أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد عبدالحسين جبر - بين ضحايا القصف الأمريكي و خنصر الرئيس!














المزيد.....

بين ضحايا القصف الأمريكي و خنصر الرئيس!


وليد عبدالحسين جبر
محامي امام جميع المحاكم العراقية وكاتب في العديد من الصحف والمواقع ومؤلف لعدد من

(Waleed)


الحوار المتمدن-العدد: 8011 - 2024 / 6 / 17 - 00:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كتب الطبيب الخاص للرئيس العراقي صدام حسين الذي أُسقط نظامه عام ٢٠٠٣ و أُعدم عام ٢٠٠٦ كتاباً مهما عن تجربته مع الرئيس بعنوان كنت طبيبا لصدام ،  وذكر فيه كثير من الوقائع التاريخية التي ينبغي أن يقرأها العراقيون ليعرفوا كيف كان يعيش من مسكَ زمام الحكم فيهم لمدة خمسة وثلاثين عاما وكيف مارس حياته الخاصة .
ففي الفصل السابع من الكتاب ينقل الدكتور علاء بشير مفارقة تستحق أن نقف عليها بعض الشيء لنلمس جليا نرجسية صدام حسين وعدم شعوره بآهات شعبه ومخاطر قراراته الغبية التي أدخلت العراق في حربين أرجعت العراق الى ما قبل التاريخ !
إذ في مساء الأول من فبراير من عام ( ١٩٩١ ) كان الطبيب علاء جالسا إلى المائدة مع عائلته ، و القنابل الأمريكية تسقط على بغداد ، و القذائف في كل مكان ، ولم  تكن هناك كهرباء لفترة طويلة ، إذ كانت هجمات الطيران العنيفة قد بدأت قبلها بأربعة عشر يوما تمهيدا لعملية عاصفة الصحراء  التي كانت رد الأمم المتحدة على غزو الكويت في أغسطس من العام السابق ، كان الهدف هو طرد جنود صدام من الكويت ، ولكن قبلها عزمت قوات التحالف ، التي كانت تجري استعداداتها في المملكة العربية السعودية ، بمختصر العبارة على قصف كل شيء بالقنابل ، المراكز العسكرية الرئيسية للعراق ، مراكز القيادة المركزية والمطارات ، والمباني الإدارية للحكومة ، والوزارات ، ومراكز الاتصال ، والشوارع والجسور ومحطات الطاقة . في هذه الليلة من ليالي الحرب لم يدم تناول الطعام مع الأسرة طويلاً ، في الساعة العاشرة والنصف طرق اثنان من حرس صدام الخاص بابي ، كان معهما سائق ، كانوا مضطربين عصبيا وأمروني بالتوجه معهم فورا إلى مستشفى ابن سينا ، وعند وصولهم المستشفى بشّق الأنفس نتيجة الظلام الدامس في بغداد ونيران القصف كان المستشفى محاطا بالجنود ، الممرات أيضاً كانت تعج بهم، وفي الطابق الأرضي كان يرقد صدام، كان منظر وجهه لا يسر عدوا أو حبيبا رجوتهم ألا يفعلوا شيئا حتى تأتي  قالها صدام مضيفا : لقد تعرضت لحادث سيارة . كان الرئيس شاحب الوجه وملطخاً بالدماء ، غير أنه كان هادئا ، رابط الجأش . دار الحديث عن اصطدام سيارة صدام في تقاطع مع سيارة أخرى في الظلمة الحالكة لبغداد ، كان نصف وجهه الأيسر تحديدا قد تعرض للإصابة ، كان يسيل الدم منه من جرح في جبهته وسحجة في خده الأيسر ، كان هناك قطع أكثر غورا في ذقنه حتى العظم . كانت أنملة الخنصر الأيمن تكاد تكون مقطوعة ، فقد أخذت تتأرجح على كفه هنا وهناك ، وقد تعلقت فقط بطبقة رقيقة من الجلد ، أما الظفر فلم يكن موجودا ، بعد أن نظفت الجراح ، وأمرت بإجراء أشعة على الرأس واليد اليمنى بدأت - بعد أن خدرته موضعيا - في ترقيع جروح الرئيس ، أعدت أنملة الخنصر إلى مكانها خيطتها بإحكام ووضعت جبيرة على الأصبع ، بعدها وضعت له ضمادة ، سألني : « هل تستطيع أن تتجنب وضع ضمادات على وجهي » ؟ أجبته بالإيجاب ، وقلت له إنني أستطيع أن أخيط بعض الغرز الصغيرة تحت أول عنف طبقة خارجية للجلد ، بحيث لا يكاد يرى شيء . أنني سأقابل غدا بريماكوف ، ولا أريد أن تظهر جراحي في الصور التلفزيونية التي ستبث في العالم كله!
ثم يكمل الدكتور بقية الأحداث بأنه " ما أن انتهيت من عملي حتى اختلى الرئيس بي جانبا وطلب مني أن أتوجه بأسرع ما يمكن إلى مستشفى الكاظمية في بغداد . قال لي : « هناك ترقد مواطنة أصيبت هي الأخرى في الاصطدام ، أرجو أن تعمل قصارى جهدك من أجلها إذا تكرمت » . كان هناك واحد من الحرس الخاص للرئيس يقف أمام غرفتها عندما وصلت إلى هناك ، أدركت على الفور أن الأمر لا يمكن أن يكون له علاقة بأي مواطنة عادية ، كانت شقراء ، زرقاء العينين ، ما بين الأربعين والخمسين . كانت عظمة الخد اليسرى مكسورة ، كما كان هناك جرح قطعي غائر في جبهتها ، أعددت كل شيء حتى يتسنى إجراء الجراحة لها في صباح اليوم التالي ، وحكيت لها أن الرئيس كلفني أن أعتني بها على قدر طاقتي ، عندما كنت في غرفتها سألت الحارس الخاص إذا كان في إمكانه توفير بنزين لسيارتي ، في هذه الأيام العصيبة من أيام الحرب كان من شبه المستحيل العثور على وقود قالت السيدة وهي تنظر إلى الحارس : « وفر له خمسين لترا » ، في هذه اللحظة أدركت أنها على علاقة أكثر حميمية بصدام عما كنت أظن في بادئ الأمر .كانت سميرة الشاهبندر ، الزوجة الثانية للرئيس!
وهكذا يبقى الطبيب طيلة القصف الامريكي ووقوع الاف القتلى والجرحى وانهيار العراق اقتصاديا وعسكريا يعود الرئيس وزوجته مرارا من أجل تغيير الضماد وإجراء بعض العلاجات .
وينقل في عدة صفحات مشاهداته كيف كان الرئيس يعيش وادعا سارحا في خياله وهيام سلطته منشغلا بخنصره وجروح زوجته الجميلة غير آبهاً بما يتعرض له الشعب العراقي نتيجة مغامراته غير المحسوبة !
أقول هذا الكتاب الذي كُتب عام ٢٠٠٤ حري أن يقرأ كونه كتاب تاريخي يؤرخ لأخطر فترة عاشها العراق والعراقيون في القرن الماضي وما زال يعاني من آثارها ونتائجها مما يكون لزاما معرفة جميع دقائقها ودراستها للحيلولة دون تكرار مثل هكذا تجارب أودت ببلد الحضارة والكتابة والتاريخ إلى أرذل المصير !



