أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - خطر وجودي؟ نعم!















المزيد.....

خطر وجودي؟ نعم!


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 8016 - 2024 / 6 / 22 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




يكرِّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، يومياً، أنّ إسرائيل تواجه خطراً وجودياً. هو يفعل ذلك، بالدرجة الأولى، ليبرّر استمراره في حرب الإبادة التي تجلّى إجرامُها، خصوصاً بالتركيز على استهداف المدنيين، فيما يتواصل «عجز» القوات الإسرائيلية عن السيطرة على مدن ومخيمات قطاع غزّة بسبب المقاومة الضارية، في صيغة حرب عصابات، التي تشنّها «حماس» وفصائل فلسطينية مقاومة، ضدّ الجيش الغازي وتكبِّده خسائر هي أضعاف ما اعترف به. خسائر العدو الصهيوني متنوّعة: بشرية، قتلى وجرحى ومعوَّقون جسدياً أو نفسياً (بالآلاف)، هاربون مِن الخدمة أو ممتنعون عن العودة إليها... كذلك خسائر هائلة في المعدّات والآليات وخصوصاً منها دبّابة الميركافا بكلّ أنواعها، والتي يفوق عددها الـ 1500 آلية. وهي، أيضاً، خسائر معنوية، وأخرى أخلاقية، طاولت، كذلك، داعميه وأكبرهم واشنطن. فالجيش الإسرائيلي الذي يباهي بحرفيّته والتزامه بقوانين الحروب، ارتكب أعظم المجازر بشكلٍ متواصل وجبان، ما أثار حملةً هائلة غير مسبوقة ضدّ ممارساته وممارسات حكومته الإرهابية البربرية على امتداد العالم.بات على كلّ لسان، أنّ نتنياهو يستمرّ في الحرب مِن أجل استمراره في السلطة التي سيفقدها حتماً، كما يعتقد ويعلن الجميع، بمَن في ذلك الرئيس الأميركي نفسه! إلّا أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي أشرنا إلى أولوية أسبابه الخاصّة في التحذير مِن الخطر «الوجودي» المحدِق بالكيان الصهيوني، ليس الوحيد الذي يتناول هذا الأمر بشكلٍ شبه يومي ويحذّر منه دون كلل.
ثمّة كثيرون في صفوف المسؤولين الإسرائيليين، حاليين وسابقين، سياسيين وعسكريين، ممّن يحذّرون ممّا تواجهه إسرائيل، بسبب إخفاقات جيشها وتطرّف حكومتها وتصرّفها، مِن أخطارٍ وجودية تهدّدها على نحوٍ غير مسبوق. بل إنّ في داخل الحكومة، وليس فقط في المعارضة، مَن يحذّر مِن أنّ ما حصل قد وضع الكيان في وضعٍ صعب لا يمكن الخروج منه إلا بتقديم تنازلات «أليمة». يندرج في هذا السياق، وبصورةٍ بالغة الخطورة، اتّخاذ الخلاف، بين قيادة الجيش ورئيس الوزراء، صيغةً هي أشبَه بالتمرّد، عبر ردّ الناطق باسم الجيش (هاغاري)، على نتنياهو (الذي اتّهم الجيش بأنه يضع نفسه فوق الدولة)، بإعلان إسقاط أوّل وأهمّ بند مِن «أهداف الحرب» التي يكرّرها، وتأكيد استحالة القضاء على «حماس»!
