أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم رمزي - جذور















المزيد.....


جذور


إبراهيم رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 8010 - 2024 / 6 / 16 - 07:43
المحور: الادب والفن
    


خلال العشاء، انطلقت أصداء موسيقى شعبية، بينما كانت مجموعة من "الشيخات" تمر قرب موائد الزبناء، بأزيائهن التقليدية، ‏وزينتهن البسيطة، ومجوهراتهن الثقيلة، وأصواتهن المتفاوتة، فمنهن من احترق حلقها بالسجائر والكحوليات، ومنهن من تحافظ ‏على حبالها الصوتية في رقتها وتأثيرها وتطريبها .. واستوقفهن ـ قرب طاولته ـ "أحد المعجبين"، يستعيدهن ـ بنشوة المتصوف ـ ‏مقطعا غنائيا .. مثّل في البداية قائد أوركسترا، يشير بيده إلى تنامي اللحن أو انخفاضه، أو تموجه، وما لبث أن وقف بينهن ‏يشاركهن رقصهن وغناءهن .. وكلما انتشى نثر عليهن بضع أوراق مالية، .. والحقيقة أن مشاركته لهن جرّت عليه عاصفة من ‏التصفيق. ونزعت عنه كل قناع يحاول أن يتخفّى خلفه، كاصطناع المظهر، والوقار، والتنكر للأصول الشعبية. فـ "البصمة ‏الجينية" أبت إلا "فضح" صاحبها فأخرجته من وراء المتاريس المصطنعة من الرزانة والكبرياء و"رفع الأنف إلى السماء"، وهي ‏كانت السبب في تذكّري لهذا الشخص.‏
وبعد تردد طويل مشوب بشيء من الحذر، قررت التوجه نحوه، فسلمت عليه. وأول ما يمكن اعتباره من الأخطاء التي ارتكبت، ‏هي "مبالغتي" في إظهار استبشاري بلقائه، والسلام عليه بحرارة، رغم أنه لم يكن من أعز الناس أو أقرب الأصدقاء إلى نفسي، ‏ولكن العثور على ابن البلد في الغربة، أو في مدينة قصية، يشكل حدثا داعيا إلى إحياء "العصبية".‏
وكأنّ المفاجأة وسرعة تلاحق الأحداث ـ ربما ـ أصابته بشلل لحظي، غيّر ترتيباته ونواميسه، فاستجاب "مكرها" ـ لاحتفائي بلقائه ‏ـ بأكثر ما يمكن من البرود والنفور والتقزز و"احتقار" سلوكي "المتخلف" الذي لم يرْقَ ـ ولن يرتقي ـ إلى مستوى "الشخص" ‏الذي أراه أمامي الآن، وليس الذي عرفته وعرفت أخباره، في قريتنا النائية، المنسية.‏
كانت قريتنا غارقة في زمن ما قبل التلفزبون والأنترنيت المستحدثين، وكان امتلاك بعض الأسر لجهاز راديو يعتبر من مظاهر ‏الترف والجاه، كانت قرية بعيدة عن كل مظاهر الحضارة المعاصرة، باستثناء عدد قليل من المرافق التي تمثل "أجهزة" الدولة .. ‏لم يكن ببلدتنا ولا طبيب واحد، أو صيدلية. وعلى المريض ـ الذي يستنفذ الطب الشعبي ولا يشفى ـ أن يتطبب بالمدينة.‏
أهلنا، وآباؤنا، كانوا من الناس البسطاء "الذين يسعون في الأرض" لتوفير أسباب العيش لذريتهم وأسرهم، بممارسة أشغال ‏متنوعة، كالفلاحة، والرعي، وتجارة المواشي والحبوب، وبعض التجارات الموسمية أو المتداولة في السوق الأسبوعي. ‏
مدرستنا الابتدائية، تلفظ أغلب تلاميذها بعد القسم الخامس، ومن يريد متابعة الدراسة بالإعدادي، يجب أن يكون "محظوظا" جدا ‏جدا. والمحظوظ هو من يظفر بمنحة الإقامة بإحدى الداخليات بالمدينة، وما عدا ذلك فعليه أن يتدبر تسجيله وإقامته ومصاريفه ‏عن طريق "الالتجاء" العائلي، حتى ولو كان "ريحة الشحم في الشاقور" .. مما يعني أنّ زيارات الأب "البدوي" ـ في فترات ‏منتظمة ـ إلى المدينة ستكون منفِّرة لأنه يستورد معه قمله وبراغيثه، ولكن سيكون مرحَّبا بها لما "تحمله" من "مؤونة شاملة" ‏متنوعة، تقابل بعبارة النفاق: "علاش كلفتي راسك".‏
وهناك "الفرقة الناجية" وهم معدودون على رؤوس الأصابع، وهم الذين التحقوا بإحدى الكليات ـ حينما لم يكن بالمغرب إلا ‏جامعتان، تتركز كلياتهما في الرباط وفاس وتطوان. هؤلاء لهم قصص متنوعة مع الغربة، فهمْ كالدخلاء المزاحمين لسَلِيلي ‏‏"الأسر العريقة"، طلبةَ وأساتذةَ. ولهم حكايات معاناةٍ من قساوة التمييز بمختلف أصنافه وألوانه. ‏
من العادي في بلدتنا أن ينتعل أحدنا حذاء أو صندلا تطل منه أصابعه، أو سروالا مرقعا عند الركبتين أو الأليتين، وأن يتدثر في ‏البرد بـ"بقايا" جلباب مهتريء، أو أسمال مشابهة، .. ولم يكن أحد يبالي بذلك، ولا يعده نقيصة، .. وإن كانت الفصول الدافئة أو ‏الحارة أحب إلى النفوس.‏
في هذا المجال نشأنا .. ومنه تخرّجنا .. وكنت تسمع بين الحين والآخر: (ولد فلان مشى للمدينة يخدم، وبدأ يرسل لوالده مبلغا ‏ماليا كل شهر" ألم تلاحظ أن حالته "ترقعت" وبدأت تظهر عليه "علامات الترف"؟)‏
و"علامات الترف" هي شراء بضع شِياه، أو بقرة، .. أو بناء غرفة إضافية بالبيت، لتخصّص لابنه المقبل على الزواج ..‏
كانت العطل والمناسبات تعيدنا إلى بلدتنا، فنلتقي بأقراننا، ندردش ونستعيد الذكريات .. ونتبادل العناوين ووعود الزيارت .. وقد ‏نشفع ذلك بالتراسل المتقطع .. ننسى أعباءنا العائلية، وننحِّي ـ مؤقتا ـ مشاكل الإخوة والأخوات، ونحاول ـ خلال مدة إقامتنا ـ ‏التخلص من "طبائع" المدينة، راغبين في الرجوع إلى أخلاقنا البدوية القديمة، واستعادة الاندماج فيها، ولكننا لا نوفّق كامل ‏التوفيق فيلاحقنا توصيف "أنانية المديني" أو غيرها من أوصاف الانتقاد والتعييب.‏
سلمت على ابن بلدتي .. فشمخ بأنفه، وسحب نفسا من سيجاره، وهو ينظر إلي بتعال وكأنه يقول: أهذا أنت؟ أما تزال كما عهدتك ‏منذ آخر مرة رأيتك فيها؟ لم تتغير رغم أن الناس يتغيرون؟ ثم التفت نحو مرافقته ليقدمها إلي. نظرت إلى وجهها. كادت تند عني ‏كلمات، لولا غمزة منها حبست الكلام في أقصى حلقي. تنحنحت مداريا ارتباكا عارضا، ثم سلمت بما يقتضيه الموقف من مجاملة ‏و"ديبلوماسية". قال لها:‏
هذا أحد أبناء بلدتنا، كان أبوه تاجرا بسيطا في ... (ثم غابت عنه المفردة التي كان يريد قولها للتدليل على الاستخفاف وربما ‏الاحتقار) فتطوعت لأقول مكانه: كان "شناقا" أي تاجر أغنام. وكم أنا فخور به، فقد كان مثل غيره ممن يتاجرون في الحبوب أو ‏الملابس القديمة أو التبن أو جلود الذبائح ... ورغم أميته فقد دفعنا إلى التعليم، فنجحنا حيث فشل آخرون.‏
ضحكا معا بقهقهة عالية .. كأنهما سمعا نكتة جديدة مثيرة .. وما كان الضحك إلا مداراة للحرج. الحرج الذي وضعته فيه بالتذكير ‏بمهن أهل بلدتنا، ومنهم أبوه، أما ضحكتها هي فكانت من قبيل المجاملة والشكر الضمني على "التستر". وضحكتُ ـ أنا ـ أيضا ‏‏"لثأري" الفوري منه، ..‏
والدي رجل ـ كغيره من قرنائه ـ كان القريب والبعيد يشهد لهم بالطيبوبة والبشاشة، وبذل كل جهودهم لرعاية ذريتهم. كان والدي ‏بارا بجدته وأمه وأبيه، بخلاف أحد إخوته الذي كان يناديه جدي بـ:"المسخوط". تنقّل والدي في مهن مختلفة غير الفلاحة ‏و"الكسيبة"، عندما كان في ذروة غناه ـ عاملا عند (الميريكان)، بدخل شهري يعادل أربع مرات مرتب المعلم في بداية الاستقلال. ‏لم يطالب أخوال أمه بميراثها، ولم يفعل ذلك إلا بعد تكالب الزمان عليه، ولم يخفف من معاناته إلا أبناؤه الذين وصلوا إلى تقلد ‏وظائف محترمة. وبقي بعد ذلك لمدة من الزمن يسعى إلى الأسواق يتاجر في الأغنام، إلى أن قرر "أن يستريح" من العناء. ولكن ‏ميراثه من أمه ما يزال معلقا لتكالب أخواله عليه، وقد تجاوز "التعليق" أزيد من سبعين سنة.‏
قال بنبرة متعالية: ما تصورت أن ألتقي بك في مكان كهذا، حيث الطبقة "الراقية" من جميع مجتمعات العالم؟
أحسست أنه يريد التدليل على انضمامه "لقطيع" متميّز، وتدرّجه في السلم المجتمعي، ووصوله إلى مرتبة "ما"، تخوّل له ـ وحده ‏ـ أن "يزاحم" مرتادي الفنادق الراقية.‏
لذلك أجبت: هل في ذلك غرابة؟
ـ يعني .. (وضاعت تتمة الجملة في الصمت، وهز الحاجبين)‏
ـ لعلك نسيت المدلول الدارجي الذي نتداوله في بلدتنا عن "الفنْدَق"؟
رسم ما يستطيع من الامتعاظ على وجهه، وقد فهم مقصودي.‏
تصوِّر الأوهامُ لبعض الأشخاص أن المظهر يرتفع بهم ـ في السلّم المجتمعي ـ فوق مستوى الناس، فهناك من يجد ضالته في ‏اللباس، أو السيارات، أو المحظيات الجميلات، أو الحلي والمجوهرات، .. ومَن تَخلّف عن مجاراتهم ومماثلتهم اعتُبِر في عداد ‏‏"الرعاع".‏
كنت قد سمعت ـ منذ سنين بعيدة ـ بشاب قضى سنوات يشتغل مساعدا في حافلة للنقل بين المدن، ثم أصبح سائق شاحنة. ومن ثم ‏صار مشهورا عند بعض الشبان "كمرجع" في معرفة "أحياء" الدعارة بعدد من المدن والقرى. وفيما بعد "ارتبط" بعجوز أوربية ‏ـ صاحبة شركة للنقل السياحي، وشركة للتأمين ـ، سرعان ما ودّعت، فانتقلت ثروتها إليه. وأشارت أصابع معارفنا إلى ابن قريتنا ‏هذا. أهملتُ الآمر. فما كان بإمكاني تمحيص الخبر، أو التدقيق في حقيقة الشخص. وسلوكٌ ـ كهذا ـ يهم في نظري صاحبه فقط.‏
أعدت النظر إلى وجهها .. "نبهتني" بتبريق عينيها .. ثم ابتسمت .. وقالت:‏
ـ تشرفنا بلقائك يا سيد. كم أنا معجبة بمن يقدرون الأصدقاء، ويكرمون"معارفهم".‏
ردّدت في أعماقي: ليتك قلت "تشرفنا بصمتك .. وتجاهلك .. وكتمانك .."‏
قلت: الحقيقة أنني ضيف مدعو للمساهمة في أشغال الندوات حول "مستقبل الأرض"، التي تحتضنها هذه المؤسسة الفندقية.‏
قالت: أثارني الشعار الذي أعطي لهذه التظاهرة: "علينا ألا نسرق المستقبل من أبنائنا".‏
نظر إليها باستنكار، وكأنه يقول: منذ متى أصبحت تهتمين بمثل هذه الأشياء؟
سألتُ: لا شك أنكما استمتعتما بحضور بعض عروض الأعلام المشاركين من الوطن وخارجه؟
وكأنني قد حدست الجواب قبل إلقاء السؤال.‏
قالت: سأحضر. ‏
أعاد النظر إليها باستغراب. رأى تصميما وعزما. تصاغر أمامها، تنازل عن كبريائه، وهز كتفه، معلنا انصياعه وهزيمته أمام ‏قرارها.‏
لكنه سرعان ما عاد إلى "الانتفاخ" وهو ينظر إلى أحدهم ـ يقف على بعد خطوات منه، يقفقف ـ ملتمِسا الحديثَ إليه. تنكرت ‏ملامحه لصورة الكائن البشري، تغيرت سحنته إلى أقبح ما يكون العبوس والاستنكار، وارتسمت عليه علامات التأفف والاحتقار. ‏ثم صرخ آمراً:‏
ـ ماذا هناك؟
اقترب الشخص ـ في خضوع وخشوع ـ منحني الرأس، مرتعش الجسم، ثم أسرّ إليه بكلام، وانسحب متعثرا في خطواته.‏
التفت إلى مرافقته، وقال ـ بغطرسة ـ كالمتكلّف للاعتذار:‏
ـ مضطر إلى الغياب عنك لبعض الوقت. سأعود بعد تسوية أمور عالقة.‏
ثم التفت إلي وقال: هل أستطيع أن أستأمنك عليها طيلة غيابي؟
قلت: ما أسوأ أوهامك المضلِّلة، وثقتك المهزوزة بقرينتك؟ أخاف أن تتجرع مقلبا ـ لا يجدي بعده ندم ـ بسبب ظنونك المتطرفة. ‏هل تعنقد أني من الفئة المفترسة؟ أم هو الخوف ممن يقتعد كرسيا متحركا، وينتظَر حلول وقت انضمامه لخلية من المنتدين بعد ‏قليل؟
تجهم وجهه ـ من جديد ـ لسماع كلامي. كان يود الرد وقول كلام ما. لكنه ابتعد مسرعا، طاويا غصته.‏
فقالت: دائما حامي الطبع، ولا تستسلم أبدا.‏
قلت: ما كنت أعتقد أنك تذكرين.‏

