أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - مبادرة بايدن: الحرب بوسائل أُخرى















المزيد.....

مبادرة بايدن: الحرب بوسائل أُخرى


سعد الله مزرعاني

الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هي، في الشكل، «مبادرة»، وهو، أي الرئيس الأميركي، في الجوهر، خصمٌ متنكّرٌ بدور الحياد والوساطة. بكَّرت الإدارة الأميركية، وبكل وقاحة، في تقديم نفسها شريكة في الحرب، منذ اللحظة الأولى في السابع من أكتوبر، وإلى ما بعد انقضاء ثمانية أشهر من المجازر والحصار والدمار والتجويع والإبادة، وكذلك من المقاومة والصمود الأسطوريين، ومن الهزائم والخسائر الإسرائيلية والأميركية. درجت الإدارات الأميركية على تقديم المشاريع الكبرى والشاملة، تحت عناوين: «الشرق الأوسط الكبير» (بوش الابن)، و«صفقة القرن» (ترامب)، وإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة (بايدن)... درجت أيضاً، على التسابق في ما بينها، على دعم الكيان الصهيوني بشكل سخيّ وشامل، لتكريس وجوده وتحقيق أطماعه وضمان تفوقه. بعد «طوفان الأقصى»، سارعت إدارة بايدن، حتى بالحضور الشخصي للرئيس وأركان حكومته إلى تل أبيب، لتوفير المساندة الكاملة للحكومة الصهيونية، تبريراً للعدوان بذريعة «الدفاع عن النفس»، وتوفيراً لكل أدوات القتل والإجرام والدمار إلى حدود الإبادة المنهجية المستهدفة للبشر وللعمران وللحياة بكل صورها وأسبابها.
منحت واشنطن لتل أبيب ما يكفي من الوقت والأدوات لتحقيق انتصار يواصل، بالقوة الهائلة والعنف المفرط، توفيرَ عناصر وشروط استمرارية مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإدماجه في المنطقة، ويؤدّي إلى هزيمة المقاومة والصمود الشعبي، ومعهما استكمال تصفية قضية وكلّ حقوق الشعب الفلسطيني. بيد أنّ المقاومة صمدت ببطولةٍ مدهشة، والشعب الفلسطيني، في غزّة خصوصاً، سجَّل أساطير في الصمود والصبر والتمسّك بأرضه وبحقوقه. وفي سابقةٍ ذات أبعاد إستراتيجية، انطلقت حركة تضامنٍ ودعم ومشاركة مع المقاومة الفلسطينية: في جبهة لبنان، وفي صنعاء، وفي العراق وسوريا... وكذلك تصاعدت المقاومة في الضفة الغربية المحتلة إلى مستويات أكّدت الوحدة الكفاحية المصيرية للشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، ما أعاد طرح قضيته بوصفها قضية كفاحٍ عادل ضدّ الاحتلال الاستيطاني الهمجي الذي يربض على صدور الشعب الفلسطيني منذ نحو قرنٍ إلى اليوم، ويطارده حتى في الشتات للقضاء عليه بكل السبل الإجرامية المعروفة أو المبتكرة!
جهدت واشنطن، بكل السبل وأقبحها، لدعم حكومة تل أبيب التي حدَّد نتنياهو أهدافها بتصفية المقاومة، وشطب دورها، وبإعادة المحتجزين بالقوّة، وببناء «شرق أوسط جديد». لهذا الغرض، قدّمت واشنطن الدعم المالي والعسكري والإعلامي والاستخباراتي للعدوّ الصهيوني. وهي واظبت، طوال ثمانية أشهر، على إنكار ما يشاهده كلّ العالم، من تشريدٍ وقتل ودمار وحصار وتجويع وإرهاب و...إبادة!
ترمي مبادرة أو، بالأحرى، مناورة بايدن، إلى أحد احتمالَين: الأول، محاصرة المقاومة، في حال الموافقة عليها، والسعي الصريح والمعلن إلى تغييبها في «اليوم التالي» وإلى تصفيتها سياسياً وحتى جسدياً. ثانياً، دفع عملية التطبيع

لكنّ الجيش الإسرائيلي تعثّر وعجز عن تحقيق الأهداف المعلنة بسبب مقاومةٍ وصمود أسطوريين، وتكبّد، بالمقابل، خسائر فادحة وغير مسبوقة. لم ينفع تمديد المهل، وتكثيف الدعم، ومعهما استمرار التواطؤ الرسمي العربي، في تدارك الإخفاقات وحجب الجرائم والمجازر، ما أطلق موجة تحوّلاتٍ مدهشة في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، تضامناً مع الشعب الفلسطيني وإدانةً لشركائه في حرب الإبادة وفي مقدّمتهم واشنطن. ولقد طاولت تلك الموجة والخسائر الكبيرة التي ولّدتها، ما سمّاه الرئيس بايدن نفسه «رصيد أميركا الأخلاقي» في العالم. وهي طاولت، أيضاً، معركته الانتخابية، وانعكست تراجعاً مضطرداً في فرص نجاحه!
لهذه الأسباب، وسواها من النتائج السلبية الأُخرى، كانت مسارعة الرئيس الأميركي، شخصياً، إلى إطلاق اقتراحه ببدء مرحلة جديدة من المفاوضات التي طالما أعاقتها، أو رفضتها، الحكومة الإسرائيلية المتطرّفة والفاشية بزعامة نتنياهو.
للإدارات الأميركية تجارب وتقاليد مكرّسة ومعروفة في تفاعلها مع معارك وحروب واعتداءات تل أبيب: هي، أولاً، تسارع إلى الاعتراف بنتائج العدوان، في حال الانتصار، وفي حمايته واستثماره، بوصفها عرّابة وشريكة. وهي تسارع، بالمقابل، إلى تدارك الخسائر، في حال الإخفاق، ثم، إلى استخدام نفوذها وعلاقاتها، لتحويل الهزيمة في الساحات، إلى مكاسب في المفاوضات. لهذا السبب، كانت المبادرة الأميركية، في أوائل الشهر الماضي، والتي هدفت إلى إعطاء مهلة إضافية للعدو، ليواصل ضغوطه البربرية، ولتحميل المقاومة مسؤولية استمرار الحرب. المقاومة تنبّهت إلى المناورة وأحبطتها. الوضع، بالنسبة إلى تل أبيب وواشنطن، أصبح أكثر سوءاً بعد شهر من المحاولة السابقة. تعاظمت العزلة الإسرائيلية مع تكرار المجازر، والإمعان في حرب الإبادة، وانتهاك كل القوانين الدولية والدولية الإنسانية، والاعتداء على منظمات الأمم المتحدة وتصنيف بعضها «إرهابياً» أو «معادياً للسامية». مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا أليانز، صرّحت في أواخر الشهر الماضي: «الأنباء مروعة. إسرائيل لن توقف هذا الجنون حتى نوقفه نحن. يجب فرض عقوبات على إسرائيل وقطع العلاقات معها». وكذلك، انكشفت، إلى حد الفضيحة، أكاذيب ومزاعم واشنطن حول حقيقة مواقفها ومسؤولياتها في غزة وفي العالم.
ترمي مبادرة أو، بالأحرى، مناورة بايدن، إلى أحد احتمالين: الأول، محاصرة المقاومة، في حال الموافقة عليها، والسعي الصريح والمعلن إلى تغييبها في «اليوم التالي»، وإلى تصفيتها سياسياً وحتى جسدياً. ثانياً، دفع عملية التطبيع، في حال الرفض، واستخدامه ذريعة لتجاوز الخسائر التي أحدثتها عملية 7 أكتوبر، ولمواصلة التطبيع والمشروع الذي يقع في سياقه للهيمنة على المنطقة. وهو مشروع أميركي صهيوني يشارك فيه، علناً أو سرّاً، المطبعون القدماء والجدد، ويوظّفه المرشح بايدن في معركة الرئاسة ضد صاحب «صفقة العصر» الرئيس دونالد ترامب.
قيل سابقاً: «الحرب هي السياسة بوسائل أُخرى». يصحّ وصف مبادرة ترامب بأنها الحرب بوسائل أُخرى، أخبث وأخطر! قبل المبادرة وبعدها، المعركة مستمرة. وهي معركة ذات طابع تحرري ضد المشاريع الاستعمارية القديمة والجديدة. إنها معركة مصيرية بكل المقاييس. وهي التي، من أجل الانخراط فيها، ينبغي أن تتجذّر المواقف، وتحسم الخيارات، وتتوحد الجهود... في مشروع كفاحي حاسم وواضح في أهدافه وأولوياته وقواه الشعبية والسياسية.



#سعد_الله_مزرعاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقطة الضعف الكبرى
- نتنياهو: غزة وفلسطين والمنطقة جميعاً!
- «قرار الحرب والسلم»: 17 أيار نموذجاً
- أي علاقات بين واشنطن والكيان الصهيوني؟
- قوة عظمى للعدوان والهيمنة
- الأميركي، «وسيط» أم عدوّ؟!
- وليمة القتل بين بايدن ونتنياهو
- ماذا عن تلكؤ «الشارع» العربي؟
- جوهر التحرّر العربي: مواجهة مشروع الصهاينة وحماتهم
- خطة الاحتواء الأميركية قيد التطبيق
- بلينكن: خطّة استفراد غزّة وعزل إيران
- حرب بلا قواعد!
- الخاسر الأكبر
- إجرام الصهاينة: التفوّق على الذات!
- قمّة الاحتواء والتمييع
- معادلة الجزء والكل: واشنطن العدو الأساسي
- غزة العُظمى!
- مفارقات ما بين اللجوء والنزوح
- نظام اللامحاسبة
- السيادة في بازار الفئوية والارتهان


المزيد.....




- بـ10 نقاط.. خلاصة مناظرة بايدن وترامب على CNN
- رغم إلغاء مشروع القانون المثير للجدل.. الكينيون يطلبون العدا ...
- ما هي المدينة الأكثر ملاءمة للعيش لعام 2024؟
- لا بايدن ولا ترامب.. ماسك يكشف عن -الرابح الأكبر- في المناظر ...
- 19 طالبا من جامعة ملبورن يواجهون التهديد بالفصل بعد مشاركته ...
- مقتل أربعة أشخاص بسبب اصطدام قطار بحافلة في سلوفاكيا
- شاهد: باندا تايوان الوحيدة تحتفل بعيد ميلادها الرابع: حلوة و ...
- أبرز لحظات المناظرة الرئاسية بين ترامب وبايدن
- 110 سنوات على مقتل ولي عهد النمسا، أو أشهر اغتيال في التاريخ ...
- الانتخابات الأمريكية والشرق الأوسط: تاريخ من الاستثناءات


المزيد.....

- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد الله مزرعاني - مبادرة بايدن: الحرب بوسائل أُخرى