أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - أعجز عن النوم مع - الكذب - فى فراش واحد















المزيد.....

أعجز عن النوم مع - الكذب - فى فراش واحد


منى نوال حلمى

الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 18:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


======================================
يقول " سيجموند فرويد " ، 6 مايو 1856 – 23 سبتمبر 1939 :
" أعترف بعد الخبرة العميقة والطويلة ، للنفس البشرية ، أننى فشلت فى معرفة كيف يستطيع البشر ، التعايش مع كل تلك الأكاذيب ".
أوافق " فرويد " . ف" الكذب " ، لغالبية البشر ، هو فنجان القهوة الضرورى ، كل صباح ، للافاقة بعد النوم ، وضبط كيمياء المخ ، وتحديد خريطة الكذب لليوم الجديد .
أعتقد أن الداء المزمن ، ليس الكذب . ولكنه يكمن فى " تبرير " ، و " تمجيد " ،
و" تقديس " الكذب ، وتسميته بمسميات تخفيه .
تكمن خطورة " تقديس الكذب " ، أن يصبح الانسان الذى يخفى الحقيقة ، انسانا لا
غبار عليه ، " طبيعيا " تماما ، متحدثا باسم " الفطرة " ، البشرية ، ينال كل الترحيب ، والاستحسان ، والامتيازات ، والترويج ، لا عيب فيه ، ولا نقص ، و" المناسب " تماما للحياة .
وعلى العكس ، يبدو الانسان الذى " لا يخفى الحقيقة " ، غير طبيعى ، لا يمثل الفطرة الصحيحة . هو النغمة " النشاز " فى سيمفونية الكون ، أو زائدة وجودية ، نتجت عن طفرة جينية خبيثة ، ويجب استئصالها . ويواجهه الناس ، بالتقبيح والاستهجان والتهكم والنبذ ، وفى أحيان كثيرة ، يتم تصفيته جسديا ، حسب الظروف ، والفترة الزمنية .
و" اخفاء الحقيقة " ، أو الكذب ، مثل البحر المالح ، كلما شربنا منه ، كلما ازددنا عطشا .
فالكذبة الأولى ، تفتح الشهية للكذبة الثانية . والكذبة الثانية تسهل الكذبة الثالثة . وهكذا ، يصبح الكذب ، " أسلوب حياة " ، وكل كذبة ، حلقة فى سلسلة سريعة وممتدة المفعول ، تُشعر الانسان بالتفوق والتحكم . وفى بعض الأحيان ، يصاحب التفوق والتحكم ، احساس يشبه ، النشوة من تعاطى المخدرات . وفى الكثير من الأحيان ، يصل الانسان الى مرحلة
" الادمان " المستعصية ، تحتاج علاجا ، واعادة تأهيل .
و " اخفاء الحقيقة " ، ليس متساويا بين البشر . البعض يخفى " كل " الحقيقة ، بعض يخفى " ثلاث أرباع " الحقيقة ، بعض آخر يخفى " نصف " الحقيقة ، وبعض يخفى " ربع " الحقيقة .
يقولون أن الانسان الذى يخفى ، " ربع " الحقيقة ، " أفضل " من الانسان الذى يخفى " نصف " الحقيقة .
لكننى أعتقد أن " الاخفاء " ، هو " الاخفاء " . بل أرى أن اخفاء " كل " الحقيقة ، أقل سوءا ، وضررا ، خبثا ، من اخفاء " ثلاث أرباع " الحقيقة .
فأنصاف أو أرباع الحقيقة ، تؤدى الى تشخيص المشكلة بشكل خاطئ ، أو بشكل مجزأ ، لا ينفذ الى جذورها ، أو جوهرها ، أو السبب الأصلى لوجودها . وبالتالى ، تتفاقم المشكلة ، وتتكرر ، مما يستحيل مواجهتها بالكامل ، وحلها الى الأبد . كما أن أنصاف أو أرباع
الحقيقة ، تقود الى ادانة " الأبرياء " ، و" تبرئة " المتورطين "، مما يعطل مسيرة البشرية نحو الارتقاء ، والنزاهة .
" الحقيقة " ، مثل " الحرية " ، لا تقبل التقسيط ، أو التجزئة . لا يوجد " ربع " حقيقة ، أو " نصف " حرية ...... اما كل شئ ، أو لا شئ .
والحقيقة ربما تكون " مُرة " . لكن اخفاءها ، أو تجزئتها ، أشد مرارة .
واخفاء الحقيقة ، يسببه اما الخجل من قولها ، أو الخوف من اعلانها ، أو للشعور بالأمان فى تقليد الآخرين الكاذبين ، أو لأن الاعتراف بها ، " سيقطع عيش " البعض ، ويغلق الحنفية التى تجلب الفلوس أو الشهرة أو الهيمنة ، أو كل هذه الأشياء معا .
غالبية البشر ، يعتبرون الحقيقة " فضيحة " يجب سترها بأى طريقة . وكم من جرائم القتل التى وقعت ، لأن ضحاياها يهددون بافشاء الأسرار ، وكشف الحقيقة .
يقول رينيه ديكارت ، أبو الفلسفة الحديثة 31 مارس 1596 – 11 فبراير 1650 ،
" عندما أعجز عن معرفة الحقيقة ، أقل ما يجب أن أفعله ، هو التوقف عن اعطاء الأحكام ، وتجنب اضفاء المصداقية على شئ باطل ".
أما ايمانويل كانط 22 ابريل 1724 – 12 فبراير 1804 ، وهو آخر فلاسفة عصر التنوير فى التاريخ الأوروبى 1685– 1815 ، فقد رأى أن : " الحقيقة تستمد قيمتها من ذاتها ، وليس لتحقيق مصلحة ، ولا يجب الافتراء على الآخرين ، حتى لو كانت نوايانا صالحة .. لأن الحقيقة واجب أخلاقى ". وهذا دفعه للقول : " لا أخاف الا من شيئين ، النجوم فوقى فى السماء ، والقانون الأخلاقى فى داخلى ".
وللأديب مارك توين 30 نوفمبر 1835 – 21 ابريل 1910 ، مقولة على مقاس ايمانى وقناعتى : " اذا لم تقل الحقيقة ، فاسكت ".
وما أكثر أعداء الحقيقة . كلما نطقت بحقيقة جديدة ، كلما كسبت أعداء جددا . ويكره الناس منْ يقول الحقيقة ، أكثر مما يكرهون الحقيقة ذاتها . اذا أردت أن يكرهك الناس ، فما عليك الا أن تقول الحقيقة .
كتبت نوال السعداوى 22 أكتوبر 1930 – 21 مارس 2021 ، " يقولون أننى امرأة متوحشة .. وهم محقون ، فأنا أقول الحقيقة ، والحقيقة متوحشة " .
الحقيقة " متوحشة " ، لأنها بسيطة جدا ، بساطة حب الأم لأطفالها ، ولكن هذا الحب ، أيضا ، هو أكثر أنواع الحب توحشا .
الحقيقة " متوحشة " ، لأن لديها " تلقائية " الأطفال ، التى تُسقط فى لحظة عفوية ، أقنعة آلاف السنوات .
على مر التاريخ ، فى كل مكان ، كان أعضاء " حزب الكذب " ، يستولون على جميع الامتيازات ، ويتضامنون ، ويقمعون ، ويقتلون ، من أجل " اخفاء " الحقيقة ، واحتقارها واهانتها ، والتحايل عليها ، واتهامها بما ليس فيها .
" الحقيقة تبقى هى الحقيقة " ، ولو نطق بها " انسان واحد " . الحقيقة تقف فوق
" هزائمها " ، ترفع رأسها عاليا ، وتنتصر فى النهاية .
قال " غاندى " 2 أكتوبر 1869 – 30 يناير 1948 : " فى البداية يتجاهلونك ، ثم يسخرون منك ، ثم يحاربونك ، ثم يساومونك ، ثم تنتصر ".
والحقيقة ، ليست فقط " واجبا أخلاقيا " علينا فعله ، كما قال كانط . هى أيضا " حق أخلاقى " لصالح قائلها . فأنا عندما أقول الحقيقة ، ستنضج بداخلى ثمار شهية ، لم أعلم بوجودها ، وتتفتح فى قلبى الورود الذابلة . كل مرة أنطق بالحقيقة ، ستضئ المصابيح المطفأة ، ويُشفى كل داء .
كل مرة تتعطر شفاهى ، بملامسة أحرف الحقيقة ، أزداد قدرة على كشف الكذب ،
وأعجز عن النوم معه ، فى فراش واحد .