صمتت، ركزت نظرها على رجلي المشلولتين. لعلها تفكر في كيفية طرح السؤال المحير لها، وهي تراني على كرسي متحرك. ‏سارعتُ إلى نجدتها وقلت: ‏
ـ حادثة تزلج على الثلج.‏
عبّرت عن بعض الأسف من قبيل ما تعودت سماعه ممن يتعرفون على مآلي.‏
قلت بتعبير حاقد: حتى التأمين تلاعب بي، ورقص على أشلائي.‏
عندما تريد الحصول على وثيقة التأمين كي تقدمها للمراقبين بحكم اجباريتها قانونيا، تتوجه إلى وكالات تعج بالابتسامات الرقيقة، ‏والوعود الخيالية، والطرق الخالية من الأشواك، ... وعند حصول "المكتوب" يبدأ الوجه الحقيقي في الظهور مع التأويلات ‏القانونية، والتلاعبات اللامحدودة، والانسلاخ من كل مسؤولية، والدعوة إلى (سر، كب الما على كرشك). وستُنفَق مساهمتُك في ‏فندق فخم أو سفر أسطوري، أو "ليلة حمراء".‏
زمّت شفتيها، وهزت رأسها، وكأنها تقول: أعرف من ألاعيب هذا المجال ما لا تعرف.‏
ـ لي سؤال أخير: ما تفسير "فندق" الذي لمّحت إليه؟
ـ من معاني الفندق في بلدتنا: الحظيرة التي يودع فيها مرتادو السوق الأسبوعي دوابهم.‏

