أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس ثقافية 194















المزيد.....


هواجس ثقافية 194


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 8000 - 2024 / 6 / 6 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كل النصوص تخاتل، منافقة، خائنة، كذابة، لا يأتي النص من أجل الجمال أو الحب أو الحرية أو المستقبل.
يأتي النص من أجل ذاته، من أجل تسويق ذاته، تسويق ما هو قائم.
النص السياسي منافق وكذاب، والنص الأدبي مراوغ وكذاب، يحمل الوسخ إلى جميل، يعمل على تسويق نفسه، والنص الفكري يأتي من أجل تسويق أيديولجية.
لا ياتي النص من أجل الإنسان وأنما من اجل التعويم، تعويم الواقع كواقع مدمر، من اجل استمرار العبودية واللعب على الموجود وإدارته.


النص الذي تكتبه ليس النص الذي تكتبه.

مفهوم الحرية صعب جدًا، بل من أصعب المفاهيم، هو مفهوم فلسفي، من الصعب تفكيكه، أنه في العقل، والعقل عمليًا، هو الله.
العقل حر، يستطيع أن يسبح في الموجودات كلها دون أن يمسه أي شيء، مأساة العقل أن المجسد هو الذات، هو القمع، هو الجهل.
العقل هو عصفور طائر لا يقبض على الواقع، ولا يريد القبض عليه، وبمجرد القبض عليه سينزل من عليائه ويجلس مع الفائض عن اللأزم.

داعشي من القرون الوسطى
إن التمتع الفعلي بالسعادة في حياتنا الدنيا، من دون أمل في حياة آخرة، ليس سوى سعادة زائفة وبؤس عميق.
فمسرات النفس الحقيقية لا يمكن نيلها الآن، لأنه ما من حكمة حقة إلا وتوجه أحكامها الحصيفة كلها، وأفعالها الشريفة، والضبط الفاضل للنفس، وتنظيماتها العادلة، إلى تلك الغاية النهائية التي يكون فيها الله فيها الكل ويكون الكل في أبدية آمنة وسلام كامل.


الكثير منّا يريد أو يتمنى أن يصبح تقيًا، نقيًا نظيفًا من الداخل.
هل هذا ممكن؟
بالطبع: لا
وما معنى التقوى، ومن أين جاءت؟
عندما يكون المفهوم سابقًا على الفعل اعتبره وهم وخواء.
وعندما تحاول أن تصبح تقيًا بقرار مسبق، هذا نفاق وكذب.
التقوى إن لم يكن جزءًا من تكوينك النفسي والعقلي، جزءًا لا يتجزأ منك، دون رؤى مسبقة، لا يمكن أن يكون صحيحًا.
لهذا فإن الاعتراف المسيحي كذبة، زيف، لأنه يناغي وينغنغ الرؤية المسبقة للمرء.
الاعتراف هو إدراك أن الذاتي والموضوعي منفصلان، ولكن لا مشكلة أن يكذب الذاتي على نفسه وشروط حياته وواقعه، عندما يظن عبر الاعتراف أنه عاد إلى ذاته نظيفًا سليمًا تقيًا.
كم وكم من الزيف نعيشه يوميًا ونحاول ان نتحرر منه، لكن السؤال، إذا تحررنا منه إلى أين سنذهب؟
عندما يأخذك المفهوم، مفهوم التقوى إلى بيته، هذا لن يجعلك متصالحًا مع ذاتك، يجب أن تكون المعادلة مقلوبة تمامًا.
لهذا أقول كل الأخلاق القائمة زائفة، فيها كم هائل من اللعب على المفاهيم وتطويهم لمصلحة الحضارة المشوهة الكاذبة والمنافقة، جاءتنا من خارج أنفسنا، فأدخلتنا في الجحيم، في صراع قاسي وصعب بين أن أكون أخلاقيًا أو زائفًا، وفي الحالتين نحن مزيفون ومنافقون وكذابين.