الأمر طبيعي! وإنْ يكن غير مألوفٍ في مسار الحروب العدوانية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني وعلى الدول العربية المجاورة لفلسطين المحتلة. في 7 أكتوبر، فاجأت عملية «طوفان الأقصى» العدوّ حتّى الموت! خسائر هائلة في الأرواح. مخطوفون بالمئات. انهيارٌ قيادي كامل في «غلاف غزّة» بسبب هول المفاجأة. شللٌ وارتباك انفعالي في القيادة السياسية والعسكرية... ما دفع حُماة الكيان إلى المسارعة لنجدته: بالحضور الشخصي والأساطيل والجسور الجوّية والبحرية والبرّية لتزويده بأحدث وأفتك أنواع الأسلحة وأكثرها تدميراً. أمّا الأصدقاء والشركاء المطبّعون، القدماء والجدد، فكأنما كان على رؤوسهم «الهدهد»! هؤلاء وأولئك وفَّروا للعدوّ كلّ الأسباب والذرائع والإمكانات ليضرب دون رحمةٍ أو تمييز أو تأخير. رغم كل ذلك، تورّطت إسرائيل في أطول حروبها وأفدح خسائرها وأعظم عجزها، ولا تزال. أمّا الخسائر، فالمعنوي والجوهري منها أكبرُ بما لا يقاس. إسرائيل الآن دولةٌ عنصرية، مجرمة، مدانة، منبوذة على أوسع نطاق في العالم، بوصفها خارجة على كلّ أنواع الشرعية الدولية، ومدانة مِن قِبَل جميع هيئاتها.
هل إسرائيل تواجه فعلاً خطراً وجودياً؟ أم أنّ الإعلان عن مِثل هذا الخطر هو لكسب الوقت طلباً لانتصار عَزَّ، بل استحال، طوال ما يقارب التسعة أشهر؟ بالإضافة إلى ما قالته وتقوله المعارضة الإسرائيلية عموماً وعائلات الأسرى المخطوفين خصوصاً، ثمّة شعورٌ حقيقي بالخطر وبسقوط الأوهام والأحلام.
إنّ الكيان الصهيوني، لن يتمكّن بعد الحرب على غزّة مِن السيطرة على الفلسطينيين: لا بالقوّة الخشنة ولا بالقوّة الناعمة. وهو لا يستطيع، بالدرجة نفسها، أن يتعايش معهم، أو حتّى مع قسمٍ منهم ما دام أنه يرفض، وفي عزّ أزمته ومأزقه، القبول بأي حضورٍ لهم في دولة الاغتصاب مهما كان رمزياً ومكبّلاً بآلاف الشروط أو القيود. أمّا أوهام الكيان بالسيطرة على المنطقة وفقاً لمخطّطاته ومخطّطات حماته، فهي إلى زوالٍ كنتيجةٍ حتميّة لتداعيات المعركة، العاجلة والآجلة، على الكيان وشركائه في الجريمة والهزيمة: الدوليين والإقليميين. كتب المحلّل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، رون بن يشاي، بعد أنْ أكّد أنّ مواجهة الخطر «مِن الشمال» هي التي باتت تحتلّ الأولوية: «ستكون للحرب آثار أمنيّة إستراتيجية وجودية على دولة إسرائيل... فقد نواجه هجمات متكرّرة في سنوات قليلة بهدف إنهاكنا عسكرياً ونفسياً، وتتسبّب في انهيارنا».
حقّقت المقاومة والشعب الفلسطينيان نجاحاتٍ باهرة: الصمود الأسطوري الشعبي والمسلّح المقاوم. تبلورُ القيادة المصمّمة والحاسمة في خيارها الجذري نهجاً وأسلوباً، وفي إبداعها القتالي، وتحالفاتها الإستراتيجية وعلاقاتها التكتيكية. كذلك في ترفّعها وتمسّكها بثوابت القضيّة وإعادة طرحها كقضيّة اغتصاب واحتلال، لا مجرّد صراعٍ على سلطة في الداخل أو في الخارج. أربك ذلك كلّه داعمي الكيان وفضحَهم، وأدخلَ حكومتَه الفاشيّة وكلّ قواه السياسية في مأزقٍ غير مسبوق، وأطلق حملة تضامنٍ عالمية ضخمة. في مجرى ذلك، تمّ احتواء الالتباس والخلاف حول «حلّ الدولتين» بما يوفّر مكسباً مرحلياً للكفاح الفلسطيني ويجعله، بالضرورة، بدايةً للتحرير الشامل.