قالت: كنت كاتبته وأمينة سره، ثم تزوجنا منذ ما يقارب السنة. وكأننا ما نزال في شهر العسل. كنت خائفة أن تتحدث عن ‏الماضي.‏
قلت: إذا طال الأمد، قد يتحول الأحبة والأقرباء إلى غرباء، وتتحول المشاعر إلى مجاملات، كما تتحول الذكريات إلى سرد ‏محبب عند البعض، أو إلى لغط ثقيل على بعض النفوس، حتى "الصور" تعلوها الضبابية والنسيان .. تارة تكون معتمة وتارة ‏مشعة وتارة مبهمة غائمة .. وقد يحولها الإنكار والتنكر إلى أسماء أو شخوص أشباح بدون "دلالة".. تحتاج إلى الاقتران بـ ‏‏"شرح/ توضيح/ تعليق" ليكون لها "معنى" أو "دلالة" عند مشاهدها .. نحن قساة حتى بالنسبة لصورنا التذكارية .. ننظر إليها ثم ‏نعلق بسخرية على: الحركة، واللباس، وتسريحة الشعر، والنظرة، .. رغم أننا كتل من الصور والمواقف. الزمن يهذب أفكارنا ‏ومشاعرنا وينحو بنا نحو التسامي والتعقل والتفلسف والحكمة. ولكن القسوة تتجلى في شطب جزء من الماضي ومن الذكريات ‏عفوا أو عمدا.‏

