أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ابو الهيل - تراجيديا الوداع كما يصور ادباء العالم















المزيد.....

تراجيديا الوداع كما يصور ادباء العالم


محمد ابو الهيل

الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 17:02
المحور: الادب والفن
    


وإنَّ المشاعرَ وصفَها يختلفُ عنّدَ الأُدباءِ بإختلافِ الرقع الجغرافيّة، او بإختلافِ طبيعةُ النفسِ البشرية، فترى
جميعَ الأُدباءِ يصِفونَ الوداعَ، لكنّ كلَّ شخصٍ يصفُه حيث يرى اعمقَ نقطةٍ فيه، فقال تميمُ الفاطميّ:

للهِ ايُ دمٍ أُريقَ وموقفٍ
للبينِ ضمَ مودِّعاً ومودَّعا

وقفا على جمرِ الأسى يصِفانِهِ
متعانقينَ كأنما خُلقا معا

خرسا خلا دمعِ يجولُ وأنفساً
مقبوضاً وتنفسا متّقطعا

في حين يقولُ فيكتور هيجو واصفا سوداوية الوداع والواقع الذي يزامن الحياةَ البشرية:
اننا نقضي نصف العمر ونحن ننتظر لقاء من سنحبهم، والنصف الآخر في وداع من احببناهم

وسبق هيكو الصمة القشيري حيث يصف بالم انه بات من كثرة ما فارق احبابه انه بات يظن حرام على الايام ان تجمعهُ مع من يحب وكأنه خُلق ليفارقهم فكأنما هو في عناد الدنيا حيث كل ما احب شيء فارقهُ فيقول:

لَعَمري لَقَد نادى مُنادي فراقنا
بِتَشتيتِنا في كُلِّ وادٍ فَأَسمَعا

كَأَنّا خُلِقنا لِلنَوى وَكَأَنَّما
حَرامٌ عَلى الأَيامِ أَن نَتَجَمَّعا

ويقول مارك توين في ابداء رأيه في كلمات الوداع،
ولعله يرمي الى الوداع الذي يصطنعه الفرد لسبب،
او بغير سبب، حيث يقول: ( اتمنى لك السعادة، العبارة الاكثر كذبا يستخدمها العشاق عند الوداع )
-وهنا تدخل في مجالات لتفسيرها، وصورة فهمها
ساتركها لحرية نسج خيال القارء،-
وما دمنا لم نبرح كلماتُ الوداعِ لسنا بمتجاوزيّن قول الشاعر حيث يصف عند الوداع توادعا بالاشارة وانَّ هذا يشيرُ الى انه ليس اللسان فقط يتكلم، بل يمكن لليدِ بالاشارة، وللعينِ بالنظرة، وللوجه بالبسمة، وللقلبِ بالشغف،والعيون بالدمع احياناً، وكل شيء يمكنه الكلام الا اللسان في الوداع، حيث يقول ايليا ابو ماضي :

هجروا الكلام الى الدموع لأنهم
وجدوا البلاغة كلها في الادمعِ

وفي وصف الشاعر دار حوار يكاد يكون من اوجع ما يكون بخليط من الأشارة حيث ودعته، وبالعين حيث سألت فيقول:

أشارت بأطراف البنان وسلّمت
‏وأومت بعينيها متى أنت راجعُ

‏فقلت لها والقلب فيه حرارة
‏فديتكِ ما علمي بما الله صانعُ

ويقول ديك الجن واصفاً حالة القلق والانزعاج من موقف الوداع و الخوف من ان يراهما الوشاة فيشونهما فيقول:

