أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد إبريهي علي - المشاريع العامة والتجهيزات: خلل في التنظيم والإدارة















المزيد.....

المشاريع العامة والتجهيزات: خلل في التنظيم والإدارة


أحمد إبريهي علي

الحوار المتمدن-العدد: 8006 - 2024 / 6 / 12 - 07:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


توزع مهام الإستثمار العام في العراق على كافة الوزارات والمحافظات وهيئآت وشركات عامة، وهذه جهات ليست متخصصة في إدارة إعداد المشاريع وتصميمها والمواصفات التفصيلية ومعرفة الأسعار والتكاليف وتحليل العروض ... والتعاقد والإشراف على التنفيذ والرقابة. والكثير من هذه المشاربع نمطية، خذ على سبيل المثال المدرسة وحاجة العراق إلى آلاف منها، وكذلك الكثير من الأبنية الحكومية ، والطرق والجسور، وقنوات الأرواء والمبازل ... ومخازن الغلال ، وخطوط نقل وتوزيع الكهرباء. هذه وغيرها ليست مشاريع فريدة من نوعها بحيث يتطلب الأمر البدء من نقطة صفر دائما. ولا بد من التوحيد في التصاميم والتكاليف، نعم قد تختلف كلفة المدرسة عن أخرى نتيجة فرق المسافة في نقل المواد الإنشائية ، او الحجر بدل الطابوق مثلا، إذ تضاف هوامش مناسبة لتغطية هذه الفروقات وفق قواعد معلومة. ويقال الشيء نفسه في تعبيد الطرق وتشييد الجسور وغيرها، والأفضل الذي يساعد فعلا للتخلص من الفساد ضبط التكاليف، والتعاقد على نسبة من مجموع الكلفة للمقاول تبعا لصنف المشروع . فلماذا لا توكل وظيفة الإستثمار العام إلى بضعة دوائر أو شركات عامة متخصصة من أجل ضبط التصاميم ومواصفات المواد وإدارة التننفيذ. وتستحدث ، أيضا، وحدات رقابة متخصصة تدقق في ميدان العمل دون الإقتصار على مقارنة أوراق بأوراق بل تفحص بالوسائل الهندسية والمختبر ... وتقارن مع مشاريع مماثلة في العالم والعراق. وبذلك تستلم الوزارات والمحافظات وغيرها المشاريع التي طلبتها منجزة، وتنسجب من معمعان الإستثمار العام. ويتخلص العراق من هذه المشاكل بالتنميط الهندسي والكلفوي، ولا حاجة لأخطاء جديدة ومساومات أخرى مع كل مشروع توجد منه عشرات بل مئات المشاريع المماثلة بالضبط. إعادة التنظيم المطلوبة تُحمّل وزارة التخطيط مسؤولية تامة عن إدارة الإستثمار العام الذي وجدت أصلا من أجله فهي وزارة الإعمار المستحدثة مطلع خمسينات القرن الماضي بتسمية جديدة لا غير.
ولا ينبغي السماح للجدل المختلق حول المركزية والامركزية بالإبقاء على الوضع التنظيمي والإداري الحالي، ومما يساعد في هذا المجال الإصرار على التحول إلى نظام عمل لا يسمح بالإنتفاع من سلطة إدارة المشروع ، لأن التكاليف وأساليب التنفيذ محددة بدقة. ولا تكتمل أسباب هذا التوجه دون الإشتغال بجهد حثيث لتطوير شركات متخصصة في التنفيذ بإمكانات تقنية ومالية وتنظيمية عالية، وتلك الشركات تستحدث بتجميع الإمكانات الحالية في القطاع العام والخاص وتدعيمها والعمل على أساس الكلفة زائد، هذا الطريق الذي ينفع العراق. وقد تكرر عرض مضمون هذا المقترح بصيغ مختلفة من مدة طويلة، دون إستجابة الوسط الرسمي ولا عموم المعنيين والمهتمين بما فيهم الأوساط كثيرة الشكوى من الفساد، وآخرها ما أثير حول مشاريع محافظة المثنى.
أما عقود التجهيزات فمن السهل معالجة مشكلاتها والبداية في دراسة تلك المواد والخدمات التي تطلبها أجهزة الدولة على نحو منتظم وتنميطها ، مثلا القرطاسية والمعدات المكتبية والأثاث وما إليها، فهل توجد حاجة لعشرات أو مئات من العقود او لجان المشتريات لمثل هذه المواد، تكفي وحدة تابعة إلى وزارة التجارة لتجهيز كل الدولة بتلك المواد والإنتفاع من وفورات الصفقات الكبيرة والإقتصاد في الوقت فضلا عن تسهيل مهمات الرقابة والتدقيق. وكثير من الخدمات مثل نقل المواد أو الصيانة وما إليها ، هذه أيضا قابلة للتجميع. ثمة تجهيزات لا بد أن بفرض النطام الجديد قيام الوزارات نفسها بتوريدها ومنها: الأدوية والمستلزمات العلاجية ومواد المختبرات؛ وكذلك الأسلحة؛ والمواد الأولية للوحدات الإنتاجية والتي على شاكلتها لا يجوز أن تتعاقد الدوائر مع وسيط بل تتفاوض مباشرة مع المجهز وتتولى مهمة التوريد. لا شك أن الإعتماد على الوسطاء يضيف تكاليف لا مبرر لها. المهم دراسة السلع والخدمات المجهزة وعمليات الإتصال والتعاقد والتوريد من أجل التنميط والتجميع وضبط التكاليف وبذلك تتحرر هذه الأنشطة من ضغوطات هدفها الإنتفاع غير المشروع.
لا زالت الشكوى من الفساد المالي طاغية في خطاب الشأن العام، ومع الأسف أصبحت قرينة لصورة الدولة في وعي الناس. وقد بين الكاتب في دراسات ومقالات، رأيه، أن هذه المشكلة أصلا في التنظيم والإدارة ودوائر القرار، أي في ميدان عمل السلطة التنفيذية وصلاحياتها. وينبغي أن تعالج هناك بتنزيه علاقة زعماء المجتمع وذوي النفوذ من كافة مصادره ... وأصحاب الأعمال بأجهزة الدولة. وتقع هذه المهمة على الحكومة وقادة السياسة والمجموعات المشاركة في السلطة بالإشتغال المباشر في ساحة العمليات وتحمّل المسؤولية لمواجهة الخلل والتصحيح. أما الرقابة المالية وهيئة النزاهة والقضاء فهذه الجهات تأتي لاحقا، وتتحرى التجاوزات في أكداس من الوثائق، منها ناقصة وأخرى مزورة، وتطلب شهادات وتأكيدات، كي تنتهي إلى إدانة هذا الموظف أو ذاك. ويبقى النسق المولّد للتجاوزات والمشكلات على حاله، مع الأقرار بالدور الإيجابي للرقابة والنزاهة والقضاء في الردع وخدمة العدالة. آخذين في الإعتبار أن الإنتفاع غير المشروع بالمال العام، المخصص للمشاريع والتجهيزات، أو من عقود الإستثمار والإستئجار والتشغيل ... وغيرها يجري بترتيبات تُظهر الإنسجام التام مع القوانين والتعليمات في المدونات.
دائما تشير التصريحات الرسمية إلى الأطر الدستورية والقانونية لمعالجة المشكلة، لكن هذه الأطر تفترض أولا أن إدارة القطاع العام، الحكومة وكافة الأجهزة التابعة لها، ضامنة للنزاهة والكفاءة: تدقق في التصاميم والمواصفات والأسعار والتكاليف ليس في الورق إنما على الأرض، كما أن الأسس الدستورية والقانونية لا تعني حصرا إحالة هذه المشكلة إلى النزاهة والقضاء. أما زعماء السياسة والأحزاب المشاركة في السلطة، وإشغال مواقع المسؤولية في الإدارة، فتتهرب من الواجب بدعوى أن تلك المهمة للحكومة ومن الخطأ التدخل بصلاحياتها. والواقع تلك الجهات متدخلة سلبا وبالتفصيل، وعندما تُطالَب بالعمل الإيجابي لتحسين الأداء وتنزيه أجهزة الدولة لا تستجيب رغم قدراتها الكبيرة. أو على الأقل مراقبة أداء من أوصت بهم في الوظائف العليا وإستبدال بعضهم بالأصلح من بين جمهور أحزابهم ومريديهم. المؤسسية في العراق لم تكتمل بل يتعثر مسارها والبيروقراطية في القطاع العام لا يعول عليها، إضافة على كثرة خروقات المصالح غير المشروعة، ولهذا أصبح العراق بأمس الحاجة إلى سياسيين ذوي مشروع نهضوي دون إضاعة السنين بتكرار الممارسات المعروفة والتي لا تؤسس لمستقبل أفضل في دولة نامية.



