أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى التركي - أنا والقصيدة














المزيد.....

أنا والقصيدة


مصطفى التركي
شاعر

(Mostafa Eltorky)


الحوار المتمدن-العدد: 8002 - 2024 / 6 / 8 - 03:18
المحور: الادب والفن
    


أحتاج في بعض الأحيان إلى ما يزيح عن صدري كومة الدخان هذه، يعتصر الرئتان؛ فيسيل القطران والنيكوتين وفلاتر السجائر. أستيقظ من النومِ كأي شاعرٍ يستيقظ من نومه، أتناول وجبة الإفطار، أدخّن سيجارة كليوباتر، أفركُ عيني، أدخن سيجارة أخرى لأستيقظ من النوم.
أتجوّل في ساحة الوعي تاركًا خلفي قصيدة تناديني في اللاوعي، تقول لي: شكّلني، اخلقني، أنا قطعة من ظلامك من خيالك من ذكرياتك، أتركها تنادي عليّ وأُلَبّي رغبة أبي في الذهاب إلى العمل.
أظلُّ ساهمًا أثناء عملي، بينما القصيدة تتشكل داخلي رغمًا عني، كأنها عجينة أضيفت لها خميرة فانتفخت، أحس بالانتفاخ اللامرئي، وأكمل مهامي اليومية الروتينية، أعود إلى البيت، أتناول وجبة العشاء، أشرب شاي العروسة، أدخن سجارة وأكتب مقالًا عن قصيدة.
أين هم من كتبتُ لهم قصائدي السابقة؟ هل مصير هذه القصائد النسيان؟ لماذا خلقتُ شاعرًا؟ متى ينقطع الوحي عني؟ متى يجيء الوحي لي؟ من أين أستقي مادتي الشعرية القادمة؟ هل قصيدتي مختبئة مني تحت جلدي؟ هل قصيدتي اختمرت وستخرج الآن من مسامي؟ لمَ الموضوعات الشعرية متشابهة بينما يختلف التناول باختلاف الشعراء؟ نريد أن ينتهي كل هذا، أريد أن ينتهي.
على حافة الذكرى، أسير بخطى موؤدة، كأن منجلًا مسنونًا يقصف قدمي، أتعكز على أي شيء في طريقي، وأرى وجوهًا شاحبة باهتة لا أتبين ملامحها، لكنها تناديني، اكتب لنا قصيدة!
لو تأملتَ سيارة وبل الأخص عدّاد سرعتها ستجد المؤشر أثناء القيادة يزيد وينقص، لديّ عدّادٌ مشابه له لكنه ينقص دائمًا هذه الأيام، أن أقِلُّ تدريجيًا، أذوبُ، أتحول إلى سائلٍ، أتبخر، أكونُ قصيدة!
لدي القليل من المال، القليل من الصحبة، القليل من الفتيات، القليل من القوة، والكثير من الذكريات؛ ليس عدل هذا.
أهرب من كل شيء إلى الظلام، لم أعرف معنى العدم لكن ربما أعيشه في هذه العتمة، سكونٌ تام، قصائد في كل مكان تنادي أصحابها، وأنا... أكتب قصيدة جديدة.
قصيدة للحب، قصيدة للكراهية، قصيدة للهيام، قصيدة للرزانة، قصيدة للصديق، قصيدة للخيانة، قصيدة للأب، قصيدة عن عقدة أوديب، قصيدة للأم، قصيدة عن عقدة إلكترا، قصيدة عن كل شيء، وقصيدة عن اللاشيء، وأخيرًا، قصيدة عن الكذب.
أنا لا أمدح نفسي، لكنني أكتب شتى الأصناف، أصنعُ أصنامًا ليكسرها غيري، فأفرح بوجود مؤمن جديد.
ولا أذم نفسي، لكنني أكتب الشعر، الذي لم يقدّر حق قدره حتى الآن رغم معرفتي من أي تؤكل كتفي.
الحياة هي الموازنة بين الموهبة والعمل، إن كنتَ موهوبًا، وأنا وازنتُ ووجدتُ ما لا يسرّ العين رؤيته، من حقد أبناء الكار، وجشع الكثير منهم، وضعف نظر الكثير، وهوان القلة المستضعفة، وهياج الجدد الطامحين لأعلى المراتب، وتمسك من هم أعلى بالكرسي العالي ورفس من يصعدون إليه، هذه الجرأة لن تجدها مرة أخرى، صدقني لن تجدها.
لدي سماعة "هاند فري" سببت لي ألمًا في طبلتي أذني، وذلك لكثرة استعمالها لأفصل نفسي عن الواقع، أو لأسمع الواقع بأصوات محببة لي، أصوات مناسبة لخلق أبيات جديدة، أجراس القوافي هي كل ما يهمني، الموسيقى الداخلية للكلمات، الصوت المصاحب لكل حرف أثناء نطقه، أنا سعيد بهذا الألم الذي أصاب طبلتي أذني.
في النهاية، معي قصيدتي، هاتفي المحمول، أقلامي ومفكرتي، حبيبتي، أبي، أختي، صديقي، كلبي الذي غادرني، مرضي الذي غادرته، والظلام في غرفتي الذي ينبعث منه العدم، العدم الذي ينبعث منه الخيال، الخيال الذي تُبْعَثُ منه القصائد التي تنادي أصحابها، وأنا أحملق إلى السقف في انتظار هبوط القصيدة لألقفها.



#مصطفى_التركي (هاشتاغ)       Mostafa_Eltorky#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر مختوم بالباي بولر
- عن الشاعر مدحت منير
- ديوانٌ معقَّمٌ بالكحول
- يا الفراشة
- كوفيد-19 والباي بولر
- ذكريات
- قصيدة الأراجوز
- وقت الضغوط
- الغلبان


المزيد.....




- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى التركي - أنا والقصيدة