حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 8018 - 2024 / 6 / 24 - 10:21
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
يكاد العالم كلّه يصبح في حال اللايقين. ما من شيءٍ قاطع حول كيف سيكون المستقبل، الوشيك وليس البعيد. من بوسعه أن يجزم كيف ستؤول الأمور في أوروبا والعالم كله مع استمرار الحرب في أوكرانيا، وانتقالها من فصل إلى آخر؟ ومن بوسعه أن يجزم كيف سيكون عليه الوضع في منطقة الشرق الأوسط مع استمرار العدوان على غزّة، واحتمال تمدد الحرب لتشمل لبنان، وما سيترتب على ذلك من نتائج مهولة في المنطقة؟ ومن بوسعه أن يجزم كيف ستكون السياسة الأمريكية بعد الانتخابات الرئاسية الوشيكة، هي الأخرى، في حال عودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وكيف سيكون عليه الوضع في أمريكا كلّها في حال لم يفز ترامب بسبب حجم المكائد التي تستهدفه؟
أوروبا بالذات المثال الأبرز على حال اللايقين هذه، كما أوضحت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، التي أظهرت تقدّماً غير مسبوق لكافة أطياف اليمين، بما فيها اليمين الشعبوي أو المتطرف كما يوصف أحياناً، وهي النتائج التي أثارت فزع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل غيره، بسبب المقاعد المحدودة التي حصدها حزبه في تلك الانتخابات، واحتمال أن تؤول فرنسا إلى حكم اليمين قريباً، فبادر إلى حلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية ستجرى في نهاية هذا الشهر وبداية الشهر المقبل، وهي انتخابات يحيطها الغموض، لا في الدوافع إليها، وإنما في ما يمكن أن تسفر عنه، مع رجحان كفة اليمين وفق استطلاعات الرأي.
صحيح أن التجربة برهنت أن استطلاعات الرأي حول الانتخابات تشبه توقعات الأرصاد الجوية، تصح أحياناً وتخطئ أحياناً أخرى، لكن مراقبين محايدين يرون أن ماكرون بدعوته إلى هذه الانتخابات أقدم على مغامرة غير مأمونة العواقب، قد تعود عليه بنتائج معاكسة لتلك التي توخاها، وتتحول إلى محطة جديدة من محطات صعود اليمين في فرنسا، وهو صعود ستكون له عواقب تتخطى حدود فرنسا لتشمل القارة العجوز كلها، بالنظر إلى أهمية فرنسا الوازنة في القارة، وتنعكس نتائجها على مستقبل الاتحاد الأوروبي، المهدد بالتفتت أكثر من أي وقت مضى.
رأي على قدر كبير من الوجاهة يسأل أصحابه: أليس في الخوف من سيناريو فوز اليمين تهويلاً؟ انطلاقاً من إجابة منطقية عن سؤال آخر: هل اليسار هو من يحكم أوروبا كي نخشى عليها من فوز اليمين؟ أليست أطياف من اليمين هي التي تحكم أوروبا اليوم، بما فيها حزب ماكرون نفسه؟
في هذا المجال هناك تعويل على نجاح اليسار الفرنسي في تشكيل (الجبهة الشعبية) كتحالف بين قواه الرئيسية لخوض الانتخابات الوشيكة، لكن نتائجها، أيّاً تكن، لن تبدد حال اللايقين، إنما قد تضاعف منها.
#حسن_مدن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