أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - عن الدولة والجيش في إسرائيل















المزيد.....

عن الدولة والجيش في إسرائيل


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 8024 - 2024 / 6 / 30 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهاد ابو غوش*
حين يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أننا في إسرائيل "دولة لها جيش ولسنا جيشا له دولة" فهو لم يبتدع هذه المقولة من عنده، ولم يكن تعليقه من وحي الحادثة التي تسببت بالخلاف الذي اسماه البعض بـ"الفضيحة" المتصلة بممر المساعدات الإنسانية للمدنيين الفلسطينيين، لكن الموضوع يرتبط بتاريخ طويل للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية ومكانتها في حياة الدولة، والخلافات التي نشبت بين القيادات العسكرية والحكومة قبل بدء الحرب الأخيرة على غزة، وبالتحديد في فترة "الإصلاحات القضائية" ثم انفجرت مع الحرب واتسعت وتفاقمت على امتداد شهورها.
مقولة أن "الدول لها جيوش بينما الجيش الإسرائيلي له دولة" قديمة وشائعة يرددها مؤيدو الجيش ومعارضوه، ومردّ ذلك هي المكانة المركزية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في الدولة والمجتمع، ليس فقط لأن إسرائيل في حالة حرب دائمة، فإن لم تكن منخرطة في حرب مباشرة فهي تستعد للحرب المقبلة، ولكن لأن الجيش يلعب أدوارا سياسية وثقافية واجتماعية وحتى اقتصادية في حياة الدولة. معظم القيادات السياسية من وزراء وأعضاء كنيست وحتى رؤساء السلطات المحلية والبلديات ومدراء الشركات يتخرجون من الجيش، ويرتبط تأهيلهم وخبراتهم بالمؤسسة العسكرية أكثر من الجامعات والمعاهد الأكاديمية. والجيش هو المؤسسة التي "يتعمّد" فيها الشبان بين سن18-21 قبل دخول الجامعات أو قطاعات الأعمال فيخوضون تجربة تربوية عسكرية واجتماعية تصنع "هويتهم الوطنية الإسرائيلية"، وهي تجربة لا يحظى بها اليهود المتدينون ولا العرب ما يجعلهم على هامش كثير من النشاطات الاجتماعية والاقتصادية، فكثير من الوظائف والفرص تشترط اتمام الخدمة العسكرية لمن يتقدم لها. وفي مجتمع بات يقدس الخصخصة ويُصفّي مؤسسات القطاع العام تحت حكم اليمين، ما زال الجيش الإسرائيلي يسيطر على الصناعات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية وبرامجها وأولوياتها، وهذه الصناعات المرتبطة بقطاع التكنولوجيا المتقدمة، باتت قاطرة تقود الاقتصاد الإسرائيلي وتحقق لإسرائيل نفوذا ومكاسب سياسية ودبلوماسية متعاظمة مع وجود أكثر من 140 زبونا ( دول وميليشيات) حول العالم. ويحظى الجيش في استطلاعات الراي العام بأكبر نسبة من الثقة، (أكثر من 90%)، بينما تتردى ثقة الجمهور بمؤسسات القضاء والشرطة والكنيست والحكومة إلى ما دون 50%.
بعد عقود من اعتباره "البقرة المقدسة" التي يحظر انتقادها والمساس بها، ساهمت عوامل وتطورات موضوعية في خدش صورة الجيش في نظر الجمهور الإسرائيلي والنخب السياسية على السواء، فالتحول في طريقة بناء الجيش واعتماد قاعدة "جيش صغير وذكي" بتقليص وحدات المشاة والمدرعات، والتركيز على التكنولوجيا وسلاح الجو، بدا أنه يخدم مصالح الصناعات العسكرية أكثر مما يخدم المتطلبات القتالية الحقيقية لإسرائيل وحروبها، كما أن صناعات التكنولوجيا المتقدمة باتت تستقطب الكفاءات والعقول الشابة ما أدى إلى نشوء نخب جديدة على حساب النخب الأمنية والعسكرية، ولا شك أن الحروب المتواصلة التي لا تنقطع أبدا، وخاصة الحروب في مواجهة مدنيين وتشكيلات مقاومة غير نظامية، والتي حولت أقساما من هذا الجيش المتطور إلى قوات درك تلاحق الفتية الفلسطينيين في القرى والمخيمات وأزقة المدن، ساهمت هي الأخرى في المساس بهيبة الجيش والحط من مكانته الاعتبارية.