وهناك من كانوا "فرسان ميدان ما" فتولت دورة الزمان مهمة الشطب من حيواتهم وقد كانت ملأى "بالجاه والسلطة اللامحدودة"، ‏ففقدوا ما فقدوا، ودخل أكثرهم في حقبة الحكي: كنا وكنا ... وحين تنبههم إلى وجود من خلَفوهم، يبادرون إلى الاعتزاز ‏بعصرهم، ونقد الحاضر، والسخرية من خلفائهم: ذاك الشخص ما يزال يستعمل الحفاظات، بله تقلّد المسؤولية، نحن كنا .... ويبدأ ‏القص الذي لا يعرف إلا التمجيد ـ من جهة ـ والاستخفاف ـ من جهة ثانية ـ. حكايات ـ في نظر أصحابها ـ هي بطولات ـ حقيقية ‏أو مخلوطة بتوابل التضخيم والوهم ـ ولكنها جزء من التاريخ غير المكتوب، أو التاريخ الشفوي غير الرسمي، الذي لا يجد صدى ‏الهيام به إلا لدي "أبطاله" وصانعيه و"المنتشين بتقديسه".‏
حتى بسطاء باديتنا قد يحكون عن "بطولات" خاصة بهم، فمن الرعاة من يمجد أكله والتهامه لأكبر كمية من طعام أو فاكهة، ‏متحديا أن يضارعه أحد فيما فعل. وهناك من يتباهى بقدرته على اصطياد آرنب أو حجلة بحجر أو عصا، بسبب تصويبه الدقيق. ‏ومنهم من يفتخر بقدرته على حمل أثقال، هي عبارة عن أكياس بذور يفوق وزنها القنطار. وقد يفتخر آخر بقدرات جسمانية ‏مختلفة، خولت له الإتيان "بمعجزة" كترويض دابة جامحة هائجة، بينما آخر لا يخجل من استعراض "مهاراته" في الغش ‏والتدليس في لعب الورق والقمار ..‏

كثيرة هي الأشياء التي نتفاوت في تقييمها، نحاول تجاهل بعضها، أو نحاول إبعاد بعضها عن دائرة اهتمامنا، .. بينما هي لصيقة ‏بنا، وجزء من مكونات وجودنا، ومؤثثات حياتنا،. ‏
فما يكون محل تبجيل ـ وربما تقديس ـ عند البعض، قد لا تكون له نفس الأهمية عند الغير. ربما تحدث إليك أحدهم عن لقائه ‏بشخص يعتبره "مهمّا وذا شأن" في نظره، مثل اللقاء بممثل، أو رياضي، أو مسؤول حزبي، ... فيتحدث بكثير من الانتشاء ‏والاعتزاز، ولكنك تقابله بحياد أبرد من صقيع سيبيريا. وترى المسكين يقفز بين الجُمل بنشاط: تخيّل .. تصوّر .. هل تدرك معنى ‏ذلك؟ ولكن محاولات إشراكك في حمّى حماسه تضيع هباء.‏

لذلك نختلف في تقييم وتقويم الأشياء. كما نختلف في "تحديد" أهميتها. فمثلا: كثيرون منا لا يعيرون اهتماما لما يتهدد البشرية من ‏كوارث آنية أو مستقبلية، بسبب السلوك الأرعن "للآدميين": وفي مقدمتها التلويث، وتبذير الموارد المحدودة.‏
المحموم والمريض ـ مثلا ـ هما أكثر الناس تضايقا من التلويث الضوضائي، بينما يبدو الأمر عاديا عند شاب يشاغب بدراجته ‏النارية المنزوعة المُصْمِت، أو جهاز موسيقاه العالي التردد. أما التخلص من النفايات فيعتبر قمة المأساة التي تسمم الأبدان في تكتّم ‏وخفاء، ثم تحصد الأرواح "بحيوية" نشيطة صامتة.‏

وقد ننقلب من "الانتشاء" إلى "الازدراء". كما قال محدثي ـ يوما ـ : كان ـ هناك ـ أكاديمي مرموق، وكان القراء يتهافتون على ‏كتبه ومنشوراته. وحُبّرت "الخطب العصماء" في تأبينه، ومن إحداها عرفت ما صدمني عن خسته ونذالته، إذ كان يؤجّل ـ ‏متعمدا ـ مناقشة أطروحة، دون إشعار صاحبها بأن سبب ذلك هو كتابته: "ص"، عوض كل الجملة وبكامل حروفها. وأضاف: ما ‏تخلصت من كتبه، ولكنني أضفت نعتا إلى صفاته.‏

