أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - تدهور الأوضاع المعيشية لعموم الكادحين منذ 25 جويلية















المزيد.....

تدهور الأوضاع المعيشية لعموم الكادحين منذ 25 جويلية


مرتضى العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8016 - 2024 / 6 / 22 - 14:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لقد أسالت ثورة 17/14 حبرا كثيرا وتعارضت حولها الآراء والتقييمات انطلاقا من طبيعتها وصولا الى مآلاتها، إلا أن نقطة الاتفاق الوحيدة تكاد تكون قصورها في تقدير البعد الاقتصادي والاجتماعي للثورة. حيث بقدر ما أولت فعالياتها اهتماما كبيرا بالجوانب السياسية وعلى رأسها قضايا الحريات، فقد أهملت بعدها الاجتماعي الذي من أجله قامت الثورة أساسا والذي وفّر لها عمقها الشعبي وجعل الطبقات والفئات الشعبية بمختلف مواقعها تساهم فيها دون حساب، آملة في تغيير حقيقي وعميق لأوضاعها المعيشية التي كانت في حالة تدهور مستمرّ زمن الدكتاتورية.
وكان من نتائج هذه الأوضاع أن دخلت البلاد في حالة أزمة عميقة ومتعددة الأبعاد، سهُل معها ترذيل الشأن السياسي والسياسيين عامة، وهو ما تلقفته الشعبوية الناشئة فجعلت منه خطابها الرسمي القائم على الاتهام والتخوين في مرحلة أولى وعلى القمع المفتوح في مرحلة ثانية، في محاولة لإلغاء كل ما تحقق من مكاسب ـ على قلتها ـ وعلى رأسها مكسب الحرية.
لكن هل نجح الحكم الشعبوي فيما فشل فيه سابقوه؟ وهل قدّم بديلا عن السائد في المجالين الاقتصادي والاجتماعي بالذات؟
شحّ المواد الأساسية وارتفاع الأسعار
إن الجواب على مثل هذا السؤال لم يعد يحتاج الى أدلّة ترتكز على أرقام ومقارنات على طريقة الخبراء والمختصّين، فالواقع المعاش أصبح أكثر بلاغة من أي أرقام وأية خرائط وجداول.
فمشهد الطوابير أمام المساحات الكبرى والمحلات التجارية المختلفة منذ ما يزيد عن السنتين بات مألوفا لدى التونسيين أمام شحّ المواد الأساسية كالحليب والزيت النباتي والسكر والسميد والأرز بشكل دوري، وهو ما واجهته السلطات القائمة بالصمت والتعتيم على حقيقة الأوضاع. وهو ما سهّل كذلك تطوّر القطاع الموازي والمضاربات وخاصة ارتفاع الأسعار التي تصبح خارجة عن أية مراقبة في ظل استعداد المواطن المحتاج دفع أي ثمن لتلبية حاجته من هذه المادة أو تلك.
أما في المناطق الحدودية، فقد اعتاد الأهالي التزود بالسلع الغذائية والوقود من البلدان المجاورة، حيث أصبحت مسالك التهريب لقمة عيش السكان، رغم الإجراءات المشددة التي تفرضها القوات الأمنية لتشديد الخناق على المهربين، بل أن هذه السلع تجاوزت تلك المناطق لتنتشر في كافة أنحاء البلاد.
لهذه الأسباب وغيرها، يعتبر بعض الخبراء أن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس اليوم هي الأسوأ منذ اندحار الاستعمار في خمسينيات القرن الماضي، وتداعيات جائحة كورونا، وقد أدّت الى ارتفاع التضخم المالي في البلاد، وهو ما يزيد من معاناة المواطن التونسي وتردّي مقدرته الشرائية.
غلق المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتفاقم البطالة
ومما يزيد الأزمة تعقيدا بالنسبة للطبقة العاملة وعموم الكادحين تفاقم نسبة البطالة بسبب غلق الآلاف من المؤسسات الصغرى والمتوسطة الذي تضاعف مع انتشار وباء كورونا ولم ينقطع بعد انقشاع الجائحة بسبب الصعوبات المالية التي تواجهها هذه المؤسسات. فلقد سرّحت عديد مؤسسات القطاع الخاص في تونس، من شركات ومعامل ومصانع، آلاف العمال طيلة السنوات الماضية. فإذا بلغت عمليات التسريح 3845 عملية سنة 2018، في القطاع الخاص، فإن عددها تضاعف مرّات ومرّات في السنوات الثلاثة الأخيرة، ملقية بعشرات الآلاف من العمال في الشوارع. وتنتشر اليوم في المحاكم التونسية آلاف القضايا الخاصة بالعمال المسرّحين لتطول مدّة التقاضي بين رجل أعمال متهرب من دفع مستحقات الأجراء وعمال يعانون شبح التشرد والجوع. ويتضح من خلال هذه المحاكمات أنّ عديد أصحاب المصانع "متحيّلون" على البنوك والقباضات وحتى على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كما توضّحه مئات التقارير التي أعدّها ويعدّها المتصرفون القضائيون.
