أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - قصة (الحمار) فضح لحقيقة الإنسان الفاشل














المزيد.....

قصة (الحمار) فضح لحقيقة الإنسان الفاشل


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 8014 - 2024 / 6 / 20 - 16:07
المحور: الادب والفن
    


موضوعة "الحمار" موضوعة سلسة وميسرة، وفي ذات الوقت خصبة وتستهوي الكاتب، كما تستهوي القارئ وتشدُّ انتباهه، ذلك لمعرفة ما وراء الطرح، فالطرح يختلف من كاتب إلى آخر، وبحسب قوة رؤية الكاتب نفسه، وحسن تعبيره، وقوة الموضوع المبني على فكرة شدّ الكاتب لها رحاله، لكي يوصلها إلى القارئ، لأنّ القارئ يحدوه الفضول في أحايين كثيرة، لمعرفة كل ما يثير الجدل، ويوغل بالتحدي الفكري والبناء الذهني، والطرح الموضوعي، ومنها قضية الحمار، الحمار هذا المخلوق العجيب، والأكثر الحيوانات التي اصبح الناس تضرب به المثل بغبائه وبلاهته، وكذلك بصبره وتحمله للشدائد.
هناك كثير من الروايات والقصص والحكايات التي كان بطلها الحمار، ومادتها الموضوعات المتعلقة به. لكن من بين هذه الروايات، رواية قرأتها قبل أكثر من أربع سنوات، كان أسمها "مذكرات حمار" للكاتبة الكونتيسة دي سيجور، وهي رواية قصيرة. فكرة العمل محاولةٌ لتغيير النظرة الشاملة إلى الحمار ونشاطه الذهني، لقلب الموازين المتعلقة بهذا المخلوق، حتى يصير الحمار كائنًا ناطقًا، يشغله همٌّ واحد ألا وهو الوصول إلى درجة الإحرام في نظر الناس، وعدم النظر اليه بازدراء، ونفي صفة الغباء المفرط عنه؛ وكان الموضوع عبارة عن طرح فلسفح، نجحت به الكاتبة في طرحه، ولاقى الاستحسان من قبل كثير من القراء.
هذا العمل ذكرني به الروائي والقاص علي لفتة سعيد، من قصة قصيرة له تحت عنوان "الحمار". القصة تقع ضمن مجموعة قصصية له والموسومة بـ "ما بعد جلجامش" والتي تحتوي على خمسة عشر قصة قصيرة، كان تسلسل قصة الحمار اثنا عشر من المجموعة، وهي من إصدارات "دار الشؤون الثقافية ببغداد، الطبعة الأولى لسنة 2019.
وملخص القصة التي يطرحها القاص علي لفتة سيعيد، وبأسلوبه الشيّق الجذاب. شخص يُدعا طالب، رجل بليد اطلقوا عليه بأنه حمار، لكثرة ما يحمله من غباء، وتصرفات رعناء، حتى أن البعض أطلق عليه صفة الحمار، كون التصرفات التي يحملها طالب، هي تصرفات الحمار عينها.
الشخص الذي يسئل دائما عن طالب هذا، ويدعى "صمد"، (أما لماذا أطلق عليه الكاتب هذا الأسم؟، فهو لم يصرّح) وبعد أن أدرك بأن طالب هذا هو حمارا، صارت نفسه تميل الى حمارية هذا الشخص، أو صار لديه يقين ساطع، بأنّه فعلا حمار. فراح يقفو أثره ويستمع أخباره عن كثب، كما أنه حين يجن الليل، يسمعون أصوات من صوب مسكن طالب، أصوات حمير بشكل مستمر.
وفي يوم من الأيام فكر "صمد" أن يخرج خروج اللص المعترف، ليتسلق جدار بيت طالب، ليتأكد من هذه الأصوات.. ويالهول ما رأى: مجموعة من الحمير، وكلُّ حمار ينط على أنثاه بمنظر دراماتيكي. صمد شاهد الحمار "كيف ينهق خانقا روحه، ورأى زوجه التي التقاها مرتين فقط، وقد تحولت هي إلى أنثاه فيما راح يصعد فوقها...ثم نهق واضعا قائمه الأمامي على فمه" (القصة).
