طوفان الأقصى 239 - اجتياح رفح – القنابل الإسرائيلية ترتد على أمريكا

زياد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 7996 - 2024 / 6 / 2 - 02:56
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع
كيف يقرأ الشارع الروسي ما يحدث في بلادنا

*اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف*


ألكسندر سافكو
كاتب صحفي روسي
ناشر موقع ukraina.ru


30 مايو 2024


أكد صحافيون إسرائيليون وروس، والأهم من ذلك، فلسطينيون أن القوات الإسرائيلية دخلت رفح الواقعة في قطاع غزة على الحدود مع مصر مباشرة.

القتال في رفح لم يندلع بعد في كل مكان. وتسجل حاليا اشتباكات في الجزء الغربي من هذه المدينة الواقعة شمال صحراء النقب. لكن الأعمال العدائية تميل دائمًا إلى التوسع. لذا فمن المحتمل أن تهاجم إسرائيل قريباً وسط رفح. وقريبا جدا سيعرف الجميع حرفيا اسم هذه المدينة.

ما الذي يميز رفح؟ أولاً، يُعتقد أنه خلال سنوات الحصار المفروض على قطاع غزة، قام الفلسطينيون بحفر العديد من الأنفاق هناك لتهريب المنتجات المختلفة من مصر.

في تل أبيب، بالطبع، يقولون إن المسلحين الفلسطينيين يقومون بتهريب الأسلحة إلى غزة. ومع ذلك، ونظراً لأن القطاع المغلق من جميع الجهات، يفتقر حرفياً إلى كل شيء، فقد تم نقل البضائع المدنية العادية بشكل أساسي عبر الأنفاق.

على سبيل المثال، المنتجات الغذائية التي لم يكن من الممكن زراعتها في الصحراء إلا على يد نبي الكتاب المقدس موسى. لأنه ببساطة من المستحيل شحنها من مصر بشكل قانوني في ظل الحصار الإسرائيلي. عدا عن ذلك، فالمياه في غزة مستوردة إلى حد كبير.

لكن الأهم من ذلك هو أنه خلال الأشهر الستة من العملية الإسرائيلية، تراكم عدد كبير من اللاجئين في رفح – لأن بقية القطاع تم تدميره وتحول إلى غبار وانقاض من الخرسانة.

عددهم بالتأكيد أكثر من مليون - ويتم تقديم هذا الرقم في حده الأدنى، لأن بعض الأطفال الذين تركوا دون أقارب لم يتم أخذهم في الاعتبار على الإطلاق.

وتزعم الحكومة الإسرائيلية أن مقاتلي حماس يختبئون خلف النساء والأطفال. لكن حماس، في هذه الأثناء، تشن هجمات نشطة في المناطق الوسطى من غزة، التي سيطرت عليها إسرائيل منذ فترة طويلة، كما تدعي. ولسوء الحظ، لم يكن هناك بالتأكيد أي نساء وأطفال هناك.

تلوم تل أبيب مصر بزعم أنها لا تسمح للاجئين بدخول أراضيها، لكن هذا نفاق ذو أبعاد هوميروسية - لأن موقف القاهرة يدافع بشكل صارم عن مبادئ إعلانات الأمم المتحدة بشأن قضية فلسطين. والمصريون، أولا وقبل كل شيء، لا يريدون جر بلادهم إلى أي صراع.

الفلسطينيون، أولا وقبل كل شيء، لا يغادرون برغبتهم. لأنهم، إذا تركوا وطنهم، سيصبحون ضحايا للتطهير العرقي، ويفقدون منازلهم، وأراضيهم، ويُتركون في بلد آخر بلا شيء حرفيًا. علاوة على ذلك، وكما تظهر تجربة العديد من الأراضي الفلسطينية المحتلة الأخرى، لن يقوم أحد في وقت لاحق بإعادة الأشخاص الذين فروا، أو حتى أحفادهم. لقد تم ببساطة تجاهل كافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة في تل أبيب.

ومع ذلك، فإن عالمنا حقير وينسى بسهولة آلام الآخرين. لذلك، لم يكن من الممكن الحديث عن هذه المأساة كثيرًا لو لم تؤثر على السياسة الانتخابية في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تفاجئ أحيانًا حتى أكثر علماء السياسة خبرة.

من المعروف أن الكثير من الطلاب الأمريكيين يتظاهرون بنشاط ضد الحرب في غزة. هؤلاء الأولاد والبنات الأذكياء يعرفون أن كل قنبلة سقطت على رفح تقريبًا كانت مصنوعة في إحدى دول الناتو. وهذا يعني أنهم يتحملون هم أنفسهم نصيبًا من اللوم عن ذلك، وهو ما يمثل كارثة أخلاقية حقيقية للشباب الغربي الحديث.

