أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الهزيمة والنصر في قصيدة -أمطار حزيرانية- علي البتيري















المزيد.....

الهزيمة والنصر في قصيدة -أمطار حزيرانية- علي البتيري


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8007 - 2024 / 6 / 13 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


الهزيمة والنصر في قصيدة
"أمطار حزيرانية"
علي البتيري

ها هم الشعراء العرب وشعراء فلسطين مستمرون في تناول مأساتهم التي أصابتهم في مقتل عام 1967، فبعد الأمل بتحرير فلسطين التي احتلت عام 1948 جاء حزيران ليضيف أراضي أخرى إلى دولة الاحتلال، سيناء وغزة، والجولان، والضفة الغربية، وبما أن تلك الحرب كانت خاطفة وسريعة ـ ست ساعات فقط ـ حسم العدو المعركة (وبسرعة الضوء)، إذا ما علمنا أن هناك ثلاثة جيوش انهزمت معا، نصل إلى حالة (الجنون/اللخبطة) التي أحدثها الخامس من حزيران في الشعوب العربية.
الشاعر "علي البتيري" من الذين عاصروا هزيمة حزيران، وها هو يكتب عنها رغم مضي أكثر من خمسين سنة عليها، وكما كانت الهزيمة سريعة وخاطفة جاءت المقاطع الشعرية خاطفة وسريعة، كما جاء العنوان "أمطار حزيرانية" مقلوبا/معكوسا، فنحن في بلاد الشام ومصر لا نرى المطر في الصيف كحال المناطق الاستوائية، لكن وقع لهزيمة واستمرارها كل هذا الزمن، جعل الشاعر يتحدث (بالمقلوب) "أمطار حزيرانية"
يفتتح الشاعر بقوله:
(1)
إن حاصرك عدو الدار
فذاك حصار
أما إن حاصرك أخوك مع الجار
فذلك وصمة عار"
إذا ما توقفنا عند هذه الومضة، سنجدها خارج أحداث/هزيمة (الخامس من حزيران)، لكنها مرتبطة بزمن الهزيمة التي ما زالت مستمرة، فمن أسباب استمرار تلك الهزيمة منع وحصار الفلسطيني من القيام بأي عمل يقربه من وطنه المحتل.
وإذا ما توقفنا عند تلك الأسباب سنجدها تكمن في تكرار فعل "حاصرك/حصار" ثلاث مرات، وهذا الرقم بحد ذاته يشير إلى الاستمرارية والبقاء، كما نجد أن الفاعل للحصار ثلاثة أشخاص/جهات "عدو، أخوك، الجار" وهذا أيضا من أسباب استمرار الهزيمة، فهناك أشخاص/جيوش/دول/جهات تعمل جاهدة ـ وبكل السبل والوسائل ـ على إبقاء الفلسطيني معزولا/عاجزا عن أي فعل يقربه من فلسطين، وبهذا يكون الشاعر قد أوصل للمتلقي فكرة الهزيمة، ومن يعمل على استمرارها من خلال مضمون/معنى المقطع، ومن خلال لفظ "حاصرك/حصار، عدو/أخوك، الجار"
وإذا ما توقفنا عند بنية المقطع سنجده سلس، غنائي، سهل، وكأن الشاعر أراد من خلال اللغة وطريقة التقديم ـ أن يمرر ـ للمتلقي فكرة الهزيمة بعين السرعة/السهولة التي حصلت في الخامس من حزيران، فحتى الحكمة التي يحملها مضمون المقطع والتي جاءت في النهاية، وبما تحدثه من صدمة في القارئ، مرتبطة، ولها علاقة بما جرى في حزيران.
في المقطع الثاني يتحدث عن الجيوش العربي قائلا:
"(2)
الخيل العربية نائمة والفرسان
شريوا الليلة كالعادة من خمر نعاس
باستثناء حصان..
ظل إلى الصبح يحمحم يصهل في غزة
أملا في أن يحدث زلزلة
أو يوقظ بضمير الغائب هزة"
فكرة المقطع (واضحة) رغم الرمزية التي جاءت بها، وهذا يحسب للشاعر الذي يبتعد عن المباشرة، ويريد من المتلقي أن لا يكون عاطفيا فحسب، بل أيضا عقلانيا، من هنا إذا ما توقفنا عند "الخيل العربية" سنجد أن لها فرسان وهم خيولهم: "نائمة، شربوا الليلة الخمر" بمعنى أنه يتحدث عن تركيبة قتالية متكاملة "خيل وفرسان" بينما "حصان غزة" يحمحم، وإلى الصبح.
