أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس ثقافية وسياسية 207















المزيد.....


هواجس ثقافية وسياسية 207


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8013 - 2024 / 6 / 19 - 01:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المفاهيم التي نستخدمها كعرب ومسلمين، في تفكيك بنية العقل الغربي هي ذاتها المفاهيم التي يستخدمها الغرب في تفكيك بنية العقل في بلادنا.
إذًا، نحن نشتغل على أرضية واحدة في اتجاهين مختلفين متعاكسين، لهذا لن نخرج من هذه الدوامة إلا إذا حدثت تحولات عميقة في بنية الواقع العربي والإسلامي.
وما زالنا نلعب في ملعب الأخرين، لهذا سنبقى مهزومين، نقبع في الظلام.
ما زال العرب والمسلمين يلهثون وراء الغرب لتفكيكه، وكأنهم استطاعوا تفكيك بنية العقل العربي.
ونسأل أيضًا:
هل هناك بنية للعقل العربي الذي انفصل عن تاريخه عشرات القرون؟ قراءاتنا قراءات غربية، لهذا نحن غير جادين في الصراع سواء مع الغرب او مع غيره، وسنهزم، لأن نقطة البدء لدينا مشوشة


عندما كنت في الرابعة أو الخامسة من العمر، كانت والدتي تطلب منّا أنا وأخواتي الصغار أن نخرج من أرض الدار ونتجمع خارجه، تقول:
ـ أنظروا إلى السماء بتمعن، فإذا رأيتم نجمة تعانق نجمة، فإن الله سيفتح لكم أبواب الجنة.
في لحظة التقاء الحبيبين التي لن تدوم سوى لحظات قصيرة، عليكم أن تطلبوا. وستفتح لكم أبواب السماء. وما تطلبوه سيتحقق.
لا أعرف من أين جلبت أمي هذه الحكاية، بيد أنها رائعة أن يحلم الإنسان بالخلود في السماء


أشم رائحة حافظ الأسد، صدام وهتلر، فرانكو موسوليني وستالين، وكل زعران العالم في قيادة الفيس بوك.
يريدون لجم أي صوت مخالف لصوتهم.
خرجنا من مغطس الاستبداد السياسي، حط رحالنا في مغطس الاستبداد الإعلامي الأمريكي الذي يحارب الصين هذه الأيام في مجال حقوق الإنسان. روحوا صلحوا بيتكم يا أمريكان وبعدين تعالوا واحكوا عن الحريات، يا كذبة. يكفي انكم اخرستوا صوت رئيسكم بقرار من الكونغرس الامريكي.
من هو القيم علينا، من المحدد، ما هو الصح، وما هو الغلط؟
أغلب القائمين على هذه المؤسسة أغبياء، ومعاقين. وهل يقف المعاق مع الحريات؟

البارحة وضعت رابط أو بوست جميل على صفحتي، واتبعتها بصورة جميلة، وعلقت على صفحتها بكثير من الاعجاب وصل إلى الانبهار.
جاءتني رسالة منها على الخاص:
يسعد مساك سيد آرام، أنا في الرابعة عشرة من عمري، شكرًا على مشاركة المنشور الخاص بي، بدأ ذلك رائع ! راق لي المشاركة تلك.
كتبت لها:
مساء النور، حلو كتير، أنت رائعة، نشيطة وجدية، وسعيد بك، ومتفاجئ كتير
بعمرك.
أحييك يا صديقتي.
بعد أن ودعتها شعرت بالفخر، بالفرح يغمرني، بالسعادة أن يكون هناك شباب في مثل عمرها، يحبون الثقافة، ويعملون في هذا المجال الصعب.



