أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الأسباب النفسية والروحية لصناعة المبدع نص (نبوءة الجداول)– أنموذجًا














المزيد.....

الأسباب النفسية والروحية لصناعة المبدع نص (نبوءة الجداول)– أنموذجًا


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8017 - 2024 / 6 / 23 - 20:13
المحور: الادب والفن
    


الشاعر – الشاعرة حين تضيق به الحياة، وتُغلق في وجهه الطرق، وتوصد أبواب التطلّع نحو آفاق الحياة، سيشعر بأنّه يعيش غربة الروح، وهي الغربة القاتلة التي تُعدّ أشدُّ من غربة الجسد، فالجسد ممكن أن يعوضه، بما يسد رمقه بملبس أو بمأكل أو ما شاكل؛ لكن الروح لا تستلذ بتلك المسميات المادية، كحالات المتصوف تماما. لذلك نجد المتصوّف، لا يعبأ بهذه الماديات قطعا، فيلتفت إلى الروحانيات، لأنها هي ما يسد الظمأ الحقيقي، الظمأ الذي تشتاق له الروح وتحن إليه حنين الظامئ للماء الزلال؛ لهذا تجد المتصوف يلتجأ لطقوسه الخاصة للحصول على لذّة لا تضاهيها لذّة، كي يسد الفراغ الذي أكمن في الروح، لاشتياق الحبيب.
الشاعر كإنسان يحب ويعشق، الشاعر كذلك لأنهما نفس الروح، باختلاف التكوين البيولوجي لهما، كون وضيفة المرأة مختلفة بعض الشيء عن وضيفة الرجل للسبب عينه، لكنهما متساويان في العقل والادراك والوعي، وهذه العبارة الأخيرة أجزم بها.
صاحبة هذا النص (نبوءة الجداول) وجدان وحيد شلال، الظاهر أنها تشعر بهذه الغربة، في لحظة من لحظات وجدها، وربما اشتياقها - حنينها، على اعتبارها كيان حيّ نابض، وهي ليست مادة جامدة، وهذا الكيان الذي تكمُن فيه الروح، وللروح متطلباتها كما للجسد. نعم، وللروح أبعاد نفسية وأخرى فلسفية، وثالثة ميتافيزيقية معرفية، ولكل بُعد من هذه الأبعاد، متطلباته ومآله وهي لا تقل شأنا عن متطلبات الجسد، وأن عدم تحقيقها وتحققها، لسبب أو لآخر، يفضي بالتالي إلى أمور لا يُحمد عقباها، بحسب جُل علماء النفس ومنهم كارل يوغن، وألكسيس كاريل صاحب كتاب "الإنسان ذلك المجهول". لكن يمكن معالجة تلك الحاجات بتحقيق مطالبها، بقدر احتياج الروح لتلك المطالب، وبالتدريج، كي لا تطب الروح المزيد، لأنّ الافراط والتفريط يخلُ بالموازين.
الشاعرة حينما تقول: "سحابة داكنة أخفي وراءها قلبي الذي لا ينام". فالأمر وصل إلى الذروة، ولا محيص في أن الضنك اطنب بدقائق مجسات الروح، فما عاد بالتذرع، لأخذ مفعوله ولا التصبّر يجدي منفعة، أي أن الأمر وصل لنهاية مغلقة. هكذا تصف لنا الأمر الشاعرة، كأنها تغلق جميع الطرق، وتسد النوافذ، وتوصد الأبواب، بدون واعز من حسابات، تزرع بها بذرات الأمل، وتجعل من السعادة تضيء دروب المُدلهمّات، وتدع النور يشرق بآفاق رحبة، وكي لا تتسرب إلى أفئدتنا قبسات التشاؤم.
ثمة خصلة جميلة بالشعراء – الشاعرات، أنهم يكتبون ابداعاتهم وهُم في أوج الضنك والمتاعب النفسية (طبعا ليس الشعراء فحسب، بل معظم الكتاب، كان دوستويفسكي يكتب وهو في أشدّ حالات اليأس، وشظف العيش، والهروب من الواقع المرّ، ومنها العوز المادي الذي هو أشد ألمًا له من جميع أزماته وآلامه) لذك يبدعون، ولربما هذا هو سرّ ابداعهم. واجزم بأن الشاعرة وجدان وحيد، لولا الأزمة النفسية التي تمرُّ بها، ما كانت تخرج لنا بنص جميل كهذا النص، فالأزمات النفسية وغيرها هي من يصنع المبدع والابداع، الإنسان الذي يعيش مترفا، متهيئة له جميع الاحتياجات، - من ومادية ونفسية ومزاجية - من المستحيل أن تخلق منه مبدعًا حقيقيًا، إلّا ما ندر وهو من الشذوذ، ولكل قاعدة شذوذ.
الإنسان بصورة عامة، هو كيان مصاب بالمعاناة، والسبب عقله حيث بالعقل يدرك أشياء لا يدركها مخلوق آخر، من هذه المخلوقات التي هي بالملايين، وربما بالمليارات، لأنه يطلب تلك الأشياء وتحن روحه إليها، وهو بأمس الحاجة لرشف زلالها، وأحيانا تكون من الصعب الحصول عليها، فيبذل قصارى جهده، لكن بلا جدوى، فيشقى ويشعر باليأس، وهذا اليأس يحدو به إلى مزالق، وصراعات نفسية قاتلة.
*نص: (نبوءة الجداول)
في الليلِ أجلسُ في الشرفِة وحيدة
فنجان قهوتي
صوت المارة
سحابة داكنة أخفي وراءها قلبي الذي لا ينام
ضحكات الأطفال وهي تلهو بعيداً عن آهاتي
افكر !!!
كيف للريح أن تسكن قلبي
ويكسرني الليل ويشربني الأسى
ضاق بنا الوقت ،،،
وجفت نبوءة الجداول
لأنام على جسدِ المسافة
جرحاً،،،
أجلس هنا
أرمّم الحلمَ الذي نامَ في الكهفِ سنين عددا
أعد وراك ،،،
الضحكات على فم الشمس
القصائد وعطرها
أتساءل ؟؟؟
كيف ؟؟؟
باعني الطريق للطيور المهاجرة
و عانق قلبي الغياب
هنا حين أجلس في الشرفة وحيدة
أتساءلُ ؟؟؟ !!!
أيها الربيع الذي رسمتني على جدران الفصول
قصيدة ،،،
بحبرك البابلي
كيف تذبلُ أسماؤنا في فم القصائد
كيف للموت ؟؟؟
إن يكسر قوانين الأرض والسماء
ليسقط الندى عن وجِهك
ويرميني على لغة الجرح القديمة
تعويذة سومرية،،،
كيف للزهرة أن تخنتق بين الحلم والحلم
وبين شفاه الوعد
هناك خلف المدن العتيقة
التي وضعت القصائد في نافذة الصمتِ
يسبحُ حزني بالجراحِ
يرسمني نقطة في السطر الأخير
حلماً ،،،
على أشرعة السفن النائمة بالشواطئ
تحملُ كف الأمنيات
هناك ،،
خلف النخيل
وجه الماء ،،،
يحملُ طين أوجاعي
قوافل النبض كلها معك
وانا وحدي ،،،
أطوف حول حقول القشّ
مقطوعة الظلّ .
وجدان وحيد شلال



