أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الخامس والسّبعون، بتاريخ الثامن من حزيران/يونيو 2024















المزيد.....


متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الخامس والسّبعون، بتاريخ الثامن من حزيران/يونيو 2024


الطاهر المعز

الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 10:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتضمن العدد الخامس والسبعون من نشرة "متابعات" الأسبوعية فقرة عن ارتفاع أسعار أضحية العيد في تونس، كنموذج للدول العربية والإسلامية، في ظل الجفاف وارتفاع الأسعار وتعزيز خزينة آل سعود، وفقرة عن تجارب مُؤسّسة بيل غيتس والشركات العابرة للقارات في إفريقيا، وفقرة عن التفاوت الطبقي ( فوارق الثروة) في العالم، وفقرة عن التّهَرّب من الضرائب عبر تهريب الأموال إلى الملاذات الضريبية في العالم، وفقرة بعنوان "قمع ديمقراطي" عن عنف الشرطة الأمريكية واعتقال وطرد ومحاكمة الطلبة المُحتجين على العدوان الصهيوني، وفقرات عن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين كجزء من "الحرب الفاترة" بينهما في مجالات عديدة، ومنها سباق السيطرة على المعادن الضرورية للصناعات التكنولوجية الدّقيقة والطاقة "النظيفة" والسيارات الكهربائية، وفقرة عن مظاهر هيمنة الدّولار الأمريكي ومُؤشّرات تآكل الهيمنة الأمريكية

تونس – أيهما الضّحية، المواطن أم الخروف؟
يُقدّر عدد الأضاحي في تونس بنحو مليون خروف سنويا، وتراوحت أسعار الخرفان، قُبيل عيد الإضحى سنة 2023 في أسواق تونس بين 700 و 1400 دينارًا ( بين 230 و 450 دولارا بمعدل الصرف خلال شهر أيار/مايو 2023)، بارتفاع نسبته 26% مقارنة بسنة 2022، بينما تراجع حجم المعروض في السوق من 1,6 مليون رأس غنم خلال السنوات الماضية إلى 1,2 مليون سنة 2024، نتيجة الجفاف المستمر منذ سبعة مواسم، وارتفاع أسعار العلف، والمضاربة والإحتكار، وأدّى ارتفاع الأسعار إلى انتشار دعوات الإحجام عن شراء الخرفان وعن أداء شعائر عيد الإضحى، وقدّر نقيب الجَزّارين ( القَصّابين) إن حوالي 65% من العائلات التونسية لم تتمكن من شراء الأضحية خلال سنة 2023 بسبب غلاء الأسعار التي أدّت شروط صندوق النقد الدّولي إلى "تَحْرِيرها"، ما جعل سعر الخروف متوسط الوزن يتجاوز 1500 دينار (حوالي 500 دولار)، وقد يصل سعر الخروف "المُمتاز" إلى الضِّعْف.
لم تتطور دعوات المقاطعة إلى إدراج الحج ضمنها، حيث يتجاوز إنفاق الحاج الواحد سبعة آلاف دولارا، بالعملة الأجنبية الشّحيحة التي تحتاجها البلاد لتوريد السلع الأساسية والضرورية، وتستفيد أسرة آل سعود الثرية جدًّا من أموال الحج، ثاني مورد للسعودية بعد النّفط، ولا يُسدّد معظم الحجاج ضرائب، فيما يُفْتَرَضُ إنهم أثرياء، تمكنوا من توفير سبعة آلاف دولار، زائدة عن حاجتهم، وما ينطبق على التونسيين ينطبق كذلك على الحجيج من مواطني البلدان العربية والإسلامية. أما التّبرير الدّيني لإلغاء الترخيص بغرض الحج فيتمثل في الآية: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا..." ( سورة آل عمران)

التجارب الزراعية للملياردير بيل غيتس في أفريقيا
يختار الرأسماليون مجالات استثماراتهم وفق العائدات التي يمكن جَنْيُها ونسبة الأرباح التي يمكن تحقيقها، واختار بيل غيتس (مؤسس مجموعة "مايكروسوفت") إنشاء "مُؤَسّسة" ( Fundation ) ظاهرها "إنساني" أو "خَيْرِي" وباطنها رأسمالي استغلالي، وهي في الواقع شركة عابرة للقارات تستثمر في مجالات الأدوية والرعاية الصحية والغذاء، واختار بيل غيتس قارة إفريقيا كحقل تجارب لبعض الأدوية والمواد الكيماوية والزراعات الصناعية المُعدّلة وراثيا، ويُموّل عددا من الدّراسات والبُحُوث التي تُساعده على تعظيم أرباحه، واستثمرت مُؤسسة بيل غيتس لهذا الغرض، بالشراكة مع مؤسسة نوفو نورديسك وصندوق ويلكوم تراست 300 مليون دولار خلال ثلاث سنوات لتمويل بحوث علمية في مجالات تغير المناخ والفقر العالمي والأمراض المعدية ومقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية، لاقتراح حلول تُشرف على تنفيذها الشركات العابرة للقارات، وساهمت مؤسسة بيل غيتس في تحويل هذه المشاغل الحقيقية إلى مجالات للربح الوفير، تتغطّى بغلاف عِلْمِي من إنتاج عُلماء وباحثين مأجورين، ويُلْقِي عليها التهريج المَسْرَحِي والإعلامي غطاء إنسانيا كاذبا، ويؤكد أحد شُركاء بيل غيتس ( جون آرني روتينغن، مدير شركة ويلكوم ترست للأدوية): "من الضروري أن ننشر توقّعات، أي يجب علينا أن نبحث عن المشاكل حيث لا توجد مشاكل، لأن حلول المشاكل التي تواجهها البشرية حاليا ليست سياسية أو اقتصادية، بل هي حلول تقنية وعلمية"
حَوّلت شركات الأدوية والمنتجات الكيماوية وغيرها البلدان الفقيرة، ذات الكثافة السكانية الكبيرة (نيجيريا ومصر والهند وغيرها ) إلى مُختَبَرات تجارب مُفَضَّلَة لمنتجاتها، قبل طَرْحها في أسواق البلدان الرأسمالية المتطورة، بتواطؤ من الأنظمة الحاكمة التي لا تهتم بحياة المواطنين ولا بسلامة البيئة التي تُحيط بهم، وضَخّت مؤسسة بيل غيتس الكثير من الأموال لتطوير البذور المعدلة وراثيا في أفريقيا، وتطوير أصناف نباتية يمكنها مقاومة الحشرات والأمراض، بالتعاون مع مؤسسات بحثية محلية ودولية، بذريعة تشجيع "الزراعة المُستدامة"، قبل تجربتها في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا واليابان، وكانت جُلُّ هذه المبادرات مُصَمَّمَة لخدمة مصالح الشركات العابرة للقارات وليس لتلبية الاحتياجات الحقيقية للمزارعين وللسكان الأفارقة"، وفق بحث نشره قسم "دراسات التنمية" بجامعة كامبريدج، ولم تتجاوز العديد من المشاريع مرحلة البحث، وفشلت حوالي 60% من الأبحاث الممولة من القطاع العام لإنتاج المحاصيل المعدلة وراثيا في الزراعة الأفريقية، ولم تسفر عن منتجات قابلة للتسويق، وفقًا لبيانات مشروع ( mBio )، ولذلك تم التّخلِّي في بوركينا فاسو عن المشروع الذي طوّرته شركة "مونسانتو" ( التي اشترتها شركة باير فيما بعد) لإنتاج القطن المُعَدّل وراثيا ، بالتعاون مع باحثين محليين بين سَنَتَيْ 2008 و2016، وأسفرت التجربة عن إنتاج محاصيل قُطْن ذي الجودة الرديئة للألياف المنتجة مما جعل المحاصيل غير قابلة للبيع، بينما ارتفعت ديون المزارعين بسبب ارتفاع تكاليف البذور والمواد الخام اللازمة لزراعة القطن المُعَدّل وراثيا، وادّعى المُشرفون على المشروع إن القُطن المُعدّل وراثيا يُقاوم الأمراض والحشرات، مما يزيد من حجم الإنتاج وجودته، وبالتالي من أرباح المُزارعين، شرط الإستثمار في شراء بُذُور ومبيدات مونسانتو التي تدعمها مؤسسة بيل غيتس، وفق منظمة "العمل ضد الجوع" التي ترفض دعم المشاريع القائمة على الكائنات المعدلة وراثيا بسبب الديون التي تُوَلِّدُها لصغار المزارعين، وبسبب الخيارات التكنولوجية باهظة الثمن وغير المتكيفة مع الواقع الزراعي الأفريقي، والتي تُرَوّج لها مؤسسة بيل غيتس...

