أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - ماهية العدم














المزيد.....

ماهية العدم


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 7990 - 2024 / 5 / 27 - 14:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٨٠ - إستحالة التفكير في العدم

سنعود هنا للتركيز على ضرورة معاينة مفهوم "الكينونة" ومفهوم "الوجود" والتفرقة بينهما وذلك لمعاينة مفهوم العدم واللاكينونة. الكينونة είναι باليونانية، être بالفرنسية، كمفهوم عام يشمل كل الكائنات التي يمكن إدراكها أو تصورها أو تخيلها أو الحديث عنها بواسطة اللغة، أي أن الكينونة هي كل ما "يوجد" في الأرض والسماء والبر والبحر. ومن الأحرى وللدقة العلمية قول كل "ما يكون" بدلا من كل "ما يوجد"، إتقاء للبلبة والتشويش الفكري الذي يمكن أن ينتج عن الخلط بين مفهومين مختلفين تماما، وإن كان الإستعمال العام واليومي قارب بينهما لدرجة إمكانية إستعمال وإعطاء الوجود لكل الكائنات. فالكائن إذا هو كل ما يكون متواجدا في الطبيعة من نبات وجماد وحيوان، ولكن أيضا كل إبداعات الإنسان مثل الأفكار والمفاهيم والتصورات والمعتقدات والنظريات العلمية والأدبية والفنية، أي كل العلوم والأديان والأساطير، الآلهة والجن والأنبياء والشياطين والأشباح والأوهام .. إلخ. ان تعريف الكينونة ليس بالبساطة التي يمكن تخيلها، لأن الكينونة استخدمت بمعانٕ متعددة منذ ارسطو وحتى هيدغر، وعموما هي المفهوم الذي يقترب من مفهوم الماهية أو جوهر الكائن. فهناك جوهر لكل شيء، فالشيء له مقومات متعددة كلها عرضية أو خارجية، لكن هنالك معنى واحدا هو جوهر هذا الشيء، وهذا المعنى يعبر عن كينونة هذا الشيء بدقة، غير أن مفهوم الجوهر الذي ابتدعه ٔارسطو وكل المفاهيم الأخرى التي تحيل ٕاليه هو مفهوم ميتافيزيقي بحت، بمعنى ٔانه لا وجود له ٕالا داخل اللغة، ولقد أوضح العديد من الفلاسفة ومن ضمنهم جاك دريدا Jacques Derrida ان هذا المفهوم ليس له أي رصيد أنطولوجي وهو مجرد إستعارة تقود إلى الميتافيزيقا. أما بالنسة لإفلاطون فإن الكينونة هي المُثل أو الأفكار، ففكرة السرير هي كينونته، أما السرير المادي الذي يصنعه النجار أو الحداد فهو كائن متعين ولا يمثل السرير الحقيقي، أما صورة السرير التي يرسمها الفنان فهي تمثل سريرا وهميا متخيلا. فالكينونة من حيث اشتراكها وشيوعها اللانهائي هي أكثر الأشياء إفلاتا من التحدد والضبط والتعريف، أنها أقرب ما تكون إلى اللغز أو السر المجهول والخفي، فهي بمثابة مصدر مجهول للضوء يلقي بأشعته على الكائنات والأشياء فينيرها ويهبها هويتها لكنه هو نفسه مجهول ولامرئي أو لا يكاد يُرى إلاعبر تشخصاته وتجسداته، فهو "يلمع بغيابه" وهو الغائب الأكبر والحاضر الأمثل مثله مثل الزمان معروف الآنية أو الإنية وغير معروف الماهية. وهي في الغالب ما لا يمكن التفكير فيه أو ما لا يقبل أن يكون محط التفكير كما لا يمكن إدراكه عقليا وكأنه بديهية البديهيات الحدسية أو ظل لا يمكن الإمساك به عينيا أو الإحاطة به، وما لا يمكن حسابه لأنها أقرب إلى اللاشيء منها إلى الشيء. وبما أن الكينونة تجريد عام مطلق فلا يمكن تحليله إلا بواسطة تحليل الكائنات المتعينة حيث يمكن التفريق بين "الكائن - في ذاته" و "الكائن لذاته" وهي تفرقة أساسية وجوهرية في الفينومينولوجيا أو الفلسفة الظاهراتية.
أما الوجود existence - ύπαρξη فإنه يقتصر على كائن واحد وهو الكائن - لذاته وهو الإنسان أو الدازاين أو الوعي الإنساني، لأنه الكائن الوحيد الواعي بكونه واعيا، وهو الكائن الوحيد القادر على مساءلة كينونته وكينونة الإشياء، بل أن هذه المسائلة هي جوهره وماهيته. ولهذا السبب يقول سارتر بأسبقية الوجود على الماهية، من حيث أن ماهية الإنسان هو كونه بلا ماهية، فالإنسان "يوجد" أولا ثم يختار ماهية هذا الوجود بحريته. وهو من ناحية أخرى الكائن الوحيد الذي تتشكل كينونته ولا تنفصل عن الزمان، فـ "وحده كائن ذو بنية وجودية معينة، يمكنه أن يكون زمنيا في وحدة كينونته " كما أنه لا توجد هذه الزمنية إلا كأساس وكبنية تحتية لكائن عليه أن يكون هو وجوده، أي الكائن - لذاته. والإشكالية التي طرحها بارمينيدس هي القول بأن العدم لا يكون، أي أن العدم لا كينونة له ولا يشارك بقية الكائنات في الكينونة، فاللاكائن لا يمكنه أن يكون، وهو ما أكده أفلاطون فيما بعد، جيث يقول في محاورة السفسطائي : "هل تفهم إذًا أنه لا يمكن للمرء بشكل صحيح لا أن ينطق، ولا أن يقول، ولا أن يفكر في اللاكائن بذاته، ولكنه غير قابل للتصور، وغير قابل للنطق، وغير قابل للوصف وغير عقلاني؟ »



