|
هل سينهي تفعيل المجابهة في المتوسط الحرب على غزة؟
هاني الروسان
(Hani Alroussen)
الحوار المتمدن-العدد: 8016 - 2024 / 6 / 22 - 20:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن الجهة العربية الوحيدة القادرة على تحريك المياه الراكدة في محيط حرب الابادة الجماعية التي تشنها إسرائيل منذ تسعة اشهر على قطاع غزة هي حزب الله، وتحديدا امينه العام الشيخ حسن نصر الله، الذي سيكون لخطابه الاخير الكثير مما بعده، بعد ان يأخذ بعض الحجيج جزء يسيرا من راحة أداء مراسم حج هذه السنة التي تميزت بشدة حرارة غير مسبوقة الا بلهيب قنابل نتنياهو الذي الهب احشاء أطفال عزة. وفي هذا الخطاب الذي جاء استثناء في توقيته ومحتواه، يجب التوقف مطولا امام اشارته العابرة لتفعيل جبهة البحر الأبيض المتوسط لما لها من دلالات عميقة وخطيرة ليس على إسرائيل فقط بل والأهم على عدد من دول الاقليم والأكثر الاهمية من كل ذلك على المستوى الدولي، إذ بالإضافة إلى تهديده المباشر للدولة القبرصية الشريك الطاقوي المحتمل لاسرائيل فإنه لفت أنظار أوروبا إلى هشاشة اعتمادها على استراتيجيات الولايات المتحدة في صياغة علاقاتها الجيوسياسية مع العالم، وأن انقيادها الأعمى للمضي خلف واشنطن سيؤدي بها إلى الانتهاء لنتائج لن يكون بمقدورها التخلص من تبعاتها حيث ستجر عليها العديد من الويلات والمصائب. ولكن وقبل ذلك وبالعودة إلى الاقليم الذي لا يكتفي بانه يغط في سبات عميق ويتعامى عن ما يجري من مذابح في غزة، بل إنه في معظم الأحيان شريكا اصيلا في هذه الجرائم لا لشيء الا لاعتقاد وهمي جوهره ان اسرائيل هي ضمانة البقاء والاستمرارا، وليس فقط عن طريق التعاون الأمني المشترك معها بل طريق الاندماج الاقتصادي بوهم انه مفتاح الاندماج والتعاون والتطبيع الاجتماعي والشعبي الذي يواجه فشلا ذريعا حتى يومنا هذا. وفي هذا السياق بالذات لايمكن القفز عن الخطيئة التي ارتكبتها الحكومة المصرية عندما ربطت امن مصر الطاقي ليس فقط بدولة لها معها تاريخ طويل من العداء وأن السلام معها لم يصل بعد إلى محل إجماع، بل ان هذه الدولة لا زالت في حالة حرب مع اكثر من دولة اقليمية والأهم انها في حرب لم تتوقف منذ أكثر من سبعين عاما مع الطرف الأول في معادلة الصراع وهو الشعب الفلسطيني الذي يتمتع بعمق عربي شعبي متحرك لا ضمانات لاستقراره عند مستويات مطمئنة بالنسبة لصناع قرارات السلام مع اسرائيل. وقد جاء هجوم السابع من أكتوبر وما ترتبت عليه من تداعيات لتؤكد المخاطر الجدية التي تهدد امن الطاقة المصري جراء ربطه باسرائيل، إذ انعكس القرار الاسرائيلي بتصفير صادرات الغاز إلى مصر عقب ذلك الهجوم والذي تزامن مع ازمة محلية اثر تراجع انتاج حقل ظهر الذي يسد حاجات السوق الداخلية بنحو 38% فقط من 2.76 مليار متر مكعب يوميا إلى 2.3 مما ترك أثرا بالغ الخطورة على الصناعات الاستراتيجية كثيفة الاستهلاك للغاز مثل الأسمنت والاسمدة وغيرهما هذا بالإضافة إلى تدهور القدرة على انتاج الطاقة الكهربائية، وربما انتهاء الحلم المصري بالتحول إلى مركز للطاقة الموجهة إلى أوروبا بالاعتماد على الغاز الإسرائيلي المستورد للاسالة والتصدير، حيث تدرس تل ابيب حاليا مشاريع لبناء سفن لإسالة وتصدير الغاز مباشرة من حقول الاستخراج إلى أوروبا، فضلا عن التفكير ببناء خط غاز مباشر بين إسرائيل واليونان وقبرص، وهو ما سيمثل حال تنفيذه تهديدا جوهريا للمصالح المصرية عبر إيجاد مسارات بديلة لتصدير الغاز المسال في مصر. واذا كانت المخاطر التي تهدد امن الطاقة في مصر بقيت رهينة الخطط الاسرائيلي بايجاد بدائل عن الدور المصري على هذا الصعيد، فإن تلويح الشيخ حسن نصر بتفعيل ساحة المواجهة في البحر الأبيض المتوسط تقطع الشك باليقين على العزم بادخال عامل الغاز في معادلة الصراع، ما يعني عند وضعه موضع التنفيذ انهاء احلام مصر بالتعويل