أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار














المزيد.....

إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 8011 - 2024 / 6 / 17 - 09:00
المحور: الادب والفن
    


(دعونا نستقبلُ حجيجَ العزيزِ الغفار العائدينَ بعدَ أيامٍ بأفئدةٍ مُتألقةٌ بأنوارِ مَكَّةَ ومِمَّا أبصَروا فيها، بل تراهم تركوا قلوبَهم هنالكَ ولم تزلْ نَبَضَاتُها متَعلِّقةً بأستارِ كعبةٍ فيها. وإنَّهُ ما مِن يومٍ أشقُ على الُّروحِ من يومِ طوافِ الوداع فيها، ويا لوعةٍ ويا لأسىً كانَتا في صَدرِ رسولِ اللهِ ﷺ لمَّا هاجَرَ مِنها وفارقَ بَيتَ اللهِ فِيها). ولقد..

هَاجَرَ منها وكانَ هوَ خيرُ خَلْقِ اللهِ فيها وكانَ أقسطُ مَن يوفِّيها. هَاجرَ وكانَ هوَ الأصلُ فيها والنّجمُ فيها وكانَ أمينُها وكافيها. هَاجَرَ ومَا كانَ شائِنَها قطُّ ولا شَانِئَها ومَا كانَ قطُّ جَافِيها. هَاجَرَ صَبرَاً بِشَجَنٍ على حَزَنٍ وَإذ فيها كانَ مَنفِيها. هَاجَرَ ومَا هَجَرَ بل كانَ البَشيرُ فيها وكانَ رمزُ الوَفا فِيها. هَاجَرَ لأنّهُ للهِ كانَ مُوَحِداً وللّاتِ ولملَّةِ الآباءِ نافيها. هَاجَرَ وإذ لعابُ الكفرِ والشِّركِ فيها نَاقِعٌ في غَمْراتِ فِيها. هَاجَرَ وإذ خِطابُ التَّكبَرِ فيها واقِعٌ في ضِغثِ غَافِيها. هَاجَرَ وكانَ هوَ الحِلُّ والحَلُّ فِيها ومَا كانَ لافِيها. هَاجَرَ مِنها وليفُها عن مَوَدَّةٍ في جَنبَيهِ يُخفِيها. هَاجَرَ مِنها خيرُ مَن مَشَى فِيها وبالذِّكرِ كانَ مُشفِيها. هَاجَرَ بَأمرِ رَبِّهِ على مَعَادٍ أن يُزكّيها وأن يُوافِيها وأن يوفِّيها. هَاجَرَ على وَعْدٍ بعَوْدٍ لِنَارِ الكُفرِ يُخمدُها أبداً ويُطفِيها. هَاجَرَ وأبو بَكرٍ لخُطَى النُّورِ خَادمُها وحَاديها وقَافِيها. هَاجَرَ فكانَ ليثربَ البَدرَ، وكانَ فيها نورُ جبريلَ يُضفِيها. هَاجَرَ لطِيبةَ فكانَ هَاديها وبالقرآنِ من سَّوآتِها شَافِيها.

صَلَّى عَليهِ اللهُ ذو رِفعةٍ علياءَ مَالَها مَن يُدانيه. صَلَّى عَليهِ اللهُ ذو شِرعةٍ بيضَاءَ تَسمو في مَعانيها. صَلَّى عَليهِ اللهُ ما انْبَلَجَت شَموسٌ في أقاصيها. صَلَّى عَليهِ اللهُ ما اعْتَلَجَت طقوسٌ في نواصيها. صَلَّى عَليهِ اللهُ ما أنعَمَ الجَليلُ ببَرَكةِ أرزاقِهِ فيها. صَلَّى عَليه اللهُ ما برعَمَ إِكْلِيلٌ بحَرَكةِ أوراقِهِ فيها. وصَلَّى عَليهِ اللهُ ما سَكَنَت نَفسٌ في تَراقيها.

مَكَّةُ، ما أدراكَ ما بَكَّة، ثمَّ ما أدراكَ ما مَكَّة!

فمَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار. إي ورَبيِّ، فَمَكَّةُ هيَ دِفقُ الأحرارِ رفقُ الأذكارِ أفقُ الأفكار توقُ الأبصَار فلن تَكونَ مثلِها دار.