برزت أولى المواجهات الجدية بين الجيش والحكومة خلال فترة التغييرات القضائية، حين احتجت القيادات العسكرية على المساس بمكانة الجهاز القضائي، لأن غياب القضاء المستقل والقوي هو الذي يمكن أن يعرّض الضباط الإسرائيليون لملاحقات قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأمام أجهزة القضاء الوطني المختص بملاحقة مجرمي الحرب في عدة دول أوروبية. كما أن طبيعة الانقلاب القضائي المرافق لصعود اليمين الشعبوي والفاشي، كان موجها بشكل مباشر وعلني ضد ما يسمى نفوذ النخب، القضائية والعسكرية والأكاديمية، وخاصة نفوذ الشرائح العليا الأشكنازية، وبلغت أزمة العلاقة بين الحكومة والجيش ذروتها مع عملية طوفان الأقصى في 7 أوكتوبر، حيث سعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتنصل من أي مسؤولية تجاه ما يوصف بأكبر إخفاق في تاريخ إسرائيل، وإلقاء المسؤولية على القيادات العسكرية والأمنية، بينما رأى كثير من القادة النظاميين وضباط الاحتياط أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق الحكومة التي انشغلت بأجندات فئوية واضعفت الجيش والمجتمع، وراهنت على فرضية أن "حماس" مردوعة ولا تفكر بعمليات ضد إسرائيل.
تواصلت أزمة العلاقات بين المستويين السياسي والعسكري علىى امتداد شهور الحرب، وتراجعت ثقة الجمهور في الطرفين وفي كل مؤسسات الدولة، وباتت كل قضايا الحرب تثير خلافات بين الحكومة والجيش، بدءا من قرار الجيش تشكيل لجنة تحقيق داخلية، مرورا بقرار قيادة الجيش إجراء سلسلة من التعيينات والترقيات الدورية، ثم الخلافات على السياسة تجاه الفلسطينيين في الضفة، والعلاقة بالسلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية، وصولا للأهم وهي نقاط التفاهم التي بلورتها قيادة الأركان مع قادة الأجهزة الأمنية بشأن عدد من القضايا الخلافية مع الحكومة وأبرزها سؤال اليوم التالي للحرب، وعملية رفح، والتصعيد في الشمال، ومستقبل قطاع غزة، وموازنة الجيش والأمن. بالإضافة إلى الإشكالات العارضة مثل قانون التجنيد، والتحذيرات من انهيار السلطة وانفجار الوضع في الضفة وتحولها إلى جبهة جديدة مشتعلة. عكست هذه الخلافات نفسها على يوميات عمل الحكومة، فتحولت اجتماعاتها إلى حلبات للشجار والمناوشات بين رئيس الأركان هرتسي هليفي (مدعوما من وزير الدفاع غالانت في العادة) ووزيري اليمين المتطرف بن جفير وسموتريتش وبعض وزراء الليكود مثل ميري ريغف، حتى أن نتنياهو كان يفض بعض هذه الاجتماعات، أو لا يدعو الحكومة للاجتماع تجنبا لمثل هذه المناكفات.
المشكلة الأخيرة التي انفجرت بشأن ممر المساعدات الإنسانية بين الحكومة والجيش ذات بعدين مهمين: الأول أن ثمة أزمة ثقة جدية وكبيرة في العلاقات بين الطرفين تصل إلى حد تكذيب أحدهما للآخر على الملأ، والثاني وجود خشية لدى الجيش من صدور مذكرات اعتقال لقادته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وخاصة جريمة تجويع السكان، لا سيما بعد إدراج الجيش ضمن قوائم العار من قبل الأمم المتحدة، في حال مواصلة إغلاق المعابر في وجه المساعدات.
مشكلة ممر المساعدات الإنسانية، هي غيض من فيض الخلافات الداخلية الإسرائيلية، بين الحكومة والمعارضة، وبين الجيش والحكومة، ومن الواضح أن هذه الخلافات بدأت تأخذ منحى تصاعديا خطيرا بعد انسحاب الوزيرين بيني غانتس وغادي ايزنكوت من مجلس الحرب، ثم قرار نتنياهو حل هذا المجلس الذي كان يوفر قدرا من الحماية السياسية لمؤسسة الجيش وقادته. الآن ومع زيادة الوزن النسبي للقوى المتطرفة في الحكومة، وإصرار نتنياهو على مواصلة الحرب، وتكرار خطابات النصر المطلق والحاسم من دون الإجابة على الأسئلة الشائكة والصعبة، في ظل مزيد من التوحّل والخسائر اليومية، كل ذلك سيدفع إلى مزيد من المشكلات بين الحكومة وقيادة الجيش. في المواجهة الأخيرة كما في سلسلة من المواجهات والخلافات اختار نتنياهو الانحياز إلى سلامة ائتلافه الحكومي وعلاقته مع بن جفير وسموتريتش، على سلامة المؤسسة العسكرية وحماية ضباط الجيش من تهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية.
* مركز تقدم للسياسات