على احتلال مركز دولي لتصدير الغاز المسال، وحرمان الاقتصاد المصري الذي يعاني الأمرين من مليارات الدولارات، بالاضافة الى مضاعفات أزمات السوق المحلية الناجمة عن شح الغاز الذي يشغل اهم الصناعات الاستراتيجية، التي تؤثر على مختلف قطاعات الحياة في مصر، والتي لن يكون بمقدور الحكومة ادارة الظهر لها، بل على الاغلب ان هذا ما سيدفعها للبحث عن سبل لخفض حدة التوتر في المنطقة ومنع احتمالات اية مواجهة بين حزب الله واسرائيل التي تعرف جيدا ان ذلك مرهون بتطورات ملف غزة الذي وضعه الحزب شرطا مسبقا لتحديد نتائج اي تحرك دبلوماسي لنزع فتيل الجبهة الشمالية. وكما تعرف مصر بان تفعيل جبهة البحر المتوسط قد تعني إدخال الغاز في معادلة الصراع فان كل من الولايات المتحدة الأمريكية ودول الإتحاد الاوروبي تعرف بأكثر عمق معنى ان يصبح احد مصادر الغاز البديلة للغاز الروسي محل تهديد، حيث لن يعود حينها امام الولايات المتحدة من خيارات واضحة في كيفية التعامل مع الاحتياجات الأوروبية للغاز في ظل احتمال اتساع نطاق المواجهة العسكرية في مياه البحر الأبيض المتوسط وتعطيل انتاج حقول الغاز فيه وعرقلة خطوط الملاحة التجارية. صحيح انه وفقا لبعض الدراسات الاقتصادية فان حجم الغاز الإسرائيلي المسال مصريا لا يغطي في أفضل الحالات اكثر من 5% من احتياجات السوق الأوروبية، غير ان اضطراب الملاحة التجارية في البحر المتوسط ستضاعف من حدة أزمات الأسواق الاوربية، خاصة وان الغاز الأمريكي لا يستطيع تغطية اكثر من 14% من الاحتياجات الاوربية، هذا فضلا عن الخسائر الفادحة التي ستمنى بها عقود التنقيب عن الغاز التي أبرمتها بعض الشركات الأوروبية مع الحكومة الإسرائيلية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل سيكون بإمكان الولايات المتحدة ان تستمر في الإمساك بمعظم اوراق اللعبة كما هو عليه الوضع حاليا في حال توسع الصراع في المنطقة؟، اما إن الأمور ستفلت وأن أوروبا ستنقلب على إستراتيجية عزلها عن روسيا وإعادة احياء بعض خطوط الاتصال مع موسكو مع كل ما يعنيه ذلك من مخاطر كبرى على الدور العالمي لامريكا؟. وفي هذا السياق تشير كثير من أراء المتابعين إلى أنه لم يعد امام واشنطن من مناص ومن اختيار افضل من اختيار البحث عن خطط لخفض حدة التوتر تبدأ بوقف الحرب على غزة، وإيجاد سبل ان لم تكن لحل النزاع في الشرق الأوسط فعلى اقل تقدير لتجميده ومنع توسعه، يعد ان اخذ عدد المتضررين جراء استمراره يزايد يوما بعد يوم، غير ان ذلك يبقى رهين جدية رسالة الشيخ نصر الله من ناحية، ومدى أخذ البيت الابيض لها بعين الاعتبار من الناحية الاخرى. هاني الروسان/ استاذ الاعلام في جامعة منوبة
#هاني_الروسان (هاشتاغ)
Hani_Alroussen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
انهيار ثقافة التعالي الصهيوني وراء العنف الوحشي على غزة
-
هل يطيح اليمين الاسرائيلي بالدولة؟؟
-
بعد موافقة حماس هل سترغم واشنطن اسرائيل على وقف الحرب؟؟
-
اصرار واشنطن على وقف اطلاق النار وحدود المغايرة في الاستراتي
...
-
الرد الايراني ولو بالذهاب الى حافة الهاوية
-
وقف اطلاق النار وترتيب المنهزمين
-
ما لا يمكن لواشنطن استدراكه بعد قرار وقف إطلاق النار
-
هل توقف واشنطن الحرب قسرا؟؟
-
لتجاوز الحرد السياسي إلى المراجعة العميقة
-
كامالا هاريس تخاطب نتنياهو كما لو كان جونغ اون!!!
-
تساوي الفرص
-
جراحات امريكية تجميلية لترحيل الازمة
-
ماذا وراء التلويح باجتياح رفح؟
-
انقاذ الدور الاسرائيلي على حسب الدور السعودي
-
البعد السياسي في قرارت لاهاي
-
هل تعني السعودية ما تقول؟
-
إسرائيل أصغر حجما من دورها
-
ايران والحرب على غزة: الدولة بين واقعها وخيال حكامها
-
حتى لا نبدد فرصة اكتوبر
-
ليس تحليلا للخطاب ولكن: ماذا قال الشيخ نصر الله ؟؟
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|