ابراهيم خليل العلاف
الحوار المتمدن-العدد: 8023 - 2024 / 6 / 29 - 18:22
المحور:
الادب والفن
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وكم انا سعيد وفرح ، بتسلمي الاصدار الجديد للاخ والصديق الشاعر الموصلي الاستاذ سعد العبيدي .والاصدار الجديد بعنوان (من ذاكرة البيبون ) . وللبيبون هذه الزهرة الجميلة التي تتميز بها الموصل ، زهرة الاقحوان في ذاكرة الموصليين مكانة ؛ فهم يحتفلون بالربيع وعيد اكيتو عندما تزدان ارض الموصل بالبيبون .
لذلك ، حرص شاعرنا الجميل سعد العبيدي على ان يعنون نصوصه الشعرية الجديدة التي صدرت عن (دار نون للطباعة والنشر في الموصل) 2024 ، بهذا العنوان الجميل الذي يحمل الف معنى ومعنى ، والف مغزى ومغزى .
الجميل ايضا انه يهدي النصوص الى مدينة الموصل مدينته .. حبيبته .. عشيقته .. وجعه الذي لايغادره .ما احلاه من أهداء ، وكثيرون لايعرفون ما تعنيه الموصل في حياتنا وشخصيتنا ووجداننا وذاكرتنا .
والاجمل في كل نصوص العبيدي سعد ، أنه يدرك ويشعر ويستذكر ، كل لحظة في حياته مع الاشياء حتى وهو تلميذ في المدرسة الاولى وضمن ايحاءات لذيذة يقول في قصيدته (مدرستي الاولى) :
كنت ُ مُزعجا
ومُشاغبا ،
وفي بعض الاحيان
التهور ،
كنت أختلق المقالب َ
في الصف،
في ساحة المدرسة ِ
وخاصة في مادة الرسم ِ
لغرض الضحك ليس إلا
ومدرس اللغة العربية ،
كان ينظر اليّ
من وراء نظارته البيضاء
بنظرة عطف
ومنذ ان غادرتُ كرسي الدراسة
ما أزال أتحسس مواضع وجعي ْ
تغيرت ملامح وجهيْ ...
تغيرت الاشياءُ ،والمواعيد ْ
وتغير الكونُ ،
بكل ما يحمله من عناوين رخيصة
ما زلت الى اليومِ...
اتحسر على درس ِ الفنية
والاناشيد
وباحة المدرسة ،والصفوف القديمة
حين آوي الى الملجأ الترابي ْ
مختبئا من شدة القصفْ
وتمضي نصوص المجموعة - الديوان في السياق هذا ، ومسافرنا يرحل مع ذكرياته "وعسى ان تسعفه الذاكرة قبل فوات الاوان" كما يقول في عبارات اهدائه للديوان ، وانا اسميه هكذا ديوان الذاكرة مع قصائده ال (36) بعناوينها الجميلة المعبرة : الافق البعيد - الجولة الاخيرة - ضفاف الحزن - وطنيات ساخنة - همسات عابرة - الرقصة الاخيرة - الكأس الفارغ - الفراش الدافئ - منبت الاشواك - انين الذكريات .مقبرة الحقيقة .
كلما
تقدمتُ خطوة
نحوكِ ...
ترتجف أشلائي
عصور من الحزن ، وتراكمات الحروب ، وهمسات الارباك ، والحنين الى الوطن ، وتحدي الاماسي ، وعربات الليل التي تمضي ، وقسوة المنفى والغرق في الصمت الرهيب ، والحقول الظمأى ، والجروح النازفة ، والحب الذي لايموت ولن يموت .اجواء قصائد سعد العبيدي ممتلئة بالذكريات بذكريات الربيع بذكريات البيبون بالحرب ، بالحصار ، بالبناء وبالحياة .. ويقينا ان ايا ممن يكتب عن نصوص سعد العبيدي ، يحس انه يعيش اجواء يمتزج فيها الحلم مع الحقيقة ، الوجع مع الراحة ، الحب مع الكراهية ، خنادق الحرب مع الزوايا الهادئة .
شاعر مجيد اهنئه لانه يستطيع ان يحول خلجاته الى حقائق ،والى نصوص تساعدنا على ادراك المعنى الذي نسعى لان يكون ، وهو معنى حياتنا ، وقيمتها ، وفلسفتها المرتكزة الى وجودنا الحي الفاعل .بصراحة وانا اقرأ الديوان الجديد احسست بكل هذا ، وتركز عندي معنى ان نكون .
مبارك الديوان الجديد ، والى مزيد من التألق .
الموصل -العراق 29-6-2024
#ابراهيم_خليل_العلاف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