النتيجة: تفقير ممنهج للتونسيين
وتبقى تقارير المعهد الوطني للإحصاء من أهم المصادر للتعرّف على واقع مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، إن من خلال "التعداد العام للسكان والمساكن" الذي ينجزه كل عشر سنوات والذي يستعدّ المعهد لإنجاز نسخته الجديدة خلال السنة الجارية أو من خلال تحقيقات أخرى جزئية أو قطاعية تهم هذا المظهر أو ذاك من حياة التونسيين والتونسيات. من ذلك نشره خلال سنة 2023 لنتائج "المسح الوطني حول الإنفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر" والذي خلص فيه الى ان نسبة الفقر في تونس ارتفعت سنة 2021 الى 16.6 بالمائة مقابل 15.2% سنة 2015، فيما حافظت نسبة الفقر المدقع على استقرارها في حدود 2.9 في المئة، مؤكدا وجود تفاوت في نسب اللامساواة حسب الجهات. ويُعتبر فقيرا سنة 2021حسب معايير المعهد كل شخص لم يتجاوز انفاقه الاستهلاكي السنوي 2536 ديناراً.
ووفقاً لهذا المسح فإن "نسبة الفقر شهدت زيادة في معظم الجهات باستثناء ولايات الشمال الغربي المرتفعة أصلا حيث انخفضت فيه هذه النسبة إلى 22.5 في المئة بعد أن كانت في مستوى 28.4 في المئة عام 2015 وإقليم تونس الكبرى، إذ تراجعت النسبة من 5.3 إلى 4.7 في المئة بينما عرفت ولايات الوسط الغربي أعلى نسبة بـ 37 في المئة.
كما أبرزت دراسة معهد الإحصاء أن التفاوتات متنوعة ومتعددة الأبعاد، فهي لا تشمل الأشخاص والطبقات والفئات الاجتماعية فقط، بل هي تشمل كذلك الجهات والنوع الاجتماعي. ويُرجع بعض الخبراء ذلك الى سياسات التقشف التي حررت الاقتصاد التونسي من خلال خطط "الإصلاح الهيكلي" الواسعة، والتي أدت الى الانسحاب التدريجي للدولة من بعض القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم، إلى جانب نظام ضريبي مزدوج، وهي العوامل الرئيسية في ترسيخ أسس عدم المساواة العميقة في البلاد. وقد شجع هذا النظام، الذي أملته الرؤية النيوليبرالية للمؤسسات المالية الدولية، على تطوير القطاع الخاص لخدمة الأغنياء، على حساب الفقراء وعلى حساب الخدمات العامة الأساسية ذات الجودة والمتاحة للجميع.
البنك الدولي يساهم في تأجيج الأزمة ويتظاهر بتوفير الدواء
وأمام تزايد رقعة الفقر في تونس وتحسبا لبلوغ المزيد من التونسيين مجال الفقر المدقع، بادر البنك الدولي وهو أحد المؤسسات المالية المتسببة في تأزيم الأوضع الاقتصادية في تونس، بتقديم "مساعدات" في شكل قروض ميسرة لتونس بقيمة إجمالية تبلغ 700 مليون دولار ضمن برنامجه الاجتماعي الذي يهدف إلى مساعدة الأسر التونسية لمواجهة حالة الأزمة المزمنة التي تتخبط فيها البلاد إثر تداعيات أزمة كورونا والنزاع الروسي -الأوكراني. ويهدف هذا القرض الى توفير مساعدات لنحو مليون عائلة تونسية من أجل "تعزيز الحماية الاجتماعية ودعم السلم الاجتماعي في البلاد ضمن برنامج اجتماعي سيكون تحت إشراف رئيس الجمهورية التونسية" حسب تصريح السيد فريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي أكد كذلك على "ضرورة الإسراع في تجسيم مختلف الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية".
فأين نحن من خطاب المزايدة إزاء امتناع صندوق النقد الدولي تمكين تونس من قسط القرض المقدّر بـ 1،9 مليون دولار، ومن خطاب السيادة الوطنية ومن شعارات الثورة التي جاء مسار 25 جويلية استكمالا لها: فلا الشغل تحقق ولا الحرية تعززت ولا الكرامة الوطنية تجسدت بأي شكل من الأشكال. فعن أي سيادة نتحدث والبلاد مازالت تأكل من وراء البحار، والميزانيات المتعاقبة تكشف مواصلة الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي بل أن هنالك اجتهادا خاصا لتنفيذ هذه الاملاءات من خلال برامج التقشف وغيرها والمتجسدة عمليا في وقف الانتدابات، والضغط على كتلة الأجور، وتعميم التشغيل الهش، والتلويح بالتفويت في المؤسسات العمومية كلما احتدّت الأزمة؟