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة (الحمار) فضح لحقيقة الإنسان الفاشل
- مكسيم جوركي والأسئلة الكبرى الوجودية
- عمامة الجواهري وشيوعية السياب
- فيصل الياسري شبع من: المال والجاه والنساء
- صدمة التهكم في نص (مذكرات على أوراق محترقة) للشاعر مازن جميل ...
- علي داخل.. والأداء المميّز
- التساؤلات المحضة عند الشاعر عادل قاسم
- التموسق في نصوص (عمى مؤقت) للشاعرة فلونا عبد الوهاب
- ممانعة التفاصيل في نص (ولن أخبرني) للشاعر صادق باقر
- مديات البوح في (أضرحة الورد)
- إرهاصات البوح عند علي حسن الفواز
- منطق العاطفة والخيال الخصب لدى الشاعرة وجدان وحيد شلال
- جنان السعدي حين يصوغ المعاني السامية
- مبدعون عرفتهم عن كثب (2) وليد حسين
- أحمد خلف.. يحرث في أرض الكتابة ويصنع الجمال
- تأمّل في (لَم يَكُنْ عارِيًا ذلك الظِّلُّ) للشاعر حمزة فيصل ...
- علي الحسون هل يكتب الشعر أم ينزف جراحًا؟
- ملامح الصورة الجمالية لدى الشاعرة منى سبع
- تحليل سويولوجي لقصة (نصيف الأحمر) للكاتب سعد السوداني
- الأسطورة ولعبة الأضداد في (العابد في مرويته الأخيرة)


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - الأسباب النفسية والروحية لصناعة المبدع نص (نبوءة الجداول)– أنموذجًا