الإنسان يخشى الفكر/ بقلم بترند راسل - ت: من الإنكليزية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8005 - 2024 / 6 / 11 - 02:02
المحور: الادب والفن
    

اختيار وإعداد أبوذر الجبوري - ت: من الإنكليزية أكد الجبوري

"يرغب العديد من الرجال والنساء في خدمة الإنسانية، لكنهم في حيرة من أمرهم وتبدو قوتهم ضئيلة للغاية. فاليأس يسيطر عليهم؛ وأولئك الذين لديهم أقوى المشاعر يعانون أكثر من غيرهم من الإحساس بعجزهم ويكونون أكثر عرضة للدمار الروحي. انعدام الأمل." برتراند راسل

مقال للفيلسوف وعالم الرياضيات والمنطق والكاتب البريطاني الحائز على جائزة نوبل في الأدب،(بترند راسل، 1872 - 1970)، حيث تناول الخوف البشري من الفكر الحر والنقدي، مجادلًا بأن الفكر لديه القدرة على تحدي وتدمير الهياكل والمعتقدات الراسخة.

إن الإنسان يخاف من الفكر أكثر مما يخاف من أي شيء آخر في العالم؛ أكثر من الخراب، بل أكثر من الموت.

الفكر تخريبي وثوري ومدمر ورهيب. الفكر لا يرحم مع الامتيازات والمؤسسات الراسخة والعادات المريحة؛ الفكر فوضوي وخارج عن القانون، غير مبال بالسلطة، غير مبالٍ بحكمة الماضي.

ولكن إذا كان الفكر ملكًا للكثيرين، وليس امتيازًا للقليلين، فيجب علينا أن نتعامل مع الخوف. إنه الخوف الذي يوقف البشر، الخوف من أن معتقداتهم العزيزة لن تتحول إلى أوهام، الخوف من أن المؤسسات التي يعيشون فيها لن تكون ضارة، الخوف من أنهم أنفسهم لن يكونوا أقل جدارة بالاحترام منهم قد افترض.

هل سيفكر العامل بحرية في الملكية؟ فماذا سيحدث لنا نحن الأغنياء؟ هل سيفكر الأولاد والبنات الصغار بحرية في الجنس؟ فماذا سيصبح من الأخلاق؟ هل سيفكر الجنود بحرية في الحرب؟ فماذا سيصبح الانضباط العسكري؟

الخروج مع الفكر!

لنعد إلى أشباح التحيز، لئلا تتعرض الملكية والأخلاق والحرب للخطر!

من الأفضل للإنسان أن يكون غبيًا، غير متبلور، ومستبدًا، قبل أن تكون أفكاره حرة. لأنه لو كانت أفكارهم حرة، فلن يفكروا مثلنا بالتأكيد. ويجب تجنب هذه الكارثة بأي ثمن.

هكذا يجادل أعداء الفكر في أعماق نفوسهم اللاواعية. وهكذا يتصرفون في الكنائس والمدارس والجامعات.

في الحياة اليومية لمعظم الناس، يلعب الخوف دورًا أكثر أهمية من الأمل؛ إنهم منشغلون بالتفكير في ما يمكن للآخرين أن يأخذوه منهم أكثر من التفكير في الفرح الذي يمكن أن يخلقوه في حياتهم وفي حياة أولئك الذين هم على اتصال بهم.

هذه ليست الطريقة التي عليك أن تعيش بها. أولئك الذين تكون حياتهم مفيدة لأنفسهم أو لأصدقائهم أو للعالم، يلهمهم الرجاء ويدعمهم الفرح؛ إنهم يرون في مخيلتهم الأشياء كما يمكن أن تكون وطريقة تحقيقها في العالم.

في علاقاتهم الخاصة، لا يقلقون بشأن العثور على المودة أو الاحترام الذي هم موضوع له؛ إنهم مشغولون بالحب والاحترام بحرية، والمكافأة تأتي من تلقاء نفسها، دون أن يطلبوها. في عملهم، لا يكونون مهووسين بالغيرة من منافسيهم، ولكنهم منشغلون بالأمر الحالي الذي يتعين عليهم القيام به. إنهم لا يقضون السياسة أو الوقت أو العاطفة في الدفاع عن الامتيازات غير العادلة لطبقتهم أو أمتهم؛ إنها تهدف إلى جعل العالم بشكل عام أكثر سعادة، وأقل قسوة، وأقل امتلاءً بالصراعات بين المذاهب المتنافسة، وأكثر امتلاءً بالبشر الذين تطوروا متحررين من الاضطهاد الذي يستخف بهم ويحبطهم.

يرغب العديد من الرجال والنساء في خدمة الإنسانية، لكنهم في حيرة من أمرهم وتبدو قوتهم متناهية الصغر. يسيطر عليهم اليأس. أولئك الذين لديهم أقوى المشاعر يعانون أكثر من الشعور بالعجز ويكونون أكثر عرضة للدمار الروحي بسبب قلة الرجاء.

وطالما أننا نؤمن بالمستقبل القريب فقط، فليس هناك الكثير الذي يمكننا القيام به.

لا يمكننا تدمير القوة المفرطة للدولة أو الملكية الخاصة.

لا يمكننا، في هذا الوقت وفيما بيننا، أن نجلب حياة جديدة للتعليم.

وعلينا أن ندرك أن العالم تحكمه روح خاطئة وأن تغيير الروح لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها.

ويجب علينا أن نعلق آمالنا على الغد، وهو الوقت الذي يصبح فيه ما يفكر فيه البعض اليوم هو الفكر المشترك للكثيرين.

إذا كانت لدينا الشجاعة والصبر يمكننا أن نفكر في الأفكار ونشعر بالآمال، لأنه عاجلاً أم آجلاً، سيتم إلهام الرجال، وسيتحول الضعف والإحباط إلى طاقة وحماس.

لهذا السبب، أول شيء يجب علينا فعله هو أن نكون واضحين في أذهاننا بشأن نوع الحياة التي نعتقد أنها جيدة ونوع التغيير الذي نريده في العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2024
المكان والتاريخ: طوكيـو ـ 6/11/24
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات