أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - السلطة والجماعة تتحالفان ضد السكان














المزيد.....

السلطة والجماعة تتحالفان ضد السكان


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8017 - 2024 / 6 / 23 - 11:19
المحور: الادب والفن
    


من خصائص الحكي الذي أخوض مغامرته هنا والآن كونه يستمد واقعيته من أكدز التي تعني ككلمة مكانا خاصا بالراحة (باحة استراحة بالمعنى الصحراوي) وتحيل على مدينة صغيرة واقعة على الطريق الرابطة بين مراكش وتمبوكتو. وبما أنها ظلت لمدة طويلة عاصمة منطقة مزكيطا بشمال وادي درعة، فقد لعبت دورا اقتصاديا هاما. لكن سنوات الجفاف العجاف وتوفر وسائل النقل العمومي جعلت عددا كبيرا من ساكنة أكدز مجبرة على مغادرة المدينة قصد البحث عن عمل مما جعلها تفقد أهميتها..
في بداية الموسم الدراسي 1992-1993، انتقلت إلى المدرسة الفرعية لآيت عبد الله البعيدة عن المدرسة المركزية بتحليقة طائر. تم تكليفي آنئذ بتدريس الرياضيات والفرنسية لتلاميذ مستويات الرابع والخامس والسادس. تقع هذه المدرسة على يمين الطريق غير المعبدة المؤدية إلى قنطرة تانسيخت. تتوفر على سكن طيني قديم يقيم فيه معلم من مدينة مكناس تربطه علاقة صداقة مع معلمة عينت قبل عامين بالمدرسة المركزية، وهي مطلقة تتحدر من مدينة واد زم. يحيط بهذه المدرسة سور قصير مبني بالطين والحجارة.
في الأيام الأولى المؤثثة بالاستعدادات للدخول المدرسي، اتصلت بأحد الرجال العقلاء الذين يحترمون التزاماتي النضالية وكتاباتي الصحافية التي كنت أتطوع بها لرصد بعض مظاهر التهميش في المنطقة، وطلبت منه أن يبحث لي عن سكن قريب من المدرسة. فعلا، استجاب الرجل الطيب لطلبي ووضع رهن إشارتي بيتا معزولا عن دوار آيت يحيى ومجاو لمسكن طيني تقيم فيه عائلة عطاوية أعياها الترحال وراء الجمال وبين الجبال الشاهقة والكثبان الرملية، فاختارت الاستقرار بين ظهراني سكان آفرا-آيت سدرات. أمام البيت، ثمة بئر تتجمع حوله عادة بنات الدوار من أجل التصبين والتزود بالماء الطبيعي الزلال. بين البئر وباب البيت، هناك ممر خاص بالدواب والراجلين يؤدي مباشرة إلى دوار آيت خلفون.
بدأت الدراسة بداية فعلية وعادت مياهها إلى مجاريها..مع توالي الأيام، تأقلمت مع الأجواء والأوضاع، إلا أن تعدد المستويات حال دون تحقيق الأهداف المرجوة وحكم على رضاي الشخصي بالامتناع. خلال الدورة الأولى، زارني المفتش الذي لم تكن لي بهويته معرفة سابقة.. الشيء الوحيد الذي أعرفه عنه هو أنه حريص على التحدث بلغة موليير أثناء لقاءاته التربوية.. من خلال لونه الأسود، بدا لي أنه ولد ونشأ في ربوع جنوبنا الحبيب.. يبدو من خلال ملامحه أنه صارم وجاد. استولى على مقعدي واحتل مكتبي وأخذ يتفرج علي وأنا موزع بين مستويين دراسيين غير متجانسين، ناهيكم عن اختلاف كل تلميذ عن الآخر من حسث الجنس ونسبة الذكاء ومقدار الرأسمال السوسيوقتصادي .
علمت علم اليقين أن المفتش، وهو يقوم بعمله، لم يستحضر إكراها نفسيا تحدث عنه عالم النفس بالدوين في وقت مبكر (1902) من القرن الماضي حيث قال: "إن الشعور بوجود آخرين يراقبوننا يحطم كل العمليات العقلية. فلن نفكر كما نريد أن نفكر، ولن نستطيع أن ننفذ ما نصنعه من خطط، ولن نستطيع أن نتحكم في عضلاتنا بذات الدرجة من الكفاءة، ولا أن نركز انتباهنا ونوجهه كما نريد، ولن نستطيع أن نفعل أي شيء نحبه، إذا كا ن شعورنا بأن كل ما نفعله هو موضع مراقبة من الآخرين، هو المسيطر علينا".
في خريف 1992، بعد انتهاء الانتخابات الجماعية، جاء من أكدز إلى منطقة أفرا وفد نقابي ينتمي أعضاؤه كلهم إلى مركزية نوبير الأموي الذي كان يقبع آنذاك بسجن القنطرة على إثر تصريحه الناري لجريدة "الباييس" ضد حكومة بلاده. بحكم انخراطي في هذه النقابة بمجرد ما وطأت قدماي أرض أكدز، تعرفت على أعضاء الوفد الذي حل بالمنطقة في مهمة تعبوية لها صلة ببرنامج نقابتهم الانتخابي. عندما التقيت بهم أخبروني بصوت واحد برغبة صاحب سيارة تعليم بأكدز في ان ألتحق به حالا لأجل غرض لم يفصحوا لي عن طبيعته. وبما أن حصص عملي كانت في هذا اليوم مبرمجة في الفترة الصباحية، فقد تسنى لي الذهاب إلى أكدز لملاقاة من طلب ملاقاتي عبر الوفد النقابي.
في المساء، لدى وصولي لعاصمة "مزكيطا" التقيت بصاحبي الذي أرسل في طلبي فرحب بي واستضافني معززا مكرما في تلك الليلة في بيته الكائن في رباط أكدز بعيدا شيئا ما عن المركز. عندما سألته عن المطلوب مني أعرب لي عن رغبته في أن يبلغ للرأي العام معلومات حصل عليها بعد مشاركته في الانتخابات الجماعية السابقة تحت يافطة حزب الميزان.
في بيت صاحب سيارة التعليم الذي لم يحرز من الأصوات على ما يؤهله لشغل منصب مستشار جماعي، رتبت جلسة ليلية حضرها، فضلا عن صاحب البيت، عبد ربه وزميلان لي؛ يعمل أحدهما في السلك الثانوي الإعدادي والآخر مدرس في السلك الابتدائي يعود محتده إلى قلعة مكونة..
أخذت قلما وكراسة وبدأت أسجل الأجوبة التي أتلقاها من جلسائي عن كل سؤال سؤال إلى أن استحال بياض صفحات الكراسة إلى سواد. في صباح الغد، خرجت من الدار المضيافة بعد تناول وجبة الفطور متأبطا أوراقي وفي نيتي تحرير تحقيق صحفي عن منطقة أكدز بعد الانتخابات الجماعية لعام 1992 استنادا إلى ما بحوزتي من معلومات جادت بها جلسة لم تكن ف الحسبان. تحقق الحلم فعلا وصدر المقال بجردة "الاتحاد الاشتراكي" تحت عنوان "السلطة والجماعة تتحالفان ضد السكان" وضمن مواد عدد يوم 16 دجنبر من نفس العام.