صنعت نبيك أو رسولك أو صنمك لبنة لبنة، أوقدت فيه النار وانتظرته إلى أن تحول إلى جمر، ونثرت عليه بعض حبات البخور، وأشعلت له الشموع ووضعته على قدميه وركبته وعلى مقربة من وجهه.
كبر هذا النبي أو الرسول إلى أن أصبح ايقونة مشعة يأتيه الحجيج من كل مكان يصلون له وعليه، يركعون أو يسجدون، يبكون من هيبته وجماله.
بعضهم يحضنه كما تحضن الأم وليدها أو الحبيب حبيبه، وهو صامت لا يحكي ولا يضحك، لكنهم يرونه يبتسم لهم ويباركهم.
هذا نبيك أو رسولك، صنمك، تعبده كما تشاء، تغدق عليه أجمل الصفات هذا حقك، لكن ليس حقك أن تجبرني أن أعبده أو احترمه أو احترمك.
أنت تراه مرسلًا ومبشرًا ونذيرا، أنا أراه وهم وخيال، اعتقاد خاطئ، أحزن عليك لأنك تؤمن به بقوّة، بالرَّغم من عدم وجود أدلَّة عليه، ويدلّ على مرض عقليّ في عقلك، واعتقادك به، لهذا لا تجبرني على فعل شيء غير مقتنع به.

في الصين، في بداية القرن العشرين كانت طبقة الاقطاع مكتملًا مسيطرًا على كل شيء بما فيه الجنس والمرأة، وطبقة العبيد التي كانت القاعدة، وربما الكوريتين وروسيا أيضًا.
لكن، الصين وروسيا والكوريتين استطاعوا سواء عبر الثورات الوطنية أو الحرب أن يتخلصوا من الأرث القديم، وأن يتحولوا تحولات نوعية في العالم المعاصر، ولدينا أمثلة كثيرة يدل على أن الشعوب بقيادة الدولة تستطيع أن تنتقل نقلات موضوعية نحو الحداثة، لكن دون حداثة حقيقية، لكنه انتقال عمليًا.
الدول العربية المشبعة بالعقلية الاقطاعية، بالقنانة، الذي جاء اليها من القرون الوسطى وساهم الدين الإسلامي في تعزيز المكانة الاقطاعية ورفدها بالقوة مع طبقة التجار ورجال الدين والسلطة على حساب الإنسان العادي.
والحركات الاجتماعية التي قامت أو جاءت عبر الانقلابات العسكرية لم تحاول الانتقال أو تعمل على تغيير الواقع الاجتماعي السياسي، بل تحالفت مع الدين ورجاله ومع التجار الجائعين للمال دون أي تفكير في الانتاج أو تطوير وسائل الانتاج أو الانتقال إلى العالم الحديث.
الجهة الوحيدة الحداثية في بلادنا هو العسكر، تم تعزيزه من أجل القبض على مفاتيح الحياة والمجتمع والسلطة والسيطرة.

نص سومري
"إلى أين تمضي يا جلجامش؟
الحياة التي تبحث عنها لن تجدها.
فالآلهة لما خلقت البشر، جعلت الموت لهم نصيباً، وحبست في أيديها الحياة.
أما أنت يا جلجامش، فاملأ بطنك..
أفرح ليلك ونهارك
اجعل من كل يوم عيد
ارقص لاهياً في الليل
وفي النهار امش بثياب نظيفة زاهية
اغسل رأسك وتحمم بالمياه.
دلل صغيرك الممسك بيدك، واسعد زوجك بين أحضانك.
هذا نصيب البشر في هذه الحياة."

الحبيب الذي ستعرفه جيدًا هو الحبيب المحمل بالرحيل.
وإن أفضل لحظة لمعرفة الحبيب، هي لحظة الفراق.
لحظة الفراق هي لحظة الحقيقة والصدق.
في البدايات لا يمكنك معرفة الحبيب، لأن العسل اللذيذ عطل عليك عمل الحواس، وسكن الاسترخاء والصمت بين الخلايا، وساد الفرح العابر إلى حين الرحيل.
في الفراق تكتشف أن تحت العسل الطافح، الطافي أو العائم على السطح، كانت تلوح هشاشة، وعجز وضعف وخبايا نفس.
ربما لم يكن خائنًا، بيد أن استعداده النفسي، كان كذلك.

