كمال الموسوي
كاتب وصحفي
(Kamal Mosawi)
الحوار المتمدن-العدد: 7987 - 2024 / 5 / 24 - 14:34
المحور:
الادب والفن
لا اعرف كيف ساقني القدر إلى ذلك الفنجان الذي لامس أصابعها قبل ان ألامس ما تبقى من بصمات يديها عليه..! كانت امنيتي ان أحتفظ بذلك الفنجان مدى الحياة، وكنت اتمنى لو ان هناك زوايا في جسم الإنسان تحتفظ بالقهوة دون ان تمر على العصارة العظمية ومرحلة الأمعاء..! رحلتي القصيرة لم تكن سوى شهر واحداً بكل تفاصيله، لكنني أراه بالف الف عام كوني اعتقد ان حركة العمر تعتمد على حركة مرورها اما عيني.
كأن شيء تشظى منها في كل تفاصيلي، استبدلت دمي بقهوتها، وحيوتي بنظراتها، وتمددي بقدر حجم ابتسامتها، فكلما كانت ابتسامتها أوسع، كلما كنت اكثر وجودا في هذا الحيز الدنيوي الضيق.
حينما اجبرت على المجيء إلى ذلك المكان، كنت اشعر بالاختناق المميت صباح كل يوم، رغم ذلك عادة ما أكون أول الواصلين إلى الطابق الثالث، لأجلس عند منتصف المكتب وادخن سيجارتي الأولى وأشخص بصري إلى الطريق الرابط بين خطواتها المتزنة وبين قلبي، (مساحة لا تتجاوز المتر) لكن فيها من الشعور ما يملئ هذا الكون، كنت اتمنى حين مرورها ان اصرخ بأعلى صوتي، أنا هنا أترقب مجيئكِ، التفتي قليلا عل نظرة منكِ تحيي الموتى في أقصى المكتب، عل صوتكِ ينهضنا من ركام العمل ويزيح عنا غبرة الايام التي تزاحمت علينا حتى بان في لحانا الأبيض، لكنني اعلم ان الشمس تجري لمستقر لها والناس يطوفون حولها.
قدري ساقني إلى ذلك المنتصف، لا شيء يسعدني سوى وجودها وأنغام حركات قدميها وهي تراقص الممرات كفراشة تحاول التحليق فوق الغيوم، او كطفلة عابثة مدللة.
الجميع مروا إلى جانبي، لاني احمل جدار ناري عازل بيني وبين الناس، إلا انت الوحيدة التي اخترقت ذلك الجدار الناري وراحت تعبث بدواخلي رغما عني.
رغم اني وعدتكِ مسبقا، لكن لنزار قباني حضور آخر حين قال مفسرا ما أنا فيه من حطام.
وعدتكِ..ان لا اكتب فيك شعرا
وكتبت..
وعدتكِ.. ان لا أذوب فيك اشتياقا
وذبت
وعدتكِ..باشياءاكبر مني.. فماذا بنفسي فعلت؟!
في الظهور الأخير ايقنت ان جزيئات القهوة تلك مازالت في داخلي، مازال طعمها في فمي، مازلت ابحث عن مكمل غذائي آخر لاستمر في الحياة، فأنا بحاجة قصوى إلى فنجان قهوة آخر لأعيش..!! في الظهور الأخير كان شيء منكِ يتسرب إلى داخلي، وشيء مني هجرني اليكِ، حاولت منعه بالف طريقة فلم أتمكن، أشغلت نفسي لحظاتها حفاظا على قيمتي المعنوية امام الناس، لكنني لم أتمكن كثيرا، خرجت مسرعا كالطفل ابحث عني، ابحث عمن هجرني اليكِ، إنها روحي يا سيدة روحي أريدها بسلام..!
#كمال_الموسوي (هاشتاغ)
Kamal_Mosawi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