ودعتها لفراق فشتكت كبدي
اذ شبكت يدها. من لوعة بيدي

فحاذرت اعين الواشين فانصرفت
تعض من غيضها العناب بالبردِ

فكان اول عهد العين يوم نأت
بالدمع اخر عهد القلب بالجلدِ

ولكن الوداع له جذور اعمق، وعذاب اوجع، وابواب اوسع، من ساعة ميلادهِ فان الادباء والشعراء يرون الفراق من قبل ان يكون جنيناً حتى قبل ان يكون فكرة.
فيقول شكسبير يوافق هذه الحالة حيث يقول: اصبحت استعد للوداع قبل ان يحدث اللقاء، ما اغرب! ما تفعله الخيبات بقلب الانسان.
ويوافقه في هذه الفكرة المتنبي لكنه بفكر ارصن، و بصياغ اوجز،واسباب منطقية،حيث انه يقر بان الفراق كما يعرفهُ لو ان للفراق اب وام فيكون اخيه وتوأمه، ثم يعلل بانه لما علم انه ليس للإنسان ان يكون خالداً انه لا بد من الفراق فيقول:
اما الفرق فانه ما اعهدُ
هو توئمي لو ان بيناً يولد

ولقد علمنا اننا سنطيعه
لما علمنا اننا لا نخلدُ

وفي هذه الفكرة الواقعية التي يجب الإحاطة بها اجد في ديوان قس بن ساعدة وصفاً لهذه الفكرة، يكاد يكون منعدم النظير او قليل حيث يقول:

في الذاهِبينَ الأَوَّلينَ
مِنَ القُرونِ لَنا بَصائِر
لَمّا رَأَيتُ مَوارِداً لِلمَوتِ
لَيسَ لَها مَصادِر
وَرَأَيتُ قَومي نَحوَها
تَمضي الأَصاغِرُ وَالأَكابِر
لا يَرجِعُ الماضي وَلا
يَبقى مِنَ الباقينَ غابِر
أَيقَنتُ أَنّي لا مَحالَةَ
حَيثُ صارَ القَومُ صائِر

ومن جذور فكرة الوداع هي خوف الانسان منه بشكل يصور له الوداع بصورة مرعبة حتى اذا ما وقع الفراق
جزع الإنسان وسلم للإمر ورفض الإعتياد والتقبل بل انه يجبر نفسه احيانا على اعتياد الوجد وليس تقبل الفكرة براحبة صدر او بانها حدث مرتاد للحياة. فيقول الشاعر:
ايتها النفس اجملي جزع
ان الذي تخشين قد وقع

فقال لنفسه ان احسني جزعكِ انكِ كنتِ تخافين من الفراق وقد وقع فلا سبيل لشيء فاحسني جزعكِ.ويصف ابو تمام انه لو اراد احد سبيل الى موت إنسان فلا حاجة لفعل شيء غير السعيّ بفراقهِ بمن يحب فيصور عند ما قالوا له انهم مرتحلون، يقول تأكدتُ بإنَّ نفسي
تريد الرحيل يعني الموت فيقول:
لو حار مرتاد المنية لم يجد
الا الفراق الى النفوسِ سبيلا

قالوا الفراق فما شككتُ بانها
نفسي عن الدنيا تريد رحيلا

ومن جملة خوف الفراق وأنكاره في آن واحد، وتصويرة على انه اقرب ما يكون الى الموت هو قول فيديريكو جارسيا لوركا حيث يقول :( منذ كنت طفلا كنت اكره الوداع كلمة الوداع بالنسبة لي تعني شكلا مصغرا من اشكال الموت )
ويصف احد الأدباء في معنى ادق لكن لم اجد قائله فيقول:
منذ ولدت ومنطق الدنيا معي
اذا احببتُ شيء اختفى

ويلوح الماجشون بالفكرة نفسها، ولكن بصياغ اعجب و اجمل، ومعنى ادق وامكن، حيث أشار لنفس الفكرة وزاد عليها، ان الزمان من اراد فراقنا وسعى لذلك، ثم اكد بقولهِ ليفعل الزمان كل ما يستطيع لأنه ابشع شيء قد فعله هو إحداث الفراق حيث قال:

لله باك على أحبابه جزعا
قد كنت أحذر من ذا قبل أن يقعا
إن الزمان إلف السرور لنا
فدب بالبين فيما بيننا وسعى
ما كان والله شؤم الدهر يتركني
حتى يجرعني من بعدهم جرعا
فليصنع الدهر بي ما شاء مجتهداً
فلا زيادة شيء فوق ما صنعا