كتبت أثناء الأحداث، أن أهم إنجاز لأحداث غزة هو تعويم الحركات الجهادية الفلسطينية لتصبح رقمًا مهمًا في المعادلة السياسية، والعمل على تهميش منظمة التحرير وإنهاء دورها وإنهاء أتفاق أوسلو أو سحب خيره.
المشكلة نحن ناس سذج، بسطاء، لم نتعلم سياسة أبدًا رغم الصراع الطويل مع إسرائيل.
يحيى السنوار، صرح أنهم يريدون التعاون مع منظمة التحرير الفلسطينية، لكن بشروط حماس، لأخذ الأحداث الأخيرة بعين الاعتبار، يقصد أحداث غزة، بمعنى أن الحوار يجب أن يكون بشروط حماس والجهاد الإسلامي
علينا أن نعود إلى الوراء قليلًا، ونتذاكر كيف أخذت الولايات المتحدة، الدولة العملاقة، الاتحاد السوفييتي إلى ملعبها أو حلبتها وراحت تلكمه من كل الجهات والجوانب، وهذا الأخير يتلقى الضرب والرفس والبصق إلى أن خر ووقع وتم ذبحه ووضعه في المسلخ العالمي.
الأن دور الإسلام السياسي، عوموه، دعمه، سلطوا الضوء العالمي عليه إلى أن أصبح تحت مرمى النظر، بمعنى رقوه بضعة درجات، ليتحول إلى رقم كبير، ثم أخذه إلى الحلبة، المكان الذي تريده، ثم إلى المسلخ لتقطيعه وهرسه.
من لا يستفيد من تجارب الأخرين لا يستحق العيش، ولنا في تجارب الأنظمة العربية أمثلة ليست قليلة، تستحق القراءة، لنعرف أين أصبحوا وأين أصبحت شعوبهم

عباس منصور من عرب الخط الأخضر، عرب ال 48، من جماعة الأخوان المسلمين، أو ما تسمى الحركة الإسلامية، انتخب نائبا في الكنيست الإسرائيلي لاول مرة في انتخابات إبريل 2019، ضمن قائمة جمعت الحركة الإسلامية والتجمع الوطني الديمقراطي.
وانتخب للمرة الثانية خلال الانتخابات المبكرة ذات العام في سبتمبر أيلول العام 2019، بعد عودة تشكل القائمة المشتركة.
واليوم عباس منصور في التشكيل الحكومي الإسرائيلي الجديد، بالنسبة له، مثل أغلب الاخونجية، ليس مهمًا إن كان مع أقصى اليمين الإسرائيلي أو اليسار الإسرائيلي.
إنه براغماتي إلى نقي العظام، مصلحته هي الأساس، أي فوق الدين.
إذا كان أحدنا براغماتيًا كعباس منصور، أين تكون المبادئ والأوطان والنضال، وجعجعة حماس وأخوان سوريا ومصر وليبيا؟
مهمة الأخوان المسلمين هو الوصول إلى السلطة، ولا شيء أخر.
ان يتسيدوا المشهد، لهذا فإن الغرب وإسرائيل لا يخافون منهم، يعرفون أن حجمهم محدود، الكثير من الصراخ والبكاء من أجل الحصول على الجزء المتبقي من الكعكة.
وضع الأخوان مفهوم الإسلام في أعلى القائمة بانتهازية مبتذلة لكسب قلوب المسلمين، لكن هدفهم الاسمى هو السلطة والمال.

أغلبنا حرم من الحب في سن المراهقة وبداية الشباب. وهذا الحب أهم عنصر من عناصر الحياة، أنه يمنح الإنسان التوازن النفسي والإنساني ويؤسس لكائن منسجم مع نفسه على المدى البعيد.
القمع شل تفكيرنا ودمر مرتكزات حياتنا.
أطرح على نفسي أسئلة كثيرة:
ـ من الذي استفاد من الحرمان العاطفي والجنسي لأغلبنا؟
ـ لمصلحة من لم نعش حياتنا بشكل طبيعي؟
ـ هل حقيقة نحن أتقياء؟ هل نحن ممثلين فاشلين في الحياة؟
ـ وعندما نكون مع الحبيب هل نكون على طبيعتنا؟ أم نمثل على أنفسنا وعليه؟
واعتقد أننا نكذب على أنفسنا في أغلب مجالات الحياة، لهذا نحن لسنا واقعيين.
ويأتي السؤال الأخر:
هل انتصرت العفة أم نحن هزمنّا؟
ما أكتبه يمس العقل الحر الصادق المخبأ في داخل الإنسان، أو النائم في طيات النسيان.
هذا الحب المفتقد خلق في نفوس الكثير فجوة عميقة لا يمكن ردمها، لهذا أرى الكثير منّا يبدأ مراهقته الحقيقية بعد سن الخامسة والأربعين أو الخمسين أو الستين وفوق، أي بعد أن شاب أخذوه للكتاب
كلنا ظلمنا، كلنا كنا نعيش الآهات في صدورنا ولم نستطع ان نبوح بأوجاعنا. الحب يصرخ ويصرخ، ونحن نقمعه نضربه نسكته، بيد أنه لا يعرف السكوت وإذا سكت، يكون قد التف على نفسه، وعلينا، وزرع فينا أمراض كثيرة دفنت في أعماقنا.