#أحمد_إبريهي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الواجب الأول في السياسة تأكيد إستقلال وسيادة العراق
- إعادة تنظيم أجهزة الدولة في العراق
- التمويل الحكومي للقطاع الخاص: مصارف التنمية في ضوء التجربة ا ...
- الإ ئتمان والخدمات المصرفية للمالية العامة وإعادة تنظيم المص ...
- الإستثمار العام وفجوة البنى التحتية في العراق
- عود على بدء: الإحتياطي الفدرالي لم يُذكَر في قرار مجلس الأمن ...
- لا بد من تأكيد حق العراق في إدارة إحتياطياته الدولية بحرية ت ...
- إيضاح حول مقال إستلام إيرادات النفط
- العراق لم يعد مُلزَما بإستلام إيرادات النفط في الإحتياطي الف ...
- ملاحظة حول النفط والغاز والقانون المنتظر
- التحرك السريع لحماية الأموال العامة
- الفشل السياسي في العراق أساسه عميق وشامل
- ملاحظة حول الإصلاح المالي في العراق
- العملة الأجنبية في العراق والتصرف بها: بعض الحساب الإقتصادي
- الإشتباه بين التعويم وتغير سعر الصرف
- نافذة بيع العملة الأجنبية: ثانيا
- نافذة بيع العملة الأجنبية وسعر الصرف في العراق: حقائق واضحة
- من إدارة الأزمة الى التنمية الأقتصادية في العراق
- إقتصاد العراق في مواجهة أزمة المورد النفطي
- عجز الموازنة الحكومية وتمويله في العراق: عرض مبسّط


المزيد.....




- بايدن يصدم الديمقراطيين بأدائه
- سفينة هجومية برمائية أمريكية في طريقها إلى شرق البحر المتوسط ...
- -ملتي فيتامين-.. هل تقلل حقاً من خطر الوفاة المبكرة؟
- ترامب يكشف كيف تصبح أمريكا صديقة لروسيا والصين وكوريا الشمال ...
- جنوح سفينة محملة بالقمح متجهة من روسيا إلى تونس قرب السواحل ...
- إيران تنتخب رئيسها.. أولويات وتحديات
- كينيدي جونيور: حكومتنا تدار من أشخاص غير معروفين يتحكمون ببا ...
- -كوش-.. دولة إفريقية تعلن حالة الطوارىء بعد انتشار عقار مخدر ...
- اجتماع لوزراء زراعة مجموعة بريكس بموسكو
- أردوغان: مستعد للقاء الأسد


المزيد.....

- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد إبريهي علي - المشاريع العامة والتجهيزات: خلل في التنظيم والإدارة