طوفان الأقصى 240 – السردية الفلسطينية وأهمية الوعي

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7997 - 2024 / 6 / 3 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف عن الإنجليزية*

إنهم لا يستطيعون السيطرة على سردية غزة لأنه تم رؤية الكثير حولها

كيتلين جونستون
ناشطة سياسية وكاتبة صحفية استرالية

02 يونيو 2024

يتصرف الكثير من التقدميين ضمن التيار السائد وكأن غزة تمثل انحرافًا جذريًا عن السلوك الأمريكي الطبيعي، وهو هراء طفولي. تتسبب الولايات المتحدة في إلحاق أهوال مماثلة بالعالم في كل وقت؛ الفرق الرئيسي الوحيد هو (أ) أن هذه الفظائع يتم بثها مباشرة من غزة و(ب) كانت هناك حركة مؤيدة لفلسطين قبل أن تبدأ.

وفيما يتعلق بالنقطة (ب)، فإن غزة توضح حقاً مدى استفادة الإمبراطورية الأمريكية من التحرك عبر العنف العسكري الأجنبي بسرعة نسبية. عندما تتمكن من الانتقال من الدعاية وسط السكان حول الدكتاتورية الشريرة ( X مثلا) إلى تدمير البلد المعني إلى الانتقال إلى حربها التالية في غضون بضع سنوات قصيرة، فلن يكون هناك ما يكفي من الوقت لنمو الوعي العام حول مدى شر الإمبراطورية بالضبط. لقد مرت سنوات قبل أن يتطور الإجماع السائد على أن غزو العراق كان خطأ، ومن المحتمل أن تمر عقود قبل أن يكون هناك إجماع سائد حول الشر الذي فعلته الإمبراطورية في سوريا منذ عام 2011 فصاعدًا.

في غزة، رأى الناس هذا الحدث قادمًا وكانوا يسمونه كما هو منذ اللحظة التي بدأ فيها، لأنه كان هناك بالفعل فهم سياسي واسع النطاق    على اليسار على الأقل   أن إسرائيل هي مشروع استعماري استيطاني مجرم وأن الفلسطينيين شعب مستعمر. حدث هذا الفهم الواسع النطاق لأن الجدل الإسرائيلي الفلسطيني كان محتدمًا لأجيال، لذا كان لدى المجموعة الوقت الكافي لفحص الحقائق وتعميم حججها من خلال الوعي العام. وكانت تلك الحقائق والحجج جاهزة لالتقاطها وفهمها واستخدامها – حتى من قبل الشباب الجدد على الوضع – بعد السابع من أكتوبر.

لذا فإن ما يضر حقًا بالمصالح الإعلامية للإمبراطورية اليوم هو حقيقة أنه كان هناك وعي اجتماعي واسع النطاق حول فلسطين كان موجودًا بالفعل قبل بدء الهجوم على غزة، جنبًا إلى جنب مع تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل على تعميق الوعي والسهولة التي يمكن بها للناس العاديين الآن تداول لقطات الفيديو الخام. وهذا يوضح حقيقة أن الوعي والخلل الوظيفي لا يمكن أن يتعايشا، سواء كنت تتحدث عن البشر كأفراد أو كمجموعة. إذا تمكنا حقًا من رؤية شيء ما وفهمه بعمق، فسيكون من الصعب جدًا على الفساد أن يؤدي وظيفته.

إن نور الوعي يجعل من الصعب جدًا على إمبراطورية تغذيها دماء البشر أن تعمل، ولهذا السبب تم بذل الكثير من الجهود لإطفاء الأنوار. يبدو إطفاء الأنوار هنا بمثابة نشر الأكاذيب والدعاية، وقتل الصحفيين الفلسطينيين بأعداد قياسية، ومنع الصحفيين الغربيين من دخول غزة، وحظر تيك توك، وقمع الاحتجاجات الطلابية، وتشويه سمعة كل من يحاول نشر الوعي بغزة باعتباره معاديًا للسامية.

وبهذا المعنى فإننا في الواقع نرى صراعًا بين قوى النور وقوى الظلام هنا  —   ليس بالمعنى الذي يقصده الأيديولوجيون الصهاينة، ولكن بمعنى أن هناك أشخاصًا يحاولون نشر نور الوعي والدخول في صراع مباشر مع الأشخاص الذين يحاولون إطفاء هذا الضوء.

وهذه هي الطريقة التي ستنتقل بها البشرية في النهاية إلى الوضع الصحي: من خلال ضوء الوعي المنتشر في جميع أنحاء وعينا الجماعي إلى جميع الطرق المختلفة التي لا يزال بها جنسنا البشري مختلًا من ناحية وظيفية. يحدث نشر الوعي بطرق متنوعة مثل الصحافة الاستقصائية، والتدريس، والبحث، والتغريد، وإنشاء مقاطع الفيديو، وكتابة المدونات، وإعلام الآخرين في المحادثات بين الأشخاص، وتوسيع وعيك الشخصي من خلال التخصصات الداخلية مثل التأمل والبحث عن الذات.

يستطيع كل منا أن يشارك في هذا الكشف عن الوعي الإنساني بطريقته الخاصة طوال حياتنا، وكل مساهمة نقوم بها لتحقيق هذه الغاية تحدث فرقًا. إن أي شيء تفعله لجعل الغيب مرئيًا وإلقاء ضوء الوعي على مناطق الخلل الوظيفي يساعد في نقل البشرية إلى مستوى أعلى من الأداء الوظيفي، سواء كنت تنشر الوعي بالخلل الوظيفي في العالم، أو في نفسك من خلال جلب المزيد من الوعي إلى العمليات الداخلية الخاصة بك.

يمكننا أن نفعل أشياء كثيرة كل يوم للمساعدة في نقل البشرية إلى النور، حتى نتمكن في يوم من الأيام من أن نصبح كائنات واعية تمامًا. يمكن لكل منا أن ينمي ممارسة البحث المستمر عن الفرص لتعميق الوعي بهذه الطريقة من لحظة إلى أخرى.

وفي عام 2024، ستكون غزة أرضًا خصبة جدًا لمثل هذا التوسع.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات