أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح















المزيد.....

مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 7992 - 2024 / 5 / 29 - 02:49
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


مخطأ من يظن أن ما يجري الآن على الحدود المصرية هو مجرد تراشق عسكري قائم أو محتمل، حقيقة الأمر أن مشروع الشرق الأوسط "الناعم" الذي طرح في تسعينيات القرن الماضي هو الذي يحترق، ويخرج من رماده مشروع الشرق الأوسط "الخشن" لفرض سيادة "إسرائيل" وأمريكا على المنطقة، وعلى مصر تحديدا.
في حقيقة الأمر انتهى دور مصر ومعاهدة السلام بالنسبة إلى "إسرائيل" ولم يعد لديها ما تقدمه من وجهة نظرهم، تم اختراق القارة الأفريقية والترويج لمشروع المركزية العنصرية السوداء واعتبار مصر والعرب والاسلام قوى استعمارية دخيلة على القارة، وتم اختراق العديد من الدول الإسلامية كذلك، وتم اختراق العديد من الدول العربية، والعديد من دول العالم التي كانت في صف العرب مثل الهند...
وكل ذلك تم بسبب اعتراف مصر بـ"إسرائيل" والتخلي عن اعتبارها مشروعا ونظاما لـ"الأبارتهايد" كانت تقف على السواء مع نظام بريتوريا العنصري في جنوب أفريقيا قبل سقوطه.
يتحدث البعض عن اعتبار مصر "الجائزة الكبرى" لإسرائيل؛ ولكن هذا تصور تجاوزه الزمن بالنسبة إلى "إسرائيل" واستنفذت كل أغراضها منه، وهم لديهم الآن تفسير آخر لمفهوم "الجائزة الكبرى" التي هي مصر، لن يروق للبعض!
كشفت "إسرائيل" عن وجهها في الفترة الماضية؛ حين قالت أنها طالبت مصر بفتح الحدود لاستقبال أهل غزة في سيناء المصرية، وحين اتهمت مصر بعرقلة المساعدات لأنها رفضت التعامل مع الأمر الواقع وسيطرة جيش الاحتلال على منفذ رفح من الجهة الفلسطينية.
والحادثة الأخيرة على الحدود التي أدت إلى استشهاد أحد أبطال مصر في الجيش مؤشر على ما قد يكون مسكوتا عنه، لكن كل هذا ليس مربط الفرس أبدا، ولا بيت القصيد الذي يدور حوله التراشق القائم والمحتمل في المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة الفلسطيني مع جيش الاحتلال.
الحقيقة أن الحرب ليست قرارا خشنا الآن فقط بعمليات مواجهة بين جيش مصر وبين جيش الاحتلال، بل الحرب الحقيقية هي ضرورة اتخاذ قرار سياسي مركزي بتجاوز مرحلة الشرق أوسطية، التي تسيطر على مصر فعليا منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت "إسرائيل" المركز ومصر وكافة المنطقة هوامش أو حشو لها.
وكانوا يعتبرون دور مصر هو مجرد "دولة حارسة للتناقضات" وشريكة فيما يسمونه "المصالح الأمريكية" في المنطقة، وكانوا يحافظون على توازنها الداخلي بكل الطرق كي تقوم بهذا الدور الحشو للمتن "الإسرائيلي"، والهامشي للمركز الأمريكي، ولم يكن مطلوبا من مصر في ظل "الشرق أوسطية" أن تقوم بـ"فرز اجتماعي" في كل المجالات يخرج العباقرة والقادة والأبطال والمفكرين والثوار، بل كان المطلوب هو مجرد "فرز اجتماعي" هش لأن هناك دولة "راعية" أخرى لمصر سوف تضخ الموارد الكافية لبقائها على قيد الحياة.
كان المطلوب من مصر "الشرق أوسطية" أن تكون بين بين لا ناهضة ولا ميتة، على سرير الإنعاش دوما، تقوم بدورها في حفظ التناقضات وبقاء الأمور كما هي عليه دون انفلات.
وهنا لابد من مواجهة الواقع بكل قسوة؛ فالفترة القادمة لا تحتمل الاختيارات البين بين، حربنا الحقيقية على حدود رفح المصرية هي قرار الحرب على مصر "الشرق أوسطية"، واتخاذ القرار العقلاني الهادئ بدخول مصر مرحلة ما بعد الشرق أوسطية، وامتلاك أسباب هذا الدخول والصعود مجددا في فضائها الجيوثقافي ومستودع هويتها ببعده العربي والإسلامي والإفريقي والعالمي.
"إسرائيل" وأمريكا الآن يمارسون الشرق أوسطية الخشنة مع مصر، ويقولون لها بالفم الممتلئ انتهت مرحلة الشرق أوسطية الناعمة، ودخلنا في مرحلة الفرض والجبر والخشونة، والرد عليهما ليس بالقوة العسكرية فقط أبدا إنما بتطوير مقاربة ومشروع جيوثقافي مصري جامع يتجاوز مصر الشرق أوسطية، ويستعيد طبقات الهوية المتعددة لمصر في مستودعها الزخم ويحضر في كافة مستويات ذلك الفضاء، بخطاب فاعل جديد.
مقاربة ما بعد الشرق أوسطية هي حرب مصر الحقيقية لتخرج من كونها كانت مجرد حشو لمتن "إسرائيلي"، أو مجرد هامش لمركز حضاري يمثل الغرب/ أمريكا، حرب مصر الحقيقية هي حرب جيوثقافية بالأساس، تقوم على استعادة وعيها بثوابتها الثقافية في محيطها الجغرافي.
مقاربة ما بعد الشرق أوسطية هي استعادة المشتركات الثقافية العربية والتأكيد عليها، وبناء التكامل الاقتصادي وتفعيل تبادل الموارد المتنوعة في البلدان العربية، وصولا إلى تنسيق المواقف السياسية بعد ذلك الذي سيكون تطورا طبيعا للمشترك الثقافي والتكامل الاقتصادي.
مقاربة ما بعد الشرق أوسطية هي حرب مصر الحقيقية، فإذا لم يصحب التراشق الخشن القائم أو المحتمل بين مصر وبين جيش الاحتلال، بمسارات سياسية وخطة عمل متكاملة في السياسات الخارجية، فلن يحقق التراشق الخشن لمصر الهدف المرجو ولن يصيبه أبدا..
لأن هدف أمريكا و"إسرائيل" الحقيقي هو إجبار مصر على قبول "الشرق أوسطية" الخشنة، وإذا لم تدرك مصر أن هدفها لابد أن يكون هو فرض "مقاربة ما بعد الشرق أوسطية" نكون قد بعدنا كل البعد عن الهدف الجيواستراتيجي والجيوثقافي للحرب الناعمة –والخشنة المحتملة- الدائرة حاليا على حدود رفح المصرية والفلسطينية.
خلاصة القول؛ مصر في حاجة إلى مقاربة تقوم بفك وتركيب بنيتها الاجتماعية الداخلية بالكامل، لأنها كانت تقوم على اعتبار مصر هامش لمتن شرق أوسطي تقوده "إسرائيل" وتضمنه أمريكا بوصفها المركز، ولقد تجاوزت أمريكا و"إسرائيل" هذه المرحلة ويريدون فرض الشرق الأوسط الخشن الآن.
الحرب الحقيقية هي قرار سياسي بتبني مصر مقاربة ما بعد الشرق أوسطية، وتجاوز سياسات التبعية والحشو لمتون حضارية أخرى تخص أمريكا والغرب ونظرياتهم، الحشو والهامش لم يكن في حاجة إلى أبطال وقادة ودبلوماسيين ومفكرين، ولكي تتحول مصر إلى متن في وسط فضائها الجيوثقافي، يجب أن تغير من بنيتها الاجتماعية القائمة لتكون على قدر التحدي، وتعيد فرز المجتمع المصري وبنيته الشاملة، بما يليق ببلد تواجه لحظة حضارية فاصلة إما أن تنهض أو يصيبها الدوار والمرض والوهن والاعتلال.
الحرب الحقيقية هي القرار السياسي ومقاربة بدخول مصر مرحلة ما بعد الشرق أوسطية
وليس التراشق الخشن القائم أو المحتمل فقط مع جيش الاحتلال
مصر ليست حشوا لمتون الآخرين
ليست هامشا لمركز إسرائيلي/ أمريكي
مصر هي مركز جيوثقافي وقادرة على استعادة التوزان العالمي وليس الإقليمي فقط
شرط استعادتها لوعيها الجيوثقافي بنفسها