اللافت في هذا المقطع (غياب فارس حصان غزة) رغم "حمحمته المستمرة طوال الليلة، وهذا يقودنا إلى بقاء/استمرار "الفرسان" مخمورين، نائمين مع خيولهم، ففعل النوم يتجاوز الخيل العربية/ المعدات والآلات العسكرية العربية، ليمتد إلى "الفرسان" الجيوش العربية، من هنا لم نجد أي "فارس" يستجيب لحمحمة حصان غزة.
وإذا ما توقفنا عند زمن الخيل والفرسان العربية سنجده ليل، بينما زمن حصان غزة الفلسطيني هو صباح/نهار، وبما أن الشاعر لم يعطي (نهاية) واضحة لفعل الحمحمة، وبدأ الأمل في "زلزلة" التي تحمل معنى/مضمون فعل كبير وهائل، والتي جاءت بها حرف الزين ليزيد من معنى/مضمون الفعل المأمول/الثورة، جاءت الخاتمة بفعل ضعيف المضمون/المعنى "هزة" وضعيف اللفظ أيضا، فهناك حرف زين واحد فقط.
قبل أن نغادر المقطع ننوه إلى أن الشاعر كان دقيقا في تناوله لفعل الثورة/التمرد "حمحم" فقد بدأها بفعل متعلق بالفكر/بالصوت "حمحم" وأنهاء بفعل "هزة" وهذا (الترتيب) يقودنا إلى أن أسباب الثورة/التمرد مستوفاة وكاملة، كما أن طريقة عملها صحيحة، فقد بدأت بالتعبئة الفكرية/حمحم، لكنها لم تنجح، وفقد بريقها "زلزلة" لتنهي ب"هزة" ضعيفة، ولن تُحدث فارقا كبيرا على الأرض، وهذا متربط بكل الأحزاب/التنظيمات في المنطقة العربية التي تراجعت وتقهقرت، حتى أصبح المحافظة على فكر الحزب/التنظيم إنجاز بحد ذاته.
المقطع الثالث جاء على شكل (جنون/فانتازيا)
"(3)
من جرح مفتوح في خاصرة شهيد
هطلت زخة أمطار
فمضينا كل يحمل في الصيف مظلته
وعن المطر المسفوح يحيد
دون حياء يذكر يا للعار!"
أعتقد أن هذا المقطع هو الأقرب للعنوان "أمطار حزيرانية" فنجده فيه "المطر، الصيف، حزيران/يا للعار" ونجد فيه جنون الفكرة "يحمل في الصيف مظلته" ونجد فكرة هزيمة حزيران واستمرارها من خلال التخاذل العربي: "يا للعار"
هذا على صعيد ما يظهر على سطح المقطع، لكن هناك فكرة/مشاعر نجدها بين الكلمات، ينحاز فيها الشاعر للشهيد، فنلاحظ انه استخدم صيغة الجمع وصيغة المؤنث في المطر "هطلت زخة أمطار" وهذه الأنوثة/النعومة تشير إلى تعاطف الشاعر مع الجرح، مع الشهيد، لهذا لم يستخدم "هطل مطر"، بينما حين تناول تقاعسنا "كل يحمل مظلته" استخدم المذكر "المطر المسفوح" القاسي، وبصيغة المفرد ـ رغم أن من قام بالفعل جمع "فمضينا" ـ كإشارة إلى تحقير فعلنا وتفاهته.
يقول في المقطع السادس:
"شر بلينا ما يضحك فاضحك
يضحك لك جرح أخيك
أضحك حتى تنقلب على ظهر
أن لم تضحك يقتلك القهر"
اللافت في هذه المقطع تكرار "يضحك/فاضحك/أضحك/تضحك" خمس مرات، وهذا (الضحك المجنون) له علاقة بهزيمة الخامس من حزيران، فكان عدد الضحكات الخمسة متماثلا ليوم الهزيمة، الخامس من حزيران" ونلاحظ أن الشاعر يستخدم فعل الضحك بأكثر من صيغة/معنى: المجرد/يضحك، الأمر/فأضحك/أضحك، المضارع/تضحك" وهذا يقودنا إلى حزيران واستمرار هزيمته فينا، فهو لم ينتهي وما زال عالقا بنا، لهذا يريدنا الشاعر أن نستمر بالضحك على بليتنا.
خاتمة المقاطع جاء مذهلة/صادمة/مدهشة:
"(7)
يبقى أن أقترح الآن
أن نمضي لفلسطين على استحياء
نستسمحها ونقول لها
في ذكرى نكبتها السادسة من بعد السبعين
معذرة يا أم ضمائرنا
أمضينا في نومة أهل الكهف سنين رقود وسنين
وبعون الله صحونا نبحث عن خبز أو ماء
فأتيناك ونحن نرى في عينيك
سنابل قمح وينابيع إباء"
