أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - قال إني خائف، فقلت وأنا كذلك














المزيد.....

قال إني خائف، فقلت وأنا كذلك


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 7990 - 2024 / 5 / 27 - 12:38
المحور: الادب والفن
    


فيما نسندُ كتفينا على الهواء، كنتُ خائفاً حين قال إني خائفٌ، واسترقنا معاً لحظة طمأنينة من نظرة أمٍّ لم تعُدْ في المشهد، غادرت، وظلت نظرتُها على الحائطِ، تكرمشَ أسفل عينيها [يمكن استنتاج ابتسامةٍ من ذلك]، وعدنا معاً إلى الخوف كملجأ مما لا نعرفُ، أقوى المخاوف تأتي مما لا نعرف.
***
مشينا نحو صفوف الجنود المعبأين بأفكارٍ سوداويةٍ عن الخوّافين [أمثالنا]، لم يكن خوف في المكان، قال صاحبي: ليس الجنودُ إذن؟ قلت: ربما، لكني أخافُ حرفتهم أكثر من رصاصاتهم، فأفلت ذراعه من ذراعي، وأخذ طريقاً جانبيةً تمرّ بكرمٍ عنبٍ ناضجٍ في غير أوانه، جلس جوار العنقود الأسمر وضم يديه كمن يصلي صلاةً بوذية، وقرأ تعاويذ غير بشرية، لم أفهم منها شيئاً غير اعتذاره للعنقود في نهاية الدعاء، لأنه سيفصله عن أمه الشجرة، وحين قدم لي حبةً لأتذوق تباشير الفاكهة، ترددتُ كثيراً قبل أن آكل ولداً من أولاد الكرمة، الدعاءُ حوّل العنقود إلى مدرسة، وحول العناقيد إلى صفوف، والحبات إلى أولاد، فمن يجرؤ على مضغ الأولاد؟
***
لكنني خائف، قال، وأنا كذلك، قلتُ، ورحنا نبحث عن غول خوفنا المختبئ في زاوية ما، وراء سناسل الحقول ربما، في تجاويف أشجار الكينا ربما، تحت صخور الغدير الصغير ربما، أو في كلب الراعي الذي راح يرمقنا بعيونٍ ذئبيةٍ تحرس الحملان قبل أن تحرسها مخالبه وأسنانه وعواؤه، قال: أتخاف الكلاب؟ قلتُ: كنتُ أخافها صغيراً، وعندما هربتُ وهرب الكلبُ من هروبي، فقدت الخوف منها، قال: أنا أخافها إلى حد أنني أقترب من أي كلبٍ وفي يدي قطعة لحم طازجة، على أمل أن يعفو عني، قلتُ: كأنك شعب خاضع لملك في مملكة الخوف، قال: ربما، لكنني أغادر المملكة دائماً، فضحكتُ: أينما ذهبتَ هناك مملكة خوف، إن لم تغادرها في روحك فلن تغادرها إلى الأبد، فقطع عِرقاً من شجرة لوز، ونظفه تماماً من أوراقه، وقال: اللوز يخاف أيضاً أن يقطعوا أغصانه، وضحك كولدٍ ارتكب ذنباً عن قصد.
***
رحنا نبحث عن الخوف كي نصطاده، نصبنا شباكاً، ألقينا حجارةً لا تُعدُّ، خربشنا بمسامير على جذوع الأشجار، وضعنا قطعاً من ملابسنا في تجاويف الصخور كتمائم، وذكرنا أسماء الملائكة في الوديان والمغر التي يحتمل أن يختبئ فيها الخوف، فعلنا كل شيء اعتقدنا أنه سيخرج الخوف من مكمنه، لكنه كان أكثر مكراً منّا وظل يربض في مكان مجهول، وينتظر لحظته.
***
قال: نولد خائفين، لكن وعي الخوف لا يظهر على شاشات أفكارنا إلا عند أول وعي بالذات، قلتُ: الحديث عن الخوف يأتي به تماماً كذئب الحكاية [اللي بيخاف من الذيب بيطلع له]، قال: الخوف كائن إذن؟ قلتُ: لو كان كائناً لقتله الخائفون قبل قرون، لكنه قطعة من القلب، كالجرأة تماماً، في الحقيقة أشعر أنهما توأمان.
***
دون أن ننتبه، خرج الخوف، وخرجت الجرأة معه من جحرٍ في رأس الجبل، متشابكي الأيدي، يضحكان كأنهما يتغازلان.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابات على جسد المدينة
- صباح الخير يا غزة
- صباح الخير يا شيخ خضر
- جنود
- عشرون خطأ فرديا
- ماذا كنت سترى يا ولد؟
- فاطمة، أو بَرَدةْ، أول الآلهة
- نازلا عن أحد
- سبعة تجليات لصوفي وحيد
- فراشات بديلة
- يوم قال الناس إن اليأس سيد المكان
- يا جلالة الملك
- موجة حزينة وخجولة
- عشر نساء
- الذئب الذي عاش وحيدا
- حين رأيناك
- دلنا على جثتك كي نصدق موتك
- دع الريشةَ وتعال
- دو ري مي فا
- غزة، الولد الذي سيترك وحيداً بعد أن تنتهي الحرب...


المزيد.....




- جبل الزيتون.. يوميات ضابط تركي في المشرق العربي
- شوف ابنك هيدخل كلية إيه.. رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2024 ب ...
- LINK نتيجة الدبلومات الفنية 2024 الدور الأول بالاسم ورقم الج ...
- رسمي Link نتيجة الدبلومات الفنية 2024 برقم الجلوس والاسم عب ...
- مشاهدة مسلسل تل الرياح الحلقة 127 مترجمة فيديو لاروزا بجودة ...
- بتقنية الخداع البصري.. مصورة كينية تحتفي بالجمال والثقافة في ...
- ضحك من القلب على مغامرات الفأر والقط..تردد قناة توم وجيري ال ...
- حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
- فنان عراقي هاجر وطنه المسرح وجد وطنه في مسرح ستوكهولم
- بالسينمات.. فيلم ولاد رزق 3 القاضية بطولة أحمد رزق وآسر ياسي ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - قال إني خائف، فقلت وأنا كذلك