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند ميشا ...
- الذكرى الثالثة والأربعين لانتفاضة الخبز بالدار البيضاء تسلط ...
- نعوم تشومسكي: عودته إلى منزله بعد انتشار شائعات كاذبة عن وفا ...
- قصتا الحذاء البلاستيكي وشرائح اللحم التي نخرتها الديدان
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند ميشا ...
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند ميشا ...
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- المناضل والمقاوم لحسن زغلول يتحدث عن علاقته بالمجاهد عبد الر ...
- تمارة: حفل تكريم المقاوم حسن مرزوق بالقاعة الكبرى محمد عزيز ...
- شجيرات المشمش تحركت وسط ذبالها وازدانت أغصانها الصغيرة بوريق ...
- عندما يتحول القلم إلى سلاح في معركة ضد الأنذال
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- فشل المقاربة النظرية والبيروقراطية لمطلب التربية على القيم
- هكذا هي الأحلام، يشد بعضها بعضا وتطرد كل دخيل غريب
- فرنسا، المغرب العربي والانتصار الكاسح لليمين المتطرف في الان ...
- من جسد السلطة إلى سلطة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- من جسد السلطة إلى قوة الأجساد: الجسد، الفرد والذات عند فوكو ...
- عمر هلال يدعو المجتمع الدولي والشعب الجزائري إلى أن يكونوا ش ...
- الاشتراكي الموحد يعرض في ندوة صحفية مقترحاته التي ضمنها مذكر ...
- بوزنيقة: تضامنا مع فلسطيني غزة وقفة سلمية تدعو إلى إسقاط الت ...


المزيد.....




- مفاجئات قوية… مسلسل المتوحش Yabani الموسم 2 مترجمة والموعد ع ...
- EGYBEST…تسجيل دخول ايجي بست 2024 فيلم ولاد رزق 3 كامل
- -التحديث الأكبر-.. غوغل تضيف 110 لغات إلى تطبيق الترجمة
- وثائق قضائية جديدة تكشف عن ديون مايكل جاكسون عندما توفي
- وزيرة الثقافة اليونانية: متحف الأكروبوليس مكان مثالي لحفظ من ...
- من هنا رابط موقع ايجي بست 2024 لتحميل فيلم ولاد رزق 3 وأهم أ ...
- قصيدة : فَلسَفَةُ العَزَاء - الشاعر العراقي : - - - - محسن م ...
- في انتظار الموت
- عـشقٌ من طرفٍ واحد
- الشاعر العراقي : - - - - محسن مراد الحسناوي - فَلسَفَةُ العَ ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد رباص - السلطة والجماعة تتحالفان ضد السكان