عدم المساواة في الثروة والدخل
تَعَزَّزَ عدد أثرى الأثرياء ( من تزيد ثرواتهم عن المليار دولارا) ب141 ثري جديد وبلغ عددهم الإجمالي 2781 فردًا، سنة 2023، ، منهم 14 تفوق ثرواتهم مائة مليار دولار، وفقا لمجلة فوربس المُتخصّصة في تَتَبُّع أخبار الأثرياء، وتُشير المجلّة إلى ارتفاع ثروة هؤلاء بنسبة 120% خلال العقد الذي اتَّسَمَ بالانهيار المالي سنة 2008، وكوفيد، وحرب أوكرانيا، في حين أصبح حوالي خمسة مليارات شخص حول العالم أكثر فقراً الآن مما كانوا عليه سنة 2019، وأشارت منظمة "أوكسفام" إلى انخفاض متوسط الأجور الحقيقية لما يقرب من 800 مليون عامل، في 52 دولة، مباشرة بعد وباء كوفيد-19، في حين ارتفعت ثروة مليارديرات العالم بمقدار 3,3 تريليونات دولار بين 2019 و 2022، وعمومًا تضاعفت ثروات أغنى خمسة مليارديرات في العالم منذ بداية هذا العقد، في حين أصبح 60% من البشر أكثر فقراً، وحقّقت 148 من أكبر الشركات في العالم أرباحًا صافية بقيمة 1,8 تريليون دولار، وتوزع الشركات جزءًا هامًّا من الأرباح على المساهمين، وترفض زيادة رواتب موظفيها، بدعم من السلطات السياسية التي تُغذّي التفاوت الطّبقي والإبقاء على المستوى المُتَدَنِّي للأُجُور، وتُقر تخفيضات الرسوم الجمركية والجبائية للشركات وللأثرياء بل تدعم الحكومات والمصارف المركزية الشركات من المال العام بدون فائض أو بفائض ضعيف...
المال مُتوفِّرٌ على مستوى كل بلد وعلى مستوى العالم، وهناك تناغم بين السلطة السياسية والسلطة الإقتصادية والمالية للمحافظة على استمرار التفاوت الطبقي، والمطلوب (الهدف) هو إعادة توزيع هذه الثروات، ليتمَكّن الجميع من العيش بكرامة

ملاذات ضريبية
تُقَدّر قيمة تَهرُّب الأفراد والشركات من تسديد الضّرائب، وتهريب الأموال بشكل غير قانوني إلى الملاذات الضريبية بنحو 427 مليار دولارا، سنة 2020 ، وفق تقرير منظمة "شبكة العدالة الضريبية" غير الحكومية صدر عام 2020، وقُدِّرت قيمة خسائر الميزانية الأمريكية والكندية بنحو 95 مليار دولارا وخسائر الإتحاد الأوروبي من التهرب الضريبي بنحو 184 مليار دولار، وفق تقرير المنظمة غير الحكومية "شبكة العدالة الضريبية" الصادر سنة 2020، أما الدّول المُستفيدة من التهرّب الضريبي، فهي إما مُستعمرات مثل جُزر العذراء أو جيرسي أو الدّول الأوروبية وبعض الولايات الأمريكية، ورتّبت شبكة العدالة الضريبية هذه المناطق المُستفيدة كالتالي: جزر "كايمان" تستقبل نحو 16,5% من أموال التهرب الضريبي، تليها بريطانيا بنسبة 10% وهولندا بنسبة 8,5% ولوكسمبورغ بنسبة 6,5% والولايات المتحدة بنسبة 5,5% وأعلن نائب وزير الخارجية البريطاني، أندرو ميتشيل، إن "حوالي 40% من (الأموال القذرة) في العالم، تمر عبر العاصمة لندن وغيرها من المناطق التابعة لبريطانيا"، وتُشِير التقديرات إن 40% من الأموال القذرة، مسروقة من إفريقيا، وتمر عبر سوق المال بلندن وبالمستعمرات البريطانية و"أقاليم ما وراء البحار التابعة للتاج البريطاني" ، وفق موقع صحيفة "غارديان" البريطانية 14 أيار/مايو 2024