#وليد_عبدالحسين_جبر (هاشتاغ)       Waleed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراقيون متساوون في التطرف والإقصاء وإلغاء الآخر !
- خواطر عن صاحب الخواطر المدنية
- هدوء القاضي
- ولد في بغداد مرة اخرى
- حينما تكون الضرائر كتب !
- المحامين ومواقع التواصل الاجتماعي
- التدخل تمييزا بقرار الجنايات بصفتها التمييزية : تمييز كوردست ...
- طاووس المحكمة
- هل نعمل بالقوانين ام الاعراف
- حينما تفقد توازنك بسبب موازنة بلدك
- من لم يقرأ علي الوردي ليس عراقيا
- بين بعقوبيون وعمارة يعقوبيان :
- قرود الاوهام الطائرة
- الآم السيد معروف
- المتاجرة بعنوان علي - ع -
- الاعلاء الوهمي للذات العراقية
- المحكمة الاتحادية البرومثيوسية
- نقابة تستعيد تاريخها
- هل يجوز تصحيح القرار التمييزي الصادر من محكمة الجنايات بصفته ...
- اهانة المواطن في بعض الدوائر الحكومية


المزيد.....




- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...
- مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
- السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي ...
- القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
- القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ ...
- رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
- في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
- مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
- نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد عبدالحسين جبر - بين ضحايا القصف الأمريكي و خنصر الرئيس!