واما عن فكرة نسب سبب الفراق الى الزمان ايضاً قد تداولت، ولوح بها بعضَ الأُدباءِ بمعنى قريب او بعيد فيقول ابن زيدون:
غيض العدا من تساقينا الهوى
فدعوا بان نتفرق فقال الدهر امين

و من فكرة نسب التّفرق الى الزمن، تنبغ فكرة اكثر نظجاً، وفيها نوع من الحكمة كما سبق ذكر بيت المتنبي ويوافقه في قوله هاروكي موركامي حيث يقول: ما الحياة الا وداع طويل

اما عن تقبل فكرة الرحيل فمختلف ايضا في وصفها فيقول ديستوفسكي: يمكن للمرء ان يقول وداعا وكل شيء فيه يريد البقاء.
لم يتخطى هذا المعنى قول الشريف الرضي، حيث يصف حاله لما مر بديار من يحب وابقى عينه على بقاياها فاذا ابتعد عن اثرها وصعب على العين ابصارها التفت القلب ليرى يقول:
وَلَقَد مَرَرتُ عَلى دِيارِهِمُ
وَطُلولُها بِيَدِ البِلى نَهبُ

فَوَقَفتُ حَتّى ضَجَّ مِن لَغَبٍ
نِضوي وَلَجَّ بَعُذَّلي الرَكبُ

وَتَلَفَّتَت عَيني فَمُذ خَفِيَت
عَنها الطُلولُ تَلَفَّتَ القَلبُ

اما ما مضى فهو عبارة عن مخاوف ومشاعر لاشياء، وتصوير الادباء لها اما وقد عرفنا مرارة الامر وشدته
لنعرج على ساعة الوداع او الحال في تلك الساعة
العصيبة التي وصف امرؤ القيس تلك الحال، بانه
كناقف الحنظل، والحنظل نبات مر جدا وفيه عصارة
عند نقفهِ ينثر عصارته فتدمع العيون من تلك العصارة لكن بغير الم او وجع مجرد مسيّلة للدموع، فقال:

كأني غداة البين يوم ترحلوا
لدى سمرت الحي ناقف حنضل

فيقول كأني عندما ذهبوا ناقف حنظل لا ملمح يدل على الحزن ولكن الدموع تسيل، بصورة انكار وعدم استيعاب للموقف وربما من الجزع،
وفي وصف يوم الفراق اجاد واحسن ابو تمام
حيث يخاطب يوم الفراق ويقول له انك ليس يوم عادياً بل انتَ عندما خلت اطول بكثير من الايام العادية، فقال:

يوم الفراق، لقد خُلقتَ طويلا
لم تبقِ لي حلداً ولا معقولا

وعن حال المتحابين عند الفراق فتجد صور كثيرة وابيات جميلة وبأفكار متباعدة وموجعة ساعرج فاذكر بعضها وابتدأ بقول شاعر العرب الأكبر، حيث يصف بدقة فاقت المعقول فيقول:
خلعتُ ثوب اصطبارٍ كان يسترني
وبان كذب إدعائي إنني جلدُ

و ابن المعتّز يقول ان ذكرة من ساعة الوداع بقى في ذهنهِ فيصف انهم كأنما لم يتفرقا بل استلا استلالا فيقول:

لست انسى التفاته حين ولى
و التفاتي وقد نظرت اليه
وكلانا من التأسف والوجد
على الفه يعضُ يديهِ

وبين تيك الاحوال يبرز قول قيس بن اللموح فيقول ان الدموع عند الوداع على الجفون مصطبرة وهو يراقب الموقف بجزع الروح وثبات النفس واقرار العيون والجسد فيقول:

ومما شجاني انها يوم ودعت
تولت ودمع العين بالعين حائرُ
فلما اعادت من بعيد بنظرة
الي التفاتاً اسلمتها المحاجر

