أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - شاي بنكهة النعناع














المزيد.....

شاي بنكهة النعناع


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8008 - 2024 / 6 / 14 - 16:14
المحور: الادب والفن
    


ارتفع بهم المصعد إلى الدور الثاني، ثم فجأة توقف،التفتَ الروائي المغربي الذي كان يتصفح جواله إلى اللوحة الإلكترونية خلف ظهره، وبدأ يضغط على الزر رقم ستة، وهو الدور الذي سيتم فيه عقد جلسة التكريم لأن روايته الرابعة حصلتْ على الجائزة الأولى في مهرجان عربي كبير.
عاد المصعد بعد دقائق يعمل ثانية بعد اهتزازه هزة خفيفة، هبط بعدها إلى الدور الأرضي.
أما الشاعر الجزائري الذي نالتْ قصيدته المرتبة الأولى في المسابقة لغة، وبيانًا، وبلاغةً ... كانت أبياتها تمجد بالعرب وبطولاتهِم. حاول جاهدًا فتح باب المصعد، لكنه كان محكم الغلق فقال بلهجة تهكم وسخرية:
- أعرف أن الرجال مجانين، لكن لم أسمع من قبل بمصعد مجنون، يا إلهي!
التفتتْ صوبه القاصة اليمانية التي نالت قصتها الجرذان، أفضل قصة قصيرة في المسابقة، واضعة كفها الصغيرة على فمها الكبير لتخفي منظر أسنانها المتفرقة ولثتها البنفسجية لتطلق ضحكة فيها الكثير من الإثارة والدلع.
ظنَّ الروائي للحظات أنها مجنونة، الوحيد الذي لم يهتم للأمر، كاتب الأغاني التونسي، إذ كان منشغلًا بإخراج لسانه، وتمريرِه على شفتيه الغليظتين واستغل انشغال الاثنين عنه بينما عيناه تحدقان بشهوة في صدرِ الشاعرة التي استمرت بالضحك على الروائي الذي كان يتحدث بكلمات فرنسية بدت غير مفهومة لها على الأرجح كانت شتائم لبواب العمارة المسن لأنه كان يشير بأصبعه تجاهه.
راح البواب بكل جهده يحاول أن يهدئ من روعهِم قائلًا: إن هذه المشكلة تحدث باستمرار وحلها بسيط، لن يستغرق سوى عشر دقائق.
بعد مرور ساعتين،خلعتْ القاصة شالها الأخضر، لم تعد تحتمل الحر الشديد في المصعد الذي ارتفع فجأة إلى الدور الثالث ثم هبط إلى الدور الثاني ليستقر في السابع، استغل كاتب الأغاني حالة الإرباك واقترب من القاصة التي أصابها دوار خفيف لأنها - كما ادعت - لم تمر من قبل بما تمر به الآن وألصق كتفه بكتفها، فالمكان ضيق والحر أنهك قواها، فلا شيء يدعو للشك. اكتفى بهذا المنجز ترقبًا لما سيحدث مستقبلاً.
صوت البواب وهو يَعدهم بحل المشكلة سريعًا، زاد من توتر الشاعر، فلعنَ وهو يمسُ ويهز بقوة قضبان المصعد الحديدية، المؤتمر والجائزة ولعنَ اليوم الذي كتب فيه الشعر، مع ذلك، استجاب برحابة صدر مفتعلة لطلب الروائي في منحه بضع دقائق من وقته ليسجل الخطوط العريضة لأحداث روايته القادمة المستلهم موضوعها من الحدث، ثم طلب منهم اقتراحًا لعدة عناوين سيختار المناسب منها.
- الدور السابع! صرخ الشاعر وكأنه عثر على كنز عظيم.
ضحكتْ القاصة وقالت:
- عنوان جميل، لم يسبقك إليه أحد، وبدأت تردد: الدور السابع .. الدور السابع .. أمممم!
لاحظ كاتب الأغاني العاطفية، انشغال القاصة، فوضع يده على مؤخرتها يتحسسها فيما يحاول إدخال يده الأخرى في جيب بنطاله فبدا كأنه في عالم آخر. هبت نسمات باردة بددتْ المشاعر السلبية التي كانت تسيطر عليهم عندما تحرك المصعد فجأة ليهبط بهم إلى الدور الثالث. رفعتْ القاصة ذراعيها عاليًا ليتسنى للهواء التسلل إلى جسدها وينشف عرقها الذي ترك آثار دوائر بيضاء على عباءتها السوداء. قالت: سأوثق ما يحصل الآن في قصة قصيرة عنوانها، في الدور الثالث.
- مارأيك؟
التفتتْ إلى كاتب الأغاني تسأله، فأخرج يده بسرعة من جيب بنطاله، وافقها في الحال حتى إنه تأكيدًا لما تقول، وعدهم بكتابة أغنية عاطفية عنوانها الدور الخامس .. الدور الخامس .. قالها بشكل مسرحي ثم أطلق ضحكة هستيرية قصيرة.
انقضتْ ثلاث ساعات، المصعد ما زال مستمرًا في الصعود والهبوط ، جلسوا على الأرض بعد أن تمكن التعب منهم وسيطر اليأس عليهم، فيما أسندت القاصة رأسها على كتف كاتب الأغاني فمنحته بذلك الحق في احتضانها دون أن يثير عمله هذا استنكار أحد. أخذ الروائي والشاعر يتناقشان في كيفية إيجاد الحلول وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع، وأبدوا في النهاية أسفهم لأن أحدًا من المشاركين في المؤتمر لم يفتقدهم، بعد دقائق، ساد الصمت، لا شيء سوى صوت أنفاسهم الحارة تملأ المكان.
لم يعد يعنيهم شيء في هذا العالم، سوى رائحة الشاي بنكهة النعناع القادمة من غرفة البواب.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في المجموعة القصصية ( الوشاح الأحمر ) للكاتبة فو ...
- سيدة الشمس
- زوج الكلبة
- رسالة امرأة غير صالحة للنشر
- زهرة الكالا البرية
- خالتي نرجس
- درج خشبي
- مَنْ أنت في أي علاقة؟
- حنين العودة
- حلم غاف
- حكاية قبل النوم
- حديث قبل الفطور
- حروف بخط اليد
- حدث في العاشرة مساءً
- قصائد متفرقة
- جلست أحتسي فقري
- بيرة بالليمون
- جلسة سرية
- اليوم الثامن
- بلغاري .. عربي


المزيد.....




- كبير مخرجي RT العربية يقدم دورة تدريبية لطلاب يدرسون اللغة ا ...
- -المواسم الروسية- إلى ريو دي جانيرو
- تامر حسني.. -سوبرمان- خلال حفله في عيد الأضحى
- أديل بفستان لمصمم الزي العسكري الروسي
- في المغرب.. فنان يوثق بقايا استعمارية -منسية- بين الأراضي ال ...
- تركي آل الشيخ يعلن عن مفاجأة بين عمرو دياب ونانسي عجرم
- أدب النهايات العبري.. إسرائيل وهاجس الزوال العنيد
- -مصافحة وأحضان-.. تركي آل الشيخ يستقبل عمرو دياب في الرياض و ...
- -بيكاسو السعودية-..فنان يلفت الأنظار برسومات ذات طابع ثقافي ...
- كتبت الشاعرة العراقية (مسار الياسري) . : - حكايتُنا كأحزان ا ...


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - شاي بنكهة النعناع