|
قراءة في ... مسودن العراق للاديب زهير شليبة
زكية خيرهم
الحوار المتمدن-العدد: 8008 - 2024 / 6 / 14 - 20:51
المحور:
الادب والفن
في نسج "مسودن" النثري، يتأرجح الزمن المشوش بباستمرار، حيث يتشابك بتاريخ العراق المتشظي والواهن. يتميز هذا النص بلغة فريدة وشامخة تنقل عدة معانٍ وتستمد الحوافز، متسلحةً بكلماتها وتراكيبها الحكيمة التي تعكس أجنحة جمالية تجسد الأفكار والمعنى. تسلط هذه النصوص الضوء على أهمية الوطن والانتماء، وتعبِّر عن أمل الراوي في مستقبل مشرق للعراق، حيث يستعيد تألقه وتطوره بعيدًا عن الخداع والفساد. يستخدم السارد (الراوي- بطل القصة) الصور الشاعرية والمجازية لنقل مشاعره وأفكاره، معززًا تأثير النص على القارئ. تشبه "مسودن" أعمالًا أدبية أخرى كـ "رسائل من باطن الأرض" أو "الإنسان الصرصار" لديستويفسكي، حيث تعتبر إحدى الروايات الجميلة الفلسفية العميقة للكاتب دوستويفسكي. تعكس قصة "مسودن العراق" حالةً سوداويةً وسخريةً، حيث إن العنوان نفسه يتميز بسخرية مقصودةٍ، وأن من حَكَمَ العراق مجانين. تندفعُ الكلمات وسط التوترات والصراعات الاجتماعية في العراق الحزين. يندب الراوي ابتعاده عن أحبابه وأصدقائه، يتألم بغربته ويتوق لعودته إلى وطنه. تتجلى في نسج "مسودن" النثري تجاذبات الزمن المعقد، حيث يتداخل مع المكان. كذلك تعبّر اللغة عن مشاعرَ حارة و"متناقضة" أحياناً، وإنفعالاتٍ يثيرها السارد. ينتظر الراوي بقلق وتوتر، متطلعًا لمكالمة هاتفية وهو يشعر بالأسى لبُعده عن أحبابه وأصدقائه، ويعاني من ألم الغربة، يتوق لعودته إلى وطنه مع خوفه على مستقبله. يحلم صاحب الرسالة_القاص-الراوي) بفخر الهوية العراقية وتتصوَّرها جميلة ومتسامحة، وتحمل آمالًا في إعادة بناء العراق كدولة مزدهرة ذات حضارة عظيمة. يندفع البطل (الراوي) بكلماته القوية والعبارات الصعبة أحياناً ليكشف عن التوتر والصراع الاجتماعي في العراق الحزين. يندب السارد ابتعاده عن أحبابه وأصدقائه، يتألم بغربته ويتوق لعودته إلى وطنه، مترقبًا المستقبل. بالتالي، يستكمل السارد رسالته بتسليط الضوء على الجوانب المتضاربة في الواقع العراقي، من الفقر والاستبداد إلى الثقافة الغنية والتاريخ العريق. يندد بالحالة الراهنة للعراق ويعبر عن رغبته في إحداث تغيير إيجابي يعيد للعراق مكانته العظيمة في العالم. تستعرض السردية الجوانب المعقدة للشخصية الرئيسية، وتسلط الضوء على التحولات النفسية التي تعانيها في محاولتها للبقاء والتكيف في ظروف قاسية. يتميز نص "مسودن" بخطاب شاعري ويستكشف تفاصيل الشعور، يستخدم كلمات تعكس الحالة النفسية المتشابكة للمرسل (السارد). تبرز هنا أهمية الصداقة كقوة محورية في حياة المرسل، وترسم علاقةً فريدة من الاحترام المتبادل بين الطرفين. يتناول الرسالة العراق بحزنه ويصوِّره كبلد يواجه تحدياته، و يتلألأ فيما بين السطور طموح المرسل، حيث يحلم بترسيخ وطن مزدهر يشع بالحضارة ويستقبل اللاجئين منكل العالم . وقد ركّزَ الكاتب على أحداث العراق من خلال التلميح. تتجسّد الصور والرموز بقوة، تجعل القارئ ينشغل بتفسير النص من خلال الإطلاع على العراق وتحوُّلات تاريخه،. يسلط نص "مسودن" الضوء على تحديات العراق، ويحمل رؤية المؤلف لها. يبرز الكاتب زهير شليبه بمهارته الفائقة في رسالته "مسودن"، حيث تتعدد المعاني في تراكيب جميلة، بسلاسة وسهولة، تغمر السرد بإيقاعها الساحر، مجذبة القارئ وموجهة إياه في رحلة شيقة. تتألق براعة الكاتب في صياغة الجمل. حققت اللغةُ توازنًا فنيًا بين الصورة والمعنى، وتميزت بكلمات دقيقة تستدعي الانتباه