أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد وهاب عبود - فرنسا القديمة وكاليدونيا الجديدة














المزيد.....

فرنسا القديمة وكاليدونيا الجديدة


محمد وهاب عبود

الحوار المتمدن-العدد: 7993 - 2024 / 5 / 30 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثلما أنتجت فرنسا رواد الفكر الفلسفي التنويري والنهج العقلاني النهضوي بشقيه المعرفي والإنساني، ينوء تاريخها بإرث استعماري طافحا بكل صنوف القسوة والاضطهاد ونهب الثروات، وبما أن مبدأ الاعتراف بارتكاب الخطأ والاعتذار عنه وتعويض المتضرر يصفح عما قبله، فقد سعت بعض النخب الفرنسية الحاكمة إلى تبني هذا النهج تجاه السكان الأصليين في مستعمراتها السابقة التي انتزع بعضها الاستقلال وأصبحت دولا ذات سيادة، مع الإشارة إلى أن عدد مستعمرات فرنسا إبان الحقبة الاستعمارية في مختلف أنحاء العالم بلغ نحو 63 مستعمرة.
إن ما لم يُردد على مسامع الكثيرين، هو امتلاك فرنسا لمستعمرة حاليا يُطلق عليها حسب التسمية الأوروبية "كاليدونيا الجديدة"، وهي في الأصل شعب مجموعة جزر ( أرخبيل) الـ "كاناكي" وتقع شرق أستراليا وشمال نيوزيلندا، وتبعد عن فرنسا 16,136 كم، وتخضع للسيطرة الفرنسية منذ عام 1853 ، وغنية بمعادن كثيرة، أبرزها "النيكل".
وفي عام 1986 أدرجت لجنة الأمم المتحدة لإنهاء الاستعمار كاليدونيا الجديدة في قائمة الأقاليم غير المحكومة ذاتيا، وبعد عام من الادراج نُظم استفتاء بشأن الاستقلال، إلا أن غالبية ممن شاركوا في الاستفتاء صوتوا ضده، فيما رفض السكان الأصليين الإجراء، واتهموا العرق الأوروبي الوافد، الذي يشكل أكثر من 30 بالمئة من السكان، بالتلاعب بنتائج الاستفتاء الذي وصفوه بالصوري.
وقبل أيام، عادت "كاليدونيا الجديدة" إلى المشهد الإعلامي والسياسي الدولي، لكنها عودة ضعيفة وباهتة، رغم سخونة الاحتجاجات الواسعة وأعمال الشغب التي اجتاحتها على خلفية مشروع قانون انتخابي ينص على السماح للفرنسيين بالمشاركة بالانتخابات، واعترض عليه السكان الأصليون المطالبين بالاستقلال، وعدوه مشروعا تهميشيا وإجراء لتحويلهم إلى أقلية عرقية. في الأثناء، أرسلت فرنسا تعزيزات أمنية أعقبها زيارة عاجلة للرئيس الفرنسي إلى الإقليم إذ وصف من هناك الأحداث بالتمرد غير المسبوق.
لقد حاول الإعلام الفرنسي خاصة والغربي عامة إلى التقليل من أهمية الحدث، واستبعاده من أجنداته اليومية، غير أن العالم الاتصالي اليوم لا تحده حدود ولا تقيده قيود، وتدرك فرنسا ذلك جليا، إلا أنها في مأزق حقيقي، فهي من جانب، الدولة الرائدة في مجال التنظير القيمي وحقل التأطير الاخلاقي عبر نتاجها الفلسفي المستند إلى فكرة مركزية محورها رفض كل أشكال القهر والاستبداد، ومن جانب آخر، بقايا نهج استعماري ما زالت عالقة في جسد المؤسسة السياسية الفرنسية، ترى فيها أن الهيمنة والقوة هي مصدر الثروة والثراء ولو على حساب الآخر، أو بإشراكه نسبيا لكن وفق قواعد تخضع لرؤيته.
ووفق المعطى السلوكي الفرنسي الاستعماري القديم، فلن تتهاون باريس، بأي حال من الأحوال، لو تم خرق القواعد أو عدم الانصياع لها، وإذا مسًها أي عارض معترض، فهي مستعدة لتحطيم كل منجزها القيمي والانساني التنظيري على صخرة المصالح والتوازنات الدولية.
ثمة صراع فكري محتدم تعانيه مراكز صنع القرار في الدولة الفرنسية، بين نزعة استعمارية متخفية متشبثة بالماضي، وبين مرجعيات نظرية ذات بعد أخلاقي تتمثل بحصيلة ثرية من المعارف والعلوم الانسانية التي تؤسس لنهضة بشرية قوامها الحرية والسعادة والعدالة الاجتماعية، ونظرا إلى استحالة الجمع بين النقيضين، الحرية والاستعباد، العدالة والاضطهاد، السعادة والبؤس، فذلك سيصعب المهمة أمام قادة الفكر والسياسة الفرنسيين، فإما يرى العالم فرنسا متحضرة تستمر برفد الكوكب بقيم التنوير ومبادئ النهوض أو فرنسا قديمة استعمارية تعود إلى حقبة العتمة والظلام.



#محمد_وهاب_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأجيال وجدل الأفضلية المزمن
- كورونا العادل في زمن الظلم
- كورونا_من زاوية اخرى
- قوى الامن في مستنقع السياسة
- حب رقمي
- سلاح ألمعرفة ألمضادة
- كيف خدعونا ؟
- كيف خدعونا ؟؟
- ها هم السياسيون
- مادية الوعي الانساني
- اباطرة المال والتهمة المكررة
- العولمة وصناعة النخبة
- الحرب رئة الرأسمالية
- دهاء الغرب ويقضة الشعوب
- ها هي الرأسمالية
- لا حاجة لنا بالقوات المسلحة
- الحلم الاشتراكي في مخيلة الشباب الامريكي
- جوهر المشكلة
- افكار ثائرة على شراهة الرأسمالية
- افكار ثائرة على دكتاتورية التعليم


المزيد.....




- نتائج أحدث استطلاعات قبيل مناظرة بايدن وترامب على CNN.. لمن ...
- مصادر لـCNN: أمريكا تحرك قواتها بالقرب من إسرائيل ولبنان وسط ...
- تعيينات جديدة في الاتحاد الأوروبي وفون دير لاين رئيسة للمفوض ...
- تسريب شريط فيديو يوثق انتهاكات بحق مصريين وسوريين داخل مركز ...
- روسيا تختبر إحدى أشهر غواصتها النووية بعد تعديلها
- البقع الشمسية المسببة لأعنف عاصفة مغناطيسية منذ 20 عاما تعود ...
- بايدن وترمب وجها لوجه في مناظرة رئاسية حاسمة
- اتفاق على إبقاء فون دير لاين رئيسة للمفوضية الأوروبية لولاية ...
- الاتحاد الأوروبي يجدد الثقة في أورسولا فون دير لايين ويعين ك ...
- واشنطن ستفرج عن قنابل تزن 500 رطل لإسرائيل


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد وهاب عبود - فرنسا القديمة وكاليدونيا الجديدة