إذا أردت أن تعرف أسباب هزائم الأنظمة العربية على مدى سبعة عقود عليك الإصغاء إلى ما تقوله إسرائيل.
لم نسمع من الأنظمة العربية إلا الهوبرة والكذب والزعبرة، والطرش يصفق لهم طوال فترة وجودهم في السلطة.
خلال سبعة عقود لم نتعلم من إسرائيل أي شيء، كيف أدارت حروبها وكيف انتصرت أو كيف سحقت المنطقة كلها؟
وما زالت الجعجعة هي ذاتها، خاصة بعد ان دخل على الخط منافقان جدد، الخليفة العثماني وولي الفقيه الفارسي ومنظماتهما، تجار المخدارات وتجار السياسة، وفي باطنهما روح الانتقام من العرب.


مرات كثيرة تشعر أنك نصفين، أنت ليس بينهما.
حالة تأرجح، صحيح النص قصير جدًا، بيد أنه فلسفي عميق، يشير إلى اللانتماء.
واللانتماء أيضًا موقف، يشير إلى حالة الضياع.

هناك لذة غريبة تنبت من أعماق النفس، هي لذة الألم على الحبيب الراحل. في المقاييس الطبيعية، ربما هذا الحبيب لا يساوي نكلة، ثمن فنجان القهوة، بيد أن غرابة النفس، الغريبة، هي التي تجعل النفس حزينة متألمة.
إذا كان الفراق طبيعيًا، إشباع من الطرفين، لا مشكلة. بيد أن هناك من لديه خراب داخلي، استعداد أن يثقب قلبك وعمرك بكل بساطة. إن يتنكر لك في اية لحظة. إنه لا يخاف إلا على ذاته المكسورة والمريضة، لهذا ينتقل كالدبور المسموم من عش إلى أخر ليلدغ ويأكل فراخه

لا تولد العنصرية دون سياسة، موجه، دون وجود السلطة وربيبتها الدولة.
لا تنبع العنصرية من عدم، من فراغ، هناك مصالح وغايات، صيرورة ودوافع وقوى تسيرها.
دون حوامل سياسية لا عنصرية بين الناس، ولا انقسام اجتماعي أو إنساني ولا تقسيم، ولا موجه من فوق
دائما البشر يقعون في الفخ، فخ من ينصب نفسه زعيمًا عليهم، ويسيرهم كالأطفال الصغار ويحفر لهم الحواجز والحدود ويعليها
لهذا نقول، لمن موجهة هذه المظاهرات في الغرب، وضد من؟ لتأديب من ودعم من؟
هل هذه المظاهرات ضد الشرطة مثلًا؟ وهل يستحق جهاز الأمن كل هذه المظاهرات في الغرب؟
جهاز الأمن مرتبط بالسلطة، والسلطة هي الموجه والآمر، أما ما حدث فهو قضية فردية يمكن أن تحل بالقانون ولا يستدعي كل هذا الهيجان.
ما الغاية الفعلية من هذه الظاهرات، إذا كانت السلطة قابضة على كل شيء؟
حتى المظاهرات، ونبلها، أصبحت صناعة، تصفية حسابات بين قوى متعارضة.