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرة ذاتية- حاتم الجوهري
- مصر ومعاهدة السلام: بين الالتزام الدولي والرؤية الاستراتيجية ...
- محددات التراشق الخشن والناعم بين مصر وإسرائيل.. مقاربة صعود ...
- زيدان ومؤسسة تكوين: خطاب الاستلاب في مرحلة حرب غزة
- الحرب واستجابات الصدام الحضاري: روسيا والصين وإيران.. والدرس ...
- رفح: ما بين التكتيكي والاستراتيجي تصعد وتخفت الأمم
- البيان الشعري لصدور ديوان: -نساء الممالك البعيدة-
- السردية الإسلامية وتعالقات الحضارة المطلقة: المعضلة العربية ...
- حقيقة حرب غزة: سيناريو صفقة القرن الخشن
- في ضرورة إزاحة جيوثقافية مصر فيما قبل 7 أكتوبر
- عملية رفح الباردة: سياسة حافة الهاوية بين الاسترتيجي والتكتي ...
- الصهيونية وتعالقات الحضارة المطلقة: الماركسية والليبرالية وا ...
- حرب غزة: بؤرة الصدام الحضاري الثالث وأفق المستقبل
- فلسطين والأفريقانية: بين جنوب أفريقيا التحريرية وأثيوبيا الع ...
- مبدأ الجيوثقافية المستدامة: البدائل السياسية للعرب فيما بعد ...
- الأزمة والمسارات: محور المقاومة وسؤال اللحظة الاستراتيجية
- تناقض الاستراتيجي والتكتيكي: 2024م وتفاقم أزمة الجغرافيا الث ...
- توزان الرسائل الأمريكية: ضرب الزوراق وسحب حاملة الطائرات
- التوازن الجيوثقافي للحرب: حتمية تراجع أمريكا والممكن العربي
- الحرب بين الأوراس والأطالسة والعرب: الوعي الجيواستراتيجي وتو ...


المزيد.....




- -حزب الله- اللبناني يؤكد مقتل القيادي البارز إبراهيم عقيل
- غارة إسرائيلية دامية على ضاحية بيروت: تل أبيب تعلن اغتيال قا ...
- إدانة أممية لتفجيرات البيجر وإسرائيل تعلن قتل قياديين بحزب ا ...
- من هو إبراهيم عقيل الشخصية العسكرية الكبيرة في حزب الله التي ...
- المغرب.. التحقيق في ملف -مجموعة الخير- متواصل والقضاء يستمع ...
- حزب الله يصدر بيانا عن مقتل قائد -قوة الرضوان- إبراهيم عقيل ...
- مصر.. مساع لحظر تطبيقات المراهنات بعد تسجيل حالات انتحار ووص ...
- ظهور خطوط دقيقة بارزة على قدم صبي تخفي سببا -مقززا-
- وزير الخارجية الهنغاري: أوروبا تواصل العمليات التجارية مع رو ...
- حميميم: -التحالف الدولي- ينتهك بروتوكولات عدم التصادم في سور ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - مصر ومقاربة ما بعد الشرق أوسطية: حقيقة الحرب في رفح