الكثير منّا لديه فيض من الحب، فيض يراقص النجوم في الفضاء، يريد أن ينثره على باب عتيق أو نافذة مفتوحة أو جدول ماء كان يمر في هذه السهول.
الحب كائن مشتاق، يحنو على الجمال والجمال، يريد أن يضم العالم بين كفيه ويديه وقلبه، يفتح السماء ليتسلل إلى كل البيوت والأشجار والغيوم، ليعانق كل كائن مر من هنا.
الطبيعة تحب المولود القادم قبل قدومه، بينما الحب يغمر الجميع دون استئذان أو تمييز.
الطبيعة انتقائية، والحب غمامة يطوف على الأفق ويغمر الجميع بالحنان والعطف والعطاء دون حساب.
الحب كائن دائم البقاء، دائم السعادة، لأنه معطاء


أغلب أعمالنا الفكرية والأدبية والفنية جاءت لإرضاء جنون العظمة في داخلنا
لا إنتاج إبداعي دون جنون العظمة، بل إن الحضارة كلها هي من افرازات جنون العظمة.


الممثل الأمريكي الغني عن التعريف، كيفن كوستنر في فيلمه let him go، إخراج العام 2020.
يتحدث الفيلم عن حقبة الستينات من القرن العشرين، تتساهل الدولة مع عائلة عنيفة جدًا، جميع أفرادها مجرمين، لكن هذا الدولة لم تتوان عن التعرض لطفل هندي صغير في عمر الثماني سنوات، تقبض عليه، تذله، تحلق شعره وتحممه بالكيروسين، تخصيه نفسيًا، تجرده من خصائص الرفض.
لن أدخل في التفاصيل حتى لا أفوت على المتابع متعة الحضور.


الدين لا يتوافق مع العلمانية.
العلمانية تجرد الدين من حمولاته الثقافية وتسيده، لأن المتدين يريد أن يكون ديكًا، امرًا ناهيًا، يفتي بكل شيء، الذي يعرفه أو لا يعرفه.
الدولة العلمانية تحول الدين شيء، شيء نافل، إلى تحت دولة، إلى تحت سياسة، إلى لا هوية، مثله مثل النادي الرياضي أو الجمعية الخيرية أو المنظمات اللا سياسية أو المنظمات الخيرية أو المنظمات الحقوقية اللا سياسة فيها.
الجماعة الدينية يعرفون ماذا يفعلون، يخافون على رجولتهم، استعلائهم أو فوقيتهم.
و لا يستطيعون أن يبعروا على المنابر والأسطح العارية، لأنهم تحت رقابة الدولة، وهي تغدق عليهم المال وفق الفواتير وكشف الحساب عن نشاطتهم، ويجب أن يكون سيدهم الدولة وليس الله.
مع الدولة لا يستطيع اللعب، لكن ذاك الذي اسمه الله، يستطيعون الضحك والسخرية منه ومن وجوده ضعفه.



مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضًا، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضًا." أنجيل لوقا
أفكر في هذا النص الملغوم، وأضع تساؤلًا مشروعًا:
ـ لمن وجه الأنجيل خطابه هذا؟
لا يأتي إنسان ما من الشارع ويضرب إنسان أخر ويكمل طريقه وكأن شيئًا لم يحدث، هذا محال.
الناس في ظل الدولة يختلفون على المصالح، على الثروة والمال، على المرأة، وعلى الغايات التي ستحقق لهم في المستقبل غاياتهم كما رسموها في أذهانهم الذهانية.
على أي مستوى يمكننا وضع هذا النص الغريب، وفي أي عصر.
الخطاب موجه إلى المجتمع الذي يعج بالتناقضات الاجتماعية والأمراض النفسي والعقلية، المملوء بالفقراء والأغنياء، من هو الذي سيضرب ومن هو الذي سيضرب، ومن سيسامح من، ولماذا؟
هل هذا الخطاب له مستوى سياسي عام أم اجتماعي، إذا كان على المستوى السياسي فالمسيح عاش في ظل الدولة الرومانية، في ظل سلطة جبارة لها قوانينها وتشريعاتها، لهذا لا يصح أن يضرب إنسان ما لإنسان أخر دون سبب وجيه.
لهذا فإن الذي تعرض للضرب يستطيع الذهاب إلى الوالي ويأخذ حقه، أما إذا تنزل المعتدى عليه عن حقه، فهذا حقه، لكن لا بد من معرفة سبب الضرب، هل هو على المال، الثروة أو المكانة، على الأرض أو الشجر أو سقاية الأرض أو على الحقول المثمرة، كل ميدان من ميدان الحياة له حساباته.
أحدهم سرق أرضي مثلًا، زوجتي، بيتي، ثم رماني في الشارع أنا وأولادي، هل أتركه وأبقى في الشارع أما أذهب إلى القضاء وأخذ حقي، أو أبقى في العراء لإرضاء مقولة المسيح؟
التناقضات الاجتماعية في المدينة تحلها الدولة بالقانون، أما مقولة المسيح فهي تصلح للبدائية المشاعية، ولا يمكن أن تصلح لمجتمع محتل ومذوم ومكسور، مجتمع متقدم على المجتمع اليهودي الرعوي، فيه طبقة الكهنة المنافقين المتعاونين مع المحتل، وكانوا يجنون الأموال الكثيرة من خلال تحالفهم أو تعاونهم مع الرومان، وكانوا يخدرون الناس بالإله والرب والخلاص الفارغ في الجنة الفارغة من كل شيء.



اعتبر العلاقة بين الرجل والمرأة إن لم ترق إلى مستوى الشعر أو الخيال هو استمناء.
في اللحظة الآسرة، اللحظة الحميمية، يجب ان تتحول العلاقة إلى حالة انفصال عن الواقع، تتحول إلى سباحة في الكون.
يجب أن تكون العلاقة علاقة حب عظمى، لكن في تلك اللحظة الحميمية تعمل الأحاسيس والتجريدات العليا عملها، يتم النقل نقلها إلى عوالم أخرى. لنتخيل في هذه اللحظة، في العتمة، نأخذ حبيبك منك، ونضع واحد أخر مكانه، ولكنه يشبه الأول في كل شيء، في هذه الحالة، سنكمل العلاقة، لكن الخيال، خيالك سيشعرك أنك مع حبيبك الحقيقي.
الحميمية انفصال، حرية مطلقة أو رفرفة في الفضاء.
المقصود، في هذه اللحظة الحميمية يجب أن يشتغل اللاعقل واللاوقع، أن يغيب العقل عن الارض وتبعاته، ويستعاد بدلا عنه الخيال كبديل عن صلابة الواقع وثقله وقسوته وقيده.
الحرية هي أبواب مفتوحة على السماء المفتوحة، تمنحنا أياها الطبيعة لنكون مثلها.
لكننا عشاق، عشاق العبودية والقيد المربوط بالرسن الذي ندور حوله وحول أنفسنا.
الذكرة التي صنعناها بأيدينا هي قيدنا، عبوديتنا.



خارج السجن، الغربة، الحرب، ليست الحياة التي نظنها، التي نظنها ونعيشها هي حياة سطحية.
نحن نعتقد أننا نعرف الحياة، بيد أن هذه الأقانيم الثلاثة تجعلنا نقف في الزاوية الصحيحة كما يفعل المصور، ويطلق عدسته فيأخذ أجمل وأدق الصور.
نعيش في الحياة ونكتب عنها في كل المجالات، بيد أننا لا ندخل في أعماقها، في الحقيقة لا نعرفها، لهذا نحن أبرياء مساكين بوساء.
اغلبنا يعيش على القشرة، لا نبذل أي جهة أو مجهود لحكها أو الدخول في جوهرها، لأنها تمنحنا الكثير من الأشياء بسهولة، فنبقى على مسافة عن أنفسنا وعن عالمنا وتناقضاته.
أغلب الناس يمارسون الحياة الغريزية، يبحثون عن زادهم ونومهم وبقاءهم، لهذا تمر الأيام دون أن يراكموا أي شيء حقيقي يذكر عنها.



الناس عموما، مجرد سماد سياسي، وهم سعداء بهذا



العلاقة الجسدية، اللحظة الآسرة، بين الرجل والمرأة تتحول إلى قصيدة، إلى تجريد عالي، أعلى من السماء والكواكب.
بمجرد أن يلتحما، يبدأ الخيال في الطيران، ليس مهمًا أن تكون أنت مع من تكون، المهم أنك تعيش في فضاء لا قعر له.
عندما تكونا في الظل، في ظل بعضكما، متجاوزين الحقيقة، هل هناك فرق بين حبيبك او استدعاء حبيب أخر.
العلاقة حالة طيران، تجريد، العقل المجرد يخلق لهذه الحميمية عوالم لا نهاية لها، وعلينا أن نسبح مع هذا التجريد الجنوني الآسر.
هل نستطيع أن نكون هكذا، أحرار، نسبح في الكون؟
إنه سؤال صعب
عندما نجسد العلاقة، ونضع لها الحدود والحواجز، تتحول العلاقة إلى مجرد استمناء.
في عالم الاستمناء، الحضارة، هناك قيود وحواجز وعبودية وقمع.
في عالم الاستمناء، لا يمكن أن تكون أنت هو أنت.


في الصف السابع الأعدادي، بدأت اقرأ روايات عالمية لسارتر وكامو وسارويان وبلزاك وأيليا اهرنبورغ وفيكتور هيجو وغيرهم.
قرأت الأساطير الرومانية والإغريقية، والكتب التي تتعلق بالسياسة والتاريخ.
هذه القراءة المبعثرة، الخالية من الايديولوجية، فتحت ذهني على هذا العالم رغم صغر سني.
وقتها كنت في عمر أقل من الثالثة عشرة.
حددت وجهة نظري وانتمائي، أن أكون إلى جانب وطني سوريا، والفئات الضعيفة.
القراءة تكشف لك موقعك في هذا العالم كدولة ومجتمع، وتعرف أو تتعلم أن الآخر متفوق عليك، وسابقك بأشواط حضارية هائلة.
تشعر بعقدة الدونية دون أن تأخذ قرارًا بهذا. وإنك وبلدك في أسفل السلم العالمي مكانة علمية وثقافية وسياسية واقصادية واجتماعية. وأننا مجرد كتل بشرية زائدة، مسنن مكسور في مكنة كبيرة لا حول لنا ولا قوة.
وتأثيرنا في المعادلة العالمية لا يعدو أن يكون قشة في هذا الفضاء.
هذا التمايز المرعب يشربه الذي يقرأ ويتابع على ما يدور حوله في هذا العالم.
هذا التشكل الثقافي المبكر، أو اكتساب المعرفة في عمر صغير يجعل المرء حساسًا جدًا لكل شيء سواء في علاقته بنفسه أو بالآخرين الذين يدورون في فلكه ومحيطه.
الثقافة تفتح الذهن، بيد أنها تزرع في المرء حالة انكسار، العزلة والتأمل والبساطة والهدوء في القرارات والرؤية، وفي السلوك والحياة.
من يحقد أو يكره لا ينتمي إلى الثقافة أو إلى الحب.
إنه وحش.


النازية ليست ظاهرة تاريخية عابرة في النظام الرأسمالي، بل قابلة للتكرار في أكثر من مكان وزمان.
إنها تعتمد على القوة العسكرية العارية لفرض إملاءاتها على الدول الصغيرة، وابتزازها، وزرع قواعدها على أرضها بعد تحويل المكان إلى أرض محروقة.
وتعمل على عسكرة العالم عندما تكون في أوج قوتها، وإلى تعميق أزمة التراكم على الصعيد العالمي الذي سيسبب انحدار وتدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لقطاعات واسعة على مستوى العالم، وتدمير الطبقة الوسطى.
إن النازية لا يمكن أن تتصالح مع الحرية أو الديمقراطية أو المجتمع المدني أو تقبل بتوازن القوى على الصعيد الداخلي أو الخارجي.
وفي أوج هستيريتها، تدفع إلى الواجهة، أقذر الشخصيات، وأكثرها انحطاطًا، ليكون خير ممثل لها.