قبل أن أنام البارحة شاهدت مظاهرة كبيرة منظمة جدًا في استوكهولم على الشاشة ضد العنصرية، استوقفني الحدث. وأحزنني بشدة.
استيقظت وصورة المظاهرة لم تترك خيالي وذاكرتي، قلت لنفسي:
حتى المظاهرات فيها خيار وفقوس، معقول؟ ولماذا تسلط الكاميرة بطريقة احترافية على الغضب من جهة، على الوجه لشابة أو أكثر، من السود، والحزن على أخرى التي تثير الشفقة والثورة في نفسية المتفرج.
مليوني قتيل في سوريا، وجرائم ممنهجة نراها أمام كاميرات العالم، وتدمير ممنهج للآثار والبيوت والتاريخ والجغرافيا والحدود والحياة، ولم نر عشرة أفراد في باريس أو لندن أو برلين أو نيويورك، ينزلون إلى الشارع ويتضامنون مع هذا الشعب الذي يموت اليوم جوعًا وقهرًا ووجعًا، ولا ماء ولا كهرباء، ولا كلمة إدانة للقاتل بشار أو أحد أفراد عائلته أو نظامه.
من الذي يحرك المظاهرت في الولايات المتحدة وأوروبا، هذه المظاهرات الجاهزة وتحت الطلب؟
المظاهرات فعل سياسي منظم، أي، الموضوع أبعد ما يكون إنسانيًا، ماذا يحدث في عالمنا:
هل أصبحنا آلات إلى هذه الدرجة من التسفيه، والرخص والفراغ والغباء؟
هل هذه المظاهرات هي ضد العنصرية فعلًا، من الذي يلعب بنا ويحركنا وكأننا أوراق جافة يابسة تذروها الرياح في الهواء لتسقط بشكل حر وتموت على الأرض إلى أن تذبل وتفنى.


في مثل هذا اليوم قبل خمسون عامًا، كنت مع أصدقائي نعلق صور لأعبي كرة القدم العالميين، بيليه وبوشكاش وأوزبيو وليف ياشين، على جدران أحد البيوت الترابية في مدينة رأس العين، لنحوله إلى ناديًا خاصًا بنا.
كنا سعداء جدًا، كدنا نطير من الفرح، عندما سمعنا من الأذاعة عن إسقاط الجيش خمسة وتسعون طائرة، ثم مئة ثم مئة وعشرون، وثم مئة وخمسون. وإن إسرائيل في طريقها إلى الزوال.
كنت أظن وقتها، أن الطائرات الإسرائيلية، مجرد فراشات تسقط تحت ضربات الضوء.
توقف ذهني عند هذه اللحظات الجميلة، ولم أتابع تفاصيل ما جرى. بقيت سعيدًا، أننا انتصرنا.
كنت طفلًا في التاسعة من العمر. ولا أعرف لماذا لم أسأل نفسي:
ـ وماذا بعد إسقاط مئات الطائرات الإسرائيلية؟ ولماذا لم تزول إسرائيل؟
اليوم، استذكر تلك المأساة، وما زال في ذهني آلاف الاسئلة:
ـ لماذا هزمنا؟
وما زال الجواب يحتاج إلى عشرات الآلاف من المجلدات، للرد على هذا السؤال الإشكالي.


هل تعتقد أنك ترتدي الثياب التي تتناسب مع الثقافة التي كان ثقافتك في ما مضى من الزمن؟
أما زلت في عصرك الذهبي كما تتخيل وتعتقد؟
وهل الهاتف المحمول الذي في يدك ليس ثقافة؟
كيف توفق ما بين أحدث تقنيات العصر والثوب الذي يعود إلى القرون الوسطى؟
هذا الهاتف المحمول، كما تعلم، كتل معبأة بالثقافة، خزان من الرسائل والرموز والشيفرات تخترقك من رأسك وتمر من اسفلك ولا تقف عند قدميك.
إنه يهزك ويعيد إنتاجك في اليوم الواحد مئات المرات، لهذا نقول لك، لماذا تظن أنك لم تتغير كما تتغير عقارب الساعة؟
ما الذي يجعلك تحس أنك فريد عصرك، وأنك في مكانك لم تتبدل؟
الا ترى أن كل شيء حولك وإلى جانبك وفي المقدمة والمؤخرة يقتلعك ولم يبق منك أي شيء يستحق أن تتفاخر به؟
على من تكذب، على نفسك أم على الحضارة التي تفقأ عين من لا يرى أو يشوف؟


