أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - فانتازيا لامرئي














المزيد.....

فانتازيا لامرئي


أكرم شلغين

الحوار المتمدن-العدد: 7996 - 2024 / 6 / 2 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


جلست امام التليفزيون حوالي ساعة وبعدها أويت إلى الفراش، لم أستطع النوم فورا بل تسللت أفكار غريبة إلى عقلي. يا ترى، كيف ستكون الحياة بالنسبة لي لو كنت لا مرئياً؟ سؤال راق لي مناقشة بعض التفاصيل المتعلقة به فأغمضت عيني وبدأت أحاور نفسي بصوت داخلي:
"لو كنت لا مرئياً، ماذا سأفعل؟"
"أوه، الإمكانيات لا نهائية! يمكنني أن أساعد هؤلاء الذين يستنجدوا بالحجر والبشر ولا يجدون مغيث؛ يمكنني مساعدة الناس دون أن يعرفوا من ساعدهم. أستطيع أن أكون في كل مكان. تخيل أنك تستطيع الدخول إلى المستشفيات ومساعدة المرضى، أو منع الجريمة قبل أن تحدث، تخيل لو أنك تستطيع القبض على عنق من يعطي القرارات بضرب الأبرياء، لو أنك تستطيع أن تضع رسالة أمام كل متغطرس تعلمه ففيها أنك أقوى منه الآن وتنذره فيها بأن أجله قد حان ما لم يغير من نهجه ويعرف أن هذه الأرض لكل البشر ليعيشوا فوقها دون حرمان أو تسلط...!!."
"لكن، كيف سأصبح لا مرئياً؟ هل أتناقص حجماً حتى أختفي عن الأنظار، أم أبقى بحجمي الطبيعي ولا يراني أحد؟"
بدأت أتخيل الخيارات. إذا تقلص حجمي حتى أصبحت غير مرئي، قد أتمكن من الدخول إلى الأماكن الضيقة، والتسلل عبر الفجوات الصغيرة. لكن، ماذا لو هبت الرياح وأنا بهذا الحجم، أين ستحملني؟ وأيضا ماذا لو تعثرت وأصبحت عاجزاً عن العودة لحجمي الطبيعي؟ ماذا لو سُحق جسدي الصغير دون أن يشعر بي أحد؟ ستكون مخاطرة كبيرة، قد أعيش في خوف دائم من التعرض للأذى.
"أما إذا بقيت بحجمي الطبيعي لكن لم يرني البشر، ستكون لي قوة وسلطة أكبر. يمكنني التنقل بحرية، واختراق أي مكان. ولن أخاف من العودة لحجمي الطبيعي
. ولكن، كيف سأتعامل مع الوحدة؟ كيف سأتحمل عدم قدرتي على التفاعل مع الآخرين علناً؟"
تخيلت نفسي في الأماكن العامة، أستمع إلى المحادثات، أراقب الناس، دون أن يشعروا بوجودي. سأكتشف أسراراً وأرى أحداثاً لم يكن من الممكن لي أن أشهدها.
إن فعلت ما يمكنني عمل وأنا لا مرئي للوقوف بوجه طغاة ومجرمين فهذه بطولة ...ولكن لو وجدت نفسي أقتحم خصوصيات البشر؟ ماذا عن الأخلاق؟ ماذا عن التجسس وانتهاك خصوصية الآخرين؟ سيصبح الأمر متعباً ومؤلماً نفسياً
أضيع لبرهة ثم أعود لأفكر:
"ربما سأستخدم هذه القدرة لأهداف خيرة. سأكشف الـ...، وأحمي الضعفاء. ولكن، ماذا عن الجانب المظلم؟"
"سأكون قادراً على الانتقام من الظالم. سأعاقب المجرمين الذين فعلوا كذا وكذا ولم يطالهم القانون...لن يتلقوا دعوة لجزيرة كما رسم خيال أغاثا كريستي بل سأقتص منهم على الفور وسأوقف الظلم بيدي دون أن أعاقب. ولكن، هل سأبقى أنا نفس الشخص؟ هل ستحولني هذه القدرة إلى وحش؟"
بدأت أشعر بقلق يتسلل إلى نفسي. ربما لن يكون الأمر بهذه السهولة. القدرة على أن تكون لا مرئياً تأتي بمسؤوليات كبيرة. المخاطر كبيرة، وقد أفقد جزءاً من إنسانيتي في الطريق. ربما الأفضل أن أبقى كما أنا، أواجه التحديات بوضوح وأتعامل مع حياتي بواقعية، بدلاً من الغرق في الأحلام المستحيلة.
برغم حلاوة الفانتازيا لكنني لا أستطيع الذهاب أعمق بها. ربما ليست القدرة على أن أكون لا مرئياً هي ما أحتاجه، بل القدرة على أن أكون مرئيا بشكل أفضل. أن أرى الآخرين وأفهمهم بعمق أكبر، وأن أجعل وجودي ذا معنى. هذا هو التحدي الحقيقي. وبرغم مرونة الخيال في تصميم كبري أو صغري فإن صلابة الواقع في إدراك الحجم الحقيقي هو ما أحتاج. بعد نفس عميق عرفت أنني لن أختار أن أكون لا مرئياً.



#أكرم_شلغين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حروف مفقودة وأمنية
- بحور الحياة: رحلة أبو نجوان بين زمردة الأمل وألم الوداع
- عبور الزمن: عندما يعود الماضي ليطارد الحاضر
- ناقد كاتب وشاعر: وقفة قصيرة مع المثقف مصطفى سليمان
- قمر، ولكن...!
- والمال بدّل أيديولوجية مسرحية تاجر البندقية
- بانتظار الغريبة
- لا يكفر من يصرخ من شدة الألم!
- أهو ذئب في ثوب حمل؟
- نموذج إنجليزي لتفادي المشاكل الاجتماعية السياسية
- إذلال
- مواجهة
- يحيى ويحيى
- حب أو حرمان
- القافلة
- الغرب لم يسرق أخلاقك
- غياب
- قد يكون الحب
- أنت موجود وغيرك موجود
- فرح وصدمة


المزيد.....




- مصر.. أول رد من نقابة الممثلين بعد فبركة صورة رانيا يوسف بال ...
- أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية وأهم القنو ...
- رسمي وشغال 100%.. رابط دخول ايجي بست 2024 اتفرج على فيلم ولا ...
- لبنان يستعد للمهرجانات الفنية على وقع التهديدات الأمنية
- لهذه الأسباب احتل -أهل الكهف- المرتبة الأخيرة بإيرادات أفلام ...
- الحروب الثقافية وحرب غزة.. كيف صاغ السابع من أكتوبر مفهوم ال ...
- فيلم روسي جورجي مشترك ينال جائزة أفضل إخراج سينمائي في مهرجا ...
- ماثيو بليتزي يفجر المنطق الاستعماري من الداخل.. -أنا المجيد- ...
- الأمير خالد بن بندر بن سلطان: فيصل عباس يقلب الأدوار في كتاب ...
- روسيا.. العثور على مخطوطة باللغتين العربية واليونانية تعود إ ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أكرم شلغين - فانتازيا لامرئي