وتتناغم مع السرد. هذه الرسالة رائعة، تجسد قدرة زهير شليبه ككاتب، حيث تأسر الأرواح. تتميز رسالة "مسودن" بلغة فريدة وراقية، تتجلى فيها المعاني والكلمات والتراكيب بحكمة وجمال. تظهر رموز "مسودن" بين بريق الجمال وقوة الروح، حيث تعزز الثقافة وتضفي بُعدًا خاصًا. توجه القارئ هذه الرموز والرمزية في رحلة فهم وتجربة النص، حملته عبر معانٍ عميقة ومفهوم لا يُحصى. في رسالة "مسودن"، تُنسج اللغة بلمساتٍ متقنة، حيث تُختار الكلمات بعناية لتجسد المشاعر والأفكار بملموسية. يعتمد الكاتب على أسلوبٍ سرديٍ متقنٍ يجذب القارئ ويحافظ على اهتمامه طوال القصة. يستعين الكاتب بالصور والتشبيهات لتعزيز الوصف وتوضيح الأفكار ويتم بناء النص بشكلٍ محكم ومنظم، حيث ينسج الأحداث والمفاجآت فيتحقق التشويق غير المفتعل لإبقاء القارئ مشدودًا ومتحمسًا لاستكمال مجرى القصة واستيعاب المعاني العميقة. وتظهرالشخصيات بشكلٍ واقعي ومتطور، مما يعزز تجسيد الأفكار والمعاني. يُسيطر الكاتب على اللغة بمهارةٍ ودقةٍ، حيث يختار الكلمات بعنايةٍ لنقل الأفكار والمشاعر بجمال وتأثير. بإيجاز، تتميز رسالة "مسودن" ببنيتها المحكمة، حيث يركز على التنظيم العام للنص. تطور الحبكة وتدفق الأحداث يثيران الشغف ويشدان انتباه القارئ لمعرفة المزيد. يتجسد تطور الشخصيات بطريقة واقعية ومتقنة. يتحكم الكاتب في اللغة ببراعة ودقة، مستخدمًا الكلمات بعناية لتعكس المشاعر والأفكار بوضوح وجمالية. يتجانس البناء السردي بتناغم يخلق الإثارة والترقب. في الختام نتأمل الجمال في رسالة "مسودن" ونتذوق سحر الكلمات وروعة السرد. إنها رحلة أدبية ألهمتنا وأثرت فينا بعمق. تمكن الكاتب زهير شليبه من خلق عالمٍ فريدٍ ومتنوعٍ ينبض بالأفكار والمشاعر، وتأخذنا هذه الرسالة في رحلة مليئة بالتأمل والتساؤلات. تتنوع الرموز والتشبيهات والصور لتصوّر الواقع وترسم صورة تراثية غنية للعراق وشعبه.
#زكية_خيرهم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تأثير المشاركة المغربية في منتدى أوسلو للحرية: دور الدكتور ل
...
-
ديناميكيات العوامل النحوية في اللغة العربية: استكشاف البنية
...
-
فلسفة العلاقات في شعر الحسين العبويدي: تأملات في الصداقة وال
...
-
الجمال الفني والثقافي المغربي يلتقي بالأدب الإنجليزي في -حكم
...
-
مذكرات زوج مفكر في بلاد الفايكنغ
-
صدى الاغتراب: تأملات في قصيدة أوراق من سيرة تأبَّطَ منْفى لل
...
-
بين الإسلام والتحديث: النساء في مجتمع ماليزيا الساحلي
-
لغة الحب والفراق: قراءة لقصيدة افتراق للأديب والشاعر حمودي ع
...
-
تحليل العمق الفني والأدبي: رحلة داخل تحديد الرمز الرئيسي
-
صمود وأمل: قصيدة الحج لغزة هذا العام للشاعر ماجد أحمد النصير
...
-
قراءة في رواية -مستر نوركة: للروائي نوزت شمدين
-
نرجسية نظام الجزائر الفاسد
-
قراءة في قصة - الحاجة رابعة لوبيز - للروائي والقاص المغربي م
...
-
الروائي والشاعر نجيب رضوان - الفرنكفونية لغة وقيم ...-
-
اغتيال وطن
-
قراءة في رواية نهاران للدكتورة لطيفة حليم
-
ليلى والذئب -النسخة المغربية-
-
قراءة في رواية وادي الدموع للروائي المغربي محمد مكي
-
منتدى موزاييك يستضيف العالم النفسي الدكتور البوسني زامير بوب
...
-
المفكر احمد عصيد يصل الى النرويج
المزيد.....
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
-
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
-
الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا
...
-
-الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|