جفت الأنهار في معظم البلدان العربية، دجلة والفرات والخابور والعاصي وبردى واعتقد أن الاردن لا يملك نهرًا والنيل شبه ميت والسودان يعاني.
وما زال النظام العربي المتداعي يسهر على بقاءه في فوضاه وخراب مجتمعاته. وما زال مصرًا على نهجه في تدمير مقومات الحياة والبقاء.
في سنة 1970 كان عدد سكان سوريا خمسة ملايين نسمة والعراق سبعة ومصر ثلاثون مليونًا وتونس خمسة ملايين. اليوم هناك تغول سكاني رهيب دون وجود مقومات الحياة كالموارد المائية. وهناك جفاف الثروات وخراب التربة وتصحر المزيد من الأرض وفسادها وتلوثها.
وما زال هناك من ينتج المزيد من الضحايا بإنجاب المزيد من الأطفال دون أي تفكير في مستقبل القادمين الجدد.
الحاكم جاء من المجتمع وتفكيره وثقافته لا تختلف عن تفكير وثقافة الإنسان العادي، لا تخطيط ولا تنظيم ولا محاولة وضع رؤية للتخلص من الدمار القادم.
يبدو أن المجتمع العربي سيسير إلى نهايته مع الحاكم العربي



الغزو ليس بالضرورة يكون بحمل السلاح.
كل سلوك أو تصرف فيه إلغاء للآخر هو غزو. عندما تعتدي على حقوق غيرك المادي والمعنوي هو غزو. كل كلام غير منضبط، وغير لائق وفيه إهانة هو غزو.
وكل اتهام للآخر بالخيانة أو الطائفية أو أي كلام عنصري هو غزو. وكل من يقلل من شأن الآخر، ويحط من قدره أو لا يعترف بكينونته كإنسان، وكائن هو غزو.
الغزو له وجوه متعددة، السلاح هو تتويج لحوامل كثيرة.
لا يمكننا أن نصل إلى حمل السلاح قبل المرور بتلك الأفعال التي ذكرتها.
جنون الارتياب والفوضى، الغوغائية والديماغوجية، هو اساس، أو ركيزة لهذا الغزو.



السلطة وحش، لها أنياب وأظافر، ومخالب، وسكاكين وخناجر وسيوف.
عملت الدولة المعاصرة على تقليم أظافر هذا الوحش وربطه بالقانون والمؤسسات في داخل البلدان الغربية كأوروبا والولايات المتحدة وكندا وغيرها..
اغلب الشعوب في العالم الثالث يريدون إخراج هذا الوحش من مكمنه واطلاق سراحه ليأكل الأخضر واليابس.
لقد دبكت ورقصت هذه الشعوب لهذا الوحش في ما مضى من الزمن، على أثر مجيء حسني الزعيم، والعسكر من بعده في سوريا. ومصر عبد الناصر وليبيا القذافي وسودان النميري وسوريا حافظ الأسد وأبنه بشار وغيره. وكمان سوهارتو في اندونيسيا وموبوتو في الكونغو وعيدي أمين في أوغندا وكاسترو في كوبا وكيم آيل سونغ في كوريا الشمالية وماو تسي تونغ وستالين في الصين والاتحاد السوفييتي.
واليوم يريدون للوحش الديني المتعطش للسلطة أن يخرج من القمقم، ليحل محل الوحش السابق، ويفتك بما تبقى من الأرض والسماء.
ويحلمون أن تمتد جذورهم إلى كل مكان، لتتحول الأرض إلى مكان مقفر، يسكنه البوم والغربان.



موضوعيًا، لم يعد هناك صراع بين الدول عسكريًا وسياسيًا.
في الجوهر متفقين، مختلفين في الشكل.
تحولت حروبهم الى لعب وتسلية. والعبث بحياة البشر وآلامهم وأوجاعهم. الذي يدفع الثمن، هم البسطاء والمهمشين في البلدان التي يقع فيها الصراع.
أغلب زعماء العالم، يحمون مصالح بعضهم البعض في العمق والسطح، يشترون ويبيعون بالمجتمعات.
قلنا سابقًا، أن زعماء العالم مثل جراء الذئاب، لا نعرف إن كانوا يلعبون مع بعضهم أو يعضون بعضهم.