ويقرب المعنى المتنبي حيث يقول بحرارة تنضح من القلب، والم اصطنعته له الايام،حيث يشبه مناخ الجمال فوق جفونه فلما تحركنَّ لم يبقَ ما يمسك الدمع فذهبتِ الجمالُ ببطء والعيون صارت تهمل انهمالا فيقول:

فَكَانَ مَسِيرُ عِيسِهِمِ ذَمِيلَا
وَسَيْرُ الدَّمْعِ إِثْرَهُمُ انْهِمَالَا
كَأَنَّ الْعِيسَ كَانَتْ فَوْقَ جَفْنِي
مُنَاخَاةٍ فَلَمَّا ثُرْنَ سالا

ولمّا كان الحديث عن الدمع فلا بد من التعريج على قول البرعي حيث يصف بعفوية والم معا كيف توادعا في قوله:
ودعتها والدمع يقطر بيننا
وكذك كل مود مشتاقِ
شغلت بتنشيف الدموع يمينها
وشمالها مشغولةٌ بعناق

ومن كلمات الوداع المريرة يقول الوزير المهلبي
انه عند الفراق قال لي الشخص الذي احبه ماذا ستفعل بعدي في طريقك ويومك فقال لا شيء بل سابكي طول الوقت عليك فيقول:

قال لي من احبُ والبين جدا
وفي مهجتي لهيب الحريقِ

ما الذي في الطريق تصنع بعدي
قلتُ ابكي عليك طول الطريقِ

وإما العِناق فاكثرهُ يكون للقاء وقليل ما يكون للفراق ولكن اذا كان سلام اللقاء نفسه وداع الفراق فباي صورة
يكون هذا العناق يصف لنا هذا كشاجم في قوله:

بابي وامي زائرٌ متقنعٌ
لم يخفِ ضوء الشمس تحت قناعهِ
لم استتم عناقهُ لقدومهِ
حتى ابتدأت عناقه لوداعهِ


وإما عن فكرة طول الفراق وقصر الاجتماع يبدع المتنبي
في وصف هذا في قوله:

بِأَبي مَن وَدِدتُهُ فَاِفتَرَقنا
وَقَضى اللَهُ بَعدَ ذاكَ اِجتِماعا
فَاِفتَرَقنا حَولاً فَلَمّا اِلتَقَينا
كانَ تَسليمُهُ عَلَيَّ وَداعا


وإما عن دابة الفراق فقالت العرب: (ما غراب البين الا ناقة او جمل) وللمتنبي شيء قريب من هذا حيث انه يقول لو تعلم الجمالُ بالالم الذي يكون عند الفراق لعصت من يسوسها ويحديها وتمردت عليه وبركت فلم تسير يقول:

لو تعلم العيس ما في يوم بينهمُ
ابت على السائق الحادي فلم يسرِ



#محمد_ابو_الهيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة الاحزاب مدعية الاسلام
- سرعة انتشار الغباء عند الفرد العراقي


المزيد.....




- مشاهدة مسلسل لعبة حب الحلقة 54 مترجمة ديلي موشن
- -حداء الإبل-.. حكايات ومرويات التواصل مع الجمال بالجزيرة الع ...
- الندرة والترجمة وموت المؤلف.. كتّاب ونقاد يحللون إشكالية الن ...
- قصيدة (فراق امي)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- انطلاق أيام الثقافة الإماراتية بموسكو
- استعلم عنها بكل سهولة.. رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ال ...
- الروائي الليبي هشام مطر يفوز بجائزة أورويل للرواية السياسية ...
- على وقع ضحكات الجمهور.. شاهد كيف سخر الكوميدي جون ستيوارت من ...
- عودة محرر القدس… مسلسل صلاح الدين الأيوبي الحلقة 29 الجزء 2 ...
- جهز مستنداتك.. تنسيق الدبلومات الفنية 2024-2025 جميع المحافظ ...


المزيد.....

- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد ابو الهيل - تراجيديا الوداع كما يصور ادباء العالم