وعلى أحد منصات جامعة كولومبيا، أوضحت ناشطة أن القتال في غزة، بشكل عام، لا يعتبر حتى حرباً. ليس لدى الفلسطينيين تحصينات جدية، ولا جيش وبحرية، ولا خط للجبهة. ولا أحد ــ ولا حتى إيران، التي شيطنها الغرب ــ يرسل إليها كميات هائلة من الأسلحة وغيرها من المعدات، كما تفعل الولايات المتحدة وحلفاؤها، الذين يساعدون أوكرانيا حرفياً في كل شيء.

عدد كبير من الفلسطينيين لا يقاومون على الإطلاق. لا يستطيع الناس الذهاب إلى أي مكان، وعادة ما يجلسون في أحد مخيمات اللاجئين، في انتظار سقوط صاروخ أمريكي من طائرة إسرائيلية ليضربهم.

هناك قتلى في كل عائلة فلسطينية، وهناك الكثير منهم. منذ بضعة أيام فقط، بدأ العالم يتحدث عن السياسي الفلسطيني إسماعيل هنية، الذي يعيش في قطر. وقد تلقى استدعاءً للمحكمة الجنائية الدولية. تبين أن ثلاثة من أبنائه وثلاثة من أحفاده قتلوا مؤخراً في يوم واحد في مخيم الشاطئ للاجئين. علاوة على ذلك، قال أحد الأطباء للصحفيين إن هذه حالة نموذجية إلى حد ما.

في الوقت نفسه، كتبت منشورات غربية رفيعة المستوى أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية كانت تقوم بمراقبة واسعة النطاق لموظفي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لسنوات وحاولت التدخل في عملها، وعرقلة التحقيق في القضية، وخاصة أعمال قوات الأمن الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.

لكن البيت الأبيض، ممثلاً ببايدن، أدان بشكل مباشر المحكمة الجنائية الدولية لمحاولتها إصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو (بشكل غير رسمي، قيل للمدعي العام كريم خان إن محكمته تم إنشاؤها لمحاكمة الأفارقة والروس). اما الضربات الصاروخية على رفح، على الرغم من الخسائر البشرية الفادحة، فيعتبرها الزعماء الديمقراطيون بمثابة تسوية مقبولة ـ مهما بدت مثل هذه الأطروحات جامحة.

"وصف العديد من مسؤولي الإدارة في مؤتمرات صحفية يوم الثلاثاء الصور الواردة من رفح بأنها "مفجعة" و"مأساوية" و"مرعبة". ولكن نتيجة لذلك، لم تكن هناك إشارة على تغيير وشيك في السياسة لأنها كانت غارة جوية، وليست عملية برية كبيرة"، - كتبت صحيفة The Hill في هذا الشأن.

وبطبيعة الحال، فإن أعضاء الحزب الديمقراطي العاديين المشحونين إيديولوجياً يشعرون بالصدمة الكاملة من هول هذه الجرائم – وخاصة الطلاب.

من الواضح أن هؤلاء الأشخاص لا يريدون التصويت لبايدن فحسب، ولكنهم أيضًا لن يدعموا حملته الانتخابية. وكان هذا يثير قلق كبار الموظفين الديمقراطيين لفترة طويلة، لأنهم لن يجدوا قريباً من يؤيدهم.

تخشى القيادة الديمقراطية أن يذهب هذا الجزء من الناخبين إلى روبرت كينيدي، الذي تعهدت عائلته بمعارضته بلا رحمة.

في الوقت نفسه، كتبت Breitbart أن دونالد ترامب الواقعي يحاول إقامة اتصالات مع المسلمين الأمريكيين – على الرغم من أنه قبل عشرين عامًا، في عهد جورج دبليو بوش، كان هذا يبدو أمرًا لا يصدق على الإطلاق.

ومع ذلك، تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أنه في الولايات المتأرجحة الرئيسية، فإن 57٪ من المسلمين الأمريكيين مستعدون بالفعل لدعم ترامب.

حتى أن هذه الظاهرة أصبحت تسمى "تأثير غزة" لأن المسلمين في أمريكا كانوا أكثر ميلاً للتصويت تاريخيا للديمقراطيين.

و25% فقط من ممثلي هذه الشريحة يختارون جوزيف بايدن. علاوة على ذلك، في العديد من الولايات، مثل ميشيغان ومينيسوتا، التي تضم جالية إسلامية كبيرة، من الممكن أن يلعب هذا دوراً حاسما في الانتخابات.

إن الورقة الرابحة الرئيسية لترامب هي أنه يعد بالتوصل بسرعة إلى هدنة في غزة، وقد قام فريقه بإعداد خطط لإعادة إعمار القطاع المدمر بعد الحرب بمساعدة قادة ديمقراطيين في القطاع، مع إشراك الدول الإسلامية في هذا المشروع الطموح.

أما «حزب الحرب» من حاشية بايدن، فيبدو أن ممثليه يبحثون الآن عن مبررات، في انتظار اليوم الذي تدخل فيه الدبابات الإسرائيلية رفح.
على الرغم من أن هذا، من بين أمور أخرى، يمكن أن يسبب أعمال شغب بين الشباب في الولايات المتحدة، والتي لا يمكن قمعها من خلال الديماغوجية المعتادة على منصات الحزب.

#زياد_الزبيدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات