فوز حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 20:47
المحور:
الادب والفن
من خلف الزجاج اللامع، نظر إليها بسرور غامر، سعادة كبيرة غيّرت ملامح وجهه، احتضن الزجاج وقبّله بشغف ثم تبسم حين رأها تبتعد عنه، فأعطته دافعًا لملاحقتها.
نقّر على الزجاج يدعوها للاقتراب منه، بدلاً عن ذلك هربت منه إلى الجانب الآخر.
اختارت النباتات لتختبئ خلفها، وهو يبتعد قليلاً، ضحك بشكل هستيري، متيقن بعدم قدرتها على الإفلات من يديه، وإنْ فعلت، فالموت فاتحٌ ذراعيه، بانتظارها.
تركَ المقعد الوفير يحتضن جسده ، مستسلمًا لأحلامه، نافثًا دخان سيجارته في الهواء، اقتربتْ منه واستجمعت كل شجاعتها لتقول له:
- هل حقاً يغريك منظري وأنا حبيسةُ الجدران؟!
بماذا تحدثك نفسك، وأنت تعد عليّ خطواتي؟!
ربما تحدثك بأنك صياد ماهر، أيّ سعادة تشعر بها حين تراني أتخبط في هذا العالم الضيق؟ عالمكَ الآسن الذي اخترته لي، وألقيتني فيه دون إرادتي!
دعني أخبرك شيئًا: لن تستطيع ألواني انتشالك من عالمك الأسود، ستغرق في أنهار الدم التي سفحتها، وتخنقك رائحةُ الموت لتمسي مجرد ذكرى.
لو كنت تقدّر الأنفاس التي تدب في صدرك، لما زججتني في عالم يعد عليّ أنفاسي.
تقولون سمك يأكل سمكًا، و حقيقتها بشر يلتهم بشرًا. كنت أنعم بحياة لا تعرف الخوف، واليوم أنا أغرق فيه.
لا تقل أنك تحبني، غريزة التملك التي امتلكتك، أفسدتْ فطرة الحب نفسه، فلا تهمس لي به، فأنت لم تحبني إلا لشيء يخصك.
على الرغم من أني أسّيرتك، لكن ألمح في عينيك الرعب من المجهول الذي ينتظرك.
هل كانت الحبال سلاحًا فتاكًا عندما ألتفتْ حولي و حملتني إلى أرضك الجافة؟
الأرض التي لوثتها حين وضعت أقدامك عليها ثم لوثتَ كل شيء مسته يداك.
قبل أن أعود إلى سجني سأخبركَ شيئًا عليك بتذكره: لكل صياد صائد، وليست كل فريسة يسهل اصطيادها.
في الصباح وهو يرتشف قهوته ..
حانت منه إلتفاتة صوب حوض الماء الذي امتلأ بجثث أسماكه الجميلة.
#فوز_حمزة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