هل تنتمي السلطة إلى الحقائق الخالدة، كالحقيقة مثلًا؟
عندما وصل الإنسان في التجريد إلى أعلى مستوياته، عبر الرموز والإشارات، قبض على مفهوم السلطة.
إذا، وجودها له علاقة بالوعي أو امتلاك الوعي. وهنا ليس مهمًا تحديد مفهوم الوعي
ما دامت السلطة قائمة بذاتها ولذاتها فهي من الحقائق، ولم يوجد عبر التاريخ كله نقيض لها يشبهها، أي قائم بذاته ولذاته وتكون ندًا لها.
لهذا فإن فهم ماركس للصراع اعتبره قاصرًا عندما اعتقد أن العمال يمكنهم أن يقلبوا المعادلة، ويرتقوا عبر السلطة للوصول إلى التغيير الجذري للنظام الرأسمالي.
اي أن يعملوا في ملعب السلطة، أي في ملعب النخب المالية ويتحولوا إلى بنية جديدة كبديل عن بنية السلطة ذاتها.
السلطة بناء أصيل، بينما نقيض السلطة غير موجود.
بالتأكيد السلطة ليس لها مركز وليست ملكية لأحد، هي أشبه بظاهرة تفتقد إلى التعريف الدقيق.
بمجرد أن يتم القبض على مفاصلها، يتحول القابض والمقبوض عليها إلى شبه إنسان أو بشر، ربما نسميه مجموعة تدابير او استراتيجيات.
حتى شيخ العشيرة يستطيع أن يتحول الى سلطة عبر الرموز التي يحملها.
والدين أيضًا سلطة بالرغم أنه يفتقد إلى التماسك الذاتي، لهذا يتكئ على السلطة في تدبير شؤونه.
والدين دون حماية السلطة له لا يستطيع أن يبقى ويستمر.


الكثير لا يريد أن تتزعزع قناعاته, لا يريد أن يصدق أن الايديولوجية الدينية والقومية فات زمانهما في هذا العصر. إنهما هوية غير صالحة للتعبير عن الذات في عصر اكتمال القومية في البلدان المركزية منذ أكثر من قرنين من الزمن, وانتقال هذه الدول إلى مرحلة ما بعد قومية.
لقد قيد الاتحاد السوفييتي اندفاع الدول, البلدان المكتملة وطنيًا أو قوميًا التي كانت تدير الاقتصاد المبا بعد وطني أثناء الحرب الباردة, أما اليوم فلا شيء يقف أمام جنون الاقتصاد اللا وطني, الاحتكار الاحتكاري, الذي يدوس على كل القوميات والحدود والمبادئ والقناعات لصالح المال المجرد, الحاف.
الدولة في الزمن المعاصر تعاني من قصور كبير نتيجة التحولات الهائلة التي تجري في العالم, لعدم قدرتها على حماية أمنها السياسي والاقتصادي في الدرجة الأولى. وتواجه أزمات وتحديات بنيوية على المستوى العالمي. وهي معرضة للتفكك, وواقعة تحت سيطرة الشركات الاحتكارية العابرة للقارات.
هذا على مستوى دول متطورة, فما بال وضعنا. لهذا علينا المحاولة على بناء وطننا بعيدا عن الحساسيات التاريخية والحالية. فالبلد يتجه نحو التمزق بفعل عوامل كثيرة ومتداخلة.