أمريكا - قمع "ديمقراطي"
توسّعت رُقعة الإحتجاجات الطلابية ضد الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، بدعم من الولايات المتحدة التي قمعت شُرطتها المحتجين الشّبّان مُستخدمة العُنف الشّديد والهراوات والغاز المسيل للدموع، فضلا عن الإعتقال وطرد العديد من الطلاب من الجامعة بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات، وبلغ عدد المُعتقلين بين 18 نيسان/ابريل و 12 أيار/مايو 2024 حوالي ثلاثة آلاف، ولم تنفرد الشرطة الأمريكية بتنفيذ المداهمات العنيفة في جامعات كولومبيا ومعهد ماساشوتس للتكنولوجيا (بوسطن) وهارفارد وبنسيلفانيا وغيرها، بل تم تعميم العنف والإعتقالات والمُحاكمات في كافة الدّول التي تَدّعي تطبيق الدّيمقراطية واحترام الحُرّيّات الفردية والجَمْعِيّة، واعتقلت الشرطة الكَنَدِيّة عدة أشخاص في مخيم جامعة كالغاري في ألبرتا، يوم الخميس 09 أيار/ميو 2024، وأطلقت شرطة مكافحة الشغب "ذخائر غير فتاكة" والغاز المسيل للدموع وأصابت حوالي 200 متظاهر، وتم طرد الطّلاب المُحتجين في أمريكا الشمالية وأوروبا ، ويتعرض الطلاب لخطر إلغاء شهاداتهم، والطرد، والحصار الغذائي والترحيل بسبب معارضتهم للعدوان الصهيوني على شعب فلسطين، واعتراضهم على دعم حكومات بلدانهم للكيان الصهيوني الذي يُنفذ مجازر الإبادة الجماعية، كما تم تهديد المُدرسين والموظفين واعتقلت الشرطة اثنين على الأقل من الأساتذة في معسكر بجامعة أريزونا، وعددا غير معروف في مخيم توسون، بتواطؤ من إدارة الجامعة، ورغم القمع تضاعف حجم مشاركة الطّلاّب في الإحتجاجات ثلاث مرات تقريبا خلال شهر واحد...

الحرب التجارية
يُحاول الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن إنقاذ حملته الإنتخابية الفاشلة، وتعدّدت محاولاته لاجتذاب الناخبين، مستخدمًا الشّوفينية والإنغلاق والحِمائية التجارية (رغم ادّعاء الليبرالية وحرية التّجارة والأسواق) وأعلن يوم الثلاثاء 14 أيار/مايو 2024، عن زيادات كبيرة في قيمة الرّسوم الجمركية على الواردات الصينية، بقيمة حوالي 18 مليار دولارا، وأهمها بطاريات السيارات الكهربائية ورقائق الكمبيوتر والمنتجات الطّبّيّة، ما أثار ردّ فعل الصين، دفاعًا عن مصالحها، وبدأت الزيادة المجحفة للرسوم الجمركية منذ فترة رئاسة دونالد ترامب (كانون الثاني/يناير 2017 – 2021) ولم يُلْغِها الرئيس جوزيف بايدن، بل زاد رسوم المركبات الكهربائية أربع مرات إلى أكثر من 100% مع مضاعفة الرسوم على تعريفات أشباه الموصلات إلى 50%، وزيادة رسوم البضائع الصينية المستوردة مثل الصلب والألمنيوم وأشباه الموصلات والسيارات الكهربائية والمعادن المهمة والخلايا الشمسية والرافعات، بذريعة "الدّفاع عن الأمن الاقتصادي الأمريكي"
استوردت الولايات المتحدة، سنة 2023، بضائع من الصين بقيمة 427 مليار دولار، وصدرت نحو الصين 148 مليار دولار، وفقا لمكتب الإحصاء الأمريكي، وتتهم الولايات المتحدة منافسها الصيني "بإغراق الأسواق العالمية بصادرات أقل من قيمتها الحقيقية بسبب الممارسات غير العادلة" وتتهم الصين بسرقة الملكية الفكرية الأمريكية، وأشارت جميع البيانات إن مثل هذه الإجراءات الحمائية لم ترفع من قيمة الصادرات الأمريكية ولم تُعزّز وظائف التصنيع الأمريكية، كما ادّعى دونالد ترامب سنة 2020. أما القرارات التي اتخذها جوزيف بايدن فتمثل خروجًا عن قواعد "التجارة الحرة" وقد ترفع تكاليف المركبات الكهربائية، ولن تخلق وظائف جديدة في قطاع الصناعة الأمنريكية، ووعد الرئيس الأمريكي بزيادة الرسوم الجمركية خلال سنَتَيْ 2025 و2026 فضلا عن الزيادات التي تم إقرارها سنة 2020، والتي تتم على مراحل حتى سنة 2028، على أشباه الموصلات، وبطاريات الليثيوم أيون التي لا تستخدم في السيارات الكهربائية، والغرافيت والمغناطيس الدائم وكذلك القفازات الطبية والجراحية المطاطية، ومنتجات الصلب والألومنيوم...
تمكّنت الشركات الصّينية، وأهمها شركة ( BYD ) من منافسة شركات السيارات اليابانية والأوروبية والأمريكية في مجال صناعة السيارات الكهربائية منخفضة التّكلفة، وعرضت نموذجًا لهذه السيارات في مكسيكو بنهاية شهر شباط/فبراير 2024، ما أثار قلق إيلون ماسك، صاحب شركة تيسلا الأمريكية والسلطات الأمريكية التي لا تحترم مبادئ الإقتصاد الرأسمالي وحرية التجارة، وأعلنت شركة ( BYD ) إنها سوف تبني مصنعًا لتصنيع شاحنة كهربائية صغيرة تُباع في أسواق أمريكا الشمالية والجنوبية وتتمتع بالأفضلية التي تنص عليها اتفاقية التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك، لأنها تحتوي على نسبة كافية من الأجزاء من مصادر أمريكا الشمالية، وقرر الرئيس الأمريكي عرقلة صناعة السيارات الكهربائية الصينية، من خلال زيادة التعريفات الجمركية على بطاريات السيارات الكهربائية الصينية وأجزاء البطاريات بأكثر من ثلاثة أضعاف وإضافة رسوم جديدة بنسبة 25% إلى الغرافيت والمغناطيس الدائم المستخدم في محركات المركبات الكهربائية ومعادن المركبات الكهربائية الأخرى التي تستوردها الشركات الأمريكية من الصّين، وبارتفاع سعر هذه المُكوّنات يرتفع سعر السيارات الكهربائية الأمريكية بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين، وقد تتضرر شركات السيارات الأمريكية من الحرب التجارية لأنها صدّرت سنة 2021 (آخر إحصائيات مُتوفّرة) أكثر من 155 ألف سيارة إلى الصين بقيمة 6,3 مليارات دولارا، ولم تستورد الولايات المتحدة من الصين (خلال نفس السنة) سوى 64 ألف سيارة بقيمة 1,45 مليار دولارا ويتم بيع معظمها في السوق الأمريكية تحت علامات تجارية أمريكية، مثل جنرال موتورز أو فورد وغيرها، بينما تحتوي السيارات الكهربائية الأمريكية على مكونات صينية بنسبة تتراوح بين 30% و 51%، وفقًا لبيانات وزارة النقل الأمريكية.
يتفق المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن ومنافسه الجمهوري دونالد ترامب على استخدام التعريفات الجمركية الباهظة والحواجز التجارية الأخرى لإبعاد المنتجات الصينية عن السوق الأمريكية، غير إن الصين تمكّنت من اكتساب المهارات والخبرة التكنولوجية، ولن تُؤَدِّي العقوبات سوى إلى عرقلة بعض المجالات، لكنها لن تتمكّن من قَلْب موازين القوى بشكل دائم، بل تتخوف الشركات الأمريكي الكبرى الثلاث ( جنرال موتورز وفورد وستيلانتس ) من خسارة حصتها في الأسواق الدّاخلية والخارجية، فضلا عن مُعاناتها حاليا من انخفاض مبيعاتها خلال الربع الأول من سنة 2024...
تمزج الولايات المتحدة الحرب التجارية بالتّهديدات العسكرية، وتدفع مَحْمِيّتها تايوان نحو مزيد من التّصادم مع الصين، وأجرت القوات البحرية الأمريكية والتايوانية تدريبات (مناورات) مُشتركة، غرب المحيط الهادئ خلال شهر نيسان/أبريل 2024، وهي المناورات الثانية خلال أقل من أربعة أشهر، بالتوازي مع زيادة التعاون العسكري وزيادة حجم مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان، بذريعة "تزايد التهديدات العسكرية الصينية" لأن الصين تعتبر تايوان جزءًا منها، أعلن الإنفصال سنة 1949، عندما انتصرت الثورة الصينية وهَرَبَ الجنرال تشانغ كاي تشاك إلى جزيرة تايوان بدعم القوى الإمبريالية مجتمعة، وكانت الولايات المتحدة، منذ الإنفصال، أهم داعم عسكري وسياسي واقتصادي لنظام تايوان، أما الصين فتعتبر تايوان هي القضية الإقليمية الأكثر حساسية، ونقطة خلاف رئيسية في العلاقات الصينية الأمريكية.