#مرتضى_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 10)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 9)
- هل حُمّلت زيارة قيس سعيد الى الصين أكثر مما تحتمل؟
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 8)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 7)
- المقاومة الفلسطينية تكسب معركة الجامعات في العالم
- انتفاضة شعب كاناكي (كاليدونيا الجديدة) تطرح مجددا المسألة ال ...
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 6)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 5)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور (ج 4)
- سبعون سنة مرّت على ملحمة ديان بيان فو
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور(ج 3)
- في الذكرى الستين للحزب الشيوعي الم الل بالاكوادور(ج 2)
- في الذكرى الستين لـلحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالإكوادور ...
- فاتح مايو/أيار، يوم الوحدة والنضال للطبقة العاملة العالمية
- بيان الندوة الدولية للأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية
- بيان حزب العمل الأمريكي
- بيان الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني بالاكوادور بمناسبة 1 ما ...
- بيان حزب العمل الإيراني (طوفان) بمناسبة الفاتح من ماي
- البُعد الأممي للقضية الفلسطينية


المزيد.....




- تحليل CNN.. خريطة تُظهر شكل التوغل الأوكراني في الأراضي الرو ...
- لكمه وضربه بكوعه على رأسه مرارًا.. فيديو يظهر اعتداء ضابط عل ...
- بعد الفضيحة.. ألمانيا تسحب تكريم ذكرى الضباط السابقين في -ال ...
- بولندا: القبض على شخص خطط لتنفيذ أعمال تخريبية
- وزير إسرائيلي: نتنياهو كان يعلم بما سأقوم به (صورة)
- هوكشتين يعتبر أنه بإمكان إسرائيل و-حزب الله- تجنب الحرب
- محادثات في سويسرا بشأن وقف إطلاق النار في السودان
- أولمبياد باريس 2024..حدث رياضي تاريخي ببصمة عربية
- تركيا تعتزم إدخال نظام بصمات الأصابع للأجانب على الحدود
- مصر.. عملية نادرة لفصل توأم ملتصق بطريقة غريبة


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مرتضى العبيدي - تدهور الأوضاع المعيشية لعموم الكادحين منذ 25 جويلية