وتنتهي القصة بنهاية موفقة، ترتطم بجدار الرمز، نهاية تدع القارئ في حالة من الذهول، لأنّ القصة، وكما هو واضح، تمتاز بالرمزية العالية، ومن فلسفة القضايا الرمزية لها أكثر من تفسير، وأكثر من تحليل وتأويل، بل وأكثر من وجه، يمكن للقارئ أن يميل إلى الوجه الذي يجده مناسبا، ويتلاءم مع الوجه الذي يتبناه، وينسجم و واقعه الذي يعيشه.
فقد تُفسر بحيرة الإنسان المعاصر، الذي يعيش الازدواجية وتنتابه حالة التناقضات المجتمعية، وعدم وضوح كثير من الأشياء، وثمة غموض واضح، وظلام دامس، يلوح في فضاء الوضع العام لهذا الانسان. الذي يعيش هذا العصر ولا يعرف ما يدور في عوالمه من متاهات. العصر الذي فيه تعدد الأفكار والايديولوجيات، والأطر المعرفية، والسياسات الخاطئة، فهو لا يكون إلّا حمارا، هدفه في الحياة حمل الأثقال، فبداية يومه كنهايته، وأيامه تشبه بعضها البعض، حيث لا يوجد من متغيرات، ولا هو يمتلك متبنيات يبني عليها آماله ومستقبله، ويشعر في ذات نفسه بأنه بشرا سويّ. وهذا هو ديدن الفاشلين، العاجزين عن ايجاد حلول لمشاكلهم، الأغبياء حقا، المتمسكين في الماضي، ولا يعيشون الحاضر، بل عاجزين حتى عن التفكير، كالحمير لأنهم لا يفكرون، ويصفنون بلا معنى ولا هدف.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مكسيم جوركي والأسئلة الكبرى الوجودية
- عمامة الجواهري وشيوعية السياب
- فيصل الياسري شبع من: المال والجاه والنساء
- صدمة التهكم في نص (مذكرات على أوراق محترقة) للشاعر مازن جميل ...
- علي داخل.. والأداء المميّز
- التساؤلات المحضة عند الشاعر عادل قاسم
- التموسق في نصوص (عمى مؤقت) للشاعرة فلونا عبد الوهاب
- ممانعة التفاصيل في نص (ولن أخبرني) للشاعر صادق باقر
- مديات البوح في (أضرحة الورد)
- إرهاصات البوح عند علي حسن الفواز
- منطق العاطفة والخيال الخصب لدى الشاعرة وجدان وحيد شلال
- جنان السعدي حين يصوغ المعاني السامية
- مبدعون عرفتهم عن كثب (2) وليد حسين
- أحمد خلف.. يحرث في أرض الكتابة ويصنع الجمال
- تأمّل في (لَم يَكُنْ عارِيًا ذلك الظِّلُّ) للشاعر حمزة فيصل ...
- علي الحسون هل يكتب الشعر أم ينزف جراحًا؟
- ملامح الصورة الجمالية لدى الشاعرة منى سبع
- تحليل سويولوجي لقصة (نصيف الأحمر) للكاتب سعد السوداني
- الأسطورة ولعبة الأضداد في (العابد في مرويته الأخيرة)
- السلاسة والانسيابية في نصوص راوية الشاعر


المزيد.....




- “مباشرة”.. مسلسل المؤسس عثمان الجزء السادس والقنوات الناقلة ...
- فيلم عصابة الماكس بطولة أحمد فهمي بجميع دور العرض
- أهالي قتلى 7 أكتوبر يطالبون المحكمة العليا الإسرائيلية بلجنة ...
- أهالي قتلى 7 أكتوبر يطالبون المحكمة العليا الإسرائيلية بلجنة ...
- الناقد عادل التونى وقراءة ومناقشة رواية (يوم الانتقام)للكاتب ...
- مصر.. فنانة شهيرة تتقدم بشكوى ضد -مصبغة غسيل-
- تردد قناة الزعيم سينما 2024 نايل سات مشاهدة احدث افلام عيد ا ...
- جبل الزيتون.. يوميات ضابط تركي في المشرق العربي
- شوف ابنك هيدخل كلية إيه.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ب ...
- LINK نتيجة الدبلومات الفنية 2024 الدور الأول بالاسم ورقم الج ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - قصة (الحمار) فضح لحقيقة الإنسان الفاشل