في المساء، دعواني لأشاركهما مائدة عشائهما. أثنيت على زوجته، وعبرت عن الإعجاب بتعاملها معه، واحترامها الذي يكاد ‏يصل إلى حد التقديس. فازداد خيلاء وتعاظما.‏
طلب زجاجة ثانية، بعدما عبّ الأولى، فتحها النادل، وتركها بجانبه. ولما انصرف، قلت: ثمن هذه الزجاجة يساوي المرتب ‏الشهري لذاك النادل مرتين؟
كاد يهمل ملاحظتي. ولأول مرة أثارتني يداه الصغيرتان جدا مقارنة بذراعيه العبلاوين، وصدره العريض، كانت يده ترفع كأسه ‏موازاة مع وجهه، نظر إلى الكأس بوَلهٍ وعينين تفيضان عطفا وإعجابا، ثم خاطبه متغزلا: من سوء حظي أنني لا أجد نديما ‏يشاركني. ثم حول بصره نحوي، وأكمل: غير أني أحمد لك أنك "غير مبتلي". سكت قليلا، وكأنه تذكر شيئا مهما، فأضاف: هذه ‏مصاريف بسيطة لا قيمة لها بالنسبة إلي.‏
خمنت أنّ من الأفضل ألا أعود لمثل هذه الملاحظة، وإلا دفعته ـ ضمنيا ـ إلى الاعتراف بمصادر المال الذي ينفق بلا حساب كما ‏قال. وقد ينفضح من وراء ذلك صورة نمر من ورق. أو شخصية "متهم " ممن تشير إليهم وسائل الإعلام بالحروف الأولى من ‏أسمائهم عقب فتح باب التحقيقات في جرائم النصب والاحتيال، والتهريب، ... ثم إن للنادل من يتبنى الدفاع عن تحسين ظروف ‏عيشه، أما الوعظ فحيلة المتطفل الذي يدس أنفه في شؤون الغير. وذلك ما لُمْت نفسي عليه.‏
في إحدى الفرص اللاحقة، قالت: أنا لا أعانده في عصبيته، ولا فيما يقول، أتعرف أنه كان نزيل مؤسسة للاستشفاء من الإدمان؟

عرفتها خلال مرحلة الدراسة الثانوية. نشأت بيننا علاقة استلطاف، دامت فترة زمنية قصيرة نسبيا، ولكن "نزواتها" المادية، ‏وتبعاتها كانت فوق طاقتي. فلما تبينتْ "ضعفي وعجزي" تخلتْ عني، واختارت زميلا آخر حالته أيسر من حالتي بكثير. ورغم ‏أنها "سعدت بوداده"، فقد أبقت على خيط عنكبوتي بيننا لفترة من الوقت، قبل أن تقطعه نهائيا، ليشتركا ـ معا ـ في اتخاذي ‏موضوع سخرية يتندّران به. وتجاهلت إساءتهما، واعتبرت "صدفة العلاقة بها" شبيهة بالحلم العابر، وبالتالي لا تستحق مني ‏المتابعة، لذلك أهملت "الموضوع" فارتحت كما أراحت. ‏
وكما يشتت الزمان شمل المجموعات، فقد غيبتنا متاهات النسيان، حتى كان هذا اللقاء غير المرتقب. التقاؤها وهي زوجة لابن ‏بلدتي. استطاعت بحدسها الأنثوي أن تروض "كائنا" تبين لي أنه "ثائر" على أصله و"رافض" لفصله، وربما كانت له ادعاءات ـ ‏في هذا الموضوع ـ لا أعرفها أنا، وقد لا تعرفها هي.‏
أذكر أنه في الماضي، وخلال إحدى عوداته من المدينة، كان كثير الرفقة لشخص ـ وُصِم بالمخبر، وربما بفضل ذلك سيصبح ‏لاحقا محاميا، ولكن كعنوان للفشل في فئته ـ، وكانا يبيعان للأقران صور ممثلات شبه عاريات. وكل صورة تُرى بعرضها على ‏ضوء مشعّ، لأنها في أصلها جزء من شريط سينمائي، ربما تعود لما طاله مقص الرقيب .. لا أحد يعرف كيف تم "إنقاذها" من ‏حاويات القمامة، لكن "تسويقها" در عليهما "ثروة" لا تتناسب مع المراهقين اللذين كانا. ولم تسلم "العملية" التجارية من غضب ‏أب، ضبط صورة عند ابنه، فبحَث عن صاحبنا هذا، وكافأه بصفعات قبل أن تُفلته رجلاه، وتوعّده بشكواه إلى أهله، وبالمزيد من ‏العقاب.‏
ومرة ظهر وهو يسوق دراجة هوائية .. ادعى ـ في البداية ـ أنها إعارة من الغير. ثم أسرّ لبعض خواصه أنه سرقها من مركن ‏الدراجات، بمؤسسة تعليمية كانت تحتضن امتحانا إشهاديا. ففضل "التضحية" بامتحان لن يفلح فيه، "للفوز" بدراجة، قطع بها ‏المسافة من المدينة إلى بلدتنا.‏
صورته الحالية تبدو متناقضة مع صورته في الزمن البعيد. وقد يثور حنقه على من يشير إلى صفحة سوداء من ماضيه. ‏
قد تثقل ماضينا مجموعة من التصرفات الصبيانية الرعناء، نكون قد نسيناها، حتى يستحضرها شاهد عليها، ربما كان شريكا ‏فيها، فيذكّرنا ـ على سبيل التندر أو السخرية ـ بتصرف أهوج اقترفناه في الماضي. إذ في حياة كل واحد منا ذكريات عن حالات ‏من الشغب الطفولي والشبابي، سواء كنا مقترفيه أو ضحاياه، يتفاوت في درجات الطيش والانحراف. بعضه كان للعبث اللحظي ـ ‏دون تقدير الخواتم ـ ينتهي وينسى، وبعضه ينتهي ولكنه لا ينسى. فقد يخلّف متعة وزهوا، وقد يخلّف أسفا وندما. وآونة أخرى ‏تبرؤاً من معارك طواحين الهواء الناتجة عن أسباب ساذجة وتافهة. ‏
بدا له أنني أتكلم في الهندسة الفراغية. فتأكدت من سطحية "معلوماته"، "وتقديسه" لما يذيع "راديو المدينة"، وأنه العلم الذي ليس ‏بعده علم. واستخلصت تدني مستواه الفكري، وتخلفه عن مسايرة الجديد، .. هناك أحداث رائجة تستلب التفكير، أو تلهب المشاعر، ‏أو تصيب بالإحباط، أو تسبب التقزز والنفور، أو تفرض الحياد واللاشعور .. أما هو فغارق في تحليلات قديمة: سقيمة أو عقيمة، ‏تستظل بالعاطفة وحدها، ولا يزحزحه عنها منطق أو بُعد نظر. يهرج بعبارات ـ يلقيها كملء للفراغ ـ ولكنها لا تضحكه إلا هو،

ذكّرته بأهمية ما لا يعترف بأهميته مثل: المرونة والتوافق والتسامح والتعايش والتكامل. واستدللت على ذلك بحياته الزوجية. كاد ‏أن يثور ليرد علي، لولا أنها "ألجمته" بضغطة "غنج" على يده، فحوّل نظره إليها. ورغم أن عينيها بقيتا جامدتين ترسلان نيران ‏العتاب فقد ابتسمت، فابتسم متخاذلا مضطربا لائذا ببلاهة التائهين. آنذاك أدركت سلطانها عليه، وسطوتها، وجبروتها، .. وخمنت ‏أنها علبته السوداء التي تختزن الكثير عن عمله، ومصادر ثروته، وعلاقاته الظاهرة والخفية.‏

جاء مهرولا حتى وقف قبالتي، وهو يتساءل:‏
ـ أهذا الذي كنت تحادثه منذ قليل، أليس هو السيد ....؟
ـ أجل.‏
ـ أتعرفه؟
ـ بل هو الذي يعرفني، لأنه كان من طلبتي النجباء.‏
ـ يا للصدف الغريبة.‏
قلت بسخرية: ‏
ـ عن أي صدفة تتحدث؟ أنك رأيته في مكان يخص الطبقة "الراقية"؟ ويسلم على واحد ليس من "الطبقة" ذاتها؟
قال بنبرة استعطاف: ‏
ـ أرجوك ... ‏
استغربت قوله، وحدست أن وراء الأكمة ما وراءها. فها هو الرجل يكاد يمرغ أنفه في التراب وهو يستعطف، طالبا التوسط ‏لقضاء غرض شخصي على يد السيد ... حاور وداور وناور ولوّح بالمال والمنافع ..‏
قلت: ‏
ـ الكفاءة ليست من معروضات الرفوف بالأسواق الممتازة يقتنيها من له مال، بل هي نتاج جهد وعناء ومثابرة، يتبعها تحصين ‏ورعاية وتنزيه عن السفاسف. ما أسوأ تصرفك وأنت تسقط النزاهة من اعتباراتك، ربما خانتْك الرزانة فجانبتَ التعقل، وتلاعبتْ ‏بك الظنون السخيفة أيها الرجل، فأخطأتَ الملعب، واللعبة، وبنودها. لِم لا تقول كلاما يستحق الاستماع إليه، بدل سفاسف تثير ‏الشفقة والاستغراب، إن لم أقل الاستهزاء؟
بعض التصرفات قد تتسم بالتهور، فتتسبب في إعصار مدمر ـ لمن سعى فيها، أو شارك في اقترافها، وحتى للأقربين ـ لا فرق في ‏معاناة الأذى بين الأبرياء والغرباء عن الموضوع. ثق بي أني سأكون نذير شؤم عليك إذا توسّطت لك، فسِيرَتُه تؤكد لي استقامته، ‏فهو لا يحابي أحدا، ولا يغير مبادئه.‏
ثم لا يمكن أن أسيء إلى صورتي لديه فأطلب شيئا ـ منه، أو من غيره ـ، وأنا في غنى عن الطلب. ولا يمكن أن أدوس على ‏المباديء التي كانت عماد سلوكي، وأساس إعدائي لطلبتي بها. أضف إلى ذلك أني ما عززت إلا لأني أترفع عن الطلب ‏والوساطة.‏
نظر إلي بنظرة لا تميّزُ فيها الحنق من العتاب، ولكنها لا تخلو من ملامح ذلة وانكسار، ثم مضى يجر أذيال خيبته. ووددت ألا ‏تكون انتابته حسرات قاتلة على عجرفته التي تسبق تعامله مع الناس.‏

رأيتها مهمومة، تقف خلف حقائبها، عند مدخل الفندق. قالت:‏
دخل مع بعض الشركاء في مضاربات مالية، انتهت به إلى خسارة فادحة. لقد سبقني بالرحيل، وسألحق به.‏
قلت في قرارة نفسي:‏
ـ ليته يرحل إلى الوسط الذي تتمدد فيه جذورنا، عساه يطهر نفسه مما علاها من صدإ، الوسط الذي جئنا منه. غير أن منا من ‏عرف كيف يهذب مطامحه، ومنا من لم يلجم مطامعه.‏
كنت بعيدا عن التشفي، ولكنني لم أُدْمِ عاطفتي، وأشفقت عليه وعلى كل "متجبر" عنيد تهزمه الظروف بالمرض أو الفقر أو ‏العزل من الجاه والقوة.‏



#إبراهيم_رمزي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزج -المقدس- -بالمدنس-‏
- ذباب ابن حُريْرة
- رباعيات (10/10)‏
- رباعيات (9/10)‏
- رباعيات (8/10)‏
- رباعيات (7/10)‏
- رباعيات (6/10)‏
- رباعيات (5/10)‏
- رباعيات (4/10)‏
- رباعيات (3/10)‏
- رباعيات (‏‎2‎‏/10)‏
- رباعيات
- السيد صَهْ صَهْ
- اعتقال الموتى
- باب البغاء
- تعليل
- تلقين تاريخي
- التهاني بين الأمس واليوم
- كبرياء أنثى ‏
- بلال


المزيد.....




- شيرين عبد الوهاب تعلق على قضية تسريبات حسام حبيب عن أسرتها
- الفنانة السورية كندة علوش تكشف تفاصيل إصابتها بمرض السرطان
- بيان صادر عن تجمع اتحرك لدعم المقاومة ومجابهة التطبيع بخصوص ...
- عقود من الإبداع والمقاومة.. فنانون ينعون الفلسطينية ريم اللو ...
- فيديو جديد يزعم أنه يظهر الممثل بالدوين يلوح بمسدس ويشهره بو ...
- إيران: إلغاء حكم الإعدام بحق مغني الراب توماج صالحي
- إيران.. إلغاء حكم الأعدام بحق مغني الراب توماج صالحي
- مبروك.. هنا رابط استخراج نتيجة الدبلومات الفنية لعام 2024 بر ...
- مركز 3 بدور السينما.. فيلم عصابة الماكس كامل بطولة أحمد فهي. ...
- هتابع كل جديد.. تردد قناة الزعيم سينما الجديد 2024 علي قمر ن ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم رمزي - جذور