامرأة شابة يضمهما فراش واحد..... وتشاركي مصدر تعاستك طعامه وفراشه، غير آبه بثماري التي تذبل على أغصانها........".
عدا ذلك، هناك تقنيات سردية عديدة أخرى وظّفتها الكاتبة، منها :
تقنية التشويق Suspense
تقنية اليوميات، والمذكّرات
تقنية تيار الوعي Stream of consciousness
الفلاش باك أو الاسترجاع Flashback

المستوى النفسي :
المدخل السلوكي:
إن الكتابة الروائية حالة ليست طارئة، ولكنها تستقي مفرداتها وأدواتها من التساؤلات، والإشكالات، والأزمات، والانفعالات التي تحيط بالأدباء فتكون بالنسبة لهم مرجعًا واقعيًّا، أو تخيليًّا، حيث الاستفهامات التي تدور حول السرد الروائي تكون نابعة من تفاصيل الواقع المعيش، وما يتضمنه من أزمات وتحوّلات لها تأثيرها الكبير على الذات .
وقد طرحت الرواية العديد من التساؤلات، بعضها يصل لدرجة الإشكالية، وبالمجمل هي تساؤلات استنكارية تستنهض همّة المتلقي للتفكير بالبحث عن حلول ناجعة، قادرة على تغيير الواقع الفاسد، من تلك التساؤلات، تساؤلات قدرية:
" لو لم تكن شفتا مصطفى أرنبية، هل كانت تبدلت مصائرنا أنا وكمال؟ هل كان سيحب المدرسة والدراسة ويصير له هدف وطموح، دون أن ينطوي تحت عباءة إبراهيم؟ لولم يتعرّض مصطفى لسخرية الآخرين وأكمل دراسته؛ هل كان سيتغيّر مصير كمال ويتقدّم لخطبتي كما تعاهدنا بمجرد تخرّجه من كلية الطب؟"
" أيهما كان أرحم ب ريم؟ أن يشملها الموت برحمته، أم تعيش حياة تناصبها العداء؟"
" هل يغضب الله إذا جاهرت بكراهية رجل قلبه صحراء لا زرع فيها ولا ضرع؟...."
" هل يقتصّ مني الله وهو الأعلم بفظاظته ومجونه، لرجل لا يعنيه من الدنيا سوى ملذاتها حلالها وحرامها؟"
" ... لو خُيّرت أمّك بين ساقها وبين أصبع منك، فماذا تختار؟".
وتساؤلات ثائرة ومشروعة عن العدالة والمساواة تحت سلطة القانون:
"أليس وزير الزراعة يستحق المحاكم باستيراده المبيدات المسرطنة؟ والوزير الذي يتاجر في الآثار أليس بفاسد؟ والمحافظ الذي يمنح الأراضي لعائلته مقابل ثلاثة جنيهات للمتر أليس فاسدًا؟ والوزير الذي سمح بخروج التعليم من المدارس والجامعات أليس بفاسد؟".
المدخل التوليدي: التناص
تتناص الكاتبة باستخدامها الطريقة التمثيلية في عرض الشخصيات مع نجيب محفوظ في روايته (أفراح القبة) وغيرها من روائعه، كما تتناص مع كل من كتب بهذه التقنية من الكتّاب من قبلها، ومع كل من كتب في أدب الديستوبيا.
المدخل التقمصي:
حفلت الرواية بالكثير من التوجيهات واستنتاجات، منها آراء ومنها وعظ وحكم:
" ما الإنسان سوى كتلة حماقة منقسمة على ذاتها، كل نصف يصطدم بنصفه، فتتشظى الأقسام وتصطدم، وتتشظّى وتصطدم، وهكذا وهكذا.. فما نحن سوى ذرات متدافعة متصادمة".
" - للقدر حسابات لا نفهمها يا وفاء، ربما ما حدث رحمة بها".
" محنة بمحنة ووجع بوجع لماذا؟ ( وخلقنا الإنسان في كبد) وأمرنا بالصبر".
أخيرًا:
لم أرَ أي نقص أو خطأ أو مسوّغ أدبي يمنع نشر هذا العمل الأدبي المتكامل، اللهم إلا حساسية الموضوعات المطروحة، مع أننا وصلنا لمرحلة لم يبق فيها موضوع مسكوت عنه، أتمنى للكاتبة أن توفّق بنشر هذا العمل الروائي في أقرب وقت.
#دعبيرخالديحيي الاسكندرية 27/ 6/ 2024



#عبير_خالد_يحيي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجلّيات الأدب التأمّلي في قصيدة الومضة دراسة تقنية ذرائعية م ...
- تجليات أدب الخيال العلمي في المجموعة القصصية / تشابك سرّي/ ل ...
- إشهار كتاب /عوالم حياة الرّايس السّردية/ للناقدة السورية د. ...
- النبوءة والتجليات الملحمية في رواية الأجيال رواية / تاج شمس/ ...
- الروائح عتبة واقعية مثيرة لتيار الوعي في رواية (رائحة الزنجب ...
- أدب المرايا من الكلاسيكية إلى المعاصرة في رواية / نساء المحم ...
- الإرهاب.. والتشافي بالحب في رواية / بعض الفرح قد يكفي/ للكات ...
- تقنيتا البازل والكولاج السردي في رواية / ماتريوشكا من أسوان/ ...
- الفلسفة الذرائعية العربية واشتراح المصطلح رواية (رحيل السومر ...
- السرد بين تكنولوجيا اللغة ومصطلح الأدبية باب جديد تفتحه الذر ...
- الآخر في رواية / ثرثرة في مقهى إيفانستون / للأديبة الفلسطيني ...
- قراءة ذرائعية في رواية (سيرة عين) الملهاة الفلسطينية للأديب ...
- الفساد الحضَري ( الديستوبيا) وتراجيديا القبح في رواية رجل ال ...
- حمولةُ الرمز التقني من سخرية وتهكّم غضبٌ إنساني يدلقه قلم ال ...
- قراءة ذرائعية في رواية/ قنطرة / للكاتب السعودي أحمد السماري ...
- الناقد والشاعر الكبير عبد المنعم عواد رائد الشعر الحديث تجوا ...
- سردية الذاكرة بين هامشية عنوان وعتباتية ثانٍ واد جده سجين قش ...
- الذرائعية العربية أو المنهج النقدي الذرائعي العربي على منصة ...
- بناء الصورة السردية في رواية /تغريبة القافر/ للروائي العماني ...
- التماثل والاندماج بين الشخصية الذاتية والشخصية المكتسبة عند ...


المزيد.....




- إعلان نتائج الدبلومات الفنية 2024 رابط وكيفية الاستعلام ونسب ...
- مترجمة للعربية! مسلسل قيامة عثمان الجزء السادس وعرض أولى الح ...
- تأثير الموسيقى على الدماغ.. لماذا تشعرنا بالسعادة؟
- “آخر تحديث”.. تردد قنوات الأطفال 2024 (طيور الجنة، وناسة، كر ...
- ندوة عن ابن المؤقت أول من سلط الضوء على -الاحتباس الحراري- ف ...
- مواجهة بين فنانة لبنانية شهيرة ووالدة طفل تثير ضجة كبيرة: -ي ...
- تجاري وصناعي وزراعي “نتيجة الدبلومات الفنية 2024 الدور الأول ...
- مبروك عليك النجاح .. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بدون رقم جل ...
- منذ الرومان.. مدينة تونسية تحافظ على فن الفسيفساء
- المخرج عبد الرحمن المانع.. إبداع قطري في مهرجان أثينا السينم ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبير خالد يحيي - جماليات القبح وتجليات أدب الديستوبيا في رواية /العالقون/ للأديبة آمال الشاذلي دراسة ذرائعية مستقطعة بقلم د. عبير خالد يحيي