أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد بطراوي - قصة بلا نهاية














المزيد.....


قصة بلا نهاية


خالد بطراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


ذات صباح .... نهض أهل البلد ( ولنطلق على البلد حرف ن) على صوت سيارة عسكرية تستخدم مكبرا للصوت تنشر فرمان رأس هذا البلد القاضي بعكس المشاعر والأحاسيس والإنفعالات الإنسانية تحت طائلة إيقاع العقوبات بموجب قانون للعقوبات تم تعديله.
وبموجب هذا الفرمان، كان على كل مواطن أن يفرح ويرقص ويغني عند موت قريب له ، وان يولول ويبكي عند أي حفل زواج.
حصلت حالة من الهرج والمرج وأيضا الفزع إزاء هذا الفرمان لدرجة أن أحدهم ولتعاسته ضحك حتى إستلقى على ظهره أمام تلك السيارة العسكرية التي كانت تجوب الشوارع بمكبر الصوت.
فجرى إعتقاله على الفور، وأجريت له محكمة "أمن دولة" ميدانية بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وصدر قرار باعدامه وتم تنفيذه في ذات اللحظة وعلى مرآى من الجميع الذين أصابهم الهلع وظهرت على بعضهم علامات الإستياء بل وبكت زوجته التي تم إلقاء القبض عليها وشنقها بذات المشنقة لأنها " خالفت فرمان الباب العالي بالبكاء وليس الضحك في مناسبة أليمة وفقا لقانون العقوبات المعدل الجديد".
تلقى أحدهم بطاقة دعوة لحضور مأتم بمناسبة زفاف قريب له وذلك في قاعة تم تشييدها حديثا قرب المقبرة وورد في بطاقة الدعوة ما يفرض إرتداء الملابس السوداء حدادا وتم إحضار فرقة للبكاء والعويل والنواح، وأثناء إحياء مأتم الزواج مر موكب جنازة نحو المقبرة القريبةعلى أنغام فرقة موسيقية تغني أغاني الأعراس وبموكب يطغى عليه التطبيل والتزمير وشوهدت راقصة ترقص بمجون وكان فضيلة مفتي القوات المسلحة في دولة "ن" من بين المشاركين في حلقة "الدبكة" و " الدحية" في المقبرة.
تنطحت بعض أحزاب المعارضة وأصدرت بيانات مستهجنة هذا الفرمان بينما أثنت فصائل مؤيدة لرأس الدولة على هذا الفرمان الذي " يعيد الأمور الى نصابها الصحيح"، فتم إيقاف "حنفية" التمويل على أحزاب المعارضة التي تحول عملها من العلني الى السري، وجرى الإغداق على الأحزاب المؤيدة بالأموال والهدايا.
أما مؤسسات المجتمع المدني فقد إعتبر بعضها أن ذلك يعد إنتهاكا لحقوق الإنسان وجرى إتهام قادتها بأنهم حملة "أجندة خارجية" تهدف الى زعزعة أمن وإستقرار البلد وحكم على بعضهم بالإعدام أما تلك المؤسسات التي إلتزمت الصمت أو أيدت فجرى منحها جوائز تقديرية وأوسمة الشجاعة وهدايا عبارة عن أكفان من أجود الأنواع.
أصبح ممنوعا على المواطن أن يسمع الموسيقى إلا في الأتراح، لذلك إزدهرت قاعات الأتراح التي كان ذوي المتوفى يتقبلون فيها التهاني بالوفاة وخفّ الإقبال على قاعات الأفراح التي تحولت الى قاعات ميتة.
وعندما أعلنت دولة حليفة وفاة بابها العالي إحتار رأس دولة (ن) ماذا يفعل في هذه الحالة، هل ينكسون الأعلام ويعلنون الحداد الرسمي أم يقيمون الأفراح والولائم، وهل يرسلون وفدا رسميا للتعزية أم يكتفون بإرسال باقات الورود بدلا من الاكاليل الى أن حسم رأس الدولة الأمر بإصدار فرمان إستثنائي يقضي في هكذا حالات بالتعاطي مع العادات المتبعة في بلد ذلك الرئيس الذي إنتقل الى رحمته تعالى إن كانوا من أصحاب الأتراح وقت الاتراح أو من أصحاب الأفراح وفقت الأتراح.
وتوالت الأيام والسنوات ... نما وترعرع جيل بعد جيل لا يبتسم أو يضحك إلا في الأتراح ولا يبكي ويولول إلا في الأعراس.
تم إعتقال بعض الشعراء والروائيين الذي كانوا قد كتبوا فيما مضى قصائد وروايات الفرح في الأفراح وكذلك الأمر مع فناني المسرح والسينما والفنانين التشكيليين والموسيقيين، وتم توجيه تهمة "الزندقة" لهم وحكم عليهم جميعا بأحكام عالية أقلها الأشغال الشاقة المؤبدة لمدة 25 عاما، وظهر البعض منهم على شاشات وسائل الإعلام الرسمي يعتذرون عن أفعالهم " المشينة " ويشعرون بالندم ويستنكرون إبداعاتهم ويلتمسون من رأس دولة (ن) العفو عنهم أو تخفيف الأحكام التي تم تخفيض بعضها الى (15) عاما دون الأشغال الشاقة.
هرب بعض زعماء المعارضة ومنظمات المجتمع المدني وعائلاتهم الى خارج البلاد ، وظهر بعضهم على شاشات الأعلام والفضائيات وهم يضحكون نكاية برأس دولة (ن) وبطانته " الصالحة"، وعملا بإتفاقيات تسليم المجرمين تم تسليم بعضهم الى دولة (ن) وجرى قطع رؤوسهم بالمقصلة في الساحات العامة عبرة لمن يريد الإعتبار.
عالميا أصبح هناك معسكران أو قطبان، الأول للتعاطي مع الأفراح والأتراح كما درجت الطبيعة الإنسانية والثاني لقلب المشاعر والأحاسيس الإنسانية وذلك كي يكون المرء مختلفا حتى مع نفسه.
رفع دعاة القطب الأول شعارا يقول " أيها الفرحين في العالم ... إتحدوا " بينما رفع أصحاب القطب الثاني شعار " شر البلية ما يضحك". إزداد سباق التسلح بين القطبين وزادت وتيرة الحرب الباردة والساخنة وإنقسمت الكنيسة وتباينت الفتاوى الشرعية وسيق الذين عارضوا هذا القطب أو ذاك الى غياهب السجون ... زرافات زرافات.
وما زالت الأحداث والتداعيات تتوالى .... فلا نهاية لقصتنا القصيرة هذه.



#خالد_بطراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحقق كونان
- البوصلة
- تعرف الكذبة .... من كبرها
- البنيان المرصوص
- كعكة العالم
- سحابة صيف في الجامعات الأمريكية أم ماذا؟
- موسيقى المسدس
- حق الرد
- علامة الرسوب هنا، في السجل ... والباب هناك
- فاظفر بِحُبِ الناس ... تَرِبَتْ يداك
- الصراع الطبقي
- بوركينا فاسو وإبراهيم تراوري ... نموذجا
- أمير الظلام ... حميدان
- النضال في سبيل تحرير الانسانية
- عن أحمد سعيد والصحاف ومن في حكمهم
- توزيع الادوار
- -كل أرض ... ولها ميلادها-
- ذهب مع الريح
- الجمعة المشمشية
- بين رؤية الحقائق والحاجة الى الشعور بالانتصار


المزيد.....




- شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
- لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
- وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض ...
- الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس ...
- رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية ...
- توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية ...
- السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
- ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
- مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد بطراوي - قصة بلا نهاية