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات اسرائيلية نوعية تجاه الضفة والسلطة ... أكثر من إجراءا ...
- إدارة سموتريتش المدنية للفلسطينيين لم تعد مجرد أفكار
- عن تحضيرات إسرائيل المتواصلة لاجتياح رفح
- نتنياهو يحاول توريط الولايات المتحدة في حرب إقليمية*
- حول الخلافات الأميركية الاسرائيلية تجاه الحرب
- تكليف محمد مصطفى: لا وفاق.. ولا آفاق
- خلفيات التواطؤ الأميركي الإسرائيلي على الرصيف البحري
- في سقطات الإعلام الغربي وسقوطه (2 من 2)
- في سقطات الإعلام الغربي وسقوطه (1 من2)
- موازنة إسرائيل الحربية لعام 2024
- عن الضفة ودورها تجاه الحرب على غزة
- العنوان كان مكتوبا على الحائط
- قراءة في رد حماس على ورقة باريس:
- حرب غزة الكاشفة (2 من 2)
- حرب غزة الكاشفة (1 من 2)
- تصفية وكالة الغوث على طريق شطب قضية اللاجئين الفلسطينيين
- التحركات الأميركية والإقليمية ومكانة القيادة الفلسطينية منها
- الفلسطينيون وقرار محكمة العدل الدولية
- رؤية للخروج من أزمة الشلل القيادي الفلسطيني
- تحولات خطاب حماس بعد وثيقة طوفان الأقصى


المزيد.....




- اصطدمت واحدة تلو الأخرى.. حادث بين 5 مركبات يحصد أرواح أشخاص ...
- سيئول تنفي نجاح بيونغ يانغ في إطلاق صاروخ باليستي قادر على ح ...
- حزب الوطن: تركيا تفكر بعقد مؤتمر سلام حول أوكرانيا
- -بلومبرغ-: هزيمة ماكرون قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الاتحاد ال ...
- روسيا تستخدم نسخة بحرية من منظومة -تور – إم- الجوية للدفاع ع ...
- تركيا.. تعديلات وزارية تشمل حقيبتي الصحة والبيئة
- موت القلب المفاجئ.. علماء يكتشفون طريقة للتنبؤ بالخطر القاتل ...
- صحيفة: سياسيات بريطانيات مستهدفات بمواد إباحية
- -الانتخابات المبكرة في فرنسا: عندما أصبح ما لا يمكن تصوره مم ...
- من السجن إلى ساحة المعركة.. أوكرانيا تجنّد السجناء وسط نقص ا ...


المزيد.....

- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - عن الدولة والجيش في إسرائيل