من فُصُول الحرب التجارية 1 – حرب الرّقائق الإلكترونية
دعمت الدّول الإمبريالية الشركات العابرة للقارات بمبالغ طائلة – اقتطعتها من المال العام، ومن حاجيات الرعاية الصحية والتعليم والسكن والنقل العمومي والخدمات - في عدة مناسبات فضلا عن تخفيض الضرائب والحوافز المختلفة، وخصصت حكومات هذه الدّول مبلغ 380 مليار دولار لشركات مثل إنتل الأمريكية ( لها مختبرات ومصانع في فلسطين المحتلة) وTSMC التايوانية لتعزيز إنتاج المعالجات الدقيقة الأكثر قوة، في إطار التنافس مع الصين حول تطوير تقنيات الإتصالات، وضخت هذه الدّول (خصوصًا الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي) خلال شهر أيار/مايو 2024 أكثر من ثمانين مليار دولارا من المال العام، لصالح الشركات العابرة للقارات لمساعدتها على إنتاج جيل جديد من أشباه الموصلات، والتّفَوّق على الصّين التي طوّرت بسرعة كبيرة الإلكترونيات الرئيسية في مجال صناعة الرقائق، رغم الحصار والحَظْر والمقاطعة، ومنحت الولايات المتحدة 33 مليار دولارا لشركات تصنيع الرقائق، ووعد الرئيس الأمريكي "جوزيف بايدن" بحوالي أربعين مليار دولارا أخرى، في شكل منح للشركات المُصَنِّعَة للرقائق، إضافةً إلى إعفاءات ضريبية تصل إلى 25%، وأقَرّ الإتحاد الأوروبي خطة بقيمة 46,3 مليار دولار، كجز من مخطط أشمَلَ يتضمن استثمار 108 مليارات دولارا "لتوسيع القدرة التصنيعية المحلية في قطاع الرقائق"، وأقرت حكومة اليابان استثمارا إجماليا بقيمة 64,2 مليار دولار لمضاعفة مبيعات الرقائق المنتجة محليا ثلاث مرات، إلى حوالي 96,3 مليار دولار بحلول 2030، وأقرت حكومة كوريا الجنوبية إنفاق نحو 246 مليار دولار في إطار تشجيع التكنولوجيا المحلية، من السيارات الكهربائية إلى الروبوتات، مرورًا بصناعة أشباه المواصلات والرقائق التي تُهيمن عليها شركات مثل "إنفيديا" و"كوالكوم" و"برودكوم"، لكن الصين تعمل على تصنيع بدائل من خلال بناء عدد من مصانع أشباه الموصلات ورقائق "الذكاء الاصطناعي"، وقدّرت وكالة بلومبرغ عدد الشركات الصينية بأكثر من 200 شركة لأشباه الموصلات برأس مال مُسَجّل يزيد عن 61 مليار دولار، وأشارت جمعية صناعة أشباه الموصلات الأمريكية إلى أن الصين تُخطّط لإنفاق أكثر من 142 مليار دولار في هذه الصناعة، فضلا عن 27 مليار دولارا أخرى جمعها الصندوق الوطني الصيني لاستثمارها في صناعة الدوائر المتكاملة ...