آه آه يا أماه، لماذا أنجبت مولودك في بلاد الوجع والضياع، أية سعادة كان يحملها قلبك بين كفيك حين حلمت بمولود تنتظره المواجع، أنت تعرفين أن بلادنا بلاد عابرة للمتاهة والسراب، والقوافل الراحلة، بلاد مفتوحة على الريح والضباب والموت المنقوش على السلالم المعوجة والأغصان المكسرة، بلاد مفروشة على أكوام العواصف والهبوب المتناثرة المرمية هنا وهناك، لماذا كنت تظنين أنّني مولود من الحب، أين كنت تريدين أن أقف، على أي رصيف من أرصفة العمر، في أية لحظة من لحظاته سأُقَدم كقربان مدمس، مسفوح الدم ومهتوك الروح والقلب مثل سنبلة جافة، هل كنت تعلمين على أي قربان كنت سأمدد، إذا لماذا بقيت يداك مرفوعتين إلى السماء تناجي أن يخففوا عني استباحة دمي أمام أقدامهم، كنت تعلمين يا أماه أنني ولدت على الجمر المشوب بخضرة عينيك،، أشتعل بينهما مطوق الساقين والقلب، إذاً : لماذا كنت تبكين ما دمت تعرفين أننا قرابين منذورة للسماء والماء والأرض والتراب كما للطلاسم والظلمة السكرانة والضياع.


لقد عاش السوريون تحت حكم المستبد العثماني مدة أربعمائة عام متواصلة, بيد أن السؤال الذي يطرح:
كيف استطاعوا خلال مدة قصيرة أن يرموا ذلك الثقل التاريخي القاسي ويتأقلموا بسرعة هائلة مع الانتداب الفرنسي بحيث شكلوا أحزاب سياسية وعملوا على تداول السلطة وقبلوا بفصل السلطات السياسية والشريعية والقضائية, وبنوا مدارس وجامعات ومؤسسات, ومعامل ومصانع للغزل والنسيج, وتشكلت فئات اجتماعية مدينية تنهل العلوم والمعارف وتكافح من أجل الأستقلال, وكأن فترة العثمانيين الطويلة لم تكن إلا زوبة عابرة في فنجان.
من أين للسوريين هذه القدرة الهائلة على التأقلم والمواءمة بين ثقل التاريخ وتجاوزه, واقتحام المستقبل خلال فترة زمنية قصيرة جدا لا تتجاوز الربع قرن؟
السلطنة كانت في حالة قلق كبير, تريد أن تثبت وجودها, حاولت أن تقلد أوروبا في محاولة التحديث وتجاوز عقدة التفوق الأوروبي, وجرت محاولة كثيرة من السلاطين للتحديث الكمي, وجرى تحديث في مجالات كثيرة كعلمنة الجيش وابقوا على المؤسسات السيادية في أيديهم دون علمنتها. وكان كل شيء متعلق بشخص السلطان ذاته, ويقرر كل شيء. بمعنى لم يهضموا التجربة الاوروبية في العمق, بقيت على السطح ولهذا فشلت تجارب الكثير من السلاطين الى حين وصول عبد الحميد الثاني فاوقف الجري السريع نحو الغرب, وبتقديري كان محقا, بيد أنه لم يطرح بديلا يتجاوز فيه الشرق تمرده على ذاته. بقوا مقلدين.

الولايات المتحدة ليست دولة، أنها دولة داخل عدة دول، القطاع العسكري دولة المخابرات، الأف بي أي، البنوك، الشركات الفوق عالمية، التي ترسم سياساتها دون حساب للدولة المركزية، والناتج الاجمالي لها يفوق الناتج الأجمالي للدلة كلها.
عالمنا يتحرك بسرعة هائلة، ولازالت هذه الدولة، الولايات المتحدة، تمارس السياسة وكأنها الوحيدة على مستوى العالم، وكأننا في العام 1918، عندما كانت تصنع الحروب، وتتدخل عندما يميل ميزان القوى إلى جهة ما، وتجني الثروات، وتنتصر وتنهب ثروات العالم بثقة عالية.
اليوم هي في صراع مع عدة دول نمت وترعرعت في فترة الاستقلال، والحرب الباردة، وكبرت، وأصبحت تبحث عن حصة لها في الناتج الاجمالي العالمي.
الحروب ستكون موضوعية، قاتل أو مقتول، لكن هذه الأوروبا لا زالت نائمة، بوجود شخصيات ميتة، كأورسولا فون دير لاين، وشولتز ، وماكرون، وجوزيب بوريل، الذين ما يزالون ينظرون إلى حركة التاريخ من موقع الأعمى الذي لا يريد أن يرى حجم حركة الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على مستوى العالم.