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طرق المعرفة
- الكينونة بين المعرفة والخيال
- العقل المفكك وبعثرة المقاومة
- الكينونة كمصدر
- سبحان الله
- عن الوجود واللغة والضجر
- أول مايو وضرورة الثورة
- الكينونة واللغة
- الجنة المفقودة
- بين العبثية والأديان
- كينونة اللاشيء
- قصة النسخة - دوستوييفسكي
- الفلسفة واللغة
- فلسفة - الزمكان في اليابان
- فيكتور هوغو وطفل اليونان
- الكتابة عن الدم والأشلاء
- فلسفة الفراغ اليابانية
- الفكر المنغلق
- عن فلسفة النقل
- من بقايا أوراق السيد نون


المزيد.....




- جدل في مصر بعد اعتماد قانون يمنح القطاع الخاص حق إدارة المست ...
- غزة.. الحياة تستمر رغم الألم
- قبل المناظرة بساعات.. ما ينبغي أن يتجنبه كل من بايدن وترامب ...
- المجر تُعيق إصدار بيان مشترك لدول الاتحاد يندد بحظر روسيا لو ...
- خبير ألماني: أربعة أو خمسة أطفال يموتون من الجوع يوميا في ال ...
- البيت الأبيض: لا نعتزم إجبار كييف على تقديم تنازلات إقليمية ...
- نيبينزيا: كييف دمرت أكثر من 1000 مؤسسة صحية وتعليمية وقتلت م ...
- نتنياهو يرد على انتقاد غالانت والبيت الأبيض يعلّق
- الحوثيون والمقاومة العراقية تستهدفان سفينة إسرائيلية في مينا ...
- وزيرا الخارجية المصري والتركي يبحثان هاتفيا العلاقات الثنائي ...


المزيد.....

- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - ماهية العدم