الأدب, الفن, يتحرك كل مجال حسب موقعه, وفق آلية منظمة. العلاقة في داخل كل واحد منهما علاقة منضبطة أشد الانضباط, مدوزن وفق شروط صارمة, علامة أو نصف علامة, مكبوتة, مقموعة في خمودها, حزينة. وعندما تهم بالخروج, تصبح منسقة, متسقة, وفق معايير, تناغي أو تناجي الطبيعة وتندغم فيها. وعندما تخرج, ترفرف في السماء, حرة, سعيدة, نقية كالنبع الزلال.

عبر التاريخ, كانت النخبة الثقافية, هي الفئة الأكثر انكماشًا على الذات, رجعية, تقليدية. من الصعب قبولها بأي فكر جديد أو رؤية جديدة. إنها فئة متمركزة حول نفسها ولا ترى العالم إلا من منظورها الضيق.
وهي أول من يضيع في خضم الأحداث العظيمة. ويفقد القدرة على رؤية أي تطور يحدث فيه.
إنها أكثر الفئات الاجتماعية خوفًا من كل ما هو جديد.
دائمًا, الفئة المذبذبة, توازن بين هوسها الذاتي, نرجسيتها, عصابها, والعالم المتلاطم الأمواج الذي يلح عليها ويهزها.
وتعال وازن إذا تقدر توازن


صمود الامبرطورية العثمانية مدة طويلة, سبعة قرون, لم يكن نتيجة قدرة السلطنة على انتاج أو اعادة انتاج ذاتها. كان ذلك نتاج عطالة المجتمع, والقوة العسكرية المتمركزة حول السلطة. عمليا, كانت أوروبا في ذلك الوقت تتجه نحو الصراع الذاتي, الاوروبي الأوروبي منذ القرن الرابع عشر, لبناء منظومة سياسية جديدة داخل كياناتها الاجتماعية, والانتقال نحو بناء منظومة سياسية عالمية منذ القرن السابع عشر حسب اتفاقية ويستفاليا في العام 1648 على اثر حروب الثلاثين, بعيدا عن الأتراك. وعندما تفرغ الأوروبيين من حول ذلك, بدأت أنظارهم تتجه نحو الامبرطورية بدوافع سياسية, وطمعا في أن تكون سوقا سياسيا لها, لتفريغ الحمولات السياسية الدولية, وسوقا لمنتجاتها, كون السلطنة كانت دولة طرفية ضعيفة في المنظومة التي كانت في بدء التكوين

عندما خرج الناس في سوريا بمظاهرات, اعتبرت هذا أكثر من ثورة وأكثر من انتصار وأكثر من انقلاب على المعادلات السياسية المطروحة في المنطقة والعالم.
في الثورات المعاصرة, يتداخل الدولي بالاقليمي بالمحلي.
لا, ولن تقبل دول القرار الدولي, نجاح مطالب شعب. ولديهم جنود مصنعة في أقبيتهم, لإنتاج أشكال قميئة, تتكلم بأسم الناس وتطعنهم من الخلف في الظهر. مثل جميع التنظيمات المسلحة التي أرسلت لبلادنا من وراء الحدود.
كانت ثورة شعب, ثورتنا التي حلمنا بها. أما الثورة المضادة هي صناعة دول القرار بمعية ومساعدة الدول الاقليمية كتركيا وايران والسعودية وقطر وغيرهم. وبالتعاون مع النظام ذاته.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية 193
- هواجس ثقافية وفكرية 192
- هواجس سياسية ويستفاليا ــ 191 ــ
- هواجس نفسية وثقافية ـ 190 ــ
- هواجس ثقافية وأدبية وسياسية 189
- هواجس ثقافية 188
- هواجس ثقافية وأدبية ـ 187 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية ـ 186 ـ
- هواجس ثقافية وفكرية 185
- هواجس ثقافية ـ 184 ـ
- هواجس سياسية وثقافية 183
- هواجس ثقافية وفكرية 182
- هواجس ثقافية ـ 181 ـ
- هواجس ثقافية 180
- هواجس سياسية ـ 179 ـ
- هواجس متنوعة ـ 178 ـ
- هواجس الثقافة ــ 177 ــ
- هواجس ثقافية ـ 176 ـ
- هواجس ثقافية وأدبية 175
- هواجس ثقافية ـ 174 ـ


المزيد.....




- متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس ...
- مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء ...
- عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي ...
- بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر ...
- أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
- موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب ...
- مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
- تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا ...
- رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - آرام كربيت - هواجس ثقافية 194