مَكَّةُ عَلمٌ وعِلمٌ مَعلومٌ لدى الأشرارِ قبلَ الأبرار. فدُموعُ الأبرارِ بشَوقٍ ورَفدٍ تَنبَجِس إن يَمَّمَ شطرَها رَكبٌ وزَار، وجُموعُ الأشرارِ بِطَوقٍ وصَفدٍ تَنحَبِسُ إن كَمَّمَ عطرَها خَطبٌ وثَار.
كلّا واللهِ، ليس مثلَ مكَّةُ دَار، وذلكَ أمرٌ مَفهومٌ لدى الفُجّارِ ومعلومٌ بينَ يدي الأخيار، بأنَّها الدَّارُ التي لا تُعاتِبُ بل تُعاقِبُ على نيَّات السُّوءِ لا على الإظهار، فعِقابُ مَن أرادَ فيها بِظُلمٍ عذابٌ أليمٌ مُتَقَلِّبٌ في مقامع النَّار، بأنَّ مكَّةَ لَيسَ داراً كَمثلِ بقيةِ الدَّيار. فقد نَأى بِها رَبُّها ﷻ عن حُروبِ تَناطحِ الأقطَار وعن كروبِ تلافُحِ الأمصَار. وجَعلَها ﷻ مَقَرَّاً لسَناءِ السَّماءِ لمَن رَغِبَ الهُدى وبهِ استَنارَ واستَجار، وما جَعلَها ﷻ مَكَرَّاً لغَبراء الأمراءِ مِمَّن جَلَبَ الرَّدَى وبِهِ استَسارَ واستَطار.
ولقد أمَرَ ﷻ رافِعَ قَواعِدِها أن يُغادِرَها فما هيَ لهُ بمَثْوىً ولا سَكَنٍ ولا دَار. ولقد وُلِدَ فيها سَيِّدُ الأنامِ ﷺ وأُمِرَ أن يُهاجِرَها فما هيَ لهُ بمَأْوىً ولا وَطنٍ ولا دَار. ولقد أمَرَ ﷻ النَّاسَ جَميعاً أن يأتُوها حَجِيجَاً على ضَامرٍ أو راجلاً قد هَبَّ ثمَّ دَبَّ وسَار.

و "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ"، وكيفَ أغارَ الفيلُ وثَمَّ كيفَ استَدار

"أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ"، وعِبرةً مُزَلزِلَةً في أرجَاءِ الدِّيار

"وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ"، وأولاءِ همُ جُندٌ منَ اللهِ الوَاحدِ القهَّار

"تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ "، ثمَّ لعَذابٍ مًقيمٍ في النَّار، ذلكَ بأنَّ مكَّةَ لَيسَ كَمثلِها دَار.

وإنَّما مَكَّةُ لهيَ العَلامةُ الفارِقةُ بينَ صَباحٍ في أنوارِ الجَنَّةِ وصَياحٍ خلفَ أسوارِ النَّار، فمَن ثَوى في ثَراها طَوَّافاً صَالحَ البالِ، فبينَ أرواحِ أهلِ الجَنّةِ ومِن كلِّ تَّرَفِ يَختار، ومَن ثَغَا في ثَراها خَوَّافاً كالحَ الحَالِ، فبينَ أشباحِ أهلِ النَّار ومن كلِّ قَرَفِ يُضَار.

فبَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بَغْلُ الدِّيرَة
- شُعاعٌ حَذوَ مِحرَابِ الإيمان
- لا تَثريبَ على حَيوانِ -الكَسول-
- مِن حِوَاري مع صَديقتيَ النَّملةِ
- قَرفَصَةُ الهِّرَّةِ الحَامِل
- عِلمُ مِيكانيكا المِسْبَحَة
- وإنَّما زينَةُ الحَواجبِ العَوَجُ
- بَقيةٌ مِن سِيجار
- همسةٌ في رمضانَ معَ -أبي عدنانَ-
- اسبينوزا الحَنين
- الصحافة بظرافة
- [ إنتخاباتٌ بينَ الشَّاةِ والفتاتِ ]
- بَغداديات؛ تَحْتَ مَوْسِ -عَادِلَ- الحَلاق
- النبي الأمين وغزة فلسطين
- رَقيُّ ديجيتالٌ رَقميٌّ
- عن رحيلِ -كريم العراقي-
- [ أنَا وَصَدَّامُ وَمُظَفرُ النُّواب ]
- [ مِن عَليِّ الجَنابي إلى عَليِّ السُّودانيّ مع التَّحية ]
- أنا والشَّيخُ محمَّدُ الغَزالي
- - بلْ لا قيمةَ للفَهمِ بلا أَدَب -


المزيد.....




- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - إي وَرَبِّي؛ مَكةُ لَيسَ كَمثلِها دَار