من فُصُول الحرب التجارية 2 – المعادن
انخفض الإنتاج غير الصيني من الكوبالت المكرر، سنة 2023، إلى أدنى مستوى له منذ 15 عاما، في حين ارتفعت حصة تعدين الليثيوم داخل الصين أو من قبل الشركات الصينية في الخارج من 14% سنة 2018 إلى 35% سنة 2024، كما زادت حصة الصين من معالجة الليثيوم داخل الصين من 63% سنة 2018 إلى 70% سنة 2024، واتّهمت الشركات "الغربية" الصّين بإغراق الأسواق لأن الاقتصاد المحلي الصيني لا يستطيع استيعاب تدفق المعادن الذي تجلبه شركاتها إلى السوق ( كما حصل للألومنيوم والنيكل والإسمنت...)، بل ترغب الشركات الصينية في زيادة حصّتها في الأسواق العالمية، من خلال الفائض في العَرْض، وساهم هذا الإغراق في تراجع الأسعار العالمية وفي تراجع أرباح الشركات "الغربية" في الأسواق العالمية، وبذلك تمكّنت الشركات الصينية من النمو، بفضل سنوات من عمليات الاستحواذ بدعم من الدولة، ومن السيطرة على إنتاج الليثيوم والنيكل وإجبار الشركات "الغربية" على التوقف عن العمل، بسبب عدم قُدرتها على المنافسة، وعدم اللحاق بالصين في مجال صناعة السيارات الكهربائية والطاقات البديلة (المُسمّاة "خضراء" أو "نظيفة")، وبذلك طبّقت الصين قواعد الرأسمالية ( قوانين العَرْض والطّلَب والمنافسة في الأسواق...) على أحسن وجه، وبدأت الشركات الصينية منذ أزمة 2008 زيادة استثماراتها الضخمة في جميع جوانب سلسلة توريد المعادن المهمة، مثل النيكل، وهو ضروري لبطاريات السيارات الكهربائية، الذي تستغله في إندونيسيا، ما أجْبَر شركة التعدين العملاقة غلينكور ومقرها سويسرا على وَقْف استغلالها لمصنع النيكل التابع لها في كاناكي (كاليدونيا الجديدة)، وهي مُسْتَعْمَرَة فرنسية، رغم عروض المساعدة المالية المقدمة من فرنسا، كما تم إغلاق ما لا يقل عن أربعة مناجم للنيكل في غرب أستراليا، وتم تأجيل أو تعليق مشاريع الليثيوم في الولايات المتحدة وأستراليا بعد زيادة الإنتاج الصيني في الداخل وفي أفريقيا جنوب الصحراء، كما أوقف منجم الكوبالت الوحيد المخصص في الولايات المتحدة عملياته سنة 2023، بعد خمسة أشهر من افتتاحه، بسبب ارتفاع إنتاج الشركات الصينية من إندونيسيا والكونغو الدّيمقراطية، وعلّقت شركة هوريزونتي مينيرالز البريطانية إنتاجها من منجم برازيلي بسبب زيادة العرض الصيني في السوق...

