أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - حلم المنتصف














المزيد.....

حلم المنتصف


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8024 - 2024 / 6 / 30 - 21:46
المحور: الادب والفن
    


بعد مضي أشهر قليلة على زواجنا، بدأتْ النزاعات بيني وبين زوجتي.
لقد تشاجرنا حول قنوات التّلفاز ورنة هاتفي المزعجة، ومجفف شعرها العاطل، وجارتنا الأرملة الجميلة، التي ما تزال في مقتبل العمر!.
تشاجرنا حول أخواتها الفضوليات، والعقربات أخواتي.
سأكتب عن المؤامرات التي حاكتها أمي لإفشال هذا الزواج، لأنني عزمتُ على تخصيص فصل طويل عن ذلك حينما اكتشفت أن لزوجتي خيالًا في ربط خيوط غير مرئية للأحداث لتنتهي إلى أنها مؤامرة كتلك التي تحيكها أميركا ضد الشرق الأوسط.
سأذكر كل شيء في كتابي القادم، سأسميه (مذكرات زوج أحمق) يمكنكم اقتنائه من المكتبات، لعلكم تتجنبون حفرة وقعتُ فيها،مع إيماني أن الحمق صفة متأصلة في جنس الرجال، توارثوها جيلًا بعد آخر!.
صوت شخيري كانت له الكلمة الفصل في إحلال هدنة مؤقتة، حينما قررنا النوم في غرفتين منفصلتين.
لقد تم الاتفاق على ذلك في الأيام التي لا نمارس الجنس فيها، وهي بالتقادم أمستْ أيامًا قلائل في الشهر نؤديها كمهمة يطالب بِها الجسد كما تطالب المعدة بالأكل.
ظننتُ أن قدوم الأطفال قد يخفف من حدة التوتر بيننا. أدركت أن هذه الحيلة ما هي إلّا فخ لإنجاب المزيد من الأغبياء.
بعد مرور سنوات طويلة، فقدتْ لغة الكلام بيننا أي معنى لينتهى الأمر إلى عدم إصدار أية إشارة لئلا يتم تفسيرها من الطرف الآخر على نحو خاطئ.
لم نعد نتبادل النظرات عند تبادل الأحاديث.
لقد تحولتُ بمرور الوقت إلى كتلة صلدة من المشاعر، أما هي، لم يعد يشكل وجودي من عدمه فارق لديها وكأنها تقول لي: لا ترتقِ لتصبح عدوي!.
وجدت في الطلاق حلًا مناسبًا، لكن للمرة الثانية يحشر القدر نفسه في حياتي عندما توفي والدها، ارتأيت تأجيل الموضوع، صدمتان في وقت واحد، قد تؤثر عليها سلبًا، في النهاية نحن بشر!.
الهدوء النسبي الممنوح لنا من الأيام سرعان ما تحول إلى صمت مطبق، وسكون يشبه سبات الغابات شتاءً. وجدت نفسي أمام لافتة تحذرني الاقتراب من الموت ولا درب أمامي سواه!.
حدث ذلك عندما أصيبتْ زوجتي بفايروس كورونا!.
لقد كتبت عن هذا المرض، ولم يخطر على بالي أن الجرأة ستبلغ به دخول بيتي!.
نظرت إليها ..
اندهشت لحظتها لمعرفتي بوجود ما يجبر زوجتي على الصمت، رأيت الخوف يبتلع الكلمات من فوق لسانها، والدموع تتزحلق بغزارة على خديها، بينما عيناها خيم فيهما حزن يشبه لحظة المغيب!.
كل شيء في البيت اختار الصمت لأجلها، الأبواب، والجدران بينما الوقت يمضي على ساق واحدة، ولا شاطئ أمامي!.
كل شيء في المنزل يريد التهامي. فكرت في إشغال نفسي بالكتابة، لكني فشلت.
على حين غفلة، بدأت خلايا جسدي تستيقظ الواحدة تلو الأخرى.
لقد أذابتْ حرارة جسمها صقيع الحرب الباردة بيننا، لقد غطى الحب على المشهد كله!.
المرض تمكن منها، لكنه أيقظ حبي لها ليخبرني بحقيقتي. لم أكنْ الزوج المثالي الذي تتمناه أيّة امرأة!.
وأنا أنظر إليها، راح الألم يعتصرني من الداخل، بينما من الخارج يحيطني الشغف كأنها نهضتْ برفق لتنفذ إلى داخلي بصمت.
وضعت الكمامة على وجهي لأقترب منها، يدها ساخنة ولسانها يهذي.
سرقت بعض لحظات من إنسانيتي لأقنع نفسي بأنها غير موجودة.
كنت قاسيًا على نفسي في تخيل تلك اللحظة!.
نظرت إلى الزاوية التي تقبع فيها جبروتها وأنانيتي. كانا ضعيفين أمام فايروس متناهي الصغر، لكنه يملك من الحكايات ما يمكنه من ولادة ذاكرة جديدة.
استمعت إلى عِنادها، وقسوتي وهما يترجيان الحياة في فرصة أخرى!.
وأنا أقبل يدها من وراء الكمامة، ابتسمتْ عيناها كأنها تقول لي: لم نكن يومًا ما إلى هذا الحد معًا!.
بعد أيام، لم تكن عدوى الحب فقط ما أصابني، بل عدوى الكورونا أيضًا!.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدث فجرًا
- تنازل
- العاصفة
- الحسناء جارتي ( حوارية )
- قارب في البعيد
- ليست قصة
- عين وساق
- الأعمى
- طاولة ونافذة
- صفر .. ثلاثة
- صباح كهرماني
- شاي بنكهة النعناع
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية ( الوشاح الأحمر ) للكاتبة فو ...
- سيدة الشمس
- زوج الكلبة
- رسالة امرأة غير صالحة للنشر
- زهرة الكالا البرية
- خالتي نرجس
- درج خشبي
- مَنْ أنت في أي علاقة؟


المزيد.....




- -يجب إيقاف هذا السيرك-.. سياسي فرنسي يدعو إلى وضع حد لتشويه ...
- للعام الرابع.. السياسة تفرق والأغنية توحد في -يوم الأغنية ال ...
- الجزيرة للدراسات يصدر -رؤية حول الأمن القومي الفلسطيني-
- رسميا… الان نتيجة الدبلومات الفنية الدور الأول برقم الجلوس 2 ...
- متعهد حفلات شهير: -أصالة- ستغني في لبنان ونضال الأحمدية تبتز ...
- ننشر نموذج أجابه امتحان الإنجليزي تالتة ثانوى 2024 كامل ..حل ...
- تردد قناة الفجر الجزائرية الناقلة لمسلسل قيامة عثمان بجودة h ...
- فرقة فتيات محجبات في إندونيسيا تعزف موسيقى -الميتال- في مهرج ...
- مصر.. الكشف عن حقيقة إدخال فنانة مشهورة دار مسنين بموافقة خا ...
- أضبطها حالاً.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات أفلام ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - حلم المنتصف