في العام 1988, كنا في سجن عدرا بدمشق, في ذلك العام زارنا العميد أمين العلي رئيس التحقيق المركزي للشعبة السياسية في سوريا. مر في الجناح كالطاوؤس بين مجموعة من الأسرى, السجناء. انبرى قيادي من أحد الأحزاب المعارضة, وقال له:
ـ متى سيتم الأفراج عنا يا سيادة العميد؟ قال:
ـ إلى أن تتأدبوا وما تكبروا رأس. السيد الرئيس اشفق عليكم وترككم في السجن حتى لا تقتلون من قبل الناس في الشارع. رد عليه:
ـ طيب افتحوا حوارا معنا, حرام عليكم تتركونا في السجن لمجرد لنا رأي؟ رد عليه العميد بصيغة سؤال:
ـ من أنتم؟
ـ نحن قوى سياسية
ـ أنتم ولا شيء. نحن نتعامل مع القوة على الأرض. عندما تصبح قويًا تعال تحدث معي.
هذا العقل أوصل سوريا إلى هذا الخراب. أنا ومن بعدي الطوفان


أحد الادوار السياسية لدول صنع القرار الدولي, في فترة ما بعد الحرب الباردة, العمل ببراعة, على تعزيز سلطتهم ونفوذهم في الشؤون الدولية, عبر اللعب بالهويات الدينية والعرقية والقومية في البلدان الهشة, وتشجيع الأخرين وتوجيههم نحو غايات دنيئة, كالاقتتال البيني وسفك الدم.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية وسياسية 206
- هواجس ثقافية ـ 205 ـ
- هواجس ثقافية 204
- هواجس ثقافية 203
- هواجس ثقافية وسياسية ـ 202 ـ
- هواجس ثقافية 201
- هواجس ثقافية وأدبية ـ 200 ـ
- هواجس ثقافية وسياسية 199
- هواجس ثقافية 198
- هواجس ثقافية 197
- هواجس ثقافية 196
- هواجس ثقافية 195
- هواجس ثقافية 194
- هواجس ثقافية 193
- هواجس ثقافية وفكرية 192
- هواجس سياسية ويستفاليا ــ 191 ــ
- هواجس نفسية وثقافية ـ 190 ــ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية 189
- هواجس ثقافية 188
- هواجس ثقافية وأدبية ـ 187 ـ


المزيد.....




- انسحاب مرشحين محافظين من الانتخابات الرئاسية الإيرانية قبيل ...
- -أبو حمزة-: -كتيبة جنين- تمكنت من تفجير آليتين إسرائيليتين ش ...
- صحيفة: مصر والإمارات أبدتا استعدادهما للمشاركة في قوة أمنية ...
- مرشحون من أصول فلسطينية في الانتخابات البريطانية
- -نتنياهو في مواجهة الجيش الإسرائيلي- - صحيفة هآرتس
- إحصائية: زيادة عدد القادمين إلى ألمانيا عن عدد المغادرين في ...
- ليبرمان: إسرائيل تخسر الحرب والردع تراجع إلى الصفر
- الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا يوقعان اتفاقية في بروكسل حول الضم ...
- بالفيديو.. منجم في ولاية إلينوي الأمريكية يتسبب بانهيار أحد ...
- غوتيريش: إصلاح مجلس الأمن الدولي يبدأ من منح إفريقيا مقعدا د ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس ثقافية وسياسية 207