هيمنة الدّولار
يُمثل الدولار الأمريكي، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ركيزة النظام المالي الدولي من خلال التجارة العالمية والتحويلات المالية الدولية ويشكل جزءًا كبيرًا من الاحتياطيات العالمية، ما يُمَكِّن الولايات المتحدة من الهيمنة الإقتصادية والسياسية، فضلا عن الهيمنة العسكرية والإعلامية (الإيديولوجية) المُرَوِّجَة للنيوليبرالية، وأدّت الغطرسة الأمريكية وارتفاع أسعار الفائدة وفَرْض الحَظْر والعقوبات على الدّول المنافسة وعلى الخصوم بمختلف أنواعهم إلى خفض بعض الدّول (مثل الصين وروسيا وإيران ودول مجموعة بريكس) حجم تعاملاتها الدّولية بالدّولار، والبحث عن بدائل للعملة الأميركية التي لا تزال تُشكل حوالي 88% من المعاملات المالية الدولية، ونحو 58% من الاحتياطيات العالمية، وحوالي 75% من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى تسعير النفط والمواد الخام والمعادن والسلع الأساسية بالدولار الأميركي، مما يجعله يؤثر بشكل أساسي على الاقتصاد العالمي، في حين لا يُمثل الإقتصاد الأمريكي سوى 15,5% من الناتج الإجمالي العالمي، وفق تقرير نشره موقع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية (تم الإطلاع عليه يوم 21 أيار/مايو 2024) وبذلك يُصبح الإحتياطي الإتحاد الأمريكي بمثابة المصرف المركزي العالمي، وتسمح هيمنة الدّولار بتغطية عجز الحساب الجاري الأميركي الذي يستفيد منه المستوردون الأميركيون ويخلق أسواقاً لبقية العالم، ويمنح الدولة الأميركية قوة استثنائية تمكنها من خنق اقتصاد الدّول المنافسة، من خلال حَظْر تعاملها بالدّولار، وينطبق ذلك على الشركات والدّول التي تتعامل تجاريا واقتصاديا وماليا مع الصين أو فنزويلا وإيران وكوبا وروسيا وسوريا وغيرها، وقد يحدث الإلتفاف على العقوبات والتعامل بالعملات المحلية (اليوان الصيني والروبل الروسي ) تغييرات بطيئة ولكنها مُستمرة في نظام سعر صرف الدولار تُؤَدِّي إلى تآكل مكانته الدولية لصالح عملات أخرى، وعلى سبيل المثل، أصبحت نحو 90% من التعاملات التجارية بين روسيا والصين، سنة 2023، تجري بالعنملات المحلية (اليوان والروبل)، وهو ما قد يُؤَدِّي إلى الإلغاء شبه الكامل للدولار في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.



#الطاهر_المعز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسطين: الظروف تفرض شعار المرحلة وأشكال المقاومة
- المكسيك، انتخاب رئيسة تقدمية
- جنوب افريقيا، ما التغييرات خلال ثلاثة عُقُود؟
- تطبيع -حلال-
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الرابع والسّبعون، بتاريخ الأول ...
- أوكرانيا – من خلفيات الحرب
- الحرب التجارية في أقيانوسيا
- الحرب التجارية – السيارات الكهربائية
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثالث والسّبعون، بتاريخ الخام ...
- كَاناكي – حق تقرير مصير الشُّعُوب المُسْتَعْمَرَة
- حُدُود العمل النّقابي
- الإقتصاد السياسي للجميع
- نيجيريا عملاق إفريقي في خدمة الصهيونية
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الثاني والسّبعون، بتاريخ الثام ...
- محاولة تبسيط مفاهيم الإقتصاد السياسي: اتساع فجوة الدّخل والد ...
- عرض كتاب السيرة الذاتية لهيلينا شيهان
- فلسطين – نقد بعض أطروحات ماركسيِّي الدّول الإمبريالية
- متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الواحد والسّبعون، بتاريخ الحاد ...
- ديان بيان فو - السابع من أيار/مايو 1954 – 2024
- عَرْض كتاب


المزيد.....




- جدل في مصر بعد اعتماد قانون يمنح القطاع الخاص حق إدارة المست ...
- غزة.. الحياة تستمر رغم الألم
- قبل المناظرة بساعات.. ما ينبغي أن يتجنبه كل من بايدن وترامب ...
- المجر تُعيق إصدار بيان مشترك لدول الاتحاد يندد بحظر روسيا لو ...
- خبير ألماني: أربعة أو خمسة أطفال يموتون من الجوع يوميا في ال ...
- البيت الأبيض: لا نعتزم إجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية ...
- نيبينزيا: كييف دمرت أكثر من 1000 مؤسسة صحية وتعليمية وقتلت م ...
- نتنياهو يرد على انتقاد غالانت والبيت الأبيض يعلّق
- الحوثيون والمقاومة العراقية تستهدفان سفينة إسرائيلية في مينا ...
- وزيرا الخارجية المصري والتركي يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائي ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الطاهر المعز - متابعات، نشرة أسبوعية – العدد الخامس والسّبعون، بتاريخ الثامن من حزيران/يونيو 2024