محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 8027 - 2024 / 7 / 3 - 14:53
المحور:
الادب والفن
رشيد
اسمي رشيد؛ اسم زوجتي نفيسة.
تزوجتها عن حب؛ كنت أموت لهفة عليها حين أراها وهي تمشي في الطريق إلى الحانوت.
كنت أرسل إليها نظرات فيها تهيّب وخجل، وكانت بالكاد ترسل لي نظرة حانية.
وقع النصيب بعد صعوبات، وصار الحلم حقيقة.
صارت نفيسة زوجتي.
بيوت
اسمي رشيد، أشتغلُ في البناء؛ أبني بيوتًا لأبناء شعبي، ولا أبني بيوتًا للمستوطنين.
أنا الآن في الثلاثين، لديّ قناعات لا أتزحزح عنها ولا أميل.
حين أخبرتُ أبي وأمّي بأنّني سأخطب نفيسة، لم يرقهما الأمر.
قالا: إنّها مطلّقة؛ ولا بدّ من سببٍ لطلاق امرأة شابّة.
قلت في إصرار: حتّى لو كانت مطلّقة، فأنا أحبها ولا يعنيني شيء سواه.
هذا الإصرار تعلّمتُه من اشتغالي بحجارة البلاد التي لا تنكسر بالسهولة المتوخّاة.
زفاف
كان لنا؛ أنا ونفيسة عرس تحدّث عنه كلّ أهل الحي.
دعوت الأقارب والأصدقاء والجيران، ودعوت من خارج الحيّ عددًا من زملائي البنّائين وزوجاتهم.
وكان دخولُ نفيسةَ بيت الزوجيّة فألَ خير عليها وعليّ.
حبلتْ من ليلة الزفاف، وتركتُ لها أن تختار اسم طفلنا الآتي.
قالت: منذ الآن أسمّيه: قيس.
لم أناقشها في الأمر؛ فأنا أثق فيها وفي ما تختار.
القطار الخفيف
أشعر بالأسى وأنا أرى بؤر الاستيطان تتكاثر في جسد القدس مثل خلايا السرطان؛
والقدس تحتمل الألم البغيض. والقطار الخفيف يشقّ جسدها كلّ صباح وكلّ مساء،
ومن نوافذه يطلّ المستوطنون البيض ونساؤهم، ونحن "السود"؛ أهل البلاد، لا نغيب من المشهد ولا نَبيد.
بيوت من حجر
أبني بيوتًا من حجر لشبابنا الذاهبين إلى الزواج من بنات المدينة
أبني لهم البيوت بترخيص ومن دون ترخيص؛
فالحاجة تضطرُّهم إلى عدم الانصياع لأوامر من لا يريدون خيرًا لهم.
وحين يأتي هؤلاء في الصباحات المبكّرة ومعهم الجرّافات لهدم البيوت
بحجة عدم الترخيص، أو بحجة اختفاء شهيد في أحد البيوت قبل استشهاده بايّام أو أسابيع، آنذاك؛ أتسامح عن طيب خاطر، ولا أطالب بما تبقّى من أجوري،
ثمّ أتطوّع مع حشد من الشبّان لبناء البيت المهدوم بالمجّان.
بدمٍ بارد
أنا رشيد؛ زوج نفيسة ووالد قيس.
كنت أجتاز الحاجز العسكري ذات مساء. سمعت الجنود يطلبون منّي التوقّف لسببٍ لا أدريه.
استدرتُ، وقبل أن أخطو خطوة واحدة في اتّجاههم، أطلقوا عليّ نيران بنادقهم بدمٍ بارد.
جاءتني رصاصةٌ في الخاصرة، ورصاصتان في الصدر، قريبًا من القلب.
تجندلتُ فوق أرض بلادي؛ وفي لحظة خاطفة، شاهدت دمي وهو يتدفّق نحوهم.
وقبل أن يغرقوا بدمي أغمضتُ عينيّ.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