#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وردة دُفنت .. أحبك قصيدتان
- - المصرية اليوم - تهدى باقة ورد الى - المصرى اليوم -
- الوطن المحشور .. خمس قصائد
- شرطة - الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر - تتنكر فى شكل- المطو ...
- البئر الملوثة .. قصيدة
- الخطاب الأخلاقى للنساء فقط
- ليس من وظائف الدولة المدنية مكافحة الالحاد والفكر اللادينى
- لماذا مع - التدين بالفطرة - وتضخم - التدين المغروس - انحدرت ...
- الجهر بالافطار فى نهار رمضان من أساسيات الدولة المدنية
- تمهيد التربة لزراعة المواطن الصالح والمواطنة الصالحة
- سرير القهر .. احتياج قصيدتان
- الثمن الذى ندفعه من أعصابنا ودمنا وسعادتنا لنأكل
- - أمى - ليست ناقصة عقل ودين
- بائعة الفجل وبائعة الشِعر
- نعش اللعنات .. استعباد قصيدتان
- الشيطان .. حبيبتك السابقة قصيدتان
- هيئة الكتاب أماتت ديوانى الشِعرى قبل ولادته
- أحبها .. الفرح قصيدتان
- الطبيب الرومانسى .. قُبلة الحياة قصيدتان
- أحبنى قليلا .. قصيدتان


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - منى نوال حلمى - أعجز عن النوم مع - الكذب - فى فراش واحد