لكنّ الأمور ليست سهلة. الارتكابات الهمجية ضدّ غزّة خصوصاً، والشعب الفلسطيني عموماً، تشير إلى حجم الإرهاب والإجرام الذي تستطيعه القوى الصهيونية والاستعمارية. كتب لينين، مؤسّس أوّل تجربةٍ ودولة اشتراكية كبرى في العالم، قبل أكثر من قرن: «لقد آلت الرأسمالية إلى نظام عالمي لاضطهاد الأكثرية الكبرى مِن سكّان الأرض استعمارياً وخنقها مالياً»... وهي تضيف، في مرحلتها الإمبريالية الراهنة، وبالشراكة مع سفّاحي الحركة الصهيونية، الكثيرَ والخطير مِن وسائل الاستغلال والنهب والهيمنة والعدوان. لكنّ مقاومة الشعب الفلسطيني، وفي غزّة خصوصاً، صنعت المعجزة، واختطّت لنفسها طريقاً سيسلكه آخرون كما سلكت هي سبيل مَن سبقها: مِن الذين ثاروا وانتصروا على الظلم والعدوان والإجرام والاحتلال.
الشعب الفلسطيني يؤكّد بقوّة صحّة المثل القائل: ما ضاع حقٌّ وراءه مقاوم. وهو أضاف له الكثير والمدهش عبر جلجلةٍ مذهلة مِن المعاناة والصبر والإبداع والبطولة والصمود والقدرة على صناعة التاريخ. التضحيات الجسيمة هي فقط ما يؤدّي إلى الانتصارات العظيمة.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقد من الفشل و... المقاومة نحو مشروع وطني شامل
- مبادرة بايدن: الحرب بوسائل أُخرى
- نقطة الضعف الكبرى
- نتنياهو: غزة وفلسطين والمنطقة جميعاً!
- «قرار الحرب والسلم»: 17 أيار نموذجاً
- أي علاقات بين واشنطن والكيان الصهيوني؟
- قوة عظمى للعدوان والهيمنة
- الأميركي، «وسيط» أم عدوّ؟!
- وليمة القتل بين بايدن ونتنياهو
- ماذا عن تلكؤ «الشارع» العربي؟
- جوهر التحرّر العربي: مواجهة مشروع الصهاينة وحماتهم
- خطة الاحتواء الأميركية قيد التطبيق
- بلينكن: خطّة استفراد غزّة وعزل إيران
- حرب بلا قواعد!
- الخاسر الأكبر
- إجرام الصهاينة: التفوّق على الذات!
- قمّة الاحتواء والتمييع
- معادلة الجزء والكل: واشنطن العدو الأساسي
- غزة العُظمى!
- مفارقات ما بين اللجوء والنزوح


المزيد.....




- نائب أمين عام حزب الله اللبناني: تهديدات إسرائيل فارغة ولن ت ...
- الرئيس البوليفي يُشدّد على التمسك بالديمقراطية بعد محاولة ان ...
- إيران.. انتخابات رئاسية بدون مرشح يثير حماسة الناخبين
- تقرير: ترجيح أمريكي باقتراب نشوب الحرب بين إسرائيل وحزب الله ...
- -حزب الليكود-: التحريض ضد نتنياهو تجاوز خطا أحمر جديدا
- حميميم: طائرة روسية تتفادى الاصطدام بمسيّرة -للتحالف الدولي- ...
- تأهب جزائري.. تحد لإسرائيل بدعم فلسطين
- خاميار: توقعوا مفاجئات في إيران!
- -بوليتيكو-: مواجهة واسعة النطاق بين إسرائيل و-حزب الله- قد ت ...
- حزب الله أم إسرائيل.. من يحضر المفاجآت


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - خطر وجودي؟ نعم!