المدهشة في هذا المقطع تناوله لأكثر من حالة، فنجده واقعي في بدايته، ثم يتحول إلى ديني/فكري: "نومة أهل الكهف سنين رقود" ثم أسطوري/ملحمي/رمزي في الخاتمة: " نرى في عينيك سنابل قمح وينابيع إباء" فهذا الطرح الثلاثي والذي ابتدأ بالواقع، وانتهى بالأسطورة/الملحمة "عشتار" وما تحمله من خصب مادي/أرضي، وخصب إنساني/حضاري/روحي/ثقافي: "إباء" يمثل رؤية الشاعر للثورة/للتمرد/لخلاص فلسطين وشعبها من الاحتلال، فالثورة/التمرد يبدأ من الواقع وما يعانيه الإنسان، ثم يأتي دور الفكر/الدين/الأيديولوجيا، وبعد أن ننتصر، نواصل البناء/العمل الحضاري الذي بدأه أجدادنا قبل آلاف السنين، فكما كانوا ينتظرون/ينظرون إلى "عشتار وما تحمله من خير/خصب، هنا نحن ننظر إلى فلسطين التي ستخلصنا من جوعنا المادي/سنابل، ومن جوعنا الروحي/إباء، وستلبي حاجتنا للجمال بشكله المجرد، من خلال الجمع بين الخضرة "سنابل" وبين أسباب هذه الخضرة "ينابيع"
وإذا ما توقفنا عند الخاتمة، سنجد فيها أكثر من معنى وشكل للخلاص، فهناك خلاص في المضمون الذي تحمله، وخلاص الشكل/الطريقة التي قدمت بها، وما الألفاظ البيضاء وما فيها من أسطورة ورمز إلا من باب دفعنا لنتقدم نحو فلسطين/نحو عشتار/نا التي سنكون سعداء بها وفرحين معها.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الحكاية في رواية -تزوجت شيطانا- كفاح عواد
- القصيدة الساخنة -رسائل لم تصل- سميح محسن
- انحياز المرأة للمرأة في -نساء في غزة- هند زيتوني
- الواقع الفلسطيني في قصيدة -سجل- هنادي خموس في ذكرة الخام
- درب الآلام الفلسطيني في قصيدة -وكبر الرحيل- منير إبراهيم
- الطرح الكامل في قصيدة -جذور- سامي البيجالي
- المسموح والممنوع في -شرط- مأمون حسن
- ثنائية الإبداع في قصيدة -خلف الباب- سمير التميمي
- الازدواجية في كتاب متلازمة ديسمبر للكاتب فراس حج محمد
- الغرب والمنطقة العربية في كتاب -انتفاضة رشيد عالي الكيلاني و ...
- الخطورة في رواية -سجينة الشر- بدر رمضان
- مأساة المثقف في رواية -يوم عادي في حياة عرفات- يوسف حطيني
- الأسطورة والواقع في ديوان -مواويل في الليل الطويل- فهد الرما ...
- -من بين أزقة المخيم- ريتاج إسحاق المنسي
- تمرد المرأة في رواية -نساء بروكسيل- نسمة العكلوك
- التكامل بين المضمون والشكل في قصيدة -محاصرون- قمر عبد الرحمن
- ثنائية الحنين عند يونس عطاري
- الصعيد المصري في رواية -شامة (21 متر مربع)- رضوى جاويش
- الشكل والمضمون في قصة -البحث عن معتوه- نافذ الرفاعي
- الصوفية والاغتراب في ديوان -الهدي- أمين طاهر الربيع


المزيد.....




- كبير مخرجي RT العربية يقدم دورة تدريبية لطلاب يدرسون اللغة ا ...
- -المواسم الروسية- إلى ريو دي جانيرو
- تامر حسني.. -سوبرمان- خلال حفله في عيد الأضحى
- أديل بفستان لمصمم الزي العسكري الروسي
- في المغرب.. فنان يوثق بقايا استعمارية -منسية- بين الأراضي ال ...
- تركي آل الشيخ يعلن عن مفاجأة بين عمرو دياب ونانسي عجرم
- أدب النهايات العبري.. إسرائيل وهاجس الزوال العنيد
- -مصافحة وأحضان-.. تركي آل الشيخ يستقبل عمرو دياب في الرياض و ...
- -بيكاسو السعودية-..فنان يلفت الأنظار برسومات ذات طابع ثقافي ...
- كتبت الشاعرة العراقية (مسار الياسري) . : - حكايتُنا كأحزان ا ...


المزيد.....

- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الهزيمة والنصر في قصيدة